إيقاف سير الدعوى العمومية في القانون المغربي

التعريف بقانون المسطرة الجنائية المغربية, البحث التمهيدي , البحث والتحري عن الجرائم , ,إشعار المشتبه فيه بالأفعال المنسوبة إليه ,تفتيش النساء ,حق الاتصال بالمحامي ,الإشكالات العملية المطروحة خلال مرحلة البحث التمهيدي في قضايا الأحداث , اختصاصات النيابة العامة خلال مرحلة البحث التمهيدي, الإشعار بقرار الحفظ في إطار البحث التمهيدي, مراقبة أماكن الحراسة النظرية , رد الأشياء المضبوطة اثناء البحث , سحب جوازات وإغلاق الحدود , إصدار أوامر دولية بإلقاء القبض , تقييم عمل الضابطة القضائية , التقاط المكالمات والإتصالات الموجهة بوسائل الإتصال عن بعد, التحقيق الإعدادي , الوضع تحت المراقبة القضائية , التحقيق في قضايا الأحداث ,, إلتقاط المكالمات والإتصالات الهاتفية , الإشكاليات المتعلقة بمسطرة الصلح , السند التنفيذي في المخالفات , إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ,, إيقاف سير الدعوى العمومية , نظام القضاء الفردي , قضاء الأحداث , قضاء الأحداث على مستوى المحاكم الابتدائية, قضاء الأحداث على مستوى محاكم الاستئناف, الحرية المحروســـة , استئناف قرارات غرفة الجنايات قضاء الأحداث , الإشكاليات المتعلقة بالإكراه البدني قضاء الأحداث , تفقد المؤسسات السجنية قضاء الأحداث

إيقاف سير الدعوى العمومية في القانون المغربي
إن بعض النزاعات التي تقع بين الأفراد وتعرض على المحاكم ، خاصة عندما تكتسي طابعا عائليا، يكون من شأن التمادي فيها التأثير على الروابط والعلاقات الإنسانية القائمة بين طرفي النزاع ،خاصة حينما يكون الضرر الاجتماعي ليس بالأهمية البالغة . ورغبة في الحفاظ على هذه الروابط التي يؤدي الحكم فيها إلى أضرار لا تتحقق معها المصلحة العامة، فقد أحدث المشرع آلية جديدة نصت عليها المادة 372، وبمقتضاها يمكن للمحكمة في حال وقوع تنازل أو صلح أثناء سريان الدعوى أو إذا اقتضت المصلحة ذلك أن تأمر بإيقاف سير الدعوى العمومية وذلك بناء على ملتمس تقدمه النيابة العامة، مع إمكانية استئناف النظر بطلب من النيابة العامة أيضا ما لم تكن الدعوى قد انقضت بأحد أسباب السقوط كالتقادم وغيره، وتدعم هذه الإمكانية الأخيرة الغاية المتوخاة من هذا الاستثناء وهي الحفاظ على النسيج الاجتماعي ،وتكون بمثابة رادع لأطراف النزاع، فمتى عادوا إلى نفس الأفعال يمكن استئناف النظر من جديد في الدعوى الجنائية. ولقد نصت المادة 372 المذكورة أعلاه على أنه " إذا كان الأمر يتعلق بمتابعة من أجل جنحة من الجنح المنصوص عليها في المادة 41 من هذا القانون، فإنه يمكن للمحكمة المعروضة عليها القضية بناء على ملتمس تقدمه النيابة العامة في حالة تنازل الطرف المتضرر من الفعل الجرمي عن شكايته، أن توقف سير إجراءات الدعوى العمومية، ما لم تكن قد بتت فيها بحكم نهائي ". وأضافت هذه المادة أنه " يمكن مواصلة النظر في الدعوى العمومية بطلب من النيابة العامة ، إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ، ما لم تكن قد سقطت بالتقادم أو بسبب آخر". وبذلك يتضح جليا أن المشرع قد وضع آلية جديدة تتوخى الحفاظ على الروابط الاجتماعية ووضع حد لتناسل الخلافات الاجتماعية ،وهي إلتفاتة إنسانية بالغة الدلالة من المجتمع اتجاه أفراده تخول إمكانية توقيف المتابعة الجنائية الجارية في حق الأشخاص بسبب جنحة من الجنح الواقعة تحت دائرة المادة 41 من ق م ج . لكن الإشكالات المطروحة على المستوى العملي، تتمثل في الحالة التي يتقددم فيها المشتكي بتنازل أثناء الجلسة لفائدة المشتكى به الأول دون باقي المشتكى بهم ، وكان الأمر يتعلق بجنحة ضبطية ، فهل يحق للنيابة العامة أن تلتمس إيقاف الدعوى العمومية في حق المشتكى به الأول دون باقي المشتكى بهم ؟ وفي صورة ثانية قد يتعدد المشتكين ، في مواجهة مشتكى به فيصرح أحد بتنازله عن شكايته لفائدة المشتكى به أثناء الجلسة ، فهل يحق للنيابة العامة في هذه الحالة أن تلتمس إيقاف سير الدعوى في هذه الحالة ؟ . نعتقد أنه في الحالة الأولى يمكن للنيابة العامة أن تلتمس إيقاف الدعوى العمومية لفائدة المشتكى به المتنازل له ، تحقيقا للغاية التي سعى المشرع إلى تحقيقها في المادة 372 من ق م ج ، على خلاف الحالة الثانية ، فإنه لا يمكن تقديم ملتمس بإيقاف سير الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة ،لأن المشتكى به لم يتنازل له جميع المشتكين ، مما تكون معه موجبات المتابعة لازالت قائمة ، ولعدم تحقيق الغاية التي من أجلها اختلق المشرع هذه الآلية وهي القضاء على المنازعة القضائية بصفة نهائية. ومن الإشكاليات المطروحة في هذا المجال كذلك فإنه في حالة رفض المحكمة الإستجابة لملتمس النيابة العامة فهل يمكن الطعن بالاستئناف في قرارها بالرفض ؟ ثم إذا كان الأمر مقبولا على مستوى المحكمة الابتدائية فما الحكم بالنسبة للرفض الصادر عن محكمة الإستئناف ، وما هو نوع الطعن الذي يمكن مباشرته حينها ؟ ثم ما هي طبيعة هذا الأمر أو القرار هل هو حكم تمهيدي أم عارض أم حكم في الموضوع ؟ ثم هل مباشرة الطعن ضد الحكم أو القرار يوقف مواصلة النظر في الدعوى العمومية إلى حين البت في الطعن؟ إذا كانت المادة 372 من ق م ج لم تتعرض إلى عدم إمكانية الطعن في تلك القرارات أو الأوامر ، فإننا نعتقد أنه يتعين اللجوء إلى قواعد العامة والمتمثلة في ضمان حق الطعن في كل ما يصدر عن المحكمة من أوامر وقرارات ، ووفق هذا المنظور فإنه ليس هناك من مانع يحول دون طعن النيابة العامة في قرار المحكمة سواء بالاستئناف أو بالنقض، تبعا لدرجة المحكمة المصدرة للحكم والقرار بالرفض ، كما نرى أن المنطق القانوني يقتضي إيقاف البت في الطعن. ونعتقد أيضا، بأنه لا مجال للقول بقيام إشكالية طبيعة الحكم أو القرار بالرفض الصادر في مثل هذه الحالة، هل هو حكم تمهيدي أو عارض انطلاقا من اختلاف غاية كل منهما ، حيث أن الحكم بإيقاف الدعوى العمومية قد يجعل حدا لهذه الدعوى بصفة نهائية إلى أن يطالها التقادم ما لم يجد هناك جديد وفق ما تحدده مقتضيات المادة 372 من ق م ج، ومن تم فإنه لا يستساغ إدراج مثل هذه الأحكام أو القرارات ضمن الأحكام التمهيدية والمعارضة لكونها تتسم بطبيعة خاصة ، وبذلك فانه لا تطالها مقتضيات المادتين 401 و522 من ق م ج ، التي تجعل الأحكام الإعدادية التمهيدية والعارضة غير قابلة للطعن، إلا بعد صدور حكم في الجوهر وفي نفس الآن الذي يتم الطعن فيه في الموضوع . ويضاف إلى ما سبق من الإشكاليات أن المادة 372 من ق م ج تتحدث عن تنازل الطرف المتضرر من الفعل الجرمي عن شكايته ، الأمر الذي قد يخلق لبسا على المستوى العملي ، إذا كان المتضرر من الجريمة قاصرا، فهل أن تنازل وليه القانوني أو وصي عليه أو قيمه تقديم تنازل عنه، مادام أن المشرع افترض في القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي عدم أهليته لاستخدام حق التنازل عن الشكاية ، ومن ثم ينتقل حق تقديم تنازل لمن له الولاية عنه؟ نعتقد أن الأمر يجب أن يكون على هذا المنوال ما دام أن الذي تقدم بشكاية في بادئ الأمر هو الولي القانوني نيابة عن القاصر وهو أدرى بمصلحة هذا الأخير . ومن جانب آخر فانه قد يحصل أن يتم تحريك الدعوى العمومية بناء على شكاية الولي نيابة عن القاصر، لكن عند عرض النزاع على المحكمة يكون حينها الضحية أصبح بالغا سن الرشد الجنائي، فيعرب عن رغبته في التنازل عن الشكاية ، فهل العبرة هنا بوقت الاعتداء أو بوقت تقديم التنازل ؟ نعتقد أن التنازل عن الشكاية هو تصرف إرادي يحتاج إلى ما تحتاج إليه التصرفات الإرادية من رضا صحيح وأهلية كاملة وخلوها مما قد يعيبها ، لذا فان العبرة بسن المتضرر من الفعل الجرمي وقت إبداء الرغبة في التنازل عن شكايته وليس بوقت تقديمها. كما قد يطرح الإشكال في حالة وجود توكيل خاص صادر عن المتضرر أمام صيغة الفقرة الأولى من المادة 372 التي تتحدث عن المتضرر ، فهل سيتم رفض نيابة وكيل المتضرر من الجريمة المدلي بوكالة خاصة لهذا الأخير في التنازل عن شكايته ؟ إن رفض مثل هذا التنازل من شانه أن يعطل من فعالية آلية وقف سير الدعوى العمومية وفقا لتطلعات المشرع ، ومن ثم فإن – حسب اعتقادنا- إدلاء الوكيل بوكالة خاصة تشهد بالتنازل عن الشكاية يبقى أمرا مقبولا يمكن للنيابة العامة أن تعتمده في ملتمسها الرامي إلى إيقاف سير الدعوى العمومية ، كما يمكن للمحكمة اعتماده كذلك فيما ستحكم به من إيقاف للدعوى.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0