سريان القرار الإداري من حيث الزمان في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في القانون العام منتقات للتحضير للبحوث و المقالات و المباريات القانونية
وبالرغم من القواعد السابقة المسلم بها التي تحكم فورية نفاذ القرارات الإدارية فإن هناك استثناءين هامين على هذه القواعد : أحدهما يقضي يسريان القراران الإدارية بالنسبة للمستقبل دون الماضي (بمعنى عدم رجعية القرارات الإدارية)، وثانيهما : يقضي بإرجاء نفاذ القرارات الإدارية إلى فترة لاحقة على صدوره (بمعنى نفاذه في المستقبل) .
أولا : مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية يعتبر هذا المبدأ من المبادئ العامة التي استقر الفقه والقضاء الإداريين على الأخذ بها.
.
.
ويعني هذا المبدأ عدم جواز تطبيق القرار الإداري على الوقائع القانونية التي تمت قبل التاريخ المحدد لبدء سريانه، وإنما ينحصر سريان أثر القرار على ما يحدث من وقائع وأعمال بعد تاريخ السريان .
وقد أكد الفقه والقضاء الإداريين على مبررات الأخذ بهذا المبدأ والتي تتمثل في : عدم تجاوز حدود الاختصاص الزمني، بمعنى منع مصدر القرار من الاعتداء على اختصاص سلفه، وذلك إذا لم يكن مصدر القرار مختصا خلال الفترة السابقة التي امتدت إليها آثاره.
.
.
والرغبة في احترام الحقوق المكتسبة وضمان استقرار المعاملات والأوضاع القانونية، كأن يصدر قرار بمعاقبة موظف بالحرمان من العلاوة بأثر رجعي فيؤدي إلى حرمانه من علاوة كان قد استحقها فعلا قبل توقيع الجزاء، والحيلولة دون تطبيق القرار خلال فترة قد يكون سبب القرار قائما خلالها، وإنما ظهر بعد صدوره.
وبالرغم من المبررات السابقة التي تؤكد على الحكمة من إقرار هذا المبدأ إلا أن الفقه الإداري أجاز الاستثناءات على هذا المبدأ تتمثل في : وجود نص قانوني صريح يبيح رجعية أنواع معينة من القرارات الإدارية عند الضرورة.
وجود حكم قضائي بإلغاء القرار المعيب، فيصبح لزاما على الإدارة القيام بتصحيح ما قد ترتب على ذلك القرار المعيب من الأوضاع الخاطئة في الماضي، وذلك بإصدار قرارات صحيحة بأثر رجعي لتصحيح الأوضاع السالفة.
حالة سحب قرار إداري فردي منشأ لوضعية قانونية بأثر رجعي له شرطين أساسيين، أن يقع السحب خلال أجل رفع الدعوى الإلغائية أو أثناء التقاضي عند رفع الدعوى في الأجل القانوني وأن تكون القرارات المسحوبة مشوبة بعدم مشروعيتها مما يستوجب بطلانها.
حالة القرارات الإدارية التي تتضمن بالضرورة أثر رجعيا، مثل القرارات التي تصدر من هيئة إدارية خولها القانون سلطة إصدار قرارات تسري خلال فترة معينة .
ثانيا : مبدأ أرجاء آثار القرارات الإدارية إلى تاريخ لاحقا وهذا المبدأ يعني جواز أرجاء ترتيب القرار الإداري لآثاره ونفاذه في مواجهة المعنيين به وذلك بإضافته إلى تاريخ لاحقا على صدوره من خلال تعليق نفاذه على شطر واقف إذا كان ذلك يحقق المصلحة العامة، وفي ذلك خروج على الأصل العام المقرر للنفاذ الفوري في القرارات الإدارية.
إلا أنه يجب التمييز –في تطبيق هذا الاستثناء- بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
أ- القرارات التنظيمية : بالنسبة لهذا النوع من القرارات يجوز إرجاء آثارها إلى تاريخ مستقبل لكون هذه القرارات لا تنشئ حقوقا مكتسبة لأحد ولكنها تنشئ حقوقا تنظيمية عامة وبالتالي يكون للسلطة القائمة وقت التاريخ المقرر لأعمال أثرها أن تعدلها أو تكيفها وأن ذلك لا يتضمن أي اعتداء على سلطة الخلق لأن هذا الخلق يستطيع في كل وقف أن يعدل اللائحة .
ب- القرارات الفردية : بالنسبة للقرارات الفردية فإن تأخير هذه القرارات إلى تاريخ لاحق تحدده الإدارة قد يكون فيه اعتداء على السلطة صاحبة الاختصاص في ذلك التاريخ والتي لا تكون هي نفس السلطة المصدرة للقرار.
لذلك فإن الاجتهاد القضائي وخاصة اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي لم يقر بهذا الإرجاع في كثير من أحكامه إلا إذا أثبت من ظروف الحال أن أرجاء تنفيذ القرار إلى تاريخ لاحق كانت تقتضيه ضرورات المرفق ومستلزمات سيره.
ومن هذا القبيل رفضه إلغاء قرارات التعيين التي صدرت قبل نشر المرسوم الذي أنشأ الوظائف وبعد صدوره وتسليمه بصحة تعيين مهندس مع إرجاء آثار القرار حتى أدائه الخدمة العسكرية .