الجنة و النار في الشريعة الإسلامية و أوصافهما

الجنة و النار في الشريعة الإسلامية و أوصافهما

-الجنة و النار : قال ابن أبي العز الحنفي: «اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن». شرح العقيدة الطحاوية، (2/ 614).

الجنة: هي دار الثواب التي أعدها الله لأوليائه. وهي موجودة الآنلقول الله تعالى﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ آل عمران: 133. وقول الله تعالى﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ الحديد: 21.

 وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». رواه البخاري (3241)، ومسلم (2737.)

ولا يدخل الجنة إلا مؤمن.فعنْ عليٍّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ». رواه الترمذي (3092)، والنسائي (2958)، وأحمد (594).

ومن دخل الجنة، فلا يخرج منها أبدا، ولا يموت فيها. لقول الله تعالى﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ هود: 108.وقول الله تعالى﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ آل عمران: 15.وقول الله تعالى:﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ النساء: 13.

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُقَالُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَلِأَهْلِ النَّارِ: يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ». رواه البخاري (6545.)

والجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.قال الله تعالى﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾السجدة: 17.وقال الله تعالى﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ الرعد: 35.

بعض أوصاف الجنة:

سعتها وطيب ريحها: عرضها كعرض السماوات والأرض، وريحها الطيبة توجد على مسيرة مائة عام، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَآل عمران:133، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« وإن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام». رواه النسائي (8/25) بلفظ: ((أربعين عاما)) بدلاً من ((مائة عام))، والحاكم (2/137)، والبيهقي (8/133) (16260) بلفظ ((ليوجد من كذا و كذا)) بدلاً من ((ليوجد في مسيرة مائة عام)). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في (صحيح سنن النسائي.)

أبوابها: لها ثمانية أبواب، أحدها باب الريان، وهو خاص بالصائمين.

تفاوت درجات أهل الجنة: يتفاوت أهل الجنة بينهم بحسب إيمانهم، وصالح أعمالهم،قال صلى الله عليه وسلم :«إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهما، قالوا يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: بلى » البخاري: ج4/145، مسلم: ج8/145. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ النساء:69.

وذكرت الأحاديث أن أهل الجنة يدخلون الجنة على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا، قال صلى الله عليه وسلم: «أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء».البخاري:ج4/160، مسلم: ج8/146.

أعظم نعيم الجنة: هو رؤية الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ يسطع لهم نور من فوقهم، فرفعوا رؤوسهم فإذا هو الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ماداموا ينظرون إليه تعالى، حتى يحتجب عنهم، وتبقى فيهم بركته ونوره» [رواه ابن ماجة وغيره، وسكت عنه المنذري: ج4/513].

 النار :هي دار العقاب التي أعدها الله لأعدائه.وهي موجودة الآن. لقول الله تعالى﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ آل عمران: 131.

والنار هي مأوى الكفاروالمنافقين، ومن شاء الله من عصاة المؤمنين. قال الله تعالى﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ النساء: 150، 151.وقال الله تعالى﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ النساء: 145.

 ومن دخل النار من الكفار والمنافقين ، لا يخرج منها، ولا يموت فيها. لقول الله تعال﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ البقرة: 161، 162وقول الله تعالى﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ هود: 106، 107. وقول الله تعالى﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ التوبة: 68وقول الله تعالى﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ الأحزاب: 64، 65وقول الله تعالى﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ التغابن: 10.

 وعن عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « يُدْخِلُ اللهُ أَهْلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ». رواه البخاري (6544)، ومسلم (2850)، واللفظ له.

 ويشفع النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته، فيخرجون من النار ،وهذه الشفاعة عامة للملائكة، والأنبياء، والمؤمنين.فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ». رواه مسلم (6566).

بعض أوصاف النار:

جهنم عالم الشقاء الأخروي ذات دركات: أخفها عذابا أعلاها، وأشدها عذابا أسفلها، ولكل دركة  إسمها وبابها الخاص بها، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾الحجر:43-44. وأسفل دركاتها للمنافقين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾النساء:145، وقد وردت أسماء دركات النار في القرآن الكريم كما يلي: نار جهنم، لظى، الحطمة، السعير، سقر، الجحيم، الهاوية.

وهي جزاء عادل من الله لمن كفر وكذب بآياته تعالى ولم يصدق المرسلين، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾الطور :13-16.و صرحت الأحاديث الصحيحة بتفاوت عذاب أهل النار تبعا لتفاوت أعمالهم، وما كسبوا من خير وشر في الدنيا، وذلك مقتضى العدل الإلهي.

ومن أغرب ما يحدث لأهل النار خطبة إبليس فيهم، وذكر ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ إبراهيم :22.

التنيجة :هذا الوصف التفصيلي للجنة و النار من مقاصده اليقين بعالم الغيب (الجنة والنار) لأن عالم الغيب محجوب يكشف الله عنه ما يشاء بالقرآن ، والحديث الصحيح. و الوصف الدقيق مما يقتضيه الترغيب والترهيب الذي يؤثر على العقل والوجدان،فيميل الناس إلى طلب الجنة بالعمل الصالح، والنفور من النار بالابتعاد عما يدخل إليها.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0