رسالة ماستر بعنوان مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية في القانون المغربي

شكلت مهنة الطب على مر التاريخ واحدة من أشرف المهن الإنسانية، وذلك لاعتبارات عديدة لعل أهمها تعلقها المباشر بحياة الإنسان وصحته وهما معا أغلى ما يملك، وكذلك صعوبة مزاولة هذه المهنة لما تتطلبه من كفاءة علمية عالية وسنوات من الكد والاجتهاد، هذه الصعوبة التي لا تخفى على أحد من المؤكد أنها ليست وليدة اليوم، وإنما تمتد جذورها في أعماق التاريخ ولذلك لم يكن من الغريب أن ينعت الطبيب قديما بالحكيم.

رسالة ماستر بعنوان مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية في القانون المغربي

رابط التحميل اسفل التقديم

______________________

مقدمة

شكلت مهنة الطب على مر التاريخ واحدة من أشرف المهن الإنسانية، وذلك لاعتبارات عديدة لعل أهمها تعلقها المباشر بحياة الإنسان وصحته وهما معا أغلى ما يملك، وكذلك صعوبة مزاولة هذه المهنة لما تتطلبه من كفاءة علمية عالية وسنوات من الكد والاجتهاد، هذه الصعوبة التي لا تخفى على أحد من المؤكد أنها ليست وليدة اليوم، وإنما تمتد جذورها في أعماق التاريخ ولذلك لم يكن من الغريب أن ينعت الطبيب قديما بالحكيم.

ومن الثابت أن ممارسة مهنة الطب يستدعي ضرورة ترك هامش مهم من الحرية للطبيب، بحكم أنها مهنة منبثقة من العلوم التجريبية ناهيك على أن الدراية بأصولها أمر مفترض في مزاولها، إلا إن الواقع اثبت أن الممارسة الطبية قد الحقت أضرارا وخيمة بالأفراد لا يمكن أن توصف إلا بالجسامة، لأنه لا شيء يهون ما دامت حياة الإنسان و مسحته على المحك، وذلك بسبب تهور فئة من الأطباء وعدم مراعاتهم لقوانين و أخلاقيات مهنة الطب أثناء مزاولتهم لمهامهم.

ومن المعلوم أن الأعمال الطبية التي يضطلع بها الأطباء تشمل بالإضافة إلى تقديم العلاج والاعتناء بالمرضى كل الممارسات الفنية والتطبيقية المرتبطة بها المستندة إلى قواعد علمية بما في ذالك انشاء ومسك العديد من الوثائق الطبية من قبل الوصفات والتقارير والملفات والشهادات الطبية ... الخ

وتعد الشهادة الطبية أبرز وأهم هذه الوثائق، وهي ذلكم العمل التقريري البحث المخصص أساسا لوصف وضعية صحية معينة، وهنا تكمن خطورتها باعتبارها أول عمل طبي مكتوب ويتحكم في ما يأتي، ومن شأنه أن يكسب حقوقا مهمة أو يعصف بها.

ولقد حظي موضوع الشهادة الطبية عامة، ومسؤولية الطبيب عنها على وجه الخصوص. في السنوات الأخيرة باهتمام كبير من قبل الفقهاء والباحثين في المجال القانوني، نظرا لأهمية

مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية في القانون المغربي

هذه

الشهادة في حياة الناس الحماية مصالحهم وصون حقوقهم، وكذلك لتزايد عدد القضايا التي

تعرض على القضاء في هذا الباب.

فالطبيب وهو بصدد مباشرة مهنته سواء بتقديم العلاجات أو القيام بالفحوصات والتشخيصات من أجل إنشاء الشهادات الطبية يكون معرض للخطاء وبذلك يجد نفسه أمام مسؤوليات مختلفة، فإذا كان الالتزام الذي أخل به يضر بالمصالح الخاصة للمعني بهذه الشهادة أو الغير، فإنه يتعرض للمساءلة المدنية لجبر الضرر الذي أحدثه بخطئه، أما إذا كان الفعل الذي أناه

يرقى إلى مصاف السلوك الإجرامي فإنه يتعرض للمساءلة الجنائية على ذلك.

أما إذا كان خطوه يتناقي مع أخلاقيات مهنة الطب بحيث يسيء إلى شرقها وكرامتها، فإنه يتعرض للمساءلة المهنية أو التأديبية، وهذا لا يمنع من متابعة الطبيب من أجل الشهادة الطبية بأكثر من مسؤولية، بل بجميعها إذا كان الفعل الذي اقترفه موجبا لقيامها كلها مع استقلال كل واحدة عن الأخريين في شتى الجوانب.

لهذا فقد اخترنا مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية موضوعا لبحثنا إيمانا منا بالأهمية الكبيرة التي تكتسبها من الناحية العلمية والعملية على حد سواء، علما أنه ليس من الهين حصر

وتحديد موضوع كهذا لعدة اعتبارات منها حداثته، وغموض وعدم وضوح القوانين التي تؤطره

ناهيك عن قلة المراجع التي تناولته بالدراسة خاصة العربية منها.

وعليه، فقد ارتأينا أن نقتصر في خضم هذه الدراسة على المسؤولية القانونية التي يتحملها الطبيب عن الشهادات الطبيبة التي يحررها بعيدا عن المواضيع الأخرى المتعلقة بها، بيد أن

الحديث عن المسؤولية المترتبة عن الشهادة الطبية لا يستقيم بدون الوقوف أولا عند معناها اللغوي والاصطلاحي، وكذلك تمييزها عن المؤسسات المشابهة لها، ناهيك عن ضوابط تحريرها التي يترتب عن الإخلال بها وعدم مراعاتها مسؤولية الطبيب، وهذا ما سوف تتطرق إليه في

الإطار المفاهيمي للموضوع على الشكل الآتي:

أولا : مفهوم الشهادة الطبية

مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية في القانون المغربي

1 تعريف الشهادة الطبية

الشهادة لغة من الإشهاد، ولها معان كثيرة منها الاطلاع والمعاينة والإخبار والبيان، وقد وردت عبارة الشهادة في القرآن الكريم لتفيد معاني أخرى منها القضاء كما في قوله تعالى و شهد

الله انه لا اله إلا هو، ومنها كذلك العلم كما في قوله عز وجل ولا تكتم شهادة الله ، ويقصد

بالشهادة في الاصطلاح إخبار الشاهد، وإفصاحه عما علمه أو أدركه بحواسه المجردة عن غيره

بغية التوصل إلى الحقيقة واليقين.

أما الشهادة الطبية فقد أحجم المشرع المغربي على غرار العديد من التشريعات المقارنة عن تعريفها، مما يدفعنا إلى البحث عن التعريفات التي صاغها الفقهاء والباحثون في القانون لهذه المؤسسة، ولا يتسع المقام لذكرها جميعا لذلك سوف تكتفي ببعضها فقط

فمن التعاريف التي أعطيت للشهادة الطبية، أنها سند مكتوب مخصص لمعاينة أو تفسير

وقائع ذات طابع طبي، كما عرفت بأنها صك مكتوب يشهد بمقتضاء الطبيب أنه أجرى معاينة

ذات طابع طبي وانجز عملا طبياة.

والملاحظ حول هذين التعريفين أنهما يعتريهما نقص، أما الأول فلانه أغفل صفة الشخص المؤهل الإجراء المعاينة وبالتبعية تحرير الشهادة الطبية، إذ لا يسمح حتى للأشخاص الذين يزاولون مهنا ذات الصلة الوثيقة بالطب بتحريرها كالصيادلة، أما التعريف الثاني فلأنه يقصر

مضمون الشهادة الطبية على المعاينة فحسب، والحال أنها قد تتضمن تفسير الطبيب للوقائع التي

عايتها كبيان أسباب الإصابة مثلا في الشهادة التي تحرر في جرائم الضرب والجرح.

وقد عرفها الباحث عادل العشابي بأنها " سند مكتوب صادر عن الطبيب بمناسبة

ممارسته لمهنته يشهد بمقتضاء بأنه أنجز عملا مهنيا أو بأنه أجرى معاينة إيجابية أو سلبية الواقعة ذات طابع طبي تخص الشخص المفحوص، كما قد يضملها تفسيرا أو تأويلا لهذه

الواقعة.

وفيما يبدو أن هذا التعريف أكثر دقة وشمولا من سابقيه لاعتبارات عديدة منها: بيان صفة محرر الشهادة الطبية ومضمونها باستخدام مفاهيم عامة تشمل كل الأعمال الطبية، وكذلك إشارته إلى تأويلات الطبيب التي يمكن أن يضمنها في صلب الشهادة الطبية.

.....

ثالثا: دوافع اختيار الموضوع

ترجع أسباب اختيار مسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية موضوعا لهذا البحث إلى عدة اعتبارات أهمها دور وأهمية الشهادة الطبية وخطورتها الكبيرة في الوقت نفسه على حقوق ومصالح الأشخاص، كما أن البحث في موضوع مسؤولية الطبيب عن هذه الشهادة نادر بالمقارنة

بالمجالات الأخرى.

وعليه، فهذا الموضوع جدير بالبحث فيه، ويستحق أن يبذل فيه المجهود، لأنه سوف يشكل بلا أدنى شك قيمة مضافة، لأنه سيتطرق لأهم الإشكالات التي يثيرها من جهة، ومن جهة أخرى سيحاول إيجاد حلول ومنافذ لتذليلها، ومن الأسباب التي دفعتنا كذلك إلى البحث في هذا الموضوع الرغبة في توسيع وتعميق المعارف في مجال المسؤولية الطبية وخاصة في موضوع الشهادة

الطبية، بحكم تخصصنا القانوني من جهة، واهتمامنا الكبير بالمسؤولية الطبية من جهة ثانية. لهذا نسعى للبحث في هذا الموضوع الاغغناء والإسهام في إثراء المكتبة القانونية ببحث جديد خاصة مع قلة المراجع و الدراسات في هذا الباب.

رابعا: إشكالية البحث

تدور الإشكالية المركزية لموضوع هذه الدراسة حول الطبيعة القانونية المسؤولية الطبيب المترتبة عن إخلاله بالتزاماته القانونية والاتفاقية والأخلاقية بمناسبة إنشاء الشهادة الطبية؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات فرعية كالآتي:

. ما هي طبيعة المسؤولية المدنية للطبيب عن الشهادة الطبية؟

. ما هي أركان المسؤولية المدنية للطبيب عن الشهادة الطبية والآثار المترتبة عنها؟

. ما هي الأفعال الإجرامية التي يرتكبها الطبيب بمناسبة إنشاء الشهادة الطبية، وما هي

إجراءات متابعته؟

. ما هو أساس المساءلة التأديبية للطبيب عن الشهادة الطبية والآثار القانونية المترتبة على ذلك ؟

خامسا: المناهج المعتمدة

للإجابة عن الإشكالية المركزية المطروحة، ولمقاربة موضوع هذه الدراسة، سوف نعتمد على منهج وصفي تحليلي قائم على عرض النصوص القانونية المؤطرة المسؤولية الطبيب عن الشهادة الطبية، والعمل على تحليلها في ضوء الاجتهادات القضائية والآراء الفقهية، كما سوف نعتمد على منهج مقارن بين الفينة والأخرى عن طريق استعراض مواقف التشريعات والاجتهادات الفقهية والقضائية المقارنة في مواضيع معينة من هذه الدراسة.

سادسا: خطة البحث

بناء على ما تقدم فقد ارتأينا دراسة موضوع البحث ومقاربته والإجابة عن الإشكالات التي

يثيرها وفق التصميم الآتي:

الفصل الأول المسؤولية المدنية للطبيب عن الشهادة الطبية

الفصل الثاني: المسؤولية الزجرية والتأديبية للطبيب عن الشهادة الطبية

________________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1NibZRxuUiWP_vYTc3MJX79fqiZ-2RCo8/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0