دور النيابة العامة في دعوى التعرضات
مواضيع وعروض في القانون العقاري و الحقوق العينية في مختلف المواضيع. المحررات الاكترونية في المعاملات العقارية، عروض في القانون العقاري، عروض في الحقوق العينية، الملكية في القانون المغربي، قراراتالمحافظ، التعرضات، النظام العقاري في المغرب، المساطر الخاصة للتحفيظ، المسطرة الادارية للتحفيظ، المسطرة القضائية للتحفيظ
دور النيابة العامة في دعوى التعرضات.
تعتبر النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، و كما لقضاء البث أو الحكم مجال تدخله في مسطرة التعرضات سواء في شقها الإداري أو القضائي، فالنيابة العامة هي كذلك لها نفس مجال التدخل لكن باختصاصات مغايرة، و يتبين مجال تدخلها في إمكانية ممارستها حق التعرض (الفقرة الأولى)، و كذلك يمكنها التدخل في دعوى التعرض (الفقرة الثانية)
الفقرة الأول: ممارسة التعرض و فتح أجل التعرض الإستثنائي.
بالنسبة للنيابة العامة، فبإمكانها التدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق التعرض على مطلب التحفيظ باسم الأشخاص المحجورين و الغائبين و المفقودين، و أيضا الأشخاص الغير الحاضرين في وقت القيام بعملية التحفيظ. و النيابة العامة عندما تتدخل في مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ، في الأحوال آنفة الذكر، إنما تتقمص شخصية هؤلاء، فتكون مدعية كسائر المتعرضين، و من تم يقوم عليها عبئ الإثبات... كما لها حق رفع الطعن في الحكم الذي يصدر ضد طلباتها[8] .
وذا كانت النيابة العامة تقوق مقام الأشخاص في القيام بالتعرضات و يقع عليها ما يقع عليهم، فيبقى السؤال هو جوازية النيابة العامة من أداء مبلغ الوجيبة القضائية من عدمه، حيث هناك من يؤكد على عدم وجود نص قانوني يعفي النيابة العامة من أدائها، لاعتبارها شكلية من شكليات التعرض، إذن فهي ملزمة بأدائها تحت طائلة إلغاء التعرض. و في المقابل يذهب البعض إلى اعتبار أن النيابة العامة تستثنى من هذه الوجيبة و أن المشرع أعفاها من أداء الرسوم و من مؤازرة الدفاع[9].
ومن الناحية العملية يتضح أن جهاز النيابة العامة نادراً ما تتدخل في هذه المسطرة، والسبب راجع إلى عدم توفرها على وسائل الإثبات التي ترى أنها فعالة لإثبات الحق المتعرض عليه، وهذا أمر بديهي باعتبارها جهاز يسهر على تطبيق القانون، ولا يحق لها ممارسة التعرض في غياب وسائل الإثبات لأن ذلك يدخل في إطار التعسف في استعمال الحق[10].
أما بالنسبة لسلطة النيابة العامة بفتح التعرض الإستثنائي، فلوكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية الحق في هذا الخصوص. وتبعا لما استقر عليه الفقه والقضاء المغربي، بخصوص الصلاحيات الممنوحة لوكيل الملك في باب التعرض المقدم خارج الأجل الأصلي، ومن خلال الواقع العملي، يمكن إبداء الملاحظات التالية [11]:
- يتلقى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، طلب تسجيل التعرض الاستثنائي، حيث يتم تسجيله في سجل المراسلات العامة الممسوك من قبل مكتب الضبط الإداري، يسلم نظير منه للطالب في حينه.
- يتم إشعار طالب التحفيظ، وكل من يعنيه الأمر، هذه الواقعة .
- تكون لوكيل الملك نفس الصلاحيات التي للمحافظ في هذا الشأن، ويمكن له الاستماع إلى الأطراف قبل أن يبت في الأمر، وذلك بموجب محاضر قانونية، تتضمن بيانات مختلفة، تتعلق بالهوية الكاملة، وبمراجع القضية العقارية، وموضوع طلب التعرض، وكذا إيضاحات يدلي طالب التحفيظ، عند الإقتضاء.
كذلك و ومن الناحية العملية فإن التعرض الاستثنائي المقدم لوكيل الملك، يحرر في ثلاث رسائل، تضمن فيها البيانات المطلوبة، وتسجل بمكتب الضبط بكتابة النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية، يسلم نظير منها للمتعرض، في حين يتم إخطار طالب التحفيظ وباقي الأطراف المعنية بالموضوع .
أما من ناحية الطبيعة القانونية[12] التي يتميز بها قرار النيابة العامة في شخص وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية. و تحديد طبيعة قرار النيابة العامة، الصادر بشأن التعرض المقدم خارج الأجل العادي يرتكز على تحديد دورها في التنظيم القضائي المغربي، والذي يتجسد في دورها أمام القضاء الجنائي. وفي دورها أمام القضاء المدني .
وبصرف النظر عما للنيابة العامة من دور أمام المحاكم المدنية، فإن لها دورا آخر غير قضائي تستمده من وضعيتها كممثلة للمصلحة العامة تابعة مباشرة للسلطة التنفيذية الممثلة في وزير العدل، ألا وهو الدور الولائي ، وهو غير الدور القضائي الأعم الذي تضطلع به النيابة العامة، والإداري تباشره تحت إشراف وزير العدل ومن ثم أمكن تصنيف قراراتها إلى قرارات قضائية وإدارية أو ولائية.
والراجح أن القرارات التي يتخذها وكيل الملك في مجال التعرض الإستثنائي، هي قرارات إدارية، التي لم يكن في الإمكان الطعن فيها إلا بالشطط في استعمال السلطة، وبالتالي التظلم لدى الرئيس المباشر لمتخذ القرار الإداري، موضوع التظلم .
و هو ما سيعطي الحق لمن تضرر بقرار وكيل الملك بفتح أجل استثنائي للتعرض أن يرفع شكواه للمحكمة الإدارية المختصة مكانيا[13].
الفقرة الثانية: التدخل في الدعوى التعرض.
و نستهل الذكر بأن حضور النيابة العامة وتبليغها في القضايا المتعلقة بالتحفيظ العقاري أمر لا يعد إلزاميا، اللهم إذا كان هناك نص خاص يقضي بذلك حيث يوجب ضرورة تبليغها كما هو عليه الشأن في مجال القضايا المتصلة. بفاقدي الأهلية وكذا ناقصيها، وما يؤكد ذلك أنه إذا ما رجعنا إلى الفصل 37 من ظهير التحفيظ المنسوخ والمعوض بمقتضى القانون رقم 07.14 نجده ينص بالحرف "عند افتتاح المناقشات يعرض القاضي المقرر القضية ويعين المسائل التي تتطلب حلا دون أن يبدي أي رأي ثم يقع الاستماع إلى الأطراف ويقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته، ثم يفصل في القضية إما في الحين وإما بعد المداولة".
ولهذا فإنه حسب الفصل المذكور أعلاه فإن حضور النيابة العامة لا يعد إجباريا حسب ما جاء ضمن الفقرة الأولى، لكن حيثما تكون الدولة طرف في النزاع باعتبارها متعرضة أو طالبة للتحفيظ فهنا يجب تبليغ النيابة العامة قصد تحضير مستنتجاتها في الدعوى سواء كان النزاع في مرحلته الابتدائية أو كان معروضا خلال مرحلة الاستئناف أمام محكمة الدرجة الثانية، وهذا ما أقره المجلس الأعلى بدوره في إحدى قراراته بنصه على ما يلي :" حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أنه ثبت لدى قضاة الاستئناف عدم تبليغ الدعوى إلى النيابة العامة قصد الإدلاء بمستنتجاتها باعتبار الدولة طرفا في النزاع في المرحلة الابتدائية وحيث إن هذا الاخلال لا يمكن إصلاحه أو تداركه بتبليغ الدعوى إلى النيابة العامة في مرحلة الاستئناف، ولذلك فإن القرار المطعون فيه حين أيد الحكم الابتدائي بالعلة المذكورة أعلاه يكون خارقا للمقتضيات القانونية المحتج بها مما عرضه للنقض والإبطال"[14].
و في قرار آخر يبرز إلزامية تدخل النيابة العامة في دعوى التعرض كلما كانت الدولة طرفا فيها، جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط ما يلي "حيث تبين من مراجعة محاضر الجلسات المحررة على ذمة الملف الابتدائي أن الملف لم يحل مطلقا على النيابة العامة رغم أن المتعرضة هي الدولة (الملك الخاص) ومقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة .المدنية واضحة في هذا الشأن، وفي غير حاجة لا لتفسير ولا لتأويل وحيث أن المجلس الأعلى استقر في قرارات عديدة على أنه لا يمكن تدارك إغفال إحالة الملف على النيابة العامة أمام المحكمة الابتدائية عند إحالة الملف على محكمة الاستئناف و قيام هذه الأخيرة بهذا الإجراء لا يغني عن اتخاذ الاجراءات أمام محكمة أول درجة"[15] .
وعلاوة على ذلك، أن تدخل النيابة العامة في قضايا التحفيظ العقاري، يجد تطبيقاته على مستوى نظام المساعدة القضائية، الذي نظم أحكامه المرسوم الملكي الصادر في فاتح نوفمبر 1966، وهو نظام يروم منح المستفيد الإعفاء من أداء الرسوم والمصاريف القضائية، وكذا تخويله الحق في المؤازرة بواسطة محام يتم تعيينه من طرف نقيب هيئة المحامين التابع لها، على إثر القرار الذي اتخذه مكتب المساعدة القضائية الذي يرأسه وكيل الملك خلال المرحلة الإبتدائية، إلى جانب عضوية ممثل لمصلحة الضرائب ومحام يعينه مجلس هيئة المحامين. ولقد ورد ذكر نظام المساعدة القضائية في قانون التحفيظ العقاري، حيث أوضح الفصل 32 (ظهير 25/8/1954) أن التعرض يعتبر كذلك لاغيا، إذا لم يؤد المتعرضون الذين لم يحصلوا على المساعدة القضائية أو لم يطلبوها على الأقل، الوجيبة القضائية ورسم الدفاع المحددين في الظهير المتعلق بالمصاريف القضائية، وذلك داخل أجل ثلاثة اشهر، كما أن قبض تلك الوجيبة يباشر من لدن مصلحة المحافظة العقارية، عوض عن كتابة الضبط للمحاكم[16] ... والجدير بالذكر أن المتعرض بإمكانه الإستفادة من المساعدة القضائية، لمواجهة طالب التحفيظ، وذلك خلال المرحلة الإدارية للتحفيظ، وايضا خلال المرحلة القضائية لهذا النظام .
ومعلوم أن طلب المساعدة القضائية يقدم إلى وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية المختصة للنظر في القضية المزمع رفعها إليها، أو الرائجة أمامها، ويمكن أيضا أن يوجه إليه هذا الطلب من أجل الطعن بالإستئناف، كما يختص به أيضا الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف خلال هذه المرحلة، وايضا عند الطعن بالنقض، كما يكون أيضا من اختصاص الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى خلال مرحلة النقض
[1] محمد خيري، مرجع سابق، الصفحة 373.
[2]مذكرة رقم 5829 م.م.ع/ق.ت.ع/م.ت.م.ع بتاريخ 25 دجنبر 2001.
[3] ادريس الفاخوري، مرجع سابق، الصفحة 59.
[4] الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري " كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به. والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.
إن المحكمة التي أحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة والبت، عند الاقتضاء، في طلبات التعويض."
[5] حكم لابتدائية الناضور بدون رقم، ملف عدد 262/08/15 بتاريخ 2016/06/27.
[6]حكم بدون رقم، ملف عقاري رقم 2013/08/51 ،صادر بتاريخ 2014/12/11 ،غير منشور. مأخوذ من: محمد صالحي "الحد من التعرضات الكيدية كآلية لتحقيق الأمن العقاري"، مقال مرفوع على الموقع https://www.maroclaw.com/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD %D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D8%A7%D8%AA- %D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A2/ .
[7]حكم رقم 444 ،ملف مدني عدد 13/147 ،صادر بتاريخ 2014/04/24 ،غير منشور. مأخوذ من نفس المرجع أعلاه.
[8] محمد عبد المحسن البقالي الحسن ي "دور النيابة العامة في مسطرة التحفيض العقاري"، بحث مقدم لموقع البوابة القانونية و القضائية لوزارة العدل، الصفحة 4.
[9] أمين بورفود "دور النيابة العامة في مسطرة التحفيظ العقاري"، رسالة ماستر، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية بتطوان، 2018، الصفحة 49.
[10] نفس الرجع، الصفحة 51.
[11] محمد عبد المحسن البقالي الحسني، مرجع سابق، الصفحة 9.
[13] حكم عدد 85 الصادر بتاريخ 1999/06/23 في الملف رقم 98/13. ( مأخوذ من محمد عبد المحسن البقالي الحسني، مرجع سابق، الصفحة 14).
[14] قرار محكمة النقض عدد 2838 المؤرخ ب 2004/10/06 الملف المدني رقم 3365/1/1/2003، غير منشور. مأخوذ من مؤلف ادريس الفاخوري، مرجع سابق،الصفحة 72.
[15]قرار محكمة النقض عدد 3033 المؤرخ ب 2007/09/26 الملف المدني رقم 2714/3/5/2005، غير منشور. مأخوذ من نفس المرجع.
[16] محمد عبد المحسن البقالي الحسني، مرجع سابق، الصفحة 17.