موانع الزواج المؤبدة في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية
موانع الزواج المؤقتة.
بالرجوع إلى أحكام مدونة الأسرة نجد أنها حددت فب المواد 36، 37، 38 المحرمات على التأبيد، و هن ثلاثة أصناف من النساء : المحرمات بالقرابة و النسب، المحرمات بالمصاهرة و المحرمات من الرضاع.
أولا : موانع الزواج بالقرابة :
القرابة هي العلاقة التي تنشأ بين طرفين أو أكثر، أساسها رابطة الدم. و الحكمة من تحريم الزواج من النساء المقربات تكمن في الحفتظ على صلة الرحم أولا لأن الحياة الزوجية أساسها المودة و الرحمة بين الزوجين و الدوام و الإستمرار، و تفاديا لما يعكر صفوة هذه الخصال و بقضي على الأواصر العائلية فيؤدي الأمر إلى الطلاق، كذلك حتى العلم الحديث أثبت أن للوراثة أثر سلبي على صحة المولود. ..
و قد نص على أكثر هذه المحرمات القرآن الكريم، و ذلك في الآيتين التاليتين :
قوله تعالى "وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا"[1].
و كذلك قوله "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلْأَخِ وَبَنَاتُ ٱلْأُخْتِ "[2] .
هاؤلاء النساء هن المقصودات في المادة 36 من المدونة بعبارة "لمحرمات بالقرابة أصول الرجل وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وإن علا." و يشمل هذا الصنف :[3]
1 – أصول الرجل من النساء : أي الأمهات و هن الأم و الجدة من الأب و الأم مهما علو.
2 – فصول الرجل من النساء : أي البنات و هن فروع الرجل و يدخل فيهن البنت، بنت الإبن، بنت البنت، مهما نزلت درجتهن.
3 – فصول أو أصول الرج: و هن فروع أبوي الرجل، و يدخل ضمن هذا الصنف: الأخش الشقيقة، الأخت لأب، الأخت لأم، و بناتهن مهما نزلوا، و بنت الأخ مهما نزلت.
4 – أول فصل من كل أصل و إن علا: أي العمات و الخالات، و هم فروع الأجداد و جدات الرجل من الدرجة الأولى فقط، و يحل له الزواج بفروعهن لقوله تعالى "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱلَّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ. .."[4]
ثانيا : موانع الزواج بالمصاهرة :
هي القربة التي تنشأ بسبب الزواج، و هي رابطة تصل الأجانب بالأقارب، على اعتبار أن صلة المعاشرة الزوجية التي تربط بين الزوجين و تجعل كل منهما لباس للآخر، تتلاحم على غثرها أسرة كل منهما مع أسرة الآخر، فتصير كأنهما اسرة واحدة.
و سند هذا المانع واضح في الآيتين 22 و 23 التاليتين:
"وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا" و قوله تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلْأَخِ وَبَنَاتُ ٱلْأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا".
و بناء على ذلك فإنه بمجرد ما تنشأ هذه العلاقة تنشأ معها حقوق و واجبات كثيرة يفترض فيها ما يفترض في القرابة من وجوب التقدير و الإحترام و الشفقة و المودة، فأم الزوجة بمنزلة الأم في الإحترام، و ابنتها كالإبنة من الصلب، فإذا أبيح الزواج من هؤلاء لا أقيم بينهم الحجب، و لأوجس كل واحد من الزوجين خفية من الآخر، مما تفيد معه هذه العلاقة التي أنشأها الله لتكون سببا لتوسيع دائرة القرابة و التعارف و التداخل بين الناس، لا سبيلا للتقاطع و الشحناء.
وعيا من المشرع بهذه المقاصد المتوخاة من تحريم الزواج بالمصاهرة، و إيمانا منه بمبررات التحريم، فقد جعل المصاهرة مانعا من موانع الزواج بمن تم ذكرهم في المادة 37 من المدونة، التي نصت "المحرمات بالمصاهرة، أصول الزوجات بمجرد العقد، وفصولهن بشرط البناء بالأم، وزوجات الآباء وإن علوا، وزوجات الأولاد وإن سفلوا بمجرد العقد."، و بيان ذلك و تفصيله في الآتي :
- أصول الزوجات : بمعنى أنه بمجرد تزوج رجل بامرأة و لو بطريقة الوكالة يصبح ممنوعا عليه منعا مؤبدا التزوج بأمها سواء ظل الزواج أو انتهى بالطلاق أو الموت، و سواء كان قد بنى بها أم لا، و هذا ما عنته المدونة بقةلها "بمجرد العقد".
و بهذا تكون قد سايرت مذهب الجمهور من الفقهاء، الذين يستندون في ذلك بقوله تعالى "أُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ"، و معني 'اللاتي دخلن بهن' إنما تعود على الربائب فقط، يدعم هذا الموقف و يقويه قوله صلى الله عليه و سلم "أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أمها".
- فصول الرجال : بمعنى أنه إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة أو أرملة يصبح ممنوعا عليه منعا مؤبدا التزوج بابنتها من غيره، و هي ما يطلق علها إسم الربيبة، لكن شريطة أن يكون قد دخل بها، أصل ذلك قوله تعالى "رَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ".
و المراد بالدخول هنا الجماع في قول جمهور الفقهاء، و عليه لو حصلت بمجرد الخلوة، و إن لم يحدث وطئ لم تحرم البنت، و هناك من توسع في معناه، و جعل كل ما هو في قبيل الإستمتاع من لمس و تقبيل. .. داخل في ماهيته لما فيه من معنى المتعة التي جعلت الدخول حراما، و بهذا قال مالك و أبو حنيفة.
لكن المدونة لم تبين ما إذا كان هذا التحريم يقتصر على البنات المباشرات، كما أنها لم تبين ايضا من شرط تحريم بنت الزوجة أن تكون حجر الزوج أم ليس ذلك صحيح.
و بالرجوع إلى الفقه الأسلامي بمقتضى المادة 400 من المدونة نجد أن الإجماع منعقد على سريان نفس الحكم على حفيذات الزوجة من بنات ابنائها و بناتها و غن سفلن، اما بخصوص المسألة الثانية، فإن على حسب مذهب الجمهور، لا فرق بين أن تكون الزوجة في حجر الزوج أو لا، و هو رأي الإمام مالك، على اعتبار قوله تعالى " ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم " وصف ليس له تأثير في الحرمة، و إنما خرج مخرج الموجود الأكثر كما يقول ابن رشد الحفيد، أي أنه ورد ذكره في الآية بيابن و وصفا لواقع الحال و ليس يشترط في الحكم، إذ الغالب أن تنتقل البنت لتعيش مع أمها في بيت زوجها الجديد، و لا شك أن الإطلاق الوارد في عبارة المدونة يوخي بأنهاتأخذ بهذا الرأي.
و لعل السبب في التفريق بين أصول الزوجة و فروعها ما مر بنا، هو أن الأم لا يصيبها غضاضة أو غيرة على ابنتها إذا طلقها زوجها قبل أن يدخل بها ثم تزوج ابنتها، أما البنت فغيرتها على الرجل اشد، و لا يمكن أن تغفر لأمها انصراف الزوج غليها، مما يؤدي إلى القطيعة المحرمة، و من ثم قطع الشارع الطريق أمام ذلك لتحريم الأم لمجرد العقد على البنت[5].
- زوجات الأباء و إن علو : بمعنى انه إذا تزوج رجل بامرأة يصبحممنوعا على ابنه أن يتزوج بهذه المرأة مؤبدا، على أن هذا المنع يبدأ من بمجرد العقد، و اصل ذلك قوله تعالى " وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا "[6] ، و يدخل في الآية الأب و الجد و إن علا.
و الظاهر أن الحكمة من هذاالتحريم على ما يبدوا و الله أعلم هي تكريم و احترام الأصول و منع الفساد الذي قد ينجم عن تطلع الفرع لزوجة أصله في حالة الإختلاط الذي يحدث عادة بين الأب و إبنه، لاسيما و أن سكناهما قد تكون في مسكن واحد، خصوصا في البوادي، حيث يغلب نموذج الأسرة الممتدة، بل و حتى في المدن احيانا في ظل تدني الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية التي تشتد كل عام أكثر.
- زوجات الأبناء و إن سفلو: مصدقا لقوله تعالى " وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا "[7]، على أنه يدخل في مسمى الأبناء الحفيد أيضا و إن سفل، و هذا التحريم يبدأ بمجرد العقد، أي أن الإبن بمجرد ما أن يعقد على زوجته تصير هذه الأخيرة محرمة على أبيه على الدوام، سواء طلقها فيما بعد أم لا، و ذلك لنفس الغاية المذكورة أعلاه في تحريم زوجات الأباء[8].
ثالثا : المحرمات بسبب الرضاع :
1- تعريف الرضاع :
الرضاع في اللغة هو تناول اللبن من الثدي، و في الإصطلاح هو تناول شخص مخصوص من ثدي مخصوص في وقت مخصوص.
و الدليل على ثبوت التحريم بالرضاع قوله تعالى " وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ "[9] ن و عطفا على ما سبق، ذكره من المحرمات، اما الدليل من السنة فقد وردت أحاديث كثيرة منها ما روي عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب"،و من ذلك ايضا عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال عندما عرض عليه أن يتزوج بنت عمه حمزة فقال "إنما لا تحل لي، إنها إبنة أخي من الرضاعة، و يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب".
و قد اتفق جمهور الفقهاء على أنه يحرم بالرضاعة ما يحرم بالمصاهرة. و قد خالف الجمهور بعض فقهاء المذهب الحنبلي حيث يقصرون التحريم بالرضاعة على ما يحرم بالنسب فقط، و دليلهم في ذلك الآيو الواردة في التحريم بسبب الرضاع و ألحاديث المبينة لذلك لم تذكر المصاهرة، و لا يجوز قياس التحريم بالمصاهرة بالرضاع إذ هناك فوارق كبيرة بينهم. و قد أخذ بهذا الرأي قانون الأسرة الجزائري في المادة 27 منه التي تقول "يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب".
اما مدونة الأسرة فقد أخذت بالرأي الأول الذي يتبناه أيضا الإمام مالك حبث نصت الفقرة الأولى من المادة 38 على أنه " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمصاهرة. "، و هو نفس الإتجاه التي تبنته مدونة الأحولا الشخصية التونسية فب المادة 17 منه[10].
2 – الحكمة من مشروعية التحريم بالرضاعة :
التحريم بالرضاع كان معروفا عند العرب منذ الجاهلية، و لما جاء الإسلام أقر ما كان عليه العرب من التحريم بالرضاع و نزل فيه الآية المعلومة، و أما السنة كذلك قوله صلى الله عليه و سلم "" إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب"، و تبنت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في الفصل 28 ما جاء فب الحديث و اقتفت أثارها مدونة الأسرة في الفقرة الأولى من المادة 38.
قد يتساءل ما هو الحكمة من مشروعية التحريم بالرضاع؟ و الجواب و الله أعلم في ما قاله أحد الأطباء المتخصصين في المضوع، و هو الدكتور صبيح قتيبة الجزار الذي قال 'ينفصل الوليد عن أمه بانقطاع الحبل السري، و لكن إتصاله بها يبقى قائما طالما الحليب ينتقل من الأم إليه، فهذا الغذاء هو رابطة لا تنقطع بين الطفل و أمه، فكيف تقطع هذه العلاقة؟ و كيف يحق للوالدة أن تمنع هذا الحق؟ إلا أن يقول: إن حليب الوالدة يأتي سائقا سائلا و كأنه الصورة الواضحة لبيئة جيم الوليد الكميائية، و هذا الحليب يحتوي في تركيبته على مجموعة من المواد و بنسب مختلفة، بحيث إن تناوله سهل للغاية لا يستلزم أي جهد، فكا عنصر داخل تركيبته يدخل في دعم بناء جسم الطفل'. إذن حليب الأم لا مثيل له بالنسبة للطفل، و هذه هي حكمة الإسلام في التحريم بالرضاعة، و قد تبنت منظمة الصحة العالمية سنة 1990 الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية من أهمية كبيرة في حماية صحة الطفل من الأمراض.
3 – أنواع المحرمات بسبب الرضاعة :
علمنا أنه يحرم بالرضاعة ما يحرم بالنسب و المصاهرة، فتكون المحرمات لهذا السبب من الأصناف الأربعة سبب القرابة أو النسب، و كذلك المحرمات الأربعة بسبب المصاهرة، فتكون المحرمات بالرضاعة ثمانية أصماف على السكل التالي :
أ – أصول الشخص من الرضاعة : يدخل في حكمها أمه رضاعا و جدته رضاعا مهما علت من جهة الأب و الأم سواء.
ب – فروع الشخص من الرضاع : بنته رضاعا و ابنتها و إن سفلت.
ت – فروع أول الأصول من الرضاع : يعبر عنه العلماء ب 'فروع أبويه من الرضاعة' و إن سفلت، فيحرم على الرجل بأن يتزوج أخته من الرضاعة و بنات الأخ و بنات الأخت من الرضاع مهم نزلوا، سواء من جهة الأب أو الأم.
ج – أول فروع من كل أصل من الرضاعة : و هو فرعالجد و الجدة من الرضاع بشرط انفصالهن بدرجة واحدة، سواء كن من جهة الأب أو الأم، و هم العمات و الخالات رضاعا.
ذ –أصول الزوجة من الرضاع : أي من الزوجة رضاعا و كذلك جدتها و إن علت، فإذا كانت زوجت الرجال قد رضعت في صغرها من امرأة، تكون المرأة إما لهذه الزوجة من الرضاع، و أمها جدة من الرضاع فيحرم على الزوجان يتزوج بأم زوجته رضاعا و غن علت، سواء دخل بزوجته أم لا.
د – فروع الزوجة من الرضاع : و هي بنت الزوجة من الرضاع و بنت بناتها أبنائها رضاعا مهما نزلوا، شرط الدخول بهذه الزوجة، لأن الدخول بالأمهات يحرم الأبناء.
ه – زوجة الأصل من الرضاعة. و المقصود بذلك زوجة الأب و الجد من الرضاعة و إن علا سواء دخل الأب و الجد بها أم لا.
ن – زوجة الفرع من الرضاع : و هي زوجة الإبن و إبن الإبن و إن سفلوا، و لبن البنت من الرضاع و إن نزلوا.
و لقد سبق التوضيح بشأن الحالات التي تحرم فيها الزوجة بسبب الرضاع، و قد استثنى جمهور الفقهاء من التحريم بالرضاع بعض صور المحرمات بالنسب، إذ هناك حالات لا تترتب الحرمة من جهة الرضاع و تترتب عليها من جهة النسب، لذلك نجد الفقرة الثانية من المادة 38 من المدونة تقول " يعد الطفل الرضيع خاصة، دون إخوته وأخواته ولدا للمرضعة وزوجها."، و تطبيقا لما سبق فإن أم الأخ أو الأخت من الرضاع يحل الزواج بها و لا سجوز من جهة النسب لأن ام اخيه من النسب هب أمه أو زوجة أبيه. كما يحل للرجل أن يتزوج أخت ولده من الرضاع و لا يجوز له ذلك في النسب لأنها ابنته أو ربيبته....
4 – شروط الرضاع المحرم :
يتبين من المادة 38 من المدونة أن "... لا يمنع الرضاع من الزواج، إلا إذا حصل داخل الحولين الأولين قبل الفطام."، مما يعني أنه ليس هناك من شروط إلا ما يتعلق إلا ما تعلق التي فيها الرضاع على وجه التحديد، حيث يشترط فيها شرطان متلازمان :
- أن يتم الرضاع داخل السنتين الأولتين من عمر الرضيع.
- أن يكون الرضاع قد تم قبل فطام الرضيع.
و هذا يعني أن الرضاع الذي يحصل بعد الفطام و لو داخل الحولين الأولين من عمره، لا يكون مانعا للزواج، و هو مذهب الإمام مالك. هذا الأخير لم تكن تأخذ به المدونة السابقة بنها على "لا يمنع الرضاع من الزواج إلى إذا حصل في الحولين الأولين"، و هو ما يعني أنما كانت تشترط حصول الرضاع داخل السنتين الأوليين من عمر الطفل لكن دون أثر الفصام داخل هاتيين السنتيين.
لكن الملاحظ هنا هو أن الشرط الثاني من الشرطين المذكورين يثير إشكالات تحصل أحيانا، مثل إذا أنجبت المرأة طفلا ثم ماتت مباشرة، فهنا يتعذر معه عمليا قيام الشرط الثاني، و السبب أن أمه لم ترضعه أصلا حتى نتصور فطامه، فهل يتم الإستغناء عن هذا الشرط في هذه الحالة و نراعي فقط الشرط الآخر، أم نلتزم بحرفية النص فنجعل الرضاع غير محرم مهما علت كمية اللبن الذي حظي به الرضيع، على اعتبار أن الشرط المقصود لم يتحقق، و إن كنا نعتقد أن استحضار الحكمة من التحريم بالرضاع يقود إلى القولبالتحريم رغم اختلال الشرط الثاني، خاصة و أن الرضاع في مثل النازلة السابقة لن يكون بشكل عرضي كما الشأن في الأحوال العادية.
5 – إثبات الرضاع و المقدار الذي يحرم به :
أولا : إثبات الرضاع :
يمكن إثبات الرضاع بالوسائل التالية :
أ : الشهادة : أي شهادة رجلين أو رجل و امرأتين، كما أن اممذهب المالكي يقوا بشاهدة رجل و امرأة واحدة.
ب : الإعتراف : و هو اعتراف الزوجين معا بوجود الرضاع فيما بينهما، سواء كان الإعتراف قبل الزواج أو بعدهن و الإعتراف في قول الفقهاء هو "الإعتراف سيد الأدلة"، أو كما إذا اعترف أن فلان أو فلانة أنه غبنهما بالرضاعة، شريطة كون الإعتراف قبل بلوغ الذكر و الأنثى و قبل الزواج.
ثانيا : المقدر الذي يحرم به الرضاع :
كما نصت الفقرة التالية من المادة 38، و الذي يظهر من خلالها أن المدونة اعتبرت الرضاع المانع من الزواج هو الذي يحصل داخل الحولين من عمر الطفل قبل فطامه، ة بذلك تكون المدونة قد أحجمت عن ذكر مقدار الرضاع المحرم خلافا لما كان منصوص عليه في المدونة السابقة في الفقرة الثالثة من المادة 25 التي نصت "لا يمنع الرضاع من الزواج إلا إذا حصل في الحولين الأولين خمس مرات يقينا، و الرضعة لا تحيب إلا إذا عدت فب العرف رضعة كاملة"، و على هذا تكون المدونة السابقة قد تركت الباب مفتوحا للقاضي في الرجوع إلى القواعد الشرعية.
و بخصوص الرضاع الذي يقتضي التحريم هو الرضاع الذي وصل إلى جوف الرضيع لا فرق بين قليله و كثيره[11]، حتى إذا كان معه واحدة فهة يحرم الزواج، و اعتماد المالكية عن هذا كون أن لفظ الرضاع ورد عاما مطلقا سواء في القرآن أو في السنة.
[1] سورة النساء، الآية 22.
[2] سورة النساء، الآية 23.
[3] محمد مومن، مرجع سابق، ص 128.
[4] سورة الأحزاب، الآية 50.
[5] راجع محمد المهدي، "المرجع العملي في شرح قانون مدونة الأسرة المغربية، دراسة تحليلة في ضوء الفقه و العمل القضائي، الدزء الأول: عقد الزواج و أثاره"، ص 232 و 233.
[6] سورة النساء، الآية 22.
[7] نفس المرجع السابق.
[8] راجع محمد المهدي، "المرجع العملي في شرح قانون مدونة الأسرة المغربية، دراسة تحليلة في ضوء الفقه و العمل القضائي، الدزء الأول: عقد الزواج و أثاره"، ص 232 و 233.
[9] سورة النساء، الآية 22.
[10] ادريس الفاخوري، مرجع سابق/ ص 152 و 153.
[11] القواعد الفقهية، ص138.