الشرط في القانون المغربي

مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية

الشرط في القانون المغربي
لما كان مبدأ سلطان الإرادة كقاعدة فقهية مستوحاة من القوانين المدنية يحكم العلاقة التعاقدية بدء بالتفاوض، ومرورا بتكوين العقد وإبرامه وتنفيذه وما بعد تنفيذه وإنهائه إن اقتضى الأمر ذلك.

حيث أن للأطراف كامل الصلاحية في تضمين كل ما يرونه أساسيا وجوهريا في إنشاء وتنفيذ تلك الرابطة القانونية، ولقد جاء في الفقرة الأولى من الفصل 19 من ظ.

ل.

ع بأنه “لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية لالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية”، وبالتالي كل ما اتفق عليه الأطراف فهو ملزم لهم، ولا جوز تعديل ذلك الاتفاق أو إنهائه إلا من خلال توافق إرادتهما معا، وهو المقتضى الصريح الذي نصت عليه المادة 1134 من القانون المدني الفرنسي وفق التعديل الأخير، والتي يقابلها الفصل 230 من ظ.

ل.

ع.

وبه، من بين أهم ما يمكن أن يضمنه الأطراف في التصرف القانوني هو الشرط، حيث يعتبر من بين الضمانات الاتفاقية التي نظمها المشرع المغربي ومكن الأطراف من خلالها بضمان وقف سريان أثر العقد إلى حين تحقق الواقعة المشروطة، وبالتالي نكون هنا أمام شرط واقف، أو بضمان إنهاء آثار التصرف بمجرد تحقق الواقعة المشروطة، وبالتالي نكون أمام شرط فاسخ.

وبتعبير آخر، وكما هو معلوم لدى مجمل الباحثين في المجال المدني، فإن الشرط إما أن يكون واقفا أو فاسخا، كونه يرتبط بواقعة مستقبلية غير محققة الوقوع – احتمالية –، وبه فإذا كان تحقق الواقعة المضمنة بالعقد يفيد الفسخ سنكون أمام شرط فاسخ، وإذا كانت الواقعة السالفة تفيد الوقف سنكون أمام شرط وافق.

وتعد الواقعة الشرطية إحدى أهم النظريات التي عني بها الفقه الإسلامي، وأن أساس هذه النظرية في الشريعة الغراء يكمن في فكرة “المصلحة”، وليس كمسألة مادية صرفة، ولنا في قول ابن القيم الجوزية خير شاهد على ذلك، حينما يؤكد أن “تعليق العقود وغيرها بالشروط أمر قد تدعو إليه الضرورة أو الحاجة أو المصلحة فلا يستغني عنه المكلف…”.

ولقد عالج المشرع المغربي الشرط كوصف من بين أهم أوصاف الالتزام، من خلال الفصول من 107 الى 126 من ظهير الالتزامات والعقود.

في حين نظمه المشرع الأردني في المواد من 393 الى 401 من القانون المدني، فيما نظمه المشرع الفرنسي من خلال المواد من 1304 الى 7-1304 من القانون المدني الجديد.

ومن خلال الاطلاع على النصوص التي تمت الإشارة إليها أعلاه، نستشف أن هاته القواعد تقترب إلى حد كبير من بعضها البعض مع وجود اختلافات قليلة جدا، وبه سوف نحاول أن نعالج هذا الموضوع من خلال التطرق إلى العديد من النقاط الأساسية ذات الصلة بالشرط، مثال تعريف الشرط وتحديد مقوماته القانونية مرورا بأنواعه والآثار المترتبة عليه.

وتماشيا مع ما تم ذكره، ارتأينا أن نقسم العمل وفق الآتي : المبحث الأول : ماهية الشرط وأنواعه.

المبحث الثاني : الآثار المترتبة على الشرط.

المبحث الأول : ماهية الشرط وأنواعه.

سوف نحاول من خلال هذا المبحث أن نضع اليد أولا على تعريف الشرط ومقوماته، ثم ننتقل بعد ذلك مباشرة إلى معالجة أنواع الشرط وفق التشريع المغربي والتشريعات المقارنة.

المطلب الأول : ماهية الشرط.

يقال إن كنه الشيء هو جوهره وحقيقته، ونهدف من خلال هذا المطلب إلى تعريف الشرط من خلال الفقه والتشريع والقضاء، وفي نفس الصدد سنحاول أن نحدد مقومات الشرط في كل من التشريع المغربي وباقي التشريعات المقارنة ذات التقاطع.

الفقرة الأولى : تعريف الشرط.

الشرط لغة هو “إلزام الشيء والتزامه”، ويقال شارطه : “إذا شرط كل منهما على صاحبه”، فالشرط بهذه المثابة يستهدف بيان حقوق وواجبات المتعاقدين أو المشترط والمشترط عليه.

وفي الاصطلاح: هو ما يتوقف وجود الحكم وجودًا شرعيا على وجوده، ويكون خارجا عن حقيقته، ويلزم من عدمه عدم الحكم، فالشرط وصف يتوقف عليه وجود الحكم، وحقيقته أن عدمه يستلزم عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، ولا يتحقق الحكم بشكل شرعي إلا بوجود الشرط الذي وضعه الشارع له.

أما في التشريع، فبالرجوع إلى القانون المغربي للالتزامات والعقود نجد أن المشرع وخروجا عن القاعدة قام بوضع تعريف تشريعي للشرط من خلال الفقرة الأولى من الفصل 107 التي جاء فيها بأن : “الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام أو زواله”، وبالتالي نكون أمام تعريف جامع لكل من الشرطين الواقف والفاسخ، فيما عرفه المشرع الأردني في المادة 393 من القانون المدني والتي صرحت بأن “الشرط التزام مستقبل يتوقف عليه وجود الحكم او زواله عند تحققه“، أما التعريف الذي أعطاه المشرع الفرنسي للشرط فإنه يتشابه إلى حد كبير مع الذي خصصه له المشرع المغربي، حيث نصت المادة 1304 من ق.

م.

ف على أن “الالتزام مشروط هو ما يعتمد على حدث مستقبل وغير مؤكد”.

ولقد ساهم الفقه بدوره في وضع بعض التعاريف الأخرى للشرط، وإن كانت في مجملها لا تخرج عما هو مسطر في القوانين الوضعية، ومثاله حيث عرف الفقيه مأمون الكزبري – رحمه الله – الشرط بأنه “التزام مجهول المصير، إذ الشك يدور حول معرفة ما إذا كان الأمر الذي علق عليه وجود الالتزام أو زواله سيتحقق أو لا يتحقق في المستقبل”.

وعلى مستوى الاجتهاد القضائي، فقد عرفت محكمة النقض المصرية الشرط في أحد قراراتها، والذي جاء فيه : “الشرط وفق المادة 265 وصف يلحق الالتزام وهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع ترتب عليه وجود الالتزام أو زواله”.

واستخلاصا لما سلف، ارتأينا أن ندلي بتعريف للشرط وفق وجهة نظرنا المتواضعة، ويمكن أن نقول الشرط “هو واقعة مستقبلية غير محققة الوقوع وقت تضمينها، حيث ينتج عن تحققها أثرين أساسين: الأول : سريان آثار التصرف القانوني اذا كان الشرط واقفا.

الثاني : زوال آثار التصرف القانوني إذا كان الشرط فاسخا.

” ويبقى التعريف المعطى أعلاه قابل للنقاش والتعديل، كون التعاريف تقبل التغيير والتطور حسب تطور المحيط الاجتماعي والقواعد المطبقة عليها من حيث التنظيم، إذن فما هي مقومات الشرط؟.

الفقرة الثانية : مقومات الشرط.

لكي يكون للشرط أثر مشروع تجاه أطراف العلاقة القانونية، يجب أن يستجمع جملة من المقومات والتي بدونها لن يحصل المبتغى من الواقعة الشرطية.

أولا – يجب أن ينصب الشرط على واقعة مستقبلية : ويظهر بشكل جلي هذا المقوم من خلال مطلع الفصل 107 من ظ.

ل.

ع بقوله “الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل…”، وهو نفس المقتضى المستشف كذلك من المادة 1304 من ق.

م.

ف والمادة 393 من القانون المدي الأردني.

كون تحقق الواقعية الشرطية في الماضي أو الحاضر يجعل من تضمينها في التصرف القانوني غير ذي جدوى، مادامت الواقعة محققة فلا يمكن أن تكون محل شرط في التصرف القانوني، بل أكثر من ذلك حتى ولو كان الأطراف يجهلون حلول تلك الواقعة أثناء انعقاد الاتفاق، كما لو تم اشتراط سريان العقد إذا ما تزوج زيد، في حين أن زيد متزوج ولكنه لم يخبر الأطراف بذلك، وبالتالي لا يعتد بهذا الشرط المضمن ولا ينتج أي أثر تجاه المتعاقدين، وهو ما جاء به المشرع المغربي صراحة في الفقرة الثانية من الفصل 107 من ظ.

ل.

ع والتي جاء فيها : “والأمر الذي وقع في الماضي أو الواقع حالا ال يصلح أن يكون شرطا، وإن كان مجهولا من الطرفين”.

ونجد أن كل من القانونين الفرنسي والأردني يفتقران لمثل هذا المقتضى ضمن نصوصهما، وحسن المشرع المغربي لما أبان حكم جهل الأطراف للواقعة المحققة التي قاما بجعلها محلا للشرط.

وقد يحصل أن يكون الشرط منصبا على واقعة سلبية كما يمكن أن ينصب على واقعة إيجابية، ومثال الأولى الشخص الذي يقوم بوهب عقار لزوجته شريطة ألا تتزوج بعد وفاته، ومثال الثانية الشخص الذي يبرم عقد بيع ويعلق سريانه على عودة ابنه من الديار الأوروبية، وحسب أحد الباحثين ن معيار الأمر المستقبل هو معيار موضوعي لا شخصي والعبرة فيه بحقائق الأمور لا بما يدور في ذهن المتصرف أو نفس المتعاقدين، وهو ما سبق أن أشرنا إليه سلفا.

ثانيا – أن يكون الشرط غير محقق الوقوع : من مقومات الشرط كذلك أن يكون الأمر المستقبل الذي علق عليه وجود الالتزام أو زواله أمرا غير محقق الوقوع، أما إذا كان الأمر محقق الوقوع إن عاجلا أو آجلا.

وسواء كان الموعد معلوما أو غير معلوم، فلا يكون شرطا، ذلك أن مثل هذا الأمر المحقق الوقوع يفتقر إلى عنصر الجهالة والشك وهو عنصر يلازم الشرط فلا يقوم بدونه.

ولا ينبغي أن نفهم مسألة غير محقق الوقوع بالمنطق المطلق، وإنما وجب أن تفهم من زاوية مفادها غير محقق الوقوع في زمان ومكان محددين، إذ أنه حتى ولو كانت الواقعة المشروطة محقق الوقوع وكان يحوم حولها الشك، فإنها تصلح لأن تكون شرطا بالمعنى القانوني، ومثاله الشخص الذي يعاقد شخصا آخر بخمسة آلاف درهم إذا ما توفي عمر، فإن الموت هنا محقق ولكنه غير محدد، وبالتالي تصح هاته الواقعة لأن تكون شرطا من الناحية القانونية.

ثالثا – يجب أن يكون الشرط مشروعا : ويظهر هذا المقوم بشكل صريح في الفصل 108 من ظ.

ل.

ع الذي ينص على أن : “كل شرط يقوم على شيء مستحيل أو مخالف للأخلاق الحميدة أو للقانون يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه ولا يصير الالتزام صحيحا إذا أصبح الشرط ممكنا فيما بعد”، وتقابله المادة 1-1304 من القانون المدني الفرنسي وكذلك المادة 397 من القانون المدني الأردني.

وبه، نلاحظ أن المشرع المغربي قطع أشواطا مهمة في هذا الصدد، حيث أنه أضاف الأخلاق الحميدة التي تعتبر من ثوابت المجتمع وركائزه، لأن القانون غير كفيل بتنظيم كل ما يتعلق بما هو غير مشروع للإشتراط، وهذا المقتضى قد يفعل السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع من أجل تقرير ما إذا كانت الواقعة المضمنة في الالتزام تخالف الأخلاق الحميدة أم لا.

وبتعبير آخر، لا يجوز أن يتم تعليق الالتزام على واقعة مخالفة للقانون، ونتيجة لما سبق، فإن كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق الإنسان في أن يتزوج، وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية، يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه.

ويرى الدكتور السنهوري: “أن الزوجة إذا اشترطت على زوجها عدم تعدد الزوجات وأنه إذا تزوج بأخرى لها أن تصبح مطلقة منه أو يعطيها تعويضا، الشرط صحيح وغير مخالف للنظام العام، ولكن لا يجوز أن تشترط الزوجة على زوجها المسلم ألا يتزوج غيرها وإلا كان الزواج الآخر باطلا أو كانت الزوجة الأخرى طالقة”.

رابعا – يجب أن لا تكون الواقعة الشرطية معلقة على إرادة المدين : هذا المقتضى الذي نص عليه المشرع في الفصل 112 من ظ.

ل.

ع الذي جاء فيه بأنه : ” يبطل الالتزام إذا كان وجوده معلقا على محض إرادة الملتزم…”، والذي تقابله الفقرة الأولى للمادة 2-1304 من ق.

م.

ف، ولا نجد لهذا المقتضى نظير في القانون المدني الأردني.

ومن هذا المنطلق لا يجوز أن يجعل المدين تحقق الواقعية الشرطية بين يديه، حيث أنه وفي هذه الحالة سنكون أمام تعسف وخلل في المراكز القانونية لأطراف الالتزام، حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا – بأن “تعليق الالتزام على إرادة المدين يؤدي إلى بطلانه، سواء كان المعلق هو النشوء ( الفصل 112 من ظ.

ل.

ع) أو التنفيذ (الفصل 192 من ظ.

ل.

ع)”.

ومثال هذا المانع، أقدم زيد على التعاقد مع عمر وعلق الأول الالتزام على واقعة شرطية مفادها أن التصرف القانوني سيكون ساريا تجاه عمر في عندما يذهب زيد إلى الحج، وبالتالي نكون أمام التزام باطل بقوة القانون.

ملاحظة هامة : إذا ما لم تكن للطرف المشترط منفعة من وراء ذلك الاشتراط، فإن ذلك الشرط يعتبر باطلا بقوة القانون، وبالتالي يجب أن تحضر المنفعة قبل تضمين الواقعة الاشتراطية في الالتزام.

المطلب الثاني : أنواع الشرط.

بالرجوع إلى طيات ظهير الالتزامات والعقود نجده ينظم نوعين من الواقعية الشرطية، الأولى سميت بالشرط الواقف فيما الثانية سماها بالشرط الفاسخ، وبه سنحاول أن نعالج كل مؤسسة على إنفراد.

الفقرة الأولى : الشرط الواقف ( Condition Suspensive ).

كما رأينا سابقا، فإن الشرط حسب الفقرة الأولى من الفصل 107 من ظ.

ل.

ع هو تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام أو زواله، وبالتالي إذا كان أثر الالتزام يقف على الواقعة المشروطة سنكون أمام شرط واقف، بمعنى يوقف سريان المفعول القانوني للعقد إلى حين تحققه.

ومثال ذلك، الشخص الذي يعلق عقد الهبة تجاه ابنته على واقعة الذهاب إلى دولة مصر من أجل إتمام دراساتها، أو الشخص الذي يقدم على تفويت عقاره إلى جاره شريطة أن يتزوج بابنته وغيرها من الأمثلة التي تجسد الشرط الواقف.

وبناء على ما سبق، لا يحق للدائن المرتقب أن يتصرف في محل الشيء المبيع قبل تحقق الشرط الواقف، ومثاله إذا ما فوت زيد عقار لعمر عبارة عن شقة سكنية وكان البيع معلق على شرط واقف معين، فلا يمكن لعمر أن يتصرف في العقار ولا أن يستعمله كون الواقعة الشرطية تجلع العقد معدوما من الناحية الواقعية إلى حين تحقق الشرط الواقف، والالتزام يدور وجودا وعدما بمدى إمكانية تحقق الشرط.

وسبق أن أشرنا سابقا بأن الشرط لا يجب أن ينصب على واقعة مستحيلة أو مخالفة للقانون والأخلاق الحميدة، ونرى أنه من الأفيد أن نوضح الفريق ما بين الاستحالة القانونية والاستحالة المادية للشرط الواقف.

1 : الاستحالة القانونية هي الوضعية التي يحصل فيها تضارب ما بين الواقعة المشروطة والقانون، حيث أن القانون يمنع ما تم اشتراطه، ومثال ذلك الشخص الذي يبرم اتفاقا معلقا على شرط يرمي إلى انتحار أحد الأغيار، أو الشرط الذي يوجه المتعاقد إلى الزواج بأكثر من أربع نساء في حين أن الشرع والقانون لا يجيز التعدد بأكثر من أربعة زوجات، وهكذا فكل تصرف ضمنت فيه مثل هاته الشروط التي تحيط بها استحالة قانونية يكون باطلا ويدخل في حكم العدم.

2 : الاستحالة المادية هي الوضعية التي يحصل فيها اشتراط أمر يستحيل أن يتحقق، ومثال ذلك الشخص الذي يبرم تصرفا معلق على شرط مفاده الغطس في أعماق البحر بدون أنابين التنفس أو الشخص الذي يشترط بأن يطير أحد بلا وسيلة خاصة للطيران، أو الشخص الذي يشترط على أحد بأن يحمل على أكتافه مئة طن من الحجز أو أن يشق جبلا بيده إلى غير ذلك، وما قلناه على أثر تضمين الواقعة المستحيلة استحالة قانونية، ينطبق على الواقعة المستحيلة استحالة مادية.

الفقرة الثانية : الشرط الفاسخ (Condition résolutoire).

عندما تكون الواقعة الشرطية تهدف إلى إنهاء آثار الالتزام عند تحققها نكون أمام شرط فاسخ، ومثال ذلك البائع الذي يشترط على المشتري عدم تفويت العقار داخل مدة معينة وإلا اعتبر البيع وكأنه لم يكن، وبالتالي فكلما تحقق الشرط الفاسخ أصبح الالتزام في حكم العدم.

ولقد تطرق المشرع المغربي إلى الشرط الفاسخ كنوع من أنواع الشرط بشكل ضمني عن طريق الفصل 107 من ظ.

ل.

ع والذي عرف من خلاله الشرط بأنه : ” تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام أو زواله“، وينطبق نفس الأمر على القانون المدني الأردني الذي هو الآخر لم ينص صراحة على الشرط الفاسخ كما هو الحال في الشرط الواقف، حيث جاءت الإشارة إلى الشرط بصورة عامة دون تمييز، غير أنه يمكن القول بأن حكم الشرط الفاسخ تضمنته المادة 393 من القانون المدني الأردني، والتي تنص على أن : “الشرط التزام مستقبل يتوقف عليه وجود الحكم أو زواله عند تحققه”، وكذلك أشارت إليه مقتضيات المادة 399 من نفس القانون والتي جاء فيها “يزول التصرف إذا تحقق الشرط الذي قيده ويلتزم الدائن برد ما أخذ فإذا تعذر الرد بسببه كان ملزما بالضمان”.

ولكن المشرع الفرنسي كان أكثر دقة من سابقيه، حيث نص صراحة على الشرط الفاسخ عند معرض تعريفه للواقعة الشرطية، وذلك وفق الفقرة الثالثة للمادة 1304 من القانون المدني الفرنسي، حيث جاء في مضمونها بأن الشرط الفاسخ هو الذي ينتج عن تحقق فسخ الالتزام.

ولقد ساهم للاجتهاد القضائي هو الآخر في وضع تعريف للشرط الفاسخ، حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض المصرية بأن : “تحقق الشرط الفاسخ – وهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع – يترتب علٌيه وفقاً لحكم المادة 265 من القانون المدني زوال الالتزام المعلق على هذا الشرط يكون قائماً ونافذا في فترة التعلق ولكنه مهدد بخطر الزوال”.

وعلاوة على ما سبق، يقول أحد الفقه الفرنسي، بأن الالتزام المعلق على شرط فاسخ ينتج اثاره بمجرد انعقاده وفسخه يبقى خاضعا للشرط المضمن به، ومثاله بيع سيارة بشرط عدم بيعها للغير قبل عرضها على مالكها القديم، أو التبرع بعقار معين بشرط الفسخ إذا ما توفي المستفيد من التبرع وقس على ذلك، وبالتالي يبقى الشرط الفاسخ بمثابة الحكم الذي لا يحتاج إلى قاضي عند تحققه.

المبحث الثاني : آثار الشرط.

كما هو معلوم لدى الباحثين في المجال القانوني، فإن لكل مؤسسة آثارها القانونية، وتختلف هذه الآثار حسب طبيعة التصرف القانوني وكذلك نوعية الشروط المضمنة بها، وتختلف كذلك من طرف إلى آخر، وبه سنحاول أن نعالج هذا المبحث من خلال مطلبين، حيث سنخصص الأول للآثار التي تلحق الشرط الواقف، فيما سنترك الثاني للآثار المترتبة على الشرط الفاسخ.

المطلب الأول : الآثار المترتبة على الشرط الواقف.

إن الشرط الواقف بمجرد تضمينه داخل الالتزام تلحق به مجموعة من الآثار وهي كالآتي : أولا – عدم سريان الالتزام تجاه الأطراف : إن الالتزام الذي يحتوي على شرط واقف، فإنه يكون موقوفا إلى حين تحققه، فإذا فوت البائع عقارا إلى المشتري مع تضمين شرط واقف مفاده الحصول على ترخيص للذهاب إلى الحج، فإن المشتري لا يحق له أن يُعَمر العقار إلى حين تحقق الواقعة المشترطة، وبالتالي يبقى العقار في ملكية البائع.

ثانيا – اثار هلاك محل الالتزام المعلق على شرط واقف : إن هلاك محل الالتزام تترتب عليه مجموعة من الآثار التي تختلف باختلاف المتسبب في الهلال وكذلك وقت الهلاك وغيرها من الحيثيات التي تؤثر بشكل مباشر في كل ما يمكن أن يطالب به الدائن وما يمكن أن يطالب به المدين.

فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 120 من ظ.

ل.

ع نجد المشرع المغربي قرر مجموعة من القواعد التي تطبق عند هلاك محل الالتزام المعلق على واقعة شرطية : القاعدة الأولى : إذا هلك الشيء هالكا تاما بدون فعل المدين أو خطإه، كان تحقق الشرط غير ذي موضوع، واعتبر الالتزام كأن لم يكن، حيث تظل تبعة هلاكه على المالك الأصلي والذي هو الدائن، كون الالتزام في هاته الحالة لا يمكن أن نطبق عليه القواعد العامة التي تجعل تبعة هلاك الشيء المبيع على المشتري إذا كان السبب في الهلاك القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو فعل الغير مع عدم وجود خطأ من طرف البائع، وبالتالي وجب الاحتكام إلى القواعد الخاصة التي أفردها المشرع المغربي للشرط الواقف في هذا الجانب.

القاعدة الثانية : إذا لحق الشيء عيب أو نقصت قيمته بغير خطأ المدين أو فعله، وجب على الدائن أن يأخذه على الحالة التي يوجد عليها من غير إنقاص في الثمن، ومفاد هاته القاعدة أنه يقع على المشتري تحمل العيب أو النقص في القيمة الاقتصادية لمحل عقد البيع المعلق على شرط واقف قد تحقق، شريطة أن لا يكون للمدين يد في حصول العيب ونقصان القيمة، ونرى أن هاته القاعدة ما هي إلا أحد التطبيقات الخاصة لما جاء به الفصل 562 من ظ.

ل.

ع.

القاعدة الثالثة : وإذا هلك الشيء هلاكا تاما بخطأ المدين أو بفعله، كان للدائن الحق في التعويض، وبالتالي كلما كان الهلاك التام يعزى الى خطأ المدين أو فعله – والذي هو البائع في عقد البيع مثلا – أمكن للدائن – والذي هو المشتري في عقد البيع – أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحه من جراء عدم تنفيذ الالتزام بسبب هلاك محله.

القاعدة الرابعة : وإذا لحق الشيء عيب أو نقصت قيمته بخطأ المدين أو بفعله، كان للدائن الخيار بين أن يأخذ الشيء على الحالة التي يوجد عليها وبين أن يفسخ العقد، مع ثبوت الحق له في التعويض في الحالتين.

ونستشف من خلال هذا المقتضى أن المشرع المغربي ترك للدائن الخيار من أجل الترجيح بين مصلحة التنفيذ أو الفسخ عندما يلحق الشيء محل الالتزام عيب أو نقصان في قيمته الاقتصادية شريطة أن يكون السبب في ذلك هو بخطأ المدين أو فعله، ولا تحول المطالبة بأحد الأمرين دون استحقاق التعويض إن كان له محل.

ملاحظة هامة : إن القواعد المومأ لها أعلاه تكسي طابعا مكملا، وبالتالي فلا مناص من الاحتكام إلى ما اتفق عليه الأطراف ابتداء ولا يجوز الرجوع لما سبق إلا في حالة سكوت الأطراف عن تنظيم طبيعة الآثار المترتبة عن هلاك الشيء محل الالتزام المعلق على شرط واقف، سواء كان هذا الهلاك كليا أو جزئيا بل حتى ولو كان مجرد عيب أو نقصان في القيمة الاقتصادية لمحل الالتزام.

ثالثا – آثار التصرفات التي تجرى أثناء وقبل تحقق الشرط الواقف : مبدئيا كل تصرف أبرم بعد أن تم عقد التصرف الذي يتضمن شرطا واقفا يعتبر صحيحا وملزما لكافة أطرافه ومنتجا كذلك للآثار القانونية المسطرة وفق التشريع الذي تم الاحتكام عليه، ولكن هذا الأمر لا يجوز للملتزم تحت شرط واقف أن يجري قبل تحقق الشرط أي عمل من شأنه أن يمنع أو يصعب على الدائن مباشرة حقوقه التي تثبت له إذا ما تحقق الشرط، ونلاحظ من خلاله أن المشرع وإن كان قد وضع مانعا يتجلى في عدم الاضرار بالدائن من خلال التصرفات التي قد يجريها قبل تحقق الشرط الواقف، إلا أنه لم يحدد معايير هذا المقتضى ولا المقصود بعبارة “أي عمل من شأنه أن يمنع أو يصعب على الدائن مباشرة حقوقه” والتي تحتمل مجموعة من التأويلات المختلفة حسب اختلاف كل نازلة على حدى، وبالتالي وجب أن يتم تفعيل السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع التي تبقى لها صلاحية تقرير ما يمكن أن يعتبر مانعا يحول دون ممارسة الدائن لحقوقه وما يمكن أن يعتبر غير ذلك.

وتماشيا مع ما تم ذكره، فإنه بعد تحقق الشرط الواقف، تفسخ التصرفات القانونية القائمة بين نشوء الالتزام وتحقق الشرط، وذلك في الحدود التي يمكن فيها أن تضر بالدائن، مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة بطريقة سليمة للغير حسن النية.

رابعا – إمكانية اللجوء الى الإجراءات التحفظية: إنه بمجرد انعقاد التصرف القانوني الذي يتضمن شرطا واقفا، يمكن للدائن أن يلجئ إلى سلوك الإجراءات التحفظية التي تمكنه من الحفاظ على حقوقه تجاه المدين، ومثال ذلك يجوز للمشتري أن يقوم بتقييد احتياطي على الرسم العقاري الخاص بالعقار المحفظ موضوع البيع المعلق على واقعية شرطية موقفة لسريان عقد البيع، وإذا خيف أن يتم الإضرار بالدائن من طرف المدين أمكنه اللجوء إلى مسطرة الحجز التحفظي إذا توفت شروطها القانونية.

خامسا – آثار تحديد أجل تحقق الشرط الواقف من عدمه : إنه في إطار الفصل 230 من ظ.

ل.

ع يمكن لأطراف الالتزام الذي يحتوي على شرط واقف أن يحددوا أجل تحقق هذا الشرط، وبالتالي إذا ما انقضى الأجل دون تحقق الواقعة المشروطة فإنها تصبح وكأنها لم تحدث، وبه يصير الالتزام في حكم العدم ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، وهو المقتضى الذي نص عليه المشرع المغربي صراحة في الفقرة الأولى من الفصل 117 من ظ.

ل.

ع، بل أكثر من ذلك لقد منع – المشرع المغربي – القضاء من إمكانية وضع اليد على الأجل وتمديده.

ولكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق، هو ماذا لو لم يتم تحديد أجل تحقق الشرط الواقف؟ وهل يمكن اللجوء إلى القضاء من أجل تحديده؟.

وجوابا على ما تم التساؤل بشأنه، إن الالتزام الذي يتضمن شرطا وافقا دون تحديد أجل تحققه يظل صحيحا، وبالتالي يمكن أن يتحقق الشرط في أي وقت وبالتالي يصبح الالتزام قائما ومنتجا لآثاره القانونية، إلا أن الشرط الواقف إذا صار مستحيل التحقق يدخل في حكم الشرط المتخلف ولو لم ينتهي الأجل بعد، ومن زاوية أخرى قضائية جاء في أحد قرارات محكمة النقض – حاليا والمجلس الأعلى سابقا – بأنه “إذا لم يحدد للشرط الواقف أجل، أمكن تحققه في أي وقت ولا يعتبر متخلفا إلا إذا تأكد أن الشرط لن يتحقق مستقبلا”، وقضت كذلك في قرار آخر بما يلي : “يعتبر الشرط الواقف متخلفا إذا انقضى الأجل دون أن يتحقق الأمر الذي علق عليه الالتزام، أو إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع في المستقبل – وإذا علق الالتزام على رخصة إدارية، يعتبر الشرط متخلفا إذا رفضت الإدارة منح الرخصة المذكورة – وتعديل القانون الذي كان يوجب الحصول على الرخصة الإدارية فيما بعد، لا يكون له أثر رجعي بتصحيح العقد الذي لم ينعقد بتخلف الشرط الذي كان قد علق عليه”.

مع العلم أننا لم نجد مثيلا لهاته المقتضيات لا في القانون المدني الفرنسي ولا في القانون المدني الأردني.

وبخصوص الجواب على التساؤل الثاني، لم نجد لهذا الاشكال حلا في القانون المغربي ولا في التشريعات المقارنة، ولكن لا يعقل أن يتم تأبيد أمد تحقق الشرط بسبب عدم تحديده، ومن بوادر الانصاف والعدالة أن يتم اللجوء إلى القضاء من أجل تحديد أجل معقول لتحقق الشرط الواقف المضمن بالالتزام، وبطبيعة الحال فإن تحديد هذا الأجل سيكون عن طريق الاعتماد على مجموعة من المعايير التي تختلف من عقد الى آخر ومن نازلة الى أخرى.

المطلب الثاني : الآثار المترتبة على الشرط الفاسخ.

لما كان للشرط الواقف عدة آثار قانونية تنتج بمجرد تضمينه بالالتزام، فإنه من البديهي أن تكون لأخيه الشقيق الشرط الفاسخ نفس الأهمية في هذا الجانب، وبالتالي فكلما كان لدينا شرط فاسخ داخل الالتزام كلما لحقته مجموعة من الآثار القانونية، وهي كالآتي : أولا – الالتزام الذي يحتوي على شرط فاسخ ينتج كافة آثاره بمجرد تمامه : ومرد ذلك إلى أن الالتزام الذي ضمن به شرط فاسخ يكون ساري المفعول بمجرد توافق الايجاب والقبول لعاقديه إذا كان الالتزام من التصرفات الملزمة لجانبين أو بمجرد تضمين الشرط من طرف الملزم به في إطار التصرفات الملزمة لجانب واحد.

وبه فإن تحقق الشرط الفاسخ المضمن بالالتزام يؤدي إلى إنهائه وفسخه، ولا يكون سببا في انشاء آثاره القانونية تجاه الملتزم أو الملتزمين به عن إبرام التصرف القانوني.

حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا – بأن “العقد يصبح مفسوخا بقوة القانون إذا تحقق الشرط الفاسخ، ويصير قاضي المستعجلات مختصا بطرد المكتري الذي يقر تحقق الشرط الفاسخ”.

وإذا ما حصل وتم تحديد أجل لتحقق الشرط الفاسخ المضمن، فإن انتهاء الأجل المحدد دون تحقق الشرط يجعل الالتزام تاما بمعزل عن الواقعة الشرطية التي كان من شأنها أن تهوي بالالتزام في ظلال الفسخ، وهو المقتضى الذي جاء به المشرع المغربي من خلال الفصل 118 من ظ.

ل.

ع.

ويستحسن أن نحيل على ما قلناه في إطار الشرط الواقف بخصوص عدم تحديد أجل تحقق هذا الشرط والقواعد الواجبة التطبيق في هاته الحالة، كون نفس الأمر ينطبق على الشرط الفاسخ، وذلك بهدف تفادي الإطناب والحشو الذي لن يضفي لهذا العمل المتواضع شيئا.

ثانيا – آثار وفاة المستفيد من الشرط الفاسخ : قد يحصل في بعض الأحيان أن يتوفى أحد المتعاقدين اللذان يحول بينهما شرط فاسخ في الالتزام، وبالتالي هل يحق للورثة أن يتمسكوا بهذا الشرط؟ وماذا لو تعدد الورثة واختلفوا في ابقاء الالتزام من فسخه؟.

جوابا على السؤال الأول، إذا مات المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بخيار الفسخ قبل فوات الأجل المحدد لمباشرته من غير أن يعبر عن إرادته، كان لورثته الخيار بين الإبقاء على العقد وفسخه خلال الوقت الذي كان باقيا لموروثهم، وهو ما نص عليه المشرع المغربي صراحة من خلال الفقرة الأولى للفصل 115 من ظ.

ل.

ع.

فيما جواب السؤال الثاني، فإنه وإذا اختلف الورثة، فلا يسوغ للراغبين منهم في الإبقاء على العقد أن يجبروا الآخرين على قبوله، وإنما يجوز لهم أن يأخذوا العقد كله لحسابهم الشخصي، وهو المقتضى الوارد في الفقرة الثانية من نفس الفصل أعلاه.

وتجدر الإشارة إلى أن ما تم ذكره ما هو إلا تدخل تكميلي من المشرع المغربي، وبالتالي يمكن للأطراف أن يتفقوا بخلاف ذلك، مثال تحديد نطاق الشرط الفاسخ أو الالتزام بأكمله وعدم جعله ساريا على الورثة في حالة الوفاة.

ثالثا – آثار نقصان أهلية المستفيد من الشرط الفاسخ : قد يحصل أن يصاب الشخص الذي احتفظ لنفسه بشرط الفسخ بنقصان في الأهلية نتيجة السفه أو العته أو الجنون، وبالتالي نكون أمام التزام صحيح من الناحية القانونية ولكن يتولد لدينا خلل أثناء تنفيذه، وبه وجب اللجوء إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين من أجل تعيين مقدم على الشخص الذي نقصت أهليه، وهو ما جاء به المشرع المغربي في الفصل 116 من ظ.

ل.

ع عندما قال “إذا أصيب المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بخيار الفسخ بالحمق أو بأي سبب من أسباب نقص الأهلية، عينت المحكمة، بناء على طلب المتعاقد الآخر أو أي ذي مصلحة غيره، مقدما خاصا ويقرر هذا المقدم، بعد إذن المحكمة ما إذا كان يقبل العقد أو يفسخه وفق ما تقتضيه مصلحة ناقص الأهلية، وفي حالة الإفلاس يكون المقدم بحكم القانون هو وكيل التفليسة (السنديك) أو أي نائب آخر لكتلة الدائنين”.

رابعا – آثار تحقق الشرط الفاسخ : إن تحقق الشرط الفاسخ يجعل الالتزام في حكم العدم وبالتالي يصبح وكأنه لم يكن، وبه وجب أن يتم إرجاع الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد، ولكن هذا الطرح قد لا يكون له محل إذا ما حصلت وقائع يصعب أو يستحيل معها إرجاع الأمر إلى ما كان عليه، ومثال ذلك زيد قام بتفويت عقار لعمر مع تضمين شرط فاسخ يهدف إلى زوال التصرف إذا ما طلق عمر عائشة والتي هي بنت زيد، وبعد ذلك أقدم عمر على تفويت العقار لقيس الذي قام بتحفيظه وتطهيره بأن تم تأسيس رسم عقاري له، بالتالي وإن تحقق الشرط الفاسخ الذي هو طلاق عمر من عائشة فلا يمكن أن يتم إرجاع الحال إلى ما كانت عليه، ولا مناص من طرق باب القضاء من أجل الحصول على التعويض المناسب.

ولكن ما يأخذ انتباهنا في هذا السياق هو ما جاء به المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 121 من ظ.

ل.

ع عندما قال “وهو – أي الذي كان تحقق الشرط الفاسخ ضده – لا يكون ملزما برد الثمار والزيادات وكل اشتراط من شأنه أن يحمله رد الثمار يعتبر كأن لم يكن”، في حين كان من الأجدر على المشرع المغربي أن يميز بين حسن النية وسيئها عوض وضعهما داخل قاعدة واحدة لا تفرق بين الإثنين، لأن تحقق الشرط الفاسخ يجعل حسب منظورنا المتواضع المواجه به في حكم الحائز، وقواعد الحيازة في سياق المسؤولية المدنية لا تسوي بني حسن النية وسيئها، بل إنها تعامل الأول بشيء من المرونة فيما تعامل الثاني بنقيض قصده.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0