المساطر الخاصة للتحفيظ العقاري
العقار حينما يحفظ يكتسب وضعية قانونية جديدة تميزه عن العقار غير المحفظ وهو بهذا يخضع لإجراءات خاصة أثناء تحفيظه، حتى إذا انتهت كل هذه الاجراءات واتخذ المحافظ قراره بالتحفيظ، يتخذ العقار وضعية جديدة لا يمكن أن يخرج منها بعد ذلك. ولا يخفى على أحد أهمية ودور نظام التحفيظ العقاري في تحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها، مما يساهم في حماية حقوق ومصالح الافراد والسلطة العامة على حد سواء، وما يبرز بجلاء هذه الاهمية تعدد وتنوع المنازعات القائمة بشأن التحفيظ العقاري إن على مستوى المساطر العادية أو مساطر التحفيظ الخاصة، بحيث تشكل المنازعات العقارية نسبة مهمة من القضايا المعروضة على أنظار القضاء. وللموضوع أهمية عملية وآخرى عملية فالاولى تتجلى في أن مسطرة التحفيظ تساهم في تثبيت ملكية العقار بصفة نهائية غير قابلة للطعن وتحديد وضعية العقار القانونية بصورة واضحة ودقيقة واكتساب الملكية قوة عن طريق حماية الدولة لها واعتراف القانون لها. اما الثانية فتتمثل في التقليل من النزاعات بشأن العقار عن طريق ما توفره اما على مستوى الملكية العقاري يضاف إلى هذا توفير وعاء عقاري كافي لسد حاجيات السكان وتوفير ال
بعض المساطر الخاصة للتحفيظ العقاري
سندرس في هذا المبحث التحديد الاداري لأمالك الدولة الخاصة (المطلب الاول)، ثم مسطرة ضم الاراضي الفلاحية(المطلب الثاني).
المطلب الاول : التحديد الاداري لأمالك الدولة الخاصة.
سنخصص هذه المطلب لدراسة مسطرة التحديد الاداري للاملاك الخاصة للدولة (الفقرة الاولى)، ثم دراسة تحفيظ للأملاك الدولة للدولة و المحددة إداريا (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: مسطرة التحديد الاداري للاملاك الخاصة للدولة.
أولا: الاملاك الخاصة للدولة التي تخضع للتحديد طبقا لظهير 3 يناير 1916.
إن هذه العملية غالبا ما يتم تبرريها بتواجد عقارات تابعة للدولة ذات مساحات واسعة داخل مدن أو مراكز مهمة أو تواجدها في مناطق نائية بين أمالك تابعة للخواص مما قد يشكل خطرا حاذقا بها من قبل الخواص وبالتالي تملكها من قبيل هؤالء عن طريق الحيازة في وقت ال تملك مديرية الاملاك المخزنية المستندات الكافية لدحض ادعاءات الخواص[1].
لقد حدد المشرع نطاق تطبيق ظهير 3يناير 1916 بشأن تحديد الاملاك المخزنية في الاملاك الخاصة للدولة، إذ اعتبر الفصل الاول من الظهير أن كل عقار فيه شبهة ملك للمخزن الشريف يمكن أن تجري فيه أعمال التحديد حسب الشروط الاتية لأجل استبانة حقيقته وتعيين حالته الشرعية وذلك بطلب من إدارة الغابات والمياه وإدارة الاملاك، كما أقرت الفقرة(ب) من الفصل الاول من الظهير الشريف الصادر في 20 ذي الحجة 1335 الموافق ل10 أكتوبر 1917 بشأن المحافظة على الغابات واستغللاها كما وقع تعديله وتتميمه على أن " الاملاك التابعة للملك الغابوي يقع تحديدها طبقا للشروط المنصوص عليها في الظهير الشريف المشار إليه أعاله الصادر في 26 صفر 1334 الموافق ل 3 يناير .1916 وتعتبر هذه الاملاك مخزنية مادامت لم تباشر عمليات التحديد وإذا امتدت التللا أثناء إجراء التحديد إلى أملاك خصوصية أو جماعية محفظة فتوضع أنصاب الدائرة المخزنية عند حدود الاراضي المذكورة اللهم الا إذا طبقت على هذه الاراضي المقتضيات المقررة فيما بعد والتي يجري مفعولها كذلك في حالة ما إذا استمر تمديد التللا بعد التحديد " مما يعني أن التحديد الاداري طبقا لظهير 3يناير 1916 تخضع له أمالك الدولة الخاصة والاملاك الغابوية فما هي أهم إجراءاته المسطرية ؟
ثانيا:مراحل مسطرة التحديد الاداري.
مما لا شك فيه أن عملية التحديد الاداري لا تباشر الا بعد استنفاذ العديد من الشكليات، حيث تستهل بمرحلة فتح منطقة التحديد الاداري (أ) ثم مرحلة إشهار أشغال التحديد اللادري (ب) فمرحلة التعرض على أشغال التحديد الاداري (ت) ثم المصادقة على أشغال التحديد (ج) وبانتهاء الاجال القانونية يصبح هذا العقار محصنا من كل مطالبة قضائية أو غير قضائية[2]، ورغم أن هذا الاخير يصبح محصنا الا أنه لا يؤسس له رسم عقاري مستقل به الا بعد خضوعه لمقتضيات ظهير24 ماي 1922[3] المتعلق بتقييد العقارات التي جرى تحديدها على الطريقة المبينة في ظهير 1916 المعتبر بمثابة تنظيم خصوصي المخزنية لتحديد الاملاك المخزنية.
أ - فتح منطقة أشغال التحديد الاداري:
تبتدئ مسطرة التحديد الاداري والتي تختلف في إطار طالب التحديد باختالف الملك المراد تحديده والذي قد يكون مدير أمالك الدولة الخاصة إذ تعلق الامر برصيد عقاري خاص للدولة أو أن يكون طالب التحديد الاداري مدير المياه والغابات بالنسبة للملك الغابوي.
وعلى كل حال تقوم الادارة التابع لها العقار، بتوجيه طلب نشر قرار وزيري (مرسوم حالي( بانطالق أشغال التحديد الاداري إلى الامانة العامة للحكومة وذلك طبقا للفصل الثالث من ظهير 3يناير 1916 بعد القيام ببحث ميداني من أجل التأكد من طبيعة العقار المراد تحديده وكذا حقوق الدولة عليه عالوة عن مختلف المعلومات عن العقار موضوع التحديد خاصة اسم العقار موقعه وحدوده، وتتم هذه العملية بوضع الانصاب من طرف ممثل الادارة المعنية (مديرية أملاك الدولة) بحضور المجاورين قبل مرور اللجنة الرسمية والتي تتحقق بصفة نهائية من الحدود المقترحة من طرف الادارة[4].
وبعد توصل الامانة العامة للحكومة بطلب فتح منطقة التحديد الاداري يصدر مرسوم من رئيس الحكومة بمثابة الموافقة على إجراء عملية التحديد الاداري، يتضمن اسم وموقع العقار موضوع التحديد حدوده وكذا الارتفاقات والحقوق العينية المترتبة عليه إضافة إلى تاريخ بداية أشغال التحديد هذا الاخير الذي يجب لزوما أن ينشر بالجريدة الرسمية وال يتم الشروع في عملية التحديد الاداري الا بعد مرور شهر من نشر المرسوم المذكور.
إن المرسوم المعلن عن افتتاح عمليات التحديد الاداري يجمد الوضعية القانونية للعقار فالفصل الثالث من ظهير 3يناير 1916 جاء واضحا وصريحا بإقراره لعدم إمكانية التعاقد في شيء مما اشتملت عليه حدود العقار المراد تحديده ولا يعقد بيع في انتقال ملكيته ةوا في استغلاله الا بشرط الحصول على شهادة بعدم تعرض الادارة التي لها النظر في ذلك . وفي هذا الصدد ذهب المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا في قراره عدد 4635 بتاريخ 2011/10/25 ملف عدد 2010/1/3300 حيث جاء فيه "لا يجوز تفويت عقار سواء أكان يتعلق بالملكية أو التصرف إذا كان داخل في الدائرة الجاري عليها التحديد الاداري منذ انطالقها. والا عاد التفويت بقوة القانون باطل وال يعمل به حتى فيما بين المتعاقدين"[5] .
هكذا فإنه لا يقبل أي طلب للتحفيظ محل التحديد الاداري، ولعل الحكمة في ذلك هو أن مسطرة التحديد الاداري هي بذاتها مسطرة خاصة لضبط حدود أمالك الدولة ومن شأن قبول طلبات التحفيظ بخصوصها أن يؤدي إلى تعدد الاجراءات التي تهم نفس العقار. وتطبيقا لما ذكر جاء في إحدى قرارات محكمة النقض "أنه إذا كان قرار المصادقة على التحديد لم يصدر بعد ولم ينشر فإن ذلك وطبقا للفصل الثامن من ظهير 3يناير 1916 لا يخول للغير أن يتقدم بمطلب تحفيظ بقعة تقع بكاملها ضمن موقع التحديد تأسيسا على ما نص عليه نفس الظهير في فصله الثالث على أنه ابتداءا من تاريخ القرار الوزاري المحدد لتاريخ افتتاح عملية التحديد إلى تاريخ قرار المصادقة المنصوص عليه في الفصل الثامن ال يقبل أي مطلب للتحفيظ الا عن طريق التعرض على التحديد الاداري كما هو مبين في الفصل الخامس"[6].
ت: التعرض على أشغال التحديد الاداري.
تعتبر المرحلة الادارية للتعرض على مسطرة التحديد الاداري ذات أهمية بالغة، فخاللها تخرج لجنة التحديد الاداري إلى عين مكان تواجد العقار المعني بالتحديد و خروج اللجنة يشكل فرصة هامة أمام كل شخص قصد المطالبة بالحقوق التي يدعيها على العقار موضوع التحديد الاداري.
هكذا فقد عمل المشرع من خلال ظهير 3يناير1916 على منح لكل شخص معني التدخل عن طريق التعرض على العقار موضوع التحديد الاداري، إذا كان له حق يدعيه عليه وتبعا لذلك حدد جهات معينة لتلقي هذا التعرض وفي مقابل تمتيع المتعرض بالحق في تقديم تعرضه رتب المشرع على عاتقه التزامات معينة.
ج: المصادقة على أشغال التحديد الاداري.
إن مسطرة التحديد الاداري إما أن تأخذ مسارها بشكل عادي و تنتهي بصدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد الاداري في حال عدم وجود تعرضات، و إما أن تتخللها تعرضات قدمت داخل الاجال وأيدت بمطلب تأكيدي وسواء عرف هذا المطلب التأكيدي بدوره تعرضات أوال ،فان الفصل في ذلك يتم من طرف القضاء[7].
وبانتهاء أشغال التحديد الاداري في حالة عدم وجود تعرضات ، تطلب السلطة المكلفة بأشغال التحديد الاداري من المحافظ على الاملاك العقارية الواقع في دائرة نفوذ العقار موضوع التحديد أن يسلمها شهادة إدارية تثبت وضعية المنطقة موضوع التحديد الاداري مع الرسوم العقارية أو مطالب التحفيظ التي يمكن أن تقع داخل وعاء التحديد الاداري المذكور، وفي هذا الصدد نجد الفصل الثاني من ظهير 24 ماي 1924 ينص على أنه "... لا يمكن صدوره الا عند الاطلاع على شهادة يسلمها المحافظ على الاملاك العقارية يدون فيها ما يأتي، أوال:أنه لم يقع سابقا تقييد قطعة ما داخلة في المنطقة المبينة في القرار الوزاري المذكور أعاله،ثانيا أنه لم يودع مطلب ألجل التقييد حسب الشروط و في الاجال المبينة بالفصل السادس من القرار الوزاري المذكور أعاله".
وهذا حتى يتأتى لسلطة المحلية توجيه التحديد و التصميم المرفق به للسلطة الحكومية للمصادقة على أشغال التحديد الاداري بمقتضى مرسوم ينشر بالجريدة الرسمية الذي يحدد بصفة نهائية الوضعية المادية و القانونية للعقار المحدد إداريا ،لكن رغم أن المشرع وبموجب الفصل الرابع من ظهير 3 يناير 1916 بشان التحديد الاداري قد أقر على "أن المصادقة على أشغال هذا التحديد تكون بقرار وزيري ينشر في الجريدة الرسمية ويعين فيه تعينا ال رجوع فيه مساحة العقار المحدود و حالته الشرعية، فإنه عاد و استثنى بموجب نفس الفصل المساحات السابق تقييدها والتي ال مدخل لها في التحديد و المساحات التي يوافق على تقييدها عقب المطالب المضافة للتقرير المعروض على المصادقة.
الفقرة الثانية : تحفيظ للأملاك الدولة للدولة و المحددة إداريا.
إن العملية المتعلقة بالمصادقة على مسطرة التحديد الاداري ال تطهر العقار بصفة نهائية من مجمل التحمالت التي يمكن أن ترد عليه، على غرار الاثر التطهيري للتحفيظ العقاري المنصوص عليه بموجب الفصلين 2 و62 من ظهير التحفيظ العقاري و الا ما الحاجة لظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتحفيظ العقارات السابق تحديدها إداريا؟
ثم إن التصفية القانونية للاملاك الدولة الخاصة للدولة عن طريق المسطرة العادية للتحفيظ قد يأخد وقتا طويال خصوصا إذا تعلق الامر بمساحات شاسعة كالغابات مثال مما جعل المشرع يقر آلية لحماية هذه الاملاكمن خالل تحديدها تحديدا إداريا وفق مقتضيات ظهير 3 يناير 1916 ثم بناء على ذلك إخضاع هذه الاملاكلنظام التحفيظ العقاري وفقا لمسطرة خاصة أقرها ظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتحفيظ الاملاك المخزية المحددة وفق المسطرة المقررة بمقتضى ظهير 3 يناير 1916.
هكذا يعمل المحافظ على تطبيق قواعد خاصة تراعي خصوصيات المسطرة التي سبق وان خضعت لها هذه الاملاك، وهو ما يعني انه لكي يخضع العقار للمسطرة الخاصة المقررة بظهير 24 ماي 1922 يجب أن تتوفر فيه:
- أن يكون عقارا سبق تحديده إداريا طبقا لظهير 3 يناير 1916.
- أن يكون مرفقا بمرسوم المصادقة على التحديد الاداري والتي قرنها المشرع بالشهادة السلبية المنصوص عليها بالفصل الثاني من ظهير 24 ماي 1922 التي يسلمها المحافظ للسلطة الادارية المكلفة بالتحديد.
- أن تتقدم الادارة بطلب تحفيظه طبقا لمقتضيات ظهير 24 ماي 1922.
وفي حالة ما تحققت الشروط المشار إليها أعلاه تنطلق مسطرة تحفيظ هذه العقارات المحددة إداريا لدى المحافظة العقارية الواقع بدائرة نفوذها طبقا للفصل الثالث من ظهير 24 ماي 1922 الذي نص "يمكن الحكم بتقيد الاراضي المخزنية التي صدرت بشأنها قرارات وزيرية في المصادقة على أعمال تحديدها وذلك بطلب من الدولة الشريفة بعد التحقق من وضع العالمات الحدود ورسم الخريطة المتعلقة بالعقار من طرف إدارة المحافظة العقارية".
المطلب الثاني : مسطرة ضم الاراضي الفلاحية.
الفقرة الاولى : ماهية مسطرة الضم واجراءاتها التحضيرية.
انطالقا من القوانين المنظمة لمسطرة ضم الاراضي الفالحة بعضها إلى بعض نجد المشرع المغربي يعرف هذه المسطرة بشكل غير مباشر و ذلك من خالل تحديد الغاية المتوخاة منها حيث جاء في الفصل الاول من ظهير 30 يونيو 1962 "تنحصر الغاية الاساسية من ضم الاراضي الفلاحية بعضها إلى بعض في تحسين أساليب الاستغالل بجمع وإعادة ترتيب القطع المبعثرة أو المجزاة التي لها شكل منتظم لتتكون منها أمالك موحدة الاطراف أو أملاك محتوية على قطع أرضية كبيرة منسجمة الشكل و مضموم بعضها إلى بعض تساعد على الوصول إليها و ريها و صرف المياه منها و بوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن إدخالها عليها. وعند إجراء عمليات ضم الاملاك الفلاحية المبنية فيما سلف يمكن تخصيص بعض القطع باستعمال جماعي يتعلق بالتهيئة المعقولة لمنطقة تشتمل على القسم المضموم دون أن تكون لهذا الاستعمال صلة مباشرة باستغلال الفلاحي".
مباشرة باستغلال الفلاحي " و نجد أحد الفقهاء يعرفها بأنها تجميع القطع المتناثرة لكل مالك في نطاق معين وإعادة توزيع استثمارها و استغاللها بدال من أراضيه المتفرقة قبل الضم[8].
يعد اختيار منطقة الضم أهم خطوة تبتدئ بها مسطرة ضم الاراضي الفلاحية بعضها إلى بعض و للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي أو المديريات الاقليمية تعهد هذه المهمة – حسب الواقع العملي- للفلاحة، التي تقوم بدراسة تقنية مسبقة للمنطقة التي وقع عليها الاختيار لمعرفة مدى قابليتها للضم وتحقيق الغاية الرئيسية التي جاء بها الفصل الاول من ظهير 30 يونيو 1962 السالف ذكره، وبعد ذلك يقوم كل من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي و المديرية الاقليمية للفالحة ممثلين في مديريهما بمراسلة عامل الاقليم الذي يوجد فيه قطاع الضم في شأن ضم الاراضي في المنطقة المعينة، وطلب انعقاد المجلس أو المجالس الجماعية حول الموضوع كما يتم إرفاق هذه المراسلة بتقرير مفصل حول المشروع متضمنا تصميما يبين اقتراحات الحدود الاولية للقطاع الذي وقع عليه الاختيار، هكذا وبعد توصل عامل الاقليم باعتباره رئيسا للجنة الاقليمية للفالحة يقوم بإصدار أوامره إلى المجالس الجماعية المعنية للقيام بعقد اجتماعاتها حول عملية الضم التي تهم دائرتها الترابية[9].
هذا وتجدر الاشارة إلى أنه ليس هناك ما يمنع من حضور تقنيين من المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ، إلعطاء الايضاحات اللازمة لاعضاء المجلس حول ضرورة ضم الاراضي و أهدافه وشرح مختلف المساطر الادارية التي سوف يتم إتباعها مع تحرير محضر عن كل اجتماع يوضح فيه رأي أعضاء المجلس الجماعي موافقتهم التي تسمح بالقيام بهذه العملية[10].
الفقرة الثانية : المرحلة النهائية لتطبيق مشروع الضم.
تتسم مسطرة ضم الاراضي الفلاحية بعضها إلى بعض بتعدد و تنوع المراحل فبعد تحديد المنطقة الواجب إجراء العملية بها إلى غير ذلك من الاجراءات تأتي مرحلة ال تقل عن سابقتها أهمية تتجلى في مرحلة إنجاز مشروع الضم و إخبار المالك بأهمية هذه العملية و ما ستؤدي إليه بعد المصادقة على المشروع وتثبيت وضعية هذه العقارات عن طرق تحفيظها.
و لمعرفة هذه الاجراءات بشكل مفصل نوعا ما سنقوم بتقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين: سنتناول في الاولى أهم الاجراءات الواجب اتخاذها قبل المصادقة على المشروع على أن نخصص الثانية إلى الاجراءات الواجب اتخاذها بعد المصادقة عليه.
أولا : الاجراءات المتخذة قبل صدور المرسوم.
تعد مسطرة ضم الاراضي الفلاحية بعضها إلى بعض من بين المساطر الخاصة التي تتميز بالطابع الاجباري لذلك ال بد من نشر القرار الوزاري القاضي بتحديد منطقة الضم بالجريدة الرسمية و ذلك ما يستفاد 93 من الفصل 51 مكرر2 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون 14.07.
ليتم بعد ذلك إشعار المالك بهذه العملية من طرف لجنة الضم و ذلك بالاتصال بالفلاحي ن إلشعارهم بما لتفتيت ملكيتهم ووجودها في قطع متفرقة و متباعدة من أثار سلبية على عملهم و على مرد وديتها، و لتوعيتهم و تحسيسهم بما في عملية ضم أراضيهم من مصلحة لهم، و ما لذلك من فائدة، و ما قد يترتب عليه من رفع مرد ودية أمالكهم و تسهيل استغلالها لاسيما و انه سيتم ربطها بشبكة الري، عن طريق قنوات تصل إلى أراضيهم و شق طرق و مسالك تقربها إليهم و تسهل وصولهم إليها[11].
ثم تعمل بعد ذلك المصالح الاقليمية بتنسيق مع مكتب الدراسات الهندسية ومساعدة السلطات المحلية بأخذ صورة جوية للمنظفة ووضع خريطة طبوغرافية لها تتم بخصور أعضاء اللجنة المنصوص عليها في الفصل الاول و الثاني من مرسوم 25.6.1962 التي يتم استدعاؤها من طرف رئيسها الذي هو ممثل السلطة المحلية ، تحدد بصفة واضحة ودقيقة في الخريطة الارضية التي سيتم ضمها، وتهيئ لوائح بأسماء المالكين أو الحائزين للعقارات وإجراء بحث لمعرفة العقارات التى هي موضوع رسوم عقارية أو موضوع مطالب للتحفيظ ، سواء منها التي خضعت لعملية التحديد من غيرها من العقارات التي ليست موضوع مطالب للتحفيظ ، ويتم التعرف علي أسماء المالكين أو الحائزين للعقارات غير المحفظة والتى لم يسبق أن كانت موضوع طلب تحفيظ، ويسلم لكل مالك بطاقة يبين فيها العقار الذي يملكه أو كل العقارات التي يملكها والتي ستخضع لعملية الضم ، مع بيان مساحتها وموقعها ومساحة كل عقار والمساحة الاجمالية للعقارات التي يملكها إن كان يملك اكتر من قطعة أرضية.
كما يمكن تلقي التعرضات خالل هذه المرحلة من طرف لجن الضم وتسلم لهم كذلك بطاقات موضح عليها العقارات المتعرض عليها ونوع التعرض ،وكل هذا يتم دخل أجل يحدد بموجب قرار من السلطة المحلية أو الاقليمية و باقتراح من لجنة الضم وذلك حسب الفصل 9 من ظهير ضم الاراضي الفلاحية بعضها الي بعض.
وتأسيسا علي ذلك ، وبعد الانتهاء من دراسة المشروع من الناحيتين التقنية و القانونية ترسل تقارير إلى المحافظ علي الاملاك العقارية تتضمن التصميم والبيان التجزيئي الذي يوضح مآل القطع الارضية بعد عملية الضم وأسماء الاشخاص العائدة إليهم مع عناوينهم الكاملة ،ليتاح للمحافظ العقاري مراسلة هولاء قصد المبادرة إلي ضرورة إيداع مطالب التحفيظ بشأن القطع غير المحفظة أو التي في طور التحفيظ داخل اجل شهر من تاريخ الاشعار ،مع مراعاة مقتضيات المواد 13،14،15 من ظهير التحفيظ العقاري ،التي يحيل عليها الفصل الثامن من المرسوم التطبيقي لضم الاراضي الفلاحية والتي تنظم شكليات إيداع طالب التحفيظ، أما الاشخاص الذين لم يودعوا مطالب تحفيظ عقاراتهم فإن المحافظ يشعرهم بأنه سوف يدرج مطالب خاصة بهذه العقارات بشكل تلقائي تبعا لما ينص عليه الفصل الرابع من ظهير ضم الاراضي الفلاحية .
وبعد الحصر الاول لمشروع الضم يتم عرضه علي المالك المتواجدة أراضيهم في هذا المشروع لمدة شهر واحد قصد إبداء ملاحظتهم وإمكانية تقديم شكاياتهم لدى الجهة المعنية ، ثم بعد ذلك إذا ما استنتجت هذه الجنة من وراء البحث الذي قامت بإجرائه ضرورة إدخال بعض التعديلات على المشروع بحسب الملاحظات المختلفة و الشكايات المقدمة من طرف المالك فإنها بعد القيام بالتعديلات اللازمة، تعمل على عرض هذا المشروع في صيغته المعدلة مرة أخرى على بحث عمومي لمدة 15 يوما، وهو البحث الذي يبدو من المنطقي انه لا يمكن أن يشمل سوى المالك الذين مستهم التعديلات التي تم إدخالها على المشروع في صيغته الاولى ، وتبعا لذلك فان عدد الشكايات التي تقدم خلال المرحلة الثانية من البحت تكون اقل من بكثير مما تبحثه اللجنة خلال معالجتها للشكايات في المرحلة الاولي.
وبمجرد ما تنتهي لجنة الضم أعمالها المرتبطة بمشروع الضم ويصبح الملف جاهزا يتولى رئيس اللجنة إحالته علي وزير الفالحة ،حيت يقوم هذا الاخير بإحالته أيضا على رئيس الحكومة قصد الاطالع عليه وعلى مختلف الوثائق المرفقة به، وإذ ا رأى أنه من الضروري إدخال بعض التعديالت عليه خول له المشرع حق إرجاعه إلى لجنة الضم التي تشرف عليه من البداية لإعادة دراسته وفق التعديلات التى أدخلها رئيس الحكومة للمصادقة عليه بعد أخد رأي وزير الفلاحة بمرسوم كما أن الاعمال التي تقوم بها اللجنة في إطار مشروع الضم ال ترتب أي أثرا الا من تاريخ المصادقة عليه[12].
ثانيا: الاجراءات المتخدة بعد صدور مرسوم المصادقة.
بعد، إجراء المصادقة على المشروع فإن المجلس الحكومي يرسل مختلف الملفات المنجزة والمتوفرة على بيانات العمليات السابقة وكذا الاحقة للضم إلى المصالح المكلفة بالتطبيق النهائي ويتعلق الامر هنا بلجنة الضم والمحافظ العقاري مع احتفاظه بالملف الاصلي ، لينشر في الاخير في الجريدة الرسمية وبمجرد نشره يحرر المحافظ العقاري إعلان يبين فيه يوم وساعة الشروع في عملية تحديد الاملاك الموجودة في المنطقة المشمولة بعملية الضم ويبلغ الاعلان قبل 10 أيام إلى القائد ورئيس المحكمة الابتدائية.
كما يتم تعليق هذا الاعالن كذلك بالمحافظة العقارية ويستدعي المحافظ لهده العملية لجنة الضم، وطالبي التحفيظ وتجري العملية ولو في غياب المعني بالامر وذلك دخل أجل ستة أشهر من تاريخ نشر مرسوم المصادقة علي مشروع الضم بالجريدة الرسمية ،وهذا خلافا لما هو سائد في المسطرة العادية للتحفيظ ، حيت أنه في حالة غياب طالب التحفيظ فالعملية تكون سلبية ، ويتم إنجاز التحديد العقاري والتأكد من الانصاب من طرف مصلحة الهندسة تحت إشراف المحافظ علي الاملاك العقارية ويحرر محضر بذلك يتضمن البيانات اللازمة والمنصوص عليها في ظهير ،1913/08/12ويبقي طيلة مدة الستة أشهر الموالية لنشر مرسوم المصادقة علي مشروع الضم الاجل مفتوحا لتلقي التعرضات بالمحافظة العقارية حيت تستخلص الرسوم القضائية عن التعرض وحقوق المرافعة ،وبانتهاء مدة الستة أشهر المشار إليها يقفل باب ،هذا وقد أثارت مسألة قبول التعرضات خارج الاجل في إطار مسطرة تحفيظ التعرضات بصفة نهائية أراضي الضم نقاشا فقهيا وقضائيا كبير إضافة إلى الخلاف الحاصل على المستوى العملي بين المحافظين العقاريين حول طبيعة الاجل المقرر في إطار الفصل 20من المرسوم التطبيقي لظهير الضم ، هل هو أجل سقوط حق المتعرض في تقديم تعرضه بعد فواته أم بإمكان المحافظ على الاملاك العقارية قبول التعرضات ،وهنا نجد من يرى أن هذه الامكانية _قبول ولو قدمت خارج الاجل استئناسا بمقتضي القانون 14.07 التعرض خارج الاجل _ تشكل استثناء في المسطرة العادية والاستثناء لا يجوز التوسع فيه ،ومن ثم لا إلى أن الواقع العملي يجوز قبول تعرضات خارج الاجل القانوني دخل مناطق ضم الاراضي الفلاحية[13] يبين انه يتم قبول هدا التعرض.
خاتمة :
انطلاقا مما سبق، يمكن القول أنه إذا كان الهدف من وراء إقرار نظام التحفيظ العقاري هو خلق بنية عقارية صلبة تحقيقا للإستقرار، فإن المشرع فضلا عن مسطرة التحفيظ العادية، عمل على إقرار بعض المساطر الخاصة بالتحفيظ العقاري بهدف تعميم هذا النظام عن طريق منح مجموعة من الإمتيازات لها.
بالرغم من أهمية المستجدات التي أتى بها المشرع 07.14 باعتباره معدلا ومتمما لظهير التحفيظ العقاري، وكذا انعكاساتها على استقرار المعاملات العقارية غير انه يلاحظ ان بعض المقتضيات المنظمة لمسطرة التحفيظ يتعين إعادة النظر فيها للحفاظ على حقوق الافراد تحقيقا للامن القانوني و الاجتماعي ومن المقتراحات :
-تعزيز وسائل الاشهار وتطويرها؛
- جعل جميع القرارات عن المحافظ العقاري قابلة للطعن طبق لمقتضيات الفصل118 من الدستور؛
- قيام المحافظ عللى الاملاك العقارية شخصيا بالسهر على مراحل مسطرة تحديد العقاري بدل من انتداب مهندس طبوغرافي؛
[1] جابر بابا، دور التحديد الإداري في حماية أملاك الدولة، مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية، العدد 2014،4، ص 7.
[2] احمد العطاري ، المساطر الخاصة للتحفيظ العقاري "دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي والفقهي والممارسة العملية"، منشورات مجلة القضاء المدني، الجزء الأول والجزء الثاني، طبعة .2016 ،ص 132.
[3] ظهير 25 ماي 1922 المتعلق بتقييد العقارات المخزنية التي تجرى تحديدها على الطريقة المبينة في ظهير 3 يناير 1916 ، منشور بالجريدة 49 الرسمية عدد : 479 بتاريخ 7 ذي القعدة 1340 الموافق ل 4 يوليو 1922.
[4] جابر بابا، مرجع سابق، ص 13.
[5] قرار منشور بمجلة القضاء المدني، سلسلة دراسات و أبحاث ،الجزء الثاني من مؤلف "المنازعات العقارية" ،طبعة 2015 ،ص 311 و312
[6] جابر بابا ،مرجع سابق ، ص 29.
[7] جابر بابا، مرجع سابق، ص 72.
[8] محمد المهدي الجم ،التحفيظ العقاري بالمغرب، مكتبة الطالب، الرباط الطبعة الثانية، 1980 ص .181.
[9] عمر الهواوي، مسطرة الضم و التحديد الأداري في التحفيظ العقاري منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية و الأدارية، سلسلة البحوث الجامعية العدد 11 سنة 2016 المطبعة دار السالم للطباعة والنشر و التوزيع الرباط ص .56
[10] محمد كردوح: دور وزارة الفلاحة في عملية ضم الأراضي، مقال منشور بمجلة المحامون، العدد الثالث، السنة ،1993 ص .99
[11] جعفر بشيري، مسطرة ضم الأراضي الفالحية، نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية "قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07" سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد 21 مطبعة الأمنية الرباط 2015 ص .46
[12] وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بوجده عدد 77 الصادر بتاريخ 23يونيو 2005في الملف رقم 752004 قسم الألغاء ،عير منشور،جاء فيه "حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء عملية ضم الأراضي التي تقوم بها اللجنة المختصة ...بدائرة أحفير ،وحيث أنه وبعد الأطالع على الوثائق المرفقة بالمقال وتلك المدلى بها خالل جلسة البحت المنعقدة بتاريخ 2005/05/27 تبين لها إن عملية الضم الأراضي بالقطعة التي يتواجد بها عقار الطاعن هو مجرد مشروع لم تتم المصادقة عليه بمرسوم وزاري حسب ما صرح به نائب عمالة بركان ونائب لمكتب الجهوي الستثمار ألفالحي ،وحيث إن القرار القاضي بضم الأراضي لم تتم المصادقة عليه من قبل الجهات المختصة الشئ الدي يبقي معه مجرد عمل تخضيري ال يرقى إلى دارجة القرار الإداري المؤثر في المركز القانوني في الطاعن ".
[13] المعزوز البكاي، عبد العالي الدقوقي، م.س، ص 139.