بحث تخرج الملحقين القضائيين بعنوان القضاء و العدالة التعاقدية
العقد هو خلاصة لتوافق إرادتين من أجل إحداث أثر قانوني، الذي يعد مصدرا من مصادر الالتزام، يلزم الأطراف فيما ذهبت إليه إرادتهم بشكل يرقى إلى مستوى القانون بالنسبة إليهم، بحيث يكون ملزما لهم ولا يجوز لهم التحلل منه إلا بإرادتهما معا، وهو المبدأ الذي يتبناه المفهوم التقليدي لمبدأ سلطان الإرادة ، ولطالما عمل القضاء المغربي على احترام قدسية العقد وقوته الإلزامية، ضاربا بيد من حديد على كل من خرق بنوده، متشبعا بالمفهوم
رابط التحميل اسفل التقديم
___________________________
المقدمة:
العقد هو خلاصة لتوافق إرادتين من أجل إحداث أثر قانوني، الذي يعد مصدرا من مصادر الالتزام، يلزم الأطراف فيما ذهبت إليه إرادتهم بشكل يرقى إلى مستوى القانون بالنسبة إليهم، بحيث يكون ملزما لهم ولا يجوز لهم التحلل منه إلا بإرادتهما معا، وهو المبدأ الذي يتبناه المفهوم التقليدي لمبدأ سلطان الإرادة ، ولطالما عمل القضاء المغربي على احترام قدسية العقد وقوته الإلزامية، ضاربا بيد من حديد على كل من خرق بنوده، متشبعا بالمفهوم الكلاسيكي لمبدأ سلطان الإرادة بشكل مطلق دون أية قيود .
ولكن نتيجة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها العالم ، ظهر بعض الممارسين المحترفين الذين يتفننون في فرض شروطهم التعاقدية الغير العادلة، وكذلك صياغتهم لعقود نموذجية تعد بشكل مسبق تحرم الطرف الضعيف من صلاحية المساومة والإختيار الحر، مستغلين بشكل مفرط مرتكزات النظرية التقليدية لمبدأ سلطان الإرادة الذي تقوم أسسه كما سبق القول على مبدأ القوة الملزمة للعقد والعقد شريعة المتعاقدين، ونسبية أثر العقد، هذا الأمر الذي دفع كلا من القضاء والمشرع المغربي للبحث عن حلول تخفف من حدة النظرية التقليدية لمبدأ سلطان الإرادة، إذا ما تم استغلالها خارج حدودها العادية والمألوفة، وهو فعلا ما تم القيام به من خلال وضع نصوص قانونية واجتهادات قضائية تسير نحو المفهوم الحديث لمبدأ سلطان الإرادة، ومن النصوص القانونية التي اعتمد فيها هذا التوجه الأخير وكرسها القضاء المغربي، كل من الفقرة الأخيرة من الفصل 264 من ق ل ع، الذي سمح للمحكمة سلطة تخفيض الشرط الجزائي إذا كان مبالغ فيه والرفع منه إذا كان زهيدا.
وكذلك الفصل 243 من ق ل ع الذي منح فيه المشرع للقضاء سلطة منح أجال معتدلة للوفاء ووقف إجراءات التنفيذ، بالإظافة إلى نصوص خاصة تنظم موضوع التخفيض من الإلتزام المرهق، وكذا الفصل 54 من ق.ل.ع الذي يستقل فيه القاضي بتقدير حالة الغين الاستغلالي، وزد على ذلك الضمانات التي جاء بها قانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك التي تحقق حماية أكثر للطرف الضعيف مقارنة مع ق.ل.ع، خاصة في الشق المتعلق بالتدخل الإيجابي للمحكمة في العقد و التلطيف من حدته من خلال سلطة القاضي في إلغاء الشروط التعسفية، وسلطة رئيس المحكمة في منح الأجل الإسترحامي ووقفه لإجراءات التنفيذ.
وعلى ضوء هاته التوطنة البسيطة التي أشرنا فيها إلى التطور الذي عرفه التشريع والقضاء المغربي، ومواكبتهما لأغلب التشريعات والتوجهات القضائية الحديثة، سنعمل خلال هذا البحث إلى التطرق إلى كيفية تعامل القضاء المغربي مع النظرية التقليدية و الحديثة للعقد الذي يعتبر موضوعا في غاية الأهمية.
وهو الدافع الأساسي إلى اختيار موضوع هذا البحث ، نظرا لحيويته و حداثته خاصة مع ظهور المفهوم الحديث للتعاقد الذي طرح مجموعة من الإشكالات التشريعية والعملية، عاقت مجموعة من محاكم المملكة منها محكمة النقض، ولكن رغم ذلك استطاعت هاته الأخيرة أن تتأقلم و تساير التطور الذي عرفته نظرية العقد ، و هو الأمر الذي حرصنا على رصده من خلال الأحكام القضائية التي سنشير إليها في هذا البحث خاصة على مستوى قضاء محكمة النقض ومحاكم الناظور.
وقد استعملنا في هذا البحث كلا من المنهج التحليلي، نظرا لخصوصية هذا البحث الذي تقتضي طبيعته تطبيق هذا المنهج ، بالإظافة إلى المنهج الاستدلالي، والمنهج المقارن.
ومن أهم الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع، تتمثل في ما مدى الحماية التشريعية والقضائية التي أولاها كل من التشريع والقضاء المغربي لخلق التوازن التعاقدي خلال المرحلة التعاقدية وإلى أي مدى تفاعل القضاء المغربي مع المفهوم الحديث للعقد ؟ وهل استطاع أن يوفق بين قاعدة العقد شريعة المتعاقدين و المصلحة الخاصة للطرف الضعيف ؟ وما هي الضمانات المقررة للطرف الضعيف خلال مرحلة التنفيذ إذا ما اعترضه
طارئ ما و كيف تعامل القضاء مع نظرية الحوادث الطارئة من حيث تأجيل التنفيذ وتقليص الفاصل؟
و على ضوء هاته الإشكالات ، سنعمل على معالجتها، بتقسيم هذا البحث إلى فصلين، على الشكل التالي:
الفصل الأول: سلطة القضاء في تحقيق العدالة التعاقدية خلال مرحلة تكوين العقد
الفصل الثاني: سلطة القضاء في الحرص على مصلحة الطرف الضعيف خلال مرحلة تنفيذ العقد
________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1C0IbMfQ0cyam_5k1cqMKVWRe9hYc-V3k/view?usp=drivesdk