عرض بعنوان اسباب انقضاء العقوبة و الإعفاء منها و ايقاف تنفيذها
عروض في قانون الجنائي

مـــــــــقـــــــدمــــــــــــــة:
تهدف القواعد الاخالقية إلى تحقيق التضامن الاجتماعي و تتطلب من الفرد الا يخرج في تصرفاته و سلوكه عما تقتضيه المصلحة العامة المتمثلة في النظام العام و اآلداب العامة ، فالقواعد الاخالقية تصف سلوك الانسان في مجتمعه بالسلوك الحسن أو السلوك السيئ. وبما أن القانون لا يهمه نظرة الانسان إلى نفسه ، بل عالقاته وتصرفاته مع غيره من أفراد المجتمع الذي يعيش فيه ، فإنه يهدف دائما إلى إقامة التوازن بين مصالح الافراد فيما بينهم ، وهذا يجعله مخالفا في بعض الاحيان لدائرة القواعد الاخالقية التي لا يمكنه أن يفرضها على الناس بهدف تحسين سلوكياتهم الفردية و الاجتماعية أو الادبية ، ما لم تكن هذه القواعد مخالفة و تشكل خطرا يمس المصلحة الاجتماعية التي يحميها القانون الجنائي وليست الاخالق السائدة في المجتمع. و المشرع المغربي لم يرد في تشريعاته أي تعريف للعقوبة و اكتفى بالتمييز بين ما هي عقوبات أصلية وما هي عقوبات إضافية، تاركا مجال تعريفها إلى كتب الفقه و القانون .فقد عرفها بعض الفقه بأنها الالم الذي تفرضه الدولة على الجاني كرد فعل ، كما عرفها الاستاذ أحمد الخمليشي بأنها ذلك الجزاء الذي على سلوكه الاجرامي .
وتنصب جل هذه التعريفات يوقعه المجتمع على المجرم مؤاخذة له عما اقترفه على الردع و الزجر دون الاعتداد بشخصية الجاني أو الاشارة إلى المجهودات التي يتعين القيام بها من أجل إصالحه و تأهيله تمهيدا إلعادة إدماجه مجتمعيا تماشيا مع المفهوم الجديد للعقوبة. و رغم تعدد التعريفاتالاأنها تلتقي بالنهاية بهدف و نتيجة واحدة مشتركة تتمثل بالتجريم و العقاب من منطلق مبدأ الشرعية الذي ينص على أنه لا جريمة بال عقوبة و لا عقوبة بغير جريمة .
و القانون الجنائي يشمل عالوة على الجرائم و العقوبات مجموعة من القواعد العامة التي تحكم هذه الجرائم و العقوبات ضمن إطار مبدأ شرعية التجريم و العقاب الذي يحدد لنا عناصر و أركان كل جريمة من الناحية المادية و مبادئ المسؤولية الجنائية و أسباب التبرير و الاباحة و موانع العقاب و موانع المسؤولية و مبدأ سريان القانون من حيث الزمان و المكان و الشروع و الدفاع الشرعي بصوره المختلفة و المساهمة في الجريمة و صورها المتعددة. كما يشمل القانون الجنائي أيضا جميع التشريعات الجنائية الخاصة و المكملة له لأنها تمس مصالح متغيرة أو طارئة مما يتطلب استقاللها في مجموعة خاصة بها ، رغم خضوعها للمبادئ العامة الواردة في قانون العقوبات ما لم ينص على خالف ذلك . و نشير إلى أن القانون الجنائي مقصور فقط على القواعد الموضوعية دون القواعد الشكلية التي تشمل مجموعة الاجراءات الواجب إتباعها و التي تمثل الوجه الميداني للقانون الجنائي الذي يكون في حالة سكون رغم مخالفته من قبل الافراد . وقبل سرد مراحل تطور العقوبة عبر التاريخ ، وجبت الاشارة إلى أن الشريعةالاسلامية بينت الانسان ما يجب عليه و ما يمنع عنه من الافعال و التصرفات و حددت الجزاء العادل لذلك. فالشريعةالاسلامية عرفت التجريم و المسؤولية و العقاب و نصت على العقوبات التي يوقعها الامام أو الدولة بالمصطلح المعاصر على مرتكب الجريمة تلقائيا أو بناء على طلب الضحية ،
و يبقى تطور القانون الجنائي مرتبط و مالزم للتطور الذي خضع له الانسان في مظاهر حياته لكون الانسان هو عنصر من عناصر القانون الجنائي إلى جانب الجريمة و العقوبة. و إذا استعرضنا تطور القانون الجنائي عبر التاريخ نجده يمر بمراحل رئيسية ثالثة متمثلة في مرحلة ما قبل تكون الجماعة ، التي امتاز فيها القانون الجنائي بالبساطة حيث الجرائم ما هيالاأفعال تلحق ضررا بالغير يترتب عنها الثأر من طرف الفرد أو من طرف عشيرته . تلتها مرحلة نشوء الدولة حيث تطورت قواعد القانون الجنائي من عنصر البداوة إلى عصر الدولة الحديثة المكونة من الشعب و الاقليم و السيادة ، تطور أدى إلى ظهور المحاكم و وضع القواعد و النظم لسير و عمل هذه المحاكم. و مع مرحلة البحث العلمي و الدراسات الفلسفية لقواعد علم الاجرام بدأ القانون الجنائي يأخذ مكانه في الدراسات الجامعية و الفقهية مما انعكس إيجابيا على التشريعات الحديثة من خلال توجه السياسات العامة للدول في التجريم و العقاب . و هذا أدى إلى وجود المبدأ الاساسي الشهير و هو مبدأ الشرعية ، ثم تغير الهدف من العقوبة و أصبح هدفها الاصالح و التأهيل و التقويم بدال من الانتقام و الايالم. القاعدة هي أن تنفد على المحكوم عليه العقوبة التي حكم عليه بها ؛ فان كانت إعداما نفد في حقه وأزهقت روحه ؛ وان كان سجنا مؤبدا أو مؤقتا أو حبسا أو اعتقالا بقي في السجن لحين انتهاء حياته أو لحين انقضاء المدة المحكوم بها ؛الاانه –واستثناء – قد يحدث أن تعترض تنفيذ العقوبة بعض الاسباب )العوارض( تؤدي إما ؛ النقضاء العقوبة أو الاعفاء منها أو إيقافها تعداد هذه الاسباب ثمانية حسب ما جاء به التشريع الجنائي المغربي .
أهمية الموضوع: يعتبر القانون الجنائي من القواعد اآلمرة و المفروضة من طرف الدولة و التي لا تقبل أي اتفاق على مخالفتها .
و تتجلى أهميتها في الاهداف و الغايات التي تسعى إلى تحقيقها متمثلة في تحقيق الامن و الاستقرار و الطمأنينة عند أفراد المجتمع و حماية القيم و المصالح الاجتماعية و إرضاء الشعور العام لأفراد المجتمع بعدالة القضاء. ولذلك كان لزاما للقاعدة القانونية أن ترتبط بجزاء ممثال في العقوبة غير أن المشرع أقر مجموعة من العوالم التي تشكال مانعا موقف لتنفيذ أو انقضاء العقوبة .
تتمحور إشاكلية البحث حول كيف ساهمت أسباب انقضاء العقوبات الجنائية في تحقيق العدالة الجنائية بالمغرب ؟ ؛ هذه الاشكالية المحورية تتفرع إلى العديد من الاسئلة : هل من تأثير لنظام التقادم الجنائي على تحقيق العدالة الجنائية ؟ هل يعتبر موت المحكوم عليه كسبب من أسباب انقضاء العقوبة مانع من تنفيذ الجزاءات المالية على تركته ؟ هل إلغاء النص القانوني له اثر على التعويضات المدنية التي يكون قد حكم بها للمتضرر ؟ ما هي الاسباب المؤثرة في تنفيذ و إيقاف العقوبة في التشريع الجنائي المغربي؟ كل هذه الاسئلة وغيرها سوف نتناولها وفق التصميم التالي :
المبحث الاول : أسباب انقضاء العقوبة في التشريع الجنائي المغربي
المبحث الثاني : الاسباب المؤثرة في إيقاف وتنفيذ العقوبة في التشريع الجنائي المغربي