أعطى
المشرع الحق للنيابة العامة الصلاحية لإصدار أوامر دولية بإلقاء القبض لتطبيق مسطرة تسليم المجرمين ، بعد أن كانت هذه النقطة تشكل عائقا أمام النيابة العامة وتحول دون أدائها لدورها كاملا في محاربة الجريمة، إذا غادر مرتكبوها التراب الوطني، لاسيما أنه في القضايا الجنحية التي لا يمكن عرضها على قاضي التحقيق لإصدار
مثل هذا الأمر، فإن الجناة والمشتبه فيهم يظلون بمنأى عن المتابعة القضائية، بسبب عدم إمكانية نشر الأوامر بإلقاء القبض التي تصدرها النيابة العامة في حقهم على الصعيد الدولي.
وهكذا فقد جاء في المادة 40/3 من قانون المسطرة الجنائية، أنه يحق لوكيل الملك لضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين، إصدار أوامر دولية بالبحث وإلقاء القبض ".
وما ذهب إليه المشرع المغربي في إعطاء هذه المهمة للنيابة العامة يرجع بالإضافة إلى ما ذكر إلى انتشار الجريمة المنظمة – أيضا – " والإجرام الذي يتجاوز الحدود، وتعدد مرتكبيها واختلاف جنسيتهم " مما " يتطلب معه المزيد من التعاون القضائي الدولي لمحاربة هذه الظاهرة فتضمين قانون المسطرة الجنائية الجديد
لآليات القانونية المذكورة من شأنه مواجهة أنواع عديدة من الجرائم باعتبار أن هذه المسطرة تدخل في إطار التعاون القضائي مع الدول الأجنبية .
ولابد في هذه الحالة من تقدير دواعي الأمر بإلقاء القبض عند إصداره، من حيث مدى توفر الدلائل الكافية على الاتهام وحالة المتهم من ناحية الذكورة والأنوثة والسن، ومركز المتهم في مجتمعه، وكذلك خطورة الجريمة المسندة إليه .
ويجب أن يعامل كل متهم يقبض عليه أو تقيد حريته بأي قيد بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا كما لا يجوز حجزه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السحب.
ويخضع نظام التوقيف المؤقت لأجال الحراسة النظرية المعمول بها في تشريع الإجرائي في الدولة التي ألقي فيها القبض .
ولعل الدائرة الإستئنافية بطنجة تحضى بنصيب الأسد في إصدار الأوامر الدولية بإلقاء القبض وذلك لعدة اعتبارات أهمها الموقع الجغرافي الحدودي الذي يسمح ويساعد مجموعة من المجرمين من الإفلات والخروج خارج المملكة ،وكذا الصبغة الدولية التي إكتستها بعض الجرائم ، والتي تنتشر بكثرة في منطقة طنجة كجرائم التهريب
الدولي للمخدرات وجرائم المرتبطة بالهجرة السرية ...
وقد أحسن المشرع صنعا بتبنيه لهذه المؤسسة القانونية التي مكنت القاضي المغربي من أن تطال يده المجرمين ولو غادر التراب المغربي، حيث لم يعد هناك مجرم بمنأى عن العدالة.