مقال بعنوان دور الاجتهاد القضائي في تحديد معالم ومجال القانون الجنائي للأعمال بالمغرب
دور الاجتهاد القضائي في تحديد معالم ومجال القانون الجنائي للأعمال بالمغرب
رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة
تقسم مادة القانون الجنائي للأعمال، بمجموعة من الخصوصيات التي تميزها عن القواعد الكلاسيكية المتعارف عليها في مادة القانون الجناني، بحيث تشد قواعدها عن كثير من قواعد القانون الجنائي الكلاسيكي شكلا ومضمونا، أهمها خاصية المرونة في صياغتها، كما تتميز بالتتبع والتنوع في المجال بدءًا من مقتضيات مجموعة القانون الجنائي، ومدونة التعمير، مدونة الجمارك، مدونة التجارة وقوانين الشركات مدونة الشغل، قانون حرية الأسعار والمنافسة، قانون الملكية الصناعية مدونة التشريع الضريبي، قانون زجر الغش في البضائع، قانون حماية المستهلك، ومن هنا يأتي دور الاجتهاد القضائي الذي يلعب دورا أساسيا في تحديد مجال ومعالم هذه المادة.
المعتبرة في حكم المواد التي هي قيد التشكل بالنسبة للحالة المغربية، ومن هنا تبرز أهمية الاجتهاد القضائي المغربي بصدد المساهمة في تحديد المعالم المميزة لها، والمرتبطة بنية الاقتصاد الوطني.
وانطلاقا من دور القضاء في تحقيق الأمن القضائي، وتكريس الأمن القانوني بشكل عملي في مختلف الميادين والفروع القانونية المختلفة، فإن هذا الدور يكتسي أهمية بالغة، لا يكاد يقل في أهميته عن دور التشريع في هذا
208
مجلة القانون والأعمال - العدد 55 - أبريل 2020
الشأن، من خلال إضفاء الطابع العملي الحي للقاعدة القانونية، خصوصا في حالات غموض النص القانوني وإيهامه، كمحاولة منه لاستخلاص الحلول التي تتماشى والسياسة الجنائية المتبعة من طرف المشرع بخصوص میدان المال والأعمال، تبعا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، فيحرص على القضاء على التوفيق بين نصوص التشريع الثابتة، وأوضاع المجتمع المتغيرة خصوصا ما يهم الجوانب المرتبطة بالدورة الاقتصادية في مجالها الواسع والمتشعب (الإنتاج والتوزيع - الاستهلاك)، لبلورة قانون جنائي يؤطر مجال الأعمال يراعى جميع المصالح والمتضاربة أحيانا، وحماية الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
ومن هذا المنطلق تظهر تشعبات هذه المادة، بحيث يتسع مجالها ليشمل عدة فروع قانونية، وبما أن منهجية المشرع المغربي، تصنف ضمن خانات الترسانة القانونية التي تجمع بين مجموعة القانون الجنائي والقوانين الخاصة كأسلوب تشريعي يتماشى مع السياسة التشريعية الوطنية وخصوصيتها، كما أن المشرع لا يحدد بدقة بعض المفاهيم ذات المضمون الجنائي للأعمال من قبيل النظام العام الاقتصادي الغش في البضائع الإشهار الكاتب. وبالتالي يمكن تعريف هذه المادة بمجموعة من النصوص القانونية المنظمة لشروط الإنتاج وتوزيع واستهلاك الأموال والخدمات، وكذلك طرق تبادل الأموال والخدمات، وتحديد الجزاءات المترتبة عن انتهاكها من طرف الفاعلين.
ودور القضاء بهذا الخصوص، تابع من الخصوصيات التي تنفرد بها جرائم الأعمال عن الجرائم التقليدية الواردة في القانون الجنائي العام، فيما يخص عناصر المكونة لجرائم الأعمال وما تتطلبه من فهم قضائي متخصص، وهي مميزات ينفرد بها سواء على مستوى الموضوع وعلى مستوى الشكل، فإذا كانت مادة القانون الجنائي بمفهومها الكلاسيكي محكومة بمبدأ الشرعية الجنائية، والتفسير الضيق، فإن خصوصيات المادة الجنائية المرتبطة بعالم المال والأعمال، والتي ينبغي أن تكون مسايرة للمستجدات وفق قضاء متخصص، فماهي مظاهر الاجتهاد القضائي 5/17 في في مادة القانون الجنائي للأعمال؟ ولنفرض جدلاً وجدت هل استطاعت تحديد معالم ومجال هذه
وذلك ما ستعمل على تناوله عبر محورين.
محمد شيلح محاولة قراءة منهدية في كيفية استخلاص المادي القانونية من قرارات المجلس الأعلى محلة القانون والاقتصاد
127 3 1987، ص
انوار محمد صدقي المسؤولية الجزائية عن الجرائم الاقتصادية دار الثقافة عملي الترجي هـ. 1. 2007، من 125 أحمد التهامي مكفرات الفيت على طلبة السنة الثانية لتحضير دبلوم الدراسات العليا الصفقة وحدة البحث والتكوين في العلوم الجنائية في مادة القانون المالي للأعمال بتاريخ 15 يناير 2007 بيداب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطلبة جامعة عبد المالك السعدي
أنور محمد صحفي المساعدة عرس من 99
209
مجلة القانون والأعمال - العدد 55 - أبريل 2020
المحور الأول: رصد لبعض الاجتهادات القضائية في ميدان القانون الجنائي للأعمال
من خلال هذا المحور ستعمل على تناول بعض الاجتهادات القضائية، التي حاولت معالجة موضوع القانون الجنائي للأعمال، سواء من خلال اجتهادات محاكم الموضوع، أو على مستوى قرارات محكمة النقض كأعلى سلطة قضائية تعمل على توحيد الاجتهادات الصادرة عن محاكم الموضوع في مختلف القضايا التي تهم المال والأعمال.
أولاً: في بلورة السياسة الجنائية للشيك كورقة تجارية
بإصدار مدونة التجارة الفاتح غشت 1996، والتي حفلت بمستجدات تهم عالم المال والأعمال ومن بينها مؤسسة الشيك، حيث تمت إعادة النظر في النظام القانوني المؤطر لها، وعمل القضاء بمختلف درجاته، على بلورتها وتكريس الأسس والمنطلقات التي اعتمدها المشرع، ومنها اعتبار الشيك كوسيلة وفاء في مجال الأعمال.
وبخصوص توافر القصد الجنائي بنوعيه كركن في الجرائم المرتبطة بالشيك، جعل القضاء من هذا الركن أمر غير متطلب، وأن مسألة سوء النية مفترضة بمجرد عدم توافر مؤونة الشيك عند تقديمه للأداء، الأمر الذي أكده المجلس الأعلى سابقا في قراره الصادر بتاريخ 12 يناير 2005 في ملف عدد 1100/04 والذي تضمن ما يلي: أن مسألة سوء النية في جريمة إصدار شيك تتحقق بمجرد عدم توفر مؤونته عند تقديمه للأداء ، هو نفس الاجتهاد الذي أقره في قراره الصادر بتاريخ 12 أبريل 2004 في ملف عدد 1100/2002 حيث ذهب إلى أن "جنحة عدم توفير مؤونة شيك تتحقق بمجرد إصدار شيك وعدم توفير مؤونته عند تقديمه للأداء وسوء النية الذي يثبت بمجرد انعدام الرصيد أو عدم كفايته .
كما تبنى القضاء المغربي في تطبيق مقتضيات مدونة التجارة، فيما يخص الشيك بنوع من الصرامة حيث نقض المجلس الأعلى سابقا، حكم محكمة الموضوع التي منعت المتهم بظروف التخفيف بناء على مقتضيات القانون الجنائي، حيث جاء في قراره الصادر بتاريخ 12 أبريل 2004، في ملف عدد 1539/03، تكون المحكمة قد خرقت المادة 116 من مدونة التجارة، عندما قضت على المطلوب بغرامة 1000 درهم، كحد أدنى العقوبة الغرامة ما لم تكن نسبة خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الشيك أكثر من ذلك. حيث لم يسمح المجلس الأعلى بالنزول عن
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1J-b4DYEiLtaPy1MBMy1auxnsOQW6loln/view?usp=drivesdk