تأمين مخاطر الورش
مواضيع متنوعة في القانون التجاري و قانون الشركات و مساطر صعوبات المقاولة بما يمثل قانون الاعمال في المغرب
مقدمة.
استجابة لمتطلبات الإنسان المتزايدة و التضخم السكاني المستمر، شهد قطاع البناء و التشييد في السنوات الأخيرة تطورا كبير طرأت عليه، خصوصا بعد تفاقم أزمة السكن و ما ترتب عنها من توسع في أعمال البناء و التشييد، و ما وكب ذلك من تقدم علمي و دخول التكنولوجيا الحديثة و الألات العصرية التي كان لها أثر بالغ في ضخامة المباني و سرعة إنجازها و تداخل تركيبتها و كثافتها.
و مع التطور في المباني ظهرت فئة من الأشخاص و الشركات احترفت مهنة إنجاز المباني. غير أنها لم تكن تهتم بمثانة البناء و سلامته بقدر اهتمامها بالسرعة في إنجازه، و تحقيق
أكبر كسب ممكن. و تحت ضغط قوة الطلب أصبحت عمليات البناء لا تخلو من الأخطار. و هذا ما أدى إلى حدوث مشاكل كثيرة في مجال البناء و المساس بسلامة الأفراد و تعريض أموالهم و أرواحهم للعديد من المخاطر و الأضرار[1].
و لمولجهة هاته المخاطر، التي قد يتعرض لها موقع الإنشاء أو البناء، و التي قد تخلق أضرار جسمانية أو مادية جسيمة لا يسع لصاحب المشروع إلا تحملها. لذلك عمد المشرع إلى
ضرورة اللجوء إلى التأمين على البناء، و أيضا تحديد المسؤوليات الداخلة في هذه الحوادث، و معرفة مسبب الضرر لتحميله المسؤوليته، و هذا يدخل في إطار تأمين المسؤولية المدنية، سواء لصاحب المشروع أو المقاول أو المهندس أو مكتب الدراسات. و كل متدخل في عملية البناء و
التشييد من أجل حماية الممتلكات كما هو في الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود، حيث تبدأ مسؤولية الشركة فور بدأ العمل، أو بعد إفراغ المواد المدرجة في وثيقة التأمين بموقع العمل، و تنتهي مسؤوليتها عن أي جزء من عقد المقاولة فور تسليمه أو وضعه قيد الإستعمال، على ألا يتجاوز ذلك في أبعد الحدود التاريخ
المحدد في عقد التأمين، و بعد ذلك يتم إبرام عقد التأمين على المسؤولية العشرية وفق القانون 13-59 للتأمينات، من أجل حماية ممتلكات صاحب العمل من تحمل المسؤولية المدنية في حالة وقوع حوادث البناء، مادية كانت أو جسمانية، و ضمان حقوق الغير في حالة وجود أضرار جسمانية أو
مادية.
و عليه يكتسي موضوع تأمين المسؤولية المدنية العشرية أهمية من الناحية العملية، و ذلك من خلال إلزام المشيدين بإتقان الأعمال الموكولة لهم و تحمل مسؤوليتهم في حالة عدم التزامهم بالعقود المبرمة مع رب العمل، من أجل بناء قاعدة تحتية متينة، وهو من شأنه ضمان طمأنينة المواطنين و عدم الخوف من المنشآت التي يسكنونها أثناء استقرارهم في مكان معين.
أما من الناحية القانونية، فالهدف هو تحديد نوع المسؤولية التي يخضع لها كل من المقاول و المهندس المعماري و غيرها من الأطراف المتدخلة، مع تحديد مختلف الأحكام الواجبة التطبيق عند الإخلال بالإلتزامات سواء بعد تنفيذ العمل و تسليم البناء، أو حتى إذا تعلق الأمر بمخالفة إلزامية التأمين عليها.
و لدراستنا لهذا الموضوع نقترح التصميم التالي:
الفصل الأول: إجبارية التأمين على مخاطر البناء و نطاقه من حيث المحل و الأشخاص.
الفصل الثاني: نطاق التأمين الإجباري من حيث المسؤولية و الأضرار.
الفصل الأول: إجبارية التأمين على مخاطر البناء و نطاقه من حيث المحل و الأشخاص.
لقد أرسى المشرع المغربي إجبارية التأمين على مخاطر البناء سنة 2016 بمفتضى القانون 13-59 القاضي بتغيير و تتميم مدونة التأمينات[2].
وتشمل هذه الإجبارية تامين كلا من مخاطر الورش والمسؤولية المدنية العشرية. ولقد سرعت الإنهيارات التي حدثت في عدد من أوراش البناء في السنين الأخيرة باعتماد هذا التأمين،
الذي سعى المشرع من وراء فرض الإجبارية فيه إلى ضمان استثمارات الفاعلين في مجال البناء، إضافة إلى ضمان حصول الأغيار على التعويض عن الأضرار التي تلحقهم من جراء حوادث أوراش البناء، حيث في حالة الحادثة، فالتعويضات تتحملها مقاولة التأمين. فتأمين أخطار الورش
يضمن تغطية كلا من الأضرار اللاحقة بالورش والخسائر البدنية والمادية التي يتعرض لها الأغيار، بما في ذلك الخسائر المادية التي تتعرض لها البنايات المجاورة التي يتسبب فيها العاملون في الورش.
وبالنسبة لتأمين المسؤولية المدنية العشرية، فيهدف تمكين المشترين والمالكين الجدد من ضمان استثماراتهم ومن تعويض سريع للخسائر التي يمكن أن تتعرض لها البنايات، دون حاجة إلى البحث عن المسؤول المدني عن تلك الخسائر.
ونتناول هذا التأمين من خلال فرعين ، نخصص الأول منها لإجبارية التأمين على مخاطر البناء، والثاني لنطاق ذلك التأمين.
الفرع الأول: إجبارية التأمين على مخاطر البناء.
إن موضوع الحديث عن إجبارية التأمين على مخاطر البناء تتجلى في الحديث عن مبدأ إلزامية التأمين ومراقبة استيفائه (مبحث أول)، على أن نتطرق لجزاء الإخلال بإلزامية التأمين (مبحث ثاني).
المبحث الأول: مبدأ إلزامية التأمين و مراقبة استيفاء على مخاطر البناء.
تشمل إجبارية التأمين على مخاطر البناء التأمين على مخاطر الورش ( المطلب الأول)، ثم التأمين على المسؤولية المدنية العشرية في ( المطلب الثاني)، وفي الأخير سنتناول مراقبة استيفاء التأمين على مخاطر البناء ( المطلب الثالت).
المطلب الأول: إجبارية التأمين على مخاطر الورش:
فبالنسبة للتأمين على مخاطر الورش، المشرع أوجب أولا على صاحب المشروع، سواء كان هو الذي ينجز البناء أو عهد بإنجازه لشخص آخر، أن يتوفر على تأمين يغطي طيلة مدة الورش، الأضرار اللاحقة بالمنشأة (المادة 1-157 في فقرتها الأولى)، و يغطي كذلك مسؤوليته المدنية عن الأضراراللاحقة بالأغيار بمناسبة الأشغال المنجزة داخل الورش (المادة 1-157 في فقرتها الثانية).
و قد أوجب المشرع ثانيا، على المهندسين ( المهندس المعماري و مهندس الخرسانة و غيرهم من المهندسين المتدخلين في البناء)، و كذا كل شخص ذاتي أو اعتباري تكلف بإنجاز البناء، أو تقديم خدمة تتصل بإنجازه ( الكهربائي و الرصاص و النجار و غيرهم)، ما عدا الأشخاص الذين ينجزون ذلك في إطار عقد الشغل، أن يتوفروا على تأمين يغطي، طيلة مدة الورش، مسؤوليتهم المدنية على الأضرار اللاحقة بالأغيار أو بالمنشأة، من جراء أو بمناسبة الأشغال المنجزة داخل الورش (المادة 1-157 في فقرتها الثانية).
فهذا التأمين يشمل، من ثم، ضمان الأضرار اللاحقة بالمنشاة، وكذا ضمان المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش (المادة 1-157 في فقرتها الثالثة).
فيكون ، من ثم، معني بإجبارية التأمين، صاحب المشروع نفسه الذي يجب عليه أن يعقد تأمينا يغطي الأضرار اللاحقة بالمنشأة موضوع ورش البناء، ويغطي، من ناحية ثانية، مسؤوليته المدنية عن الأضرار اللاحقة بالأغيار بمناسبة الأشغال المنجزة داخل الورش.
ومعني كذلك بإجبارية التأمين المهندسون، على اختلاف أصنافهم، الذين يتدخلون على أي مستوى من المستويات في الإعداد للبناء أو في إنجازه، وكذا كل شخص ذاتي أو اعتباري يتكلف بإنجاز البناء، أو تقديم خدمة تتصل بإنجازه ممن لا يرتبط بعقد شغل مع صاحب المشروع، حيث يجب أن يعقدوا تأمينا يغطي، طيلة مدة الورش، مسؤوليتهم المدنية عن الأضرار اللاحقة بالأغيار أو بالمنشأة، من جراء أو بمناسبة الأشغال المنجزة داخل الورش.
هذا ويجب اكتتاب التأمين على مخاطر الورش من قبل هؤلاء لمدة تساوي مدة الورش. وفي حالة توقيف هذا العقد أو فسخه ، فيجب على المؤمن تبليغ الإدارة بذلك
بواسطة رسالة مضمونة داخل أجل ثالثين ( 30 ) يوما من تاريخ التوقف أو الفسخ لأجل التأكد من استيفاء إلزامية هذا التأمين (المادة 8- 157).
المطلب الثاني: إجبارية التأمين على المسؤولية المدنية العشرية.
بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية العشرية، فقد أوجب المشرع على كل شخص ذاتي أو اعتباري يمكن أن تثار مسؤوليته المدنية العشرية بموجب الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود أن يغطي هذه المسؤولية بعقد تأمين[3] (المادة10-157).
ومتى تم إبرام هذا العقد، فإنه يعتبر متضمنا لشرط يبقي على الضمان لنفس مدة المسؤولية المدنية العشرية (المادة 13 – 157)، بمعنى أنه بالضرورة، العقد يتطابق ومدة المسؤولية المدنية العشرية.
وفي حالة توقيف هذا العقد أو فسخة، فيجب على المؤمن تبليغ الإدارة بذلك بواسطة رسالة مضمونة داخل أجل ثالثين ( 30 ) يوما من تاريخ التوقيف أو الفسخ لأجل التأكد من استيفاء إلزامية هذا التأمين (المادة 13-157 في فقرتها الثانية).
هذا ، ويجب أن يتضمن كل عقد نقل ملكية أو انتفاع بناء تشمله إجبارية تأمين المسؤولية المدنية العشرية أبرم قبل انتهاء أجل العشر سنوات من تاريخ تسليمه، الإشارة إلى وجود أو غياب هذا التأمين (المادة 17 - 157)، وهو الأمر الذي يجب أن يتحقق منه المكلف بإنجاز ذلك العقد.
المطلب الثالت: مراقبة استيفاء التأمين على مخاطر البناء.
اعتمد المشرع عدة آليات للتحقق من توفر الملزم بتأمينات مخاطر البناء على التأمين. وتتمثل هذه الآليات
في:
- تكليف الأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات المتعلقة بالتعمير من التحقق من استيفاء إجبارية التأمين المفروضة على صاحب المشروع[4] ، حيث يجب على هذا الأخير، أو أي شخص آخر مفوض من قبله، أن يدلي لهم بشهادة تثبت عقد ذلك التأمين، عند طلبها منهم، وفي حالة عدم تقديم تلك الشهادة أو معاينة عدم استيفاء إجبارية التأمين، يحرر العون محضرا بذلك (طبقا لأحكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية)، ويقوم بإرساله إلى وكيل الملك المختص داخل أجل لا يتعدى تلاثة ( 3 ) أيام من تاريخ معاينة المخالفة، كما يوجه نسخة من محضر المخالفة إلى رئيس مجلس الجماعة، وإلى المخالف (المادة22-157 ).
- ضرورة إرفاق طلب رخصة السكن أو طلب شهادة المطابقة بالنسبة للأبنية المعنية بالتأمين بشهادة تأمين مؤرخة بأقل من ث لاثة أشهر مسلمة من مقاولة تامين تثبت عقد تأمين عن المسؤولية العشرية (المادة 15-157).
وفي حالة عدم الإدلاء بتلك الشهادة، يحرر رئيس مجلس الجماعة المعنية محضرا بذلك، يحيله على وكيل الملك المختص لاتخاذ ما يراه ملائما بشأنه، بما في ذلك مباشرة أو الأمر بمباشرة الإجراءات الضرورية للبحث عن مرتكبي المخالفات ومتابعتهم (المادة 15-157 فيفقرتها الثانية).
- ضرورة الإشارة على كل عقد نقل للملكية أو عقد انتفاع يرد علی البناء محل التأمين من المسؤولية المدنية العشرية إلى وجود أو غياب هذا التأمين (المادة 17-157).
- بالنسبة لتأمين المهندسين والمكلفين بإنجاز البناء، مسؤوليتهم المدنية عن الأضرار اللاحقة بالأغيار أو بالمنشأة من جراء أشغال الورش، أجاز القانون لصاحب المشروع، إما أن يلزم كل واحد من هؤلاء بأن يقدموا له شهادة تأمين (عند عقد تأمين واحد يغطي في نفس الوقت مسؤوليتهم عن الأضرار اللاحقة بالمنشأة واللاحقة بالأغيار)، او شهادتي تأمين (عندعقد تأمين مستقل عن كل نوع من الأضرار)، تثبت إجراء التأمين تحت طائلة فسخ العقد الذي يجمعه به، أو أن يكتتب هو ذلك التأمين لحساب ذلك الشخص، ويعود عليه بواسطة دعوى قضائية عند الضرورة، لاسترجاع قسط التأمين الذي دفعه عوضا عنه (المادة 21 – 157).
المبحث الثاني: جزاء الإخلال بإجبارية التأمين.
إن الإخلال بإجبارية التأمين رتب عنه المشرع جزاءات يتعرض لها صاحب المشروع ، وسنتناول في هذا الصدد الجزاء المترتب عند تخلف التأمين عل مخاطر الورش ( المطلب الأول )، ثم الجزاء المترتب عند تخلف التأمين على المسؤولية المدنية العشرية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: عند تخلف التأمين على مخاطر الورش.
العقوبة التي يتعرض لها صاحب المشروع في حالة عدم توفره علي تأمين يغطي الأضرار اللاحقة بالمنشأة، ويغطي مسؤوليته المدنية عن الأضرار اللاحقة بالأغيار بمناسبة الأشغال المنجزة داخل الورش،هي غرامة تساوي 6 دراهم مضروبة في عدد الأمتار المربعة للمساحة المغطاة المحددة في رخصة البناء، وذلك مرة واحدة بالنسبة لنفس الورش (المادة9-157 في فقرتها الأولى).
ويعاقب كذلك في حالة عدم تمكنه من الإدلاء بشهادات التأمين عند طلبها منه إلى أعوان المراقبة بغرامة بين 500 و 1000 درهم (المادة23- 157).
أما بالنسبة للمهندسين أو الأشخاص المكلفين بإنجاز الأبنية أو إنجاز أشغال فيها، ففي حالة تخلفهم عن عقد تأمين يغطي مسؤوليتهم المدنية عن الأضرار اللاحقة بالأغيار أو بالمنشأة، من جراء أو بمناسبة
الأشغال التي ينجزونها داخل الورش، فإنهم يتعرضون لغرامة تتراوح بين خمسة ( 5 ) آلاف و 100. 000 درهم، تطبق مرة واحدة على نفس الشخص بالنسبة لنفس الورش (المادة 9-157 في فقرتها
الثانية).
المطلب الثاني: عند تخلف التأمين على المسؤولية العشرية.
متى تبث عدم توفر الملزم بالتأمين على المسؤولية المدنية العشرية علي ت
أمين يغطي تلك المسؤولية، فإنه يعاقب بغرامة من عشرة آلاف (10. 000 ) إلى مائة ألف (100. 000 ) درهم، مرة واحدة بالنسبة لنفس المنشأة (المادة 16-157).
الفرع الثاني: نطاق التأمين على مخاطر للبناء.
تولى المشرع تحديد النطاق الذي يعمل ضمنه تأمين مخاطر البناء، و رتب على كل شرط في العقد يترتب عنه تقليص نطاق ذلك التأمين ، بطلان الشرط (المادة 7-157).
وسنتولي تحديد نطاق هذا التأمين، سواء من حيث نوع الأبنية التي ينطبق عليها، أو من حيث المخاطر التي يغطيها، أو من حيث المتضررين الذين يدخلون في مفهوم الغير، أو من حيث حدود الضمان .
المبحث الأول: نطاق تأمين البناء من حيث الأبنية التي ينطبق عليها.
لما كانت الحاجة لإرساء إجبارية التأمين على مخاطر البناء إنما تنشأ بالنسبة للأبنية والأوراش ذات الأهمية، والتي تكتسي المخاطر المرتبطة بها قدرا معينا من التهديد، سواء للبناء ذاته أو للأغيار من مخاطر الورش المتعلق به، فقد انبرت
المادة 18 - 157 من مدونة التأمينات لتحديد الأبنية التي تطبق عليها تلك الإجبارية في شقيها: التأمين على مخاطر الورش والتأمين على المسؤولية العشرية. كما انبرت المادة 19 - 157 لتحديد المنشآت التي لا تنطبق عليها تلك
الإجبارية.
المطلب الأول: الأبنية والأوراش المعنية بإجبارية التأمين.
إن الأبنية والأوراش المعنية بإجبارية التأمين في التشريع المغربي( الفقرة الأولى)،تختلف عن تلك المعنية في التشريع الفرنسي( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: في التشريع الفرنسي.
تقضي المادة 1792 من القانون المدني الفرنسي بعد تعديلها بما يأتي: "كل معماری يتولی تشييد عمل يكون مسؤولا بقوة القانون نحو رب العمل أو من تؤول إليه ملكية العمل، عن الأضرار، حتى تلك الناتجة عن عيب الأرض، التي تعرض للخطر متانة العمل و صلابته، أو التي تصيبه في أحد عناصره التأسيسية، أو أحد عناصره التجهيزية، والتي يترتب عليها أن يعتبر العمل غير صالح للغرض الذي شيد من أجله، وتنتفي هذه المسؤولية إذا ما أثبت المعماري أن الأضرار ترجع الى سبب اجنبي".
ثم تضيف الفقرة الثانية من المادة 1792 سالفة الذكر أنه:
" تعقد قرينة المسؤولية المقررة في المادة 1792
لتشمل أيضا الأضرار التي تصيب متانة عناصر التجهيز في البناء، ولكن فقط اذا كانت تلك العناصر تشكل جسما على نحو غير قابل للإنفصال، مع أعمال المنافع العامة للمبنى، أو مع الأعمال المتعلقة بتأسيسه، بهيكله، بأسواره أو بمظالته. "
تضيف الفقرة الثالثة من المادة 1792 أنه:
" عناصر التجهيز الأخرى في المبنى تكون محلا لضمان حسن أدائها لوظائفها لمدة سنتين على الأقل من تاريخ تسلم العمل به. "
وتنص المادة 241 من قانون التأمين على أن.
" كل شخص طبيعي أو معنوي يمكن أن تنعقد مسؤوليته البناء على القرينة الواردة في المادة 1792 وما بعدها من القانون المدني الفرنسي بسبب أعمال البناء يجب أن يغطي هذه المسؤولية بعقد تأمين"
بعد أن استغرضنا النصوص القانونية التي تحدد نطاق التأمين الإجباری من حيث الخطر المغطي، نود أن نوضح الخلاف الذي ثار في الفقه الفرنسي حول سريان التأمين الإجباري على الضمان ذو العامين الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 1792 سالفة الذكر.
حيث ذهب البعض إلى أن التأمين الإجبارى يغطى المسؤولية الثنائية عن حسن استخدام عناصر البناء التي يمكن فصلها، وذلك استنادا الى التفسير الحرفي لنص المادة 241 من قانون التأمين، والذي بمقتضاه قبول القرينة الواردة في المادة 1792 سواء بالنسبة للضمان العشري أو الضمان ذو العامين[5] .
بينما ذهب أغلبية الفقه الفرنسي إلى أن التأمين الإجبارى يغطى
فقط المسؤولية العشرية سواء بالنسبة للأعمال، أو بالنسبة لعناصر البناء التي لا يمكن فصلها، أما المسؤولية الثنائية عن حسن استخدام عناصر البناء التي يمكن فصلها فلا يشملها تأمين المسؤولية أو على الأقل ليس إجباريا بالنسبة لها[6] وذلك استنادا إلى أن قرينة المسؤولية التي تحيل
إليها المادة 241 من قانون التأمين لا ينطبق إلا على المسئولية العشرية، ذلك أنه في حالة العناصر التي يمكن فصلها، لا تكون بصدد مسؤولية فعلية و إنما فقط ضمان. لذلك لا تنطبق قرينة المسؤولية عليها[7]
الفقرة الثانية: في التشريع المغربي.
انطلاقا مما تقضي به المادة 18- 157 ، فإن إجبارية التأمين على مخاطر البناء تنطبق على:
1 - كل بناء مخصص للسكن متى كان يتألف من أكثر من ثلاثة طوابق أو كانت مساحته المغطاة تفوق ثمان مائة (800) متر مربع.
2 - كل بناء مخصص لغرض فندقي ، أو للإيواء أو كمركز للإصطياف.
3 - كل بناء مخصص لغرض صناعي أو تجاري أو حرفي، أو للمكاتب او للخدمات ، أو کمرابد للسيارات.
4 - كل بناء مخصص لإقامة الشعائر الدينية، أو لإقامة المؤتمرات أو كمؤسسة تقدم خدمات طبية أو شبه طبية، أو كمؤسسة تعليمية أو كمؤسسة ذات طابع ثقافي أو اجتماعي.
5 - كل بناء مخصص للأنشطة رياضية.
6 - كل بناء مخصص كمدرجات أو منصات نهائية لملعب، باستثناء کل بناء بالهياكل المعدنية ذي طابع مؤقت.
فكافة هذه الأبنية المخصصة لاستعمالات غير السكن، تطبق التأمين عليها متى كانت تفوق مساحتها المغطاة أربع مائة (400) متر مربع.
7 - كل بناء مخصص في نفس الوقت للسكن ولأحد الإستعمالات الأخرى أعلاه، متى كان يتألف من أكثر من ثلاثة طوابق، أو كانت مساحته المغطاة تفوق ثمان مائة (800) متر مربع، أو عندما تفوق المساحة المغطاة المخصصة للإستعمالات الأخرى أربع مائة ( 400 ) متر مربع.
وإضافة إلى المباني أعلاه، تشمل إجبارية التأمين كل ورش يخص إنشاء عدة مبان مسلمة عنها رخصة بناء وأحدة ومخصصة لواحد أو أكثر من الإستعمالات المشار إليها أعلاه.
ويبدو، انطلاقا من هذه المادة، أن المشرع حصر إجبارية التأمين في
هذه المرحلة في المباني التي من المفترض أنها ستنشأ لغرض إنعاش عقاري محض. والغاية هي إخضاع المباني التي تزاول داخلها أنشطة على درجة من الأهمية لإجبارية التأمين. ومن ثم، تجنب تحمل المواطنين الذين يبنون مساكن خاصة بهم أو
محلات بسيطة لمزاولة بعض الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الخدماتية لمصاريف إضافية من قبيل تكلفة التأمين ومصاريف مختلف الدراسات التقنية وأعمال المراقبة
[8].
المطلب الثاني: الأبنية والأوراش المستثناة من إجبارية التأمين.
لما كان الغرض من إرساء إجبارية التأمين على مخاطر البناء هو على الخصوص تغطية المخاطر ذات الخطورة المرتبطة بأوراش الأبنية الموجهة للإستعمالات الخاصة، فقد جاءت المادة 19 - 157، لتستثني من إجبارية التأمين على مخاطر البناء ما يلي:
1 - كل منشأة تشيد لصالح الدولة أو الجماعات الترابية.
2 -المنشآت النهرية والبحرية والمنشآت التي تشيد في البحيرات.
3 - تجهيزات البنيات التحتية والمنشآت الفنية أو منشأت الهندسة المدنية، ولاسيما الطرق، والطرق السيارة، والقناطر والسدود، والحواجز ومستودعات وخزانات المياه.
4 - منشأت البنيات التحتية للطرق والموانئ البحرية والجوية، ومهابط المروحيات، والسكك الحديدية، وشبكات الطرق، ومنشآت مرور الراجلين، ومنشآت المواصلات السلكية واللاسلكية، و منشآت نقل و إنتاج وتخزين وتوزيع الطاقة.
5 - كل تغيير مدخل على المباني القائمة.
فكما هو واضح، هذه الإستثناءات تتعلق بالمنشآت العامة، التي تخضع لقانون خاص
بها، ألا وهو المرسوم رقم 394-14-2، بتاريخ 13 ماي 2016، بالمصادقة على الشروط العامة المطبقة على صفقات الأشغال[9] والذي يلزم، في مادته 25 ، المقاول بعقد تأمين يغطي المخاطر المرتبطة بتنفيذ الصفقة، بحيث أن
دفاتر التحملات المتعلقة بهذه المنشأت، تلزم المتدخلين في الأشغال باكتتاب هذا التأمين. مما يعني أن إجبارية التأمين تعمل بالنسبة لهذه الأوراش، إنما من منطلق نص آخر يتعلق بالأشغال المنجزة لحساب الدولة وغيرها من الأشخاص العامة
كذلك لا تطبق إجبارية تأمين المسؤولية المدنية العشرية على:
- المنشآت التي لا تتوفر على هيكل حامل من الخرسانة أو الخرسانة المسلحة أو من الحديد الصلب أو مبني بالحجارة.
- مخازن الحبوب والمواد الأولية، ومحطات معالجة المياه المعدمة ومحطات الطاقة الريحية، والمصانع الكيميائية والبتروكيميائية.
المبحث الثاني: تأمين المسؤولية المدنية العشرية والإستثناءات من إجبارية التأمين.
المسؤولية المدنية العشرية مسؤولية خاصة لا تخضع للقواعد العامة، فهي مقصورة على دائرة معينة ونطاق محدد خلال مدة معينة بعد تسليم البناء محل الضمان.
فما نطاق تطبيق المسؤولية المدنية العشرية ؟ وما الإستثناءات الواردة عليه ؟ هذا ما سنتطرق إليه وفق مطلبين، النطاق الشخصي (المطلب الأول)،على أن نرصد النطاق الموضوعي في (الم طلب الثاني) .
المطلب الأول: النطاق الشخصي.
إن المسؤولية بشكل عام طرفين ، أحدهما دائن والآخر مدينه، وكما أثقل المشرع المغربي كاهل بعض الأشخاص لتحملهم هذه المسؤولية الخاصة، فإنه بالمقابل عن ذلك يحمي أشخاصا آخرين، فمن هم المسؤولون بالضمان العشري؟ (ال فقرة الأول)، ومن هم المستفيدون منه ؟ ( الفقرة الثاني).
الفقرة الأولى : المسؤولون بالضمان العشري.
بالرجوع إلى أحكام المادة 769 من قانون الإلتزامات و العقود، نجد أنها تقرر بعبارات قاطعة لا تدع أي مجال للشك أن الذين يخضعون لأحكام المسؤولية الخاصة أو الضمان العشري المنصوص عليها، هما فقط المهندس المعماري أو المهندس و المقاول دون غيرهما، ولتحديد مفهوم كل منهما ودوره في الضمان العشري، نتناول ذلك في نقطتين:
يتعلق أولهما بالمهندس المعماري (
أولا) ، وثانيهما يتعلق بالم
قاول( ثانيا) .
أولا: المهندس المعماري.
حتى تكون إحاطة شاملة بالمهندس المعماري نتطرق إلى تعريفه ثم تحديد دوره في الضمان العشري لكي تقوم مسؤوليته.
أما من ناحية تعريف المهندس المعماري، فقد أشار المشرع المغربي على المهندس المعماري في الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود بقوله: "المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحملان المسؤولية، إذ حدث خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذاها أو أشرفا على تنفيذها إن انهار البناء كليا أو جزئيا، أو هدده خطر واضح بالإنهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض.
المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ
عملياته لا يضمن إلا عيوب تصميمه. و تبدأ مدة العشر سنوات من يوم تسلم المصنوع ويلزم رفع الدعوي خلال 30 يوما التالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضمان و إلا كانت غير مقبولة.
وسواء كان المهندس المعماري شخص طبيعي أو معنوي يشترط أن يكون معتمدا لممارسة هذه المهنة، وهذا بأن يكون مسجلا في الجدول الوطني للمهندسين المعماريين[10] .
أما فيما يخص دوره، فقد حدد قانون رقم 89-16 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة
المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية بالمغرب في مادته الأولى دوره في التخطيط المعماري للمباني و التجزئة العقارية وإعداد التصميم المتعلق بها والإشراف على تنفيذها، كما يمكن أن تناط به مهمة مراقبة صحة البيانات الحسابية للمقاولين المساهمين في إنجاز الأعمال الخاصة بهذه العمليات.
ثانيا: المقاول.
يضاف إلى خانة الأشخاص المسؤولون بالضمان العشري بالمغرب طرفا تانيا وهو المقاول.
و قدعرفه بعض الفقهاء بأنه : "كل شخص تعهد لصاحب العمل بإقامة بناء أو منشآت ثابتة في مقابل أجر، دون أن يخضع في عمله للإشراف و التنفيذ أو الإدارة. "
وعرفه البعض الآخر: "المقاول هو الذي يعهد إليه بإقامة المباني والمنشآت بمقتضى عقد مقاولة تستوي في ذلك أن يحضر من عنده المواد التي ستستخدم في البناء أم يقدمها رب العمل .
وبالرجوع للمشرع المغربي نجده غير حاضر،إذ لم يعرف المقاول في أي نص من نصوصه إلى جانب المهندس المعماري، إلا انه شمله بالضمان العشري في فصله 769 من قانون الإلتزامات و
العقود: ". . . والمقاول يتحملان المسؤولية. . . ".
أما من ناحية دور المقاول، فالأصل أن المقاول هو شخص تنفيذي، أي عليه أن يقوم بتنفيذ المخططات وفق التعليمات الموضحة له من قبل المهندس المعماري أو مكتب الدراسات وأن يراعي في تنفيذ مهمته الأصول الفنية لها بالشروط والمواصفات التي تضمنها الصفقة التي أبرمها مع رب العمل.
ويظهر الدور الأساسي للمقاول في تنفيذ عقد المقاولة فهو يقوم بالتنفيذ وفقا للتصميمات والنماذج والرسوم التي يضعها المهندس المعماري وتحت إشرافه وطبقا لتعليماته، إلا أن هذا لا يمنع استقلاله في تنفيذ ذلك و إلا فقد صفته كمقاول وأصبح تابعا للمهندس أو صاحب العمل[11] .
و لا يخرج دور المقاول في عقد المقاولة عن ثلاتة أدوار والمتمثلة فيما يلي :
- إنجاز العمل :وهو الإلتزام المرهق والرئيسي الذي يترتب في ذمة المقاول، وهذا الإلتزام ينطوي على واجبات منها أن يبدل في إنجازه العناية اللازمة سواء قدم المادة من عنده أو قدمها له رب العمل، كما يجب أن ينجز هذا العمل بالطريقة المتفق عليها في عقد المقاولة، و إلتزام المقاولة هو تحقيق نتيجة وليس بدل عناية.
- تسليم العمل :ويعرف بأنه وضع العمل تحت تصرف رب العمل بحيث يتمكن هذا
الأخير من الإستيلاء عليه والإنتفاع منه أو القدرة على ذلك. كما يعرف بذلك العمل القانوني الذي عن طريقه يقرر رب العمل تقبله للأعمال التي تعم إنجازها لحسابه ويستولي عليه ماديا. كما أنه يتوجب على المقاول تسليم العمل في الأجال المتفق عليها و
إلا تعرض إلى عقوبات التأخير.
- الإلتزام بالضمان :ويشمل الضمان كل من الضمان السنوي و الضمان العشري وكل منهما هو التزام في ذمة المقاول ، ويعتبر من مهامه، و المقاول قد يعمل تحت إشراف رب العمل أو تحت إشراف المهندس المعماري، وبذلك فإن المقاول كأصل عام لا يكون مسؤولا إلا عن عيوب التنفيذ دون عيوب التصميم، أما إذا كان المقاول هو من وضع التصميم فإنه يكون المسؤول الوحيد عن الأضرار سواء بسبب التصميم أو التنفيذ[12] .
ويلتزم كذلك المقاول بالضمان العشري سواء قام بالعمل بنفسه أو بواسطة تابعيه أو عماله أو عن طريق المقاول من الباطن. فهؤلاء يلتزم المقاول الأصلي أمام رب العمل بضمان
أعمالهم بينما هم لا يسألون إلا أمام المقاول الأصلي فقط، وتكون مسؤوليتهم عقدية وليست مسؤولية خاصة، أما إذا اقتصر دور المقاول على أداء بعض الأعمال التي حتى و إن تمت معيبة لا تؤثر على متانة العمل وسلامته و لا تجعله غير صالح للهدف المنشاة لأجله، کأعمال البياض و الدهان وأعمال الصيانة الثانوية، فإنه لا
يخضع، و الحال كذلك لأحكام المسؤولية الخاصة، وإنما يخضع لأحكام المسؤولية العقدية العادية[13]
.
الفقرة الثانية: الأشخاص المستفيدون.
مما لا شك فيه أن المستفيد الأصلي من الضمان العشري هو رب العمل، فقد خوله القانون إمكانية الرجوع بالضمان على المهندس المعماري والمقاول لجبر الضرر اللاحق به، غير أنه وبعد وفاته فإن الحق في الضمان، ينتقل إلى الخلف العام، (وهو ما يعبر عنه في النظرية العامة للعقد بانحراف آثار العقد إلى الخلف العام)، كما أنه إذا تم التصرف في العقار، فان هذا الضمان أيضا ينصرف الى الخلف[14]( أولا ) بالإضافة إلى ذلك يطرح التساؤل حول مدى استفادة أشخاص آخرين من هذا الضمان وهم على وجه الخصوص المالكون المشتركون في ملكية الشقق والطبقات والمشتري المستاجر(ثانيا ).
أولا: رب العمل.
يستفيد من تأمين المسؤولية المدنية العشرية كل من رب العمل والمفوت إليه المنشأة في حالة وقع نقل ملكية أو الإنتفاع منها.
والمقصود برب العمل هو ذلك الشخص الذي شيد البناء أو تقام المنشأة الثابتة في الحقيقة لحسابه سواء كان هذا شخصيا طبيعيا أو معنويا خاصا أو عاما[15]، ويكون رب العمل بهذا المعنى هو المستفيد الأول عن مسؤولية القواعد الخاصة المعماريين، ذلك أن رب العمل هو الذي يصاب عادة بالضرر من جراء
تهدم أو عن جراء ظهور عيب في المنشأة يهدد سلامتها أو متانتها فيرجع بالضمان الخاص على المعماريين[16]
. ووفقا للقواعد العامة المسلم بها في عقد الوكالة فإنه إذا كان عقد المقاولة قد تم إبرامه عن طريق الوكيل عن رب العمل فان المستفيد هو الموكل (رب العمل) ، وكذلك لا يشترط أن يكون رب العمل هو مالك الأرض التي أقام عليها البناء،
بل يكفي أن يرخص له بالبناء عليها.
ويجب الإشارة إذا ما فقد رب العمل صفتة هاته لأي سبب من الأسباب، كما لو باع العقار أو وهبه أو تنازل عنه لغيره، فلا يستطيع رفع دعوي الضمان العشري[17]، غير أنه يبقى من حقه رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته خلال فترة تملكه للعقار[18].
أما بالنسبة لخلفاء رب العمل، فإن المستفيد الأساسي من الضمان العشري هو ولي العمل ، غير أنه لما كانت الحقوق التي يرتبها العقد المبرم بين رب العمل والمهندس المعماري أو بين رب العمل والمقاول تنتقل بعد موته
إلى ورثته في الحق في الضمان العشري ينتقل إليهم باعتبارهم خلفا عاما ( أ ) . كما ينتقل الضمان العشري إلى الخلف الخاص لرب العمل لأنه من مستلزمات البناء (ب).
- الخلف العام:
يقصد بالخلف العام من يخلفه سلفه في كامل ذمته المالية أو في جزء شائع منها كالنصف أو الثلث، الوارث الوحيد من ورثة متعددين يعتبر خلفا عاما، الموصى له بمجموع التركة أو الموصى له بجزء شائع منها كالثلث أو الربع يعتبر كذلك خلفا عاما[19].
ب- الخلف الخاص :
يقصد بالخلف الخاص من يخلق الشخص في عين معينة بالذات أو الحق عيني عليها كالمشتري والموهوب له[20] .
ثانيا: المالكون المشتركين في ملكية الطبقات والمشتري المستأجر.
لم تقتصر الإستفادة من الضمان العشري على رب العمل وخلفاؤه وإنما امتد ليشمل المالكون المشتركون في ملكية الطبقات و كذلك المشتري المستأجر.
أ - الملاكون المشتركون في ملكية الطبقات:
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الملكية المشتركة للبناء الواحد مع أزمة السكن و ارتفاع أثمنة العقارات، فإذا حدث تهدم البناء المشترك يحق في اتحاد الملاك المشتركون الحق في رفع دعوى الضمان العشري.
هذا ما يتبين من المادة 13 من نظام الملكية المشتركة رقم 00-18 المعدل والمتمم بموجب القانون 106. 12 التي تقضي: "يحق لاتحاد الملاك
الرجوع على الغير المسؤول عن الضرر. "[21]
والسؤال الذي يطرحه البعض، هل يمكن رفع دعوى للمطالبة بالضمان العشري خارج إطار قانون الملكية الذي يعطي الحق في التقاضي لوكيل الإتحاد؟
يجيب عن هذا الإشكال القرار الصادر عن محكمة النقض جاء فيه " :حيث تعيب الطالبة القرار المطعون فيه بخرقه للقانون والقاعدة مسطرية من النظام العام
وللفصل الأول من قانون المسطرة المدنية ذلك أن المطلوب في النقض تقدم بدعواه بصفة شخصية مع أن الجهة المؤهلة قانونيا لتمثيل الملاك هو اتحادهم، و أن منحه الإذن بالتقاضي بصفة شخصية لا يكون إلا بتفويض من الجمعية العمومية، خاصة و أنه يطالب بإصلاح الأجزاء المقررة و المشتركة في العمارة، والمحكمة لما قبلت الدعوی بالرغم من ذلك تكون قد خرقت القانون.
لكن حيث إنه لئن كان الدفع بعدم القبول لانعدام الصفة من النظام العام يجوز التمسك به ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن ذلك منوط بأنه تكون عناصره الواقعية متوفرة لدي قضاة الموضوع، وإذ يكون ظاهرا من أوراق الملف أنها تخلو مما يفيد وجود نظام الملكية المشتركة تخضع له الوقاية السكنية محل النزاع، الشيء الذي حال دون مناقشة هذا الدفع من طرف المحكمة في إثارته في غياب النظام المذكور تكون غير مقبولة مما يجعل، الوسيلة غير مقبولة[22].
ومحكمة النقض كانت على حق وطبقت القانون كما يجب، إذ عدم وجود نظام الملكية المشتركة الخاص بالبداية علاوة على عدم وجود وكيل الإتحاد الذي أناط له المشرع مهمة تمثيل الإتحاد لدى المحاكم[23] طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون المذكور أعلاه، وبالتالي يمكن القول بأن المستفيد من رفع الدعوى الضمان في الملكية المشتركة تثبت الإتحاد الملاك في المأمور في حالة غياب هذا النظام لا يحرم المالك من مباشرة دعوی الضمان عن الحقوق المشتركة أما بالنسبة للأجزاء المفرزة ، فالمالك يبقى هو المستفيد.
ب - المشتري المستأجر:
تنص المادة الثانية من قانون 51:00[24] المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على ما يلي: "يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاهالمكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الإنتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون ، ذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار.
فالبيع الإيجاري عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على إيجار العين أو العقار لمدة محددة مقابل أجرة أو اقساط، بحيث إذا أوفى المستأجر بجميع الأقساط و الأجرة في نهاية المدة المتفق عليها انتقلت إليه ملكية العين أو العقار.
وإذا ظهر العيب الموجب للضمان أو التهدم على البقاء ففي حالة تسديد كافة الأقساط من قبل المكتري المتملك فيثبت له الحق في رفع الدعوى، لكن في حالة المقابلة إذا لم يكن قد وفى بالتزاماته المالية، فالملكية تبقي لرب العمل ولن يستطيع المكتري ممارسة دعوی الضمان العشري، وإنما له الحق في المطالبة بالقيام بالإصلاحات الضرورية للمبني تطبيقا لقوانين الكراء[25].
المطلب الثاني: النطاق الموضوعي والإستثناءات الواردة عليه.
تشمل المسؤولية المدنية العشرية نطاقا موضوعيا يتمثل في المباني والمنشآت و الأضرار الخاضعة له (الفقرة الأولى)،إلا أن هذا النطاق ليس مطلقا بحيث ترد عليه استثناءات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: النطاق الموضوعي.
بالإضافة إلى النطاق الشخصي فإن للتأمين عن المسؤولية المدنية العشرية نطاقا موضوعيا، بحيث أن هذا التأمين لا يشمل جميع الأضرار التي تسبب فيها المهندس المعماري والمقاول بل هناك نوع محدد من الأضرار(أولا)، كما أن هذا التأمين لا يشمل جميع المباني، بل يقتصر فقط على تلك التي جعل قانون التأمين عليها إجباريا (ثانيا).
أولا: من حيث الأضرار.
إن تحديد نطاق التأمين عن المسؤولية المدنية العشرية من حيث الأضرار يكتسي أهمية كبيرة بحيث يمكننا من معرفة أنواع الأضرار المشمولة بالتأمين و كذلك تلك التي تتطلب شروط حتى يعتد بها.
أ - الأضرار المشمولة بالتأمين:
لقد قام المشرع ، المغربي بتحديد نطاق التأمين على المسؤولية المدنية العشرية من حيث الأضرار[26] في المادة 157-11 من مدونة التأمينات لسنة 2016 التي جاء فيها: " تشمل إجبارية التأمين المسؤولية المدنية العشرية التعويض عن جميع الأضرار اللاحقة بالمنشات باستثناء . . . . ".
ويلاحظ بأن المشرع في هذه المادة لم يقم بتحديد نوع معين من الأضرار، بل تركه مفتوحا ولم يقم إلا باستثناء بعض الأضرار من هذا النطاق بالنظر لطبيعتها الخاصة.
وبالرجوع إلى الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود الذي تحيل عليه المادة 10-157 من قانون التأمين يظهر أن المشرع أشار من خلال تلك المادة أنه لا يلتزم المهندس المعماري و المقاول الضمان العشري إلا عن الأضرار الناشئة عن انهيار البناء كليا أو جزئيا أو إذا هدده خطر واضح بالإنهيار إما بسبب نقص في المواد أو عيب في طريقة البناء أو في الأرض[27].
من خلال هذه النصوص يتبين أنه من أهم الأضرار المشمولة بالتأسيس والتي تثير مسؤولية المهندس المعماري والمقاول، نجد تهدم أو انهيارالبناء، فما المقصود بانهيار البناء وما هي أسبابه ؟
يقصد بالتهدم انحلال الرابطة التي تربط أجزاء البناء بعضها ببعضه أو هي حالة تصيب البناء فتختل أجزاؤه التماسكة، أو بعضها، وتؤول إلى وضع تصبح معه متفككة غير متماسكة، فتختل
وتتساقط. والتهدم قد يكون كليا يصيب البناء فيتداعی، و يسقطه وكأنه لم يكن قائم، وقد يكون جزئيا فيصيب جزءا من البناء دون الأجزاء الأخری.
و لا يشترط في التهدم الكلى أو الجزئي أن يكون حالا وواقعا فعلا، و إنما يكفي أن يكون أمرا محقق الوقوع مستقبلا، كحدوث انشقاقات وتصدعات في البناء تجعل من وقوع التهدم مستقبلا أمرا لا مفر منه، ويعد في حكم التهدم مخالفة المقاول أو المهندس القوانين والأنظمة الخاصة بالبناء كتجاوز الإرتفاع المسموح به ، أو عدم الإلتزام بالإرتشادات القانونية، مما يؤدي إلى إزالة الجزء المخالف للقانون و الأنظمة[28].
أما بخصوص موقف المشرع المغربي من خلال الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود يظهر أنه ربط العيب بمتانة وصلابة البناء، حيث يجب أن يكون مؤثرا في ذالك، أي أن يكون بحال تهديد السلامة أي أن
النتيجة المتوقعة لما يؤوله إليه من جراء هذا العيب هو التهدم أو السقوط. فإذا كان العيب سطحيا أي يطال القشرة الظاهرة كعيوب الصياغة، أو الأبواب وغيرها فلا يعتد بها، وإنما تسري في شأنها القواعد العامة في ضمان العيوب الخفية[29].
كما أن الفصل 769 قد قام بتحديد الأسباب التي تؤدي إلى الإنهار الكلي أو الجزئي التي تكون مشمولة بالضمان العشري، حيث جاء في الفصل أعلاه: ". . . بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض . . . ". و بناء على ذلك قد يرجع التهدم أو العيب الذي يؤثر في سلامة البناء و متانته إلى المواد المستخدمة في البناء، كأن تكون غير صالحة، أو تكون من نوع رديء أو عيب في التأسيس كوضع الأساس على تربة مخلخلة[30]، وغيرها من الأسباب التي سبق التطرق إليها. و لا يسأل عليها إلا الشخص الذي أشرف عليها كالمهندس الذي يشرف
على التصميم يكون مسؤولا عنه، والمقاول المشرف على التنفيذ فهو يسأل في حدود ذلك.
وتحديد هذه الأسباب فيه نوع من التطبيق من دائرة الضمان العشري، لكون أن التهدم الذي يخرج على نطاق الأسباب التي حددها المشرع في الفصل 769 ق ل . ع لا يستوجب
الضمان العشري وإنما يستلزم رب العمل إقامة دعواه بناء على القواعد العامة للمسؤولية العقدية.
ب- شروط الخطر:
لكي يكون الخطر المؤمن منه مشمولا بالضمان، باعتبار الخطر هو موضوع عقد التأمين بحيث لا يقوم عقد التأمين صحيحا في غيابه، وعلى أساس مدى احتماله يتم تحديد قسط التأمين من طرف شركة التأمين، ومن هذا المنطلق فإن كل من يتعرض لخطر مؤمن منه ناتج عن تهدم البناء يرتبط بضرورة توافر الشروط التالية:
- أن يكون الحدث غير محقق الوقوع -أي محتملا- والخطر يعرف بأنه واقعة محتملة أو غير محققة الوقوع في المستقبل[31].
واستنادا إلى المادة 61 في من قانون الإلتزامات و العقود تنص على ما يلي: "يجوز أن يكون محل الإلتزام شيئا مستقبلا أو غير محقق في ما عدا الإستثناءات المقررة بمقتضی القانون"، ويعتبر عنصر الإحتمال من عناصر الخطر في التأمين بصفة عامة وفي التأمين عن حوادث البناء بصفة خاصة، سواء تعلق الإحتمال بتحقق الحدث في ذاته أو اتصل بوقت تحققه، أي احتمال انهيار كليا أو جزئيا خلال 10 سنوات بعد التسليم[32].
- و ألا يكون تحقق الخطر رهينا بمشيئة أو إرادة طرفي عقد التأمين، فإذا تعلق الحدث بإرادة أحد طرفيه، فإن ذلك dنفي الصفة الإحتمالية[33]
محل الشرط الأول وبالتالي يبطل التأمين لانعدام ركن الخطر بانتفاء الإحتمال.
أي يتعين اسبعاد العمد و إلا لن يتحمل المؤمن بأي ضمان، إذ نصت المادة 17 من مدونة التأمينات في الفقرة الثانية:"غير أن المؤمن لايتحمل رغم أي اتفاق مخالف، الخسائر والأضرار الناتجة عن خطأ معتمد أو تدلسي للمؤمن له، والتي لا يمكن للمهندس المعماري والمقاول أن يؤمنوا على أخطائهم العمدية لأنها تخدم خاصية الإحتمال أساس عقد التأمين.
- ويجب أن يكون الخطر الذي تولد عن احتمال تحقق الحدث مشروعا، أي غير مخالف للنظام العام أو الآداب، لأن القانون اشترط صراحة أن تكون المصلحة المؤمن عليها مشروعة لذلك، فلا يجوز للمهندس أو المقاول كما سبقت الإشارة أن يؤمن نفسه من خطئه العمدي، لأن من شان ذلك الإضرار بالناس[34] .
ثانيا: من حيث البناء.
لما كان تحقيق الأمن والعدالة القانونيين على مر السنين هو الهاجس الأكبر في مجال البناء بالنظر إلى جسامة الأخطار البنائية فإن التساؤل حول مدى مساهمة قانون التأمين في البناء في إرساء هذه الغاية يبقى مشروعا وذي راهنية في الوقت ذاته، وبالنتيجة حول ما إذا كان من شأن إرساء إجبارية التأمين ضمان أكير فعالية و قدر ممكن من التوازن الإقتصادي، للخطر البنائي لاسيما عبر التدخل التشريعي بتحديد نطاق إعمال إجبارية التأمين.
إن المشرع اختار بخصوص النطاق العقاري أو المباني الخاضعة للتأمين أن
يحدد مجال تطبيق إجبارية التأمين عبر التنصيص على البنايات والمنشآت المشمولة بإجبارية التأمين وتلك غير المعنية بهذه الإلزامية، وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة التأمينات
المعدلة بالقانون 59. 13 ، يتبين أن المشرع المغربي فقد عمد إلى تحديد نطاق الضمان من حيث طبيعة المباني الخاضعة لإجبارية التأمين[35].
ويقصد بالمباني كل ما يرتفع فوق سطح الأرض من منشات ثابتة من صنع الإنسان، بحيث يستطيع الفرد أن يتحرك بداخلها وتوفر له حماية ضد المخاطر الناتجة عن المؤثرات الطبيعية الخارجية أي كانت المواد التي شيدت منها وطالما أن المبنى مستقرا ثابتا في مكانه ومتصلا بالأرض اتصال قار بحيث لا يمكن نقله دون هدم أو تلف فهو مبنی محل حماية[36].
ويعرف الأستاذ السنهوري الميني بأنه هو "مجموعة من المواد أي كان نوعها خشبا أو جيرا أو جبسا أو حديدا وكل هذا معا أو شيء غير هذا شيد بها يد الإنسان لتصل بالأرض اتصال قار[37] .
ويعرفه الأستاذ عبد الرزاق بأنه: "كل عمل أقامته يد الإنسان في حيز من الأرض متصل بها اتصال قار عن طريق الربط ربطا غير قابل للفك دون تعب بين مجموعة من المواد أيا كان نوعها جرت العادة على استعمالها في مثل هذا العمل طبقا لمقتضيات الزمان والمكان[38].
ويتضح من خلال التعاريف أنه حتى يعتبر المبنی، مبنی فعلا وتسري عليه المقتضيات الخاصة بإجبارية التأمين يجب أن يكون البناء مستقرا وثابتا في مكانه، لا يمكن نقله دون هدمه، أو تلفه أما إذا كان مما يمكن تنقله من مكان إلى آخر بدون هدمه او تلفه كالأكشاش والمنازل القابلة للفك والتركيب فلا يعد مبنی[39]، و لا تسري عليه المقتضيات الخاصة بالتأمين الإجباري في مجال البناء، وقد حدد المشرع المغربي بموجب الباب الثالث من القسم الرابع من مدونة تامينات المباني الخاضعة لهذه الإجبارية كما حدد المباني المستبعدة من نطاق الضمان، حيث يستفاد من نص المادة 18-157من مدونة التأمينات أنه يخضع لإجبارية التأمين:
كل بناء يتألف من أزيد من ثلاثة طوابق، إذا كان مخصص للسكن وحده أو للسكن وفي نفس الوقت لواحد أو أكثر من الإستعمالات التالية:
- لغرض فندقي أو الإيواء او كمركز للإصطياف.
- لغرض صناعي أو تجاري أو حرفي والمكاتب أو للخدمات أو كمرائب السيارات.
- لإقامة الشعائر الدينية أو المؤتمرات أو كمؤسسة تقدم خدمات طبية أو شبه طبية أو كمؤسسة تعليمية أو كمؤسسة ذات طابع تقافي أو إجتماعی.
- لأنشطة رياضية.
- كمدرجات أو مناصب نهائية لملعب باستثناء كل بناء بالهياكل المعدنية في طابع مؤقت.
- مخصص لواحد أو أكثر من الإستعمالات المشار إليها أعلاه، عندما تفوق المساحة الإجمالية المغطاة 400 متر مربع.
- مخصص للسكن وفي نفس الوقت لواحد أو أكثر من الإستعمالات المشار إليها أعلاه خدما تفوق المساحة الإجمالية المغطاة لهذه الإستعمالات 400 متر مربع.
تفوق مساحته الإجمالية 800 متر مربع، سواء كان مخصصا للسكن وحده، أو للسكن و في نفس الوقت لواحد أو أكثر من الإستعمالات أعلاه[40]،
ويظهر من ذلك أن إجبارية التأمين في هذه المرحلة لا تخضع إلا المباني التي من المفترض أنها ستنشأ لغرض إنعاش عقاري محض بالنظر لتوفرها على الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون والمتعلقة بالمساحة وعدد طوابقها أو الغرض تجاري أو صناعي أو خدماتي صرف على أن تكون مساحتها تفوق 400 متر مربع، والغاية هي إخضاع المباني التي تزاول داخلها أنشطة على درجة من الأهمية لإجبارية التأمين، إلا أن المشرع المغربي بادر بمقتضى المادة 157-19 من مدونة التأمينات إلى استثناء بعض المباني من إجبارية التأمين[41] .
بالرغم من أن الإجماع التشريعي والفقهي والقضائي في مختلف البلدان لاسيما الفرنسي والمصري و الجزائري إضافة إلى المشرع المغربي، على أن المباني تشكل الجزء الأكبر من محل سريان أحكام المسؤولية العشرية فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو ما هي الأعمال التي تتعلق بالمباني، أو بعبارة أخرى هل تسري أحكام هذه المسؤولية الخاصة على كل أعمال البناء وترميم وإصلاح وتدعيم وتوسيع وتعلية وهدم ؟ وهل تسري أيضا على أعمال البياض والدهان واعمال الزخرفة والزينة والديكور؟[42]
وفي هذا السياق يرى بعض الفقه بأن النصوص واضحة و لا يمكن التوسع في شرحها لكون أنها تخص المسؤولية الخاصة التي تخرج على القواعد العامة وبذلك فإن قواعد المسؤولية العشرية لا تسري إلا على العمليات الإنشائية الجديدة بحيث يقتصر عليها وحدها تطبيق تلك الأحكام، أما ما عداها من الأعمال الأخرى كأعمال الصيانة والترميم والإصالح والتدعيم والتوسيع والتعلية والهدم فهي لا تخضع لأحكام هذه المسؤولية وإنما تحكمها القواعد العامة في المسؤولية العقدية[43].
الفقرة الثانية: الإستثناءات الواردة عليه.
كما سبق التفصيل في نطاق المسؤولية المعدنية العشرية التي تشمل مجموعة من الأضرار والمباني أو المنشاتالثابثة فإن هذا النطاق ترد عليه عدد من الإستثناءات التي تحد من نطاقه، فتجعل هذه المسؤولية غير مشمولة
بإجبارية التأمين (أولا)، هذا وقد يتم الإتفاق على الإستثناءات من التعويض (ثانيا ).
أولا: إستثناءات من الضمان.
بالرجوع إلى مدونة التأمينات بالقسم المتعلق بالبناء نجد المشرع قد نص على مجموعة من الإستثناءات من الضمان على اعتبار أنها ترد على أضرار تم استبعادها من إجبارية التأمين عليها. كما أن هذا الضمان لا يشمل جميع المباني.
أ- استثناءات من حيث الأضرار.
نصت مدونة التأمينات ، المعدلة بقانون 59. 13 على هذا النوع من الإستثناءات في المادة 157-11 في فقرتها الأولى على الشكل
الآتي:
تشمل إجبارية تأمين المسؤولية المدنية العشرية التعويض عن جميع الأضرار اللاحقة بالمنشأة باستثناء:
– الأضرار والخسائر الناجمة عن الحرب الخارجية أو الحرب الأهلية أو الفتن و الإضطرابات الشعبية أو أعمال الإرهاب أو التخريب.
– الأضرار والخسائر الناجمة عن عدم مراعاة التحفظات ذات الطابع التقني الصادرة عن مكتب المراقبة والتي تعد تبليغها بصفة قانونية إلى صاحب المشروع في حالة ما إذا لم يتم رفع تلك التحفظات.
يظهر من هذه الفقرة على أنها جعلت كل الأضرار والخسائر التي تلحق بما شيده المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل لا يتحملان هذه الأضرار رغم وقوعها خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذوها أو أشرفوا على تنفيذها، فيكون المؤمن في غنى عن تعويض ما أدرجته الفقرة الأولى من المادة أعلاه من أضرار وخسائر، فهي ناتجة عن وقائع خارجة عن إرادة المؤمن له سواء كان ذلك نتيجة لقوة قاهرة أو حادث فجائی.
كما أنه يمكن لعقد تأمين المسؤولية المدنية العشرية أن ينص على استثناءات أخرى من الضمان على غرار ما تم ذكره، ذلك في نص تنظيمي تقترحه الهيئة ذلك طبقا لنفس المادة السابقة في فقرتها الثانية، فالهيئة هي التي تحدد قائمة ما يمكن الأطراف عقد التأمين أن يستثنوه من الضمان، ذلك ما قالته نفس المادة في فقرتها الثانية : "يمكن أن ينص عقد التأمين على استثناءات أخرى من الضمان تحدد قائمتها بنص تنظيمي باقتراح من الهيئة".
و لم يتوقف المشرع عند هذا الحد من الإستثناءات بل أضاف استثناءات أخرى متعلقة بالبناء.
ب- استثناءات من حيث المبنى.
استثناءات نصت عليها مدونة التأمينات في المادة 157-19 على سبيل الحصر لمجموعة من المنشآت التي لم تشملها إجبارية التأمين من المسؤولية المدنية العشرية، حيث أكدت على أنه : "لا تطبق إجبارية التأمين المنصوص عليها في المادة 157-18 أعلاه على ما يلي:
- كل منشأة تشيد لصالح الدولة أو الجماعات الترابية .
- المنشآت البحرية والنهرية والتي تشييد في البحيرات .
- تجهيزات البنيات التحتية والمنشات الفنية أو منشآت الهندسة المدنية، و لا سيما الطرق والطرق السيارة و القناطر والسدود و الحواجز والمستودعات وخزانات المياه.
- منشات البنيات التحتية للطرق والموانئ البحرية والجوية ومهابط المروحيات و السكك الحديدية وشبكات الطرق ومنشآت تحت أرضية وكذا منشات نقل و إنتاج وتخزين وتوزيع الطاقة.
- كل تغيير مدخل على المباني القائمة.
هكذا، استبعدت هذه الفقرة في البند الأول الأبنية الخاضعة لإجبارية التأمين بالنظر إلى صاحب المشروع، وذلك يعزي لافتراض الملائمة في الدولة والجماعات الترابية وقدرتهما المادية التي تسمح لها بالإصالح الشامل والسريع للأضرار، وإما بالنسبة لطبيعة المنشآت، الواردة في البند الثاني والثالث والرابع، كونها منشآت مستبعدة بشكل منتظم من إجبارية التأمين و لا تخضع لقواعد النظام العام المتعلقة بأعمال ضمانات أضرار المنشاة أو كونها من ملحقات خاضعة لإجبارية التأمين، وقد استثني المشرع المغربي في البند الخامس من هذه الفقرة التغييرات المدخلة على المباني القائمة من نطاق إجبارية التأمين ، وهذا الإستثناء قد لا يكون إلا مرحليا ليس إلا، ذلك لعدم توفر التغطية لدى مقاولات التأمين المعتمدة بالمغرب و لا سيما أن هذه الأشغال مستثناة من اتفاقيات إعادة التأمين[44] .
ولم تتوقف المادة 157-19 عند هذا الحد بل أضافت استثناءات أخرى في فقرتها الثانية كالآتي:
"علاوة على ذلك لا تطبق إجبارية تأمين المسؤولية المدنية العشرية المنصوص عليها في المادة 10– 157 أعلاه علی :
- المنشآت التي لا تتوفر على هيكل حامل من الخرسانة و /أو من الخرسانة المسلحة و /أو من الخرسانة المسلحة المعدة بالمعمل و /أو من الحديد الصلب و /أو مبني بالحجارة.
- مخازن الحبوب والمواد الأولية ومحطات معالجة المياه العدمة ومحطات الطاقة الريحية والمصانع الكيميائية والبيتروكيميائية.
بذلك، تكون المادة أعلاه قد وضعت حدا في فقرتها الأولى والثانية للمنشآت والمباني التي لا تخضع لإجبارية التأمين حيث يكون المقاول، والمهندس أو المهندس المعماري في غنى عن التأمين على كل المباني والمنشآت المدرجة بنص المادة أعلاه على اعتبار أنها تقام لصالح الدولة وغالبا ما تكون لها منفعة عامة.
هذا و لا يخفى علينا أن مدونة التأمينات المعدلة بقانون 59. 13 قد أشارت إلى استثناءات أخرى في المادة 157-18 من إجبارية التأمين عليها من المسؤولية المدنية العشرية إحداها كانت بطريقة غير مباشرة، حيث جاء في فقرتها الأولى: تطبق إجبارية التأمينات المنصوص عليها في المادتين . . . و 10-157 اعلاه على كل بناء مخصص:
1 - السكن عندما يتألف هذا البناء من أزيد عن (3) طوابق او عندما تفوق مساحته اللإجمالية المغطاة 800 متر مريع.
قد سبق الحديث عن هذه الفقرة من هذه المادة فيما سبق وقلنا على أن البناء الذي يزيد أو يتألف من أكثر من ثلاث طوابق يدخل في إجبارية التأمين، فمعناه أن البناء الذي لا يتوفر على هذا الشرط لا يخضع لإجبارية التأمين عليه من المسؤولية المدنية العشرية وكذلك الأمر في الحال الذي لا تفوق مساحة هذا السكن الإجمالية المغطاة 800 متر مربع، وهذا هو الإستثناء الذي لم يشر إليه المشرع بطريقة مباشرة.
وأضافت الفقرة الثانية من نفس المادة أعلاه: "لا تطبق إجبارية التأمينات السالفة الذكر فيما يخص المباني المعدة لواحد أو أكثر من الإستعمالات المشار إليها في البنود من 3 إلى 7 أعلاه إلا عندما تفوق مساحته الإجمالية المغطاة 400 متر مربع"، حيث متى استعمل المبني لواحد أو أكثر من الإستعمالات المشار إليها في البنود من 3 إلى 7 من المادة 157-18 ولم تقق مساحته الإجمالية المغطاة 400 متر مربع لا يكون مشمولا بإجبارية التأمين عليه من المسؤولية المدنية العشرية ويرمي هذا التدرج إلى تجنب تحمل المواطنين الذين يقومون ببناء مساكن خاصة بهم أو محلات بسيطة لمزاولة بعض الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الخدماتية لمصاريف إضافية من قبيل تكلفة التأمين ومصاريف مختلف الدراسات التقنية وأعمال المراقبة[45] .
وهو توجه من وجهة نظرنا صائب، ذلك حتى لا يصبح من أجبرهم الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود، يتهربون من إنجاز الأعمال الصغيرة لأصحاب الدخل المحدود، حتى لا يعجز هؤلاء عن تمويل مثل هذه الأعمال، فالمقاول أو المهندس عندما يجبرون على التأمين على الأعمال التي يقومون بها لن يؤدوا مبالغ التأمين من مالهم الخاص بل سيسدد هذه المبالغ صاحب البناء مما قد يجعله عاجزا نوعا ما، هذا من جهة، أما من جهة ثانية فمثل هذه الأبنية من المحتمل أنها لا تشكل خطرا و لا تكون مهددة بالإنهيار بالنظر إلى عدد علوه الذي لا يتعدى ثلاث طوابق أو المساحة الإجمالية المغطاة التي لا تتجاوز 800 متر مربع، وعندما يستعمل المبني بالإضافة إلى السكن إلى غرض فندقي أو صناعي أو تجاري أو غيرها من الإستعمالات الأخرى التي عقدتها المادة أعلاه في بنودها من 3 إلى 7 لا تتجاوز مساحته الإجمالية المغطاة 400 متر مربع.
كما أنه يمكن لأطراف عقد التأمين إضافة استثناءات أخرى تتعلق بإعفاء المؤمن من تعويض باتفاق بينهما.
ثانيا: إستثناءات من التعويض.
جاء في المادة 157-20 من مدونة التأمينات المعدلة بقانون13-59:"
يمكن أن ينص . . . و عقد تأمين المسؤولية المدنية العشرية على شروط متعلقة بسقوط الحق التعويض".
إن ما نصت عليه الفقرة 59. 13 الأولى
من هذه المادة هو الأساس القانوني الذي يتيح الأطراف عقد تأمين المسؤولية المدنية العشرية الإتفاق على شروط معينة بمقتضاها يسقط حق المؤمن له في التعويض عنها متى كانت الأضرار قد تم إعفاء المؤمن من ضمانها، إلا أن المشرع رغم أنه وضع هذا النوع من الإستثناءات إلا أنه قيدها بمجموعة من الشروط وذلك في نفس
المادة التي أضافت ". . . غير أنه لا يمكن الإحتجاج بسقوط الحق في التعويض تجاه الأغيار أو ذوي حقوقهم"، بذلك تكون قد وضعت حدا حول المجال الذي يمكن أن يتم فيه الدفع بهذه الإستثناءات، التي لا
يمكن أن تتجاوز أطراف العقد، ليصل إلى الغير المضرور أو ذوي حقوقه إلا في حالة واحدة، و هي عندما يتم التوقف القانوني للضمان بسبب من قسط أو اشتراك التأمين ففي هذا الوضع يمكن الإحتجاج على الغير المضرور أو ذوی حقوقه في حالة وفاته، بسقوط حقوقهم في التعويض من جراء التوقف، ذلك في
الفقرة الأخيرة من المادة أعلاه التي تقول:"غير أنه يمكن الإحتجاج اتجاء الضحايا و ذوي حقوقهم بسقوط الحق في التعويض المترتب عن التوقف القانوني للضمان بسبب قسط أو اشتراك التأمين".
أما إذا كان الضمان غير متوقف و لا يمكن للمؤمن أن يحتج أو يمتنع
عن تعويض الغير المضرور أو ذوي حقوقه بدعوى أن هذا النوع من الأضرار الذي أصاب الغير قدتم استثناؤه من التعويض باتفاق مع المؤمن له، إذ يكون رغم ذلك ملزم بالتعويض على اعتبار أنه هو من يضمن تلك المخاطر نيابة عن المسؤول مسؤولية مدنية عشرية، و لا يبقي له سوى الرجوع على هذا الأخير ورفع دعوی ضده
لأجل استرجاع جميع المبالغ التي أداها نيابة عنه، ونجد الأساس القانوني لكل ما تم قوله أعلاه في الفقرة الثانية من نفس المادة السابقة التي تقول: " في هذه الحالة يقوم المؤمن بتسديد التعويض لحساب المسؤول ويمكنه أن يرفع ضده دعوی استرجاع جميع المبالغ التي دفعها عوضا عنه.
الفصل الثاني: نطاق التأمين الإجباري من حيث المسؤولية والأضرار.
من المستجدات التي جاء بها المشرع المغربي بموجب قانون 59. 13 الصادر سنة 2016،
الفرع الأول: تغطية المسؤولية الناشئة أثناء فترة التنفيذ.
بالرجوع إلى المادة 1-157 من مدونة التأمينات، يتبين أنها تهدف إلى إرساء إلزامية التأمين على مخاطر الورش، ويشمل هذا التأمين قسمين، الأول هو تأمين شيئي، يبرم من قبل الشخص الذي يتم التشييد لصالحه (المبحث الأول) والثاني تأمين المسؤولية المدنية للمتدخلين في الورش يبرمه المهنيون الذين قد تثار مسؤوليتهم بمناسبة أشغال الورش (المبحث الثاني).
المبحث الأول :التأمين الموضوعي للأضرار اللاحقة بالمنشأة.
سنتناول في هذا الصدد لإجبارية التأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة (المطلب الأول)، بالإضافة إلى الإستثناءات المحددة بنص تنظيمي ( المطلب 2).
المطلب الأول: إجبارية التأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة
تنص الفقرة الأولى من المادة 157-1 "يجب على صاحب المشروع الذي ينجز أو يكلف شخصا آخر بإنجاز الأشغال البناء أن يتوفر على تأمين يغطي طيلة مدة الورش الأضرار اللاحقة بالمنشأة "، و من خلال هذه المادة يظهر أن صاحب المشروع سيكون ملزما بتقديم بوليصة التأمين للحصول على رخصة البناء، وذلك في سبيل الحصول داخل أجل قصير على تعويض الأضرار اللاحقة بالمنشأة، دونما الحاجة إلى البحث عن المسؤول.
وتشمل إجبارية التأمين الأضرار اللاحقة بالمنشاة تغطية الأضرار اللاحقة بالمنشأة، وكذا المواد والمعدات التي تدمج في المنشأة ، وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 2-157من مدونة التأمينات. و بذلك لم يعد مضمون هذا التأمين خاضعا لحرية الأطراف بل يجب أن يكون عقد التأمين المبرم في شأن التأمينات الإجبارية موافقا و مطابقا لمقتضيات القانون والشروط النموذجية ذات الأصل التنظيمي إن وجدت[46]، وكل شرط مضمن في العقد من شأنه أن يقلص أو يترتب عنه تقليص نطاق هذا الضمان يعد باطل وعديم الأثر وهذا ما تنص عليه المادة 7-
157[47].
ويتضح من خلال المادة 2-157 أنها عملت على استثناء بعض الأضرار من التغطية وذلك نظرا للطبيعة غير العادية للأحداث والأخطار المسببة عنها وهي:
1 -الأضرار والخسائر الناجمة عن الزلازل أو الأعاصير أو ثوران البراكين أو ارتفاع مستوى المياه أو الفيضانات .
2 - الأضرار والخسائر الناجمة عن الحرب الخارجية أو الحرب الأهلية أو الفتن والإضطرابات الشعبية أو أعمال الإرهاب أو التخريب.
3 -الأضرار والخسائر الناجمة عن الأخطار الذرية والنووية.
4 - الأضرار والخسائر الناجمة عن التصدأ أو الأكسدة أو التأكل.
5 -الأضرار والخسائر الناجمة عن عاصفة أو المحدثة بفعل المياه المترتبة عن عاصفة.
6 -الأضرار والخسائر الناجمة عن الإصلاحات المؤقتة التي لم يوافق المؤمن عليها.
7 -الخصاص المعاين أثناء جرد مواد ومعدات البناء، غير الناتج عن سرقة باستعمال الكسر.
المطلب الثاني: الإستثناءات المحددة بنص تنظيمي.
وقد سمحت نفس المادة بالتنصيص على استثناءات أخرى من الضمان تحدد قائمتها بنص تنظيمي باقتراح من هيئة مراقبة التأمينات.
ويجب أن يكتب عقد تأمين مخاطر الورش لمدة تساوي مدة الورش، وفي حالة توقيف أو فسخ عقد التأمين، يجب على مقاولة التأمين وإعادة التأمين تبليغ الإدارة بذلك بغرض التأكد من استيفاء إلزامية هذا التأمين داخل أجل 30 يوما من تاريخ هذا التوقف أو الفسخ[48]، و بالتالي تغطي بوليصة تأمين أخطار الورش الأضرار المادية الواقعة خلال مدة الورش والمتعلقة بكل ما هو مخصص ليصير جزءا مندمجا في المنشاة النهائية.
ويمكن للكوارث أن تنشأ خصوصا من الأحداث التالية :الحريق ، أو الإنفجار، . . .
وبالتالي تكون مشمولة بالضمان جميع الأشغال من وقت افتتاح الورش والمواد والتجهيزات من وقت وصولها إلى موقع الورش.
ولكن إذا كان محل الضمان هو مختلف الأحداث التي من شأنها الإضرار بالمنشأة، فإنه يجب أن تتصف بالطابع العرضي أي أن تقع بشكل مفاجئ و مباغت وينجم عنها اضطراب مادي يلحق بالمنشأة، وهكذا فالحدث
التدريجي أوالمتكرر وكذا غياب العمل أو حالات عدم المطابقة والتي لا ينشأ عنها الإتلاف المادي للبناء لا يشملها الضمان عادة[49]
.
وفي غياب تعريف تعاقدي للصفة العرضية والفجائية، يميل الإجتهاد القضائي الفرنسي إلى القول بأن هذه الصفة يجب تحريرها في سبب الضرر وليس في مظاهره أو تجلياته التدريجية، اذ جاء في قرار المحكمة النقض الفرنسية[50] "حيث إن محكمة الإستنناف لما عاينت أن التشوهات الظاهرة على البناء ظلت قائمة ومستمرة، وأن الإعتماد على نفس تقنية العمل غير الملائمة، أدى إلى تكرارها في مجموع المنشأة، ودون أن تكون ملزمة بإجراء أي بحث، تكون عندما قضت بأن الأضرار، بالنظر إلى طبيعتها المتكررة، غير مشمولة بالضمان لمخالفتها ما نصت عليه بوليصة أخطار الورش فيما يخص وقوع الأضرار المادية اللاحقة بالمنشأة بشكل فجائي ومباغت، قد بنت قرارها على أساس سليم من القانون".
والجدير بالإشارة أن المؤمن من أضرار المنشأة، عليه أن يمول أشغال الإصلاح بشكل فعال، فإذا تبين أن الإصلاح المقترح في أول أمر من قبل الخبير المؤمن ليس كافيا، توجب على هذا الأخير أن يتحمل الأشغال الإضافية، ولقد قضت محكمة النقض الفرنسية[51] أن من حق رب العمل الذي اكتتب تأمين أضرار المنشأة أن يحصل على تمويل مسبق للأشغال بالشكل الذي يضع حدا للإختلالات، ويبقى الأمر صحيحا ولو كانت عدم كفاية الإصلاحات ناتج عن تقرير ناقص للخبرة.
المبحث الثاني :تأمين المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش للمهنيين المتدخلين.
يترتب عن الأضرار اللاحقة بالغير من جراء الأعمال المتعلقة بالورش (المطلب الأول)، التعويضات التي حددها المشرع و الأشخاص المستفيدون منها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التأمين على الأضرار التي قد تصيب الغير.
بهدف تأمين المسؤولية المدنية إلى حماية الغير من الأضرار التي قد يتعرض لها في شخصه أو ممتلكاته تلك الأضرار التي قد تؤدي إلى زيادة أعبائه المالية، كما يهدف تأمين المسؤولية المدنية إلى حماية صاحب المسؤولية أيضا من رجوع الغير عليه بالمسؤولية، الأمر الذي يسبب له ضائقة مالية هو بحاجة للحماية منها[52] ، فالتأمين من المسؤولية هو تأمين من الأضرار لكنه يختلف عن غيره من فروع التأمين الأخرى من الأضرار، بأنه مكرس لتغطية الأضرار التي تلحق بالشخص الثالث وليس بالأضرار التي تلحق بالمؤمن له، لذلك فإن آثار هذا النوع من التأمين لا تترتب إلا إذا اعتبر الحادث المنشئ للمسؤولية والذي نجمت عنه أضرار الشخص الثالث، هو الخطر المؤمن منه.
فبالإضافة إلى التأمين الإجباري عن جميع مخاطر الورش الذي يبرمه الشخص الذي يتم التشييد لصالحه، فإن هذه الإجبارية تشمل تأمين المسؤولية المدنية للمتدخلين في الورش الذين قد تثار مسؤوليتهم بمناسبة أشغال الورش، و لا يمكن في جميع الأحوال أن تكون مدة المسؤولية المدنية أقل من مدة مسؤولية المؤمن له.
وفي حالة تحقق الضرر تضمن شركة التأمين في هذا الإطار دفع مبلغ التعويض إلى المتضرر نتيجة الضرر الذي ألحقه به المؤمن له، ضمن الحدود المتفق عليها بين شركة التأمين والمؤمن له، والتي تنص عليها شروط عقد التأمين أو ضمن ما يحدده القانون في حالة معينة، وفي المقابل يقوم المؤمن له بدفع القسط المترتب عليه للشركة التأمين[53] .
ويمكن أن تستند هذه المسؤولية إما على الفصول 77 وما يليه من قانون الإلتزامات و العقود و إما على أساس المسؤولية القائمة على مضار غير المألوفة للجوار[54].
وتتخذ عموما أخطار الورش ثلاث صور: إما أن يكون الورش نفسه هو السبب كالتسيب في الضوضاء، أو انتشار الغبار . . . وإما أن تصيب الأضرار العقار المجاور، كأن تظهر عليه التشققات، أو التسربات . . . أو تلك التي تنشأ عن المنشأة نفسها، كالحرمان من مشهد أو مرأی أو الحرمان من ضوء
الشمس.
وتشمل إجبارية التأمين بالنسبة لضمان المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش التعويض عن الأضرار اللاحقة بكل شخص، باستثناء كل ما ورد في نص المادة 4-157من مدونة التأمينات، وتخص هذه الإستثناءات:
1 -الأضرار المترتبة عن خصائص التربة، إذا لم يتم إنجاز دراسة التربة قبل بدء الأشغال أو نتجت هذه الأضرار عن عدم احترام التوصيات الواردة في الدراسة المذكورة.
2 - الأضرار الناجمة عن اهتزازات أو إزالة أو إضعاف ركائز دعم منشآت مجاورة للمنشأة المؤمن عليها المتألفة من خمسة طوابق أو أكثر ويوجد بها طابق تحت أرضي يكون مستواه أكثر انخفاضا من مستوى
الطوابق تحت الأرضية للمنشآت المجاورة، إذا لم يتم إنجاز دراسة الجوار أو إذا كانت هذه الأضرار ناتجة عن عدم احترام توصيات هذه الدراسة.
3 - الأضرار التي تسببت فيها العربات الخاضعة لإجبارية التأمين المنصوص عليها في المادة 120أعلاه ما عدا الأضرار:
- التي نتجت عن تشغيل الجفان المتحركة والرافعات وغيرها من الألات المجهزة بها العربة، إذا كانت هذه العربية مثبتة للقيام باشغال داخل الورش.
- التي تسببت فيها كل عربة صنعت أو هيئت خصيصا لإنجاز الأشغال داخل الورش وذلك أثناء استعمالها للقيام بهذه الأشغال.
- المطلب الثاني: الأشخاص المستفدون من التعويض.
ويخضع تقدير التعويض للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، على أنه يشمل جميع الأضرار التي لحقت بالغير، بما فيها الأضرار المتأتية من حرمان من التمتع أو الإنتفاع بالمنشأة[55] .
وقد عملت المادة 5-157 على تقديم تعريفا للأغيار الذين يمكنهم الإستفادة من التأمين الإجباري عن المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش، ويتعلق الأمر بكل شخص ما عدا الأشخاص المعنيين بإلزامية اكتتاب تأمين المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش ) صاحب المشروع وكل شخص متدخل في الورش أبرم معه عقد إجارة الصنعة والمهندس والمهندس المعماري) وممثليهم القانونيين و كذا أجرائهم ومأمورهم بالنسبة للأضرار البدنية[56].
والسبب في استثناء هؤلاء الأجراء والمأمورين بالنسبة للأضرار البيئية فقط يرجع إلى
كونهم يرتبطون مع المالك أو المهندس أو المقاول بعقود الشغل، بل إن المشرع استبعدهم بصريح النص ربما لأنهم مشمولين بالتغطية الإجبارية لحوادث الشغل، بموجب القانون رقم 12. 18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل[57].
ومن أجل حث الأشخاص الخاضعين لإجبارية التأمين "الأضرار اللاحقة بالمنشأة " وإجبارية تأمين "المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش"من استيفاء هذه الإجبارية، تصت المادة 9-157 على تطبيق غرامة تساوي 6 دراهم مضروبة في عدد الأمتار المربعة للمساحة المغطاة المحدد في رخصة البناء، بالنسبة للتأمين الأول و غرامة تتراوح بين 5 آلاف و 100 ألف درهم عن كل شخص بالنسبة للتأمين الثاني.
و السؤال يبقى مطروحا عن مدي كفاية هذه العقوبة في إرساء إجبارية التأمين الأضرار اللاحقة بالمنشأة ؟
الفرع الثاني: تغطية المسؤولية الناشئة أثناء فترة الضمان العشري.
لقد أصبحت المسؤولية المدنية عن الأفعال الضارة موضوع اهتمام الفقه و القضاء منذ القرن الماضي، و تعتبر المسؤولية المدنية العشرية نوع خاص من المسؤولية المدنية، و قد ظهرت لضمان الإخلال بتنفيذ إلتزام ما وفق
شروط معينة. و نظرا لجسامة المسؤولية المترتبة عن الضمان العشري، فقد تدخل المشرع المغربي و نظمها في صلب قانون الإلتزامات و العقود و كذا مدونة التأمينات. لذلك سوف نتطرق في (المبحث الأول)
للطبيعة القانوني للمسؤولية المدنية العشرية، على أن نخصص (ال
المبحث الأول: الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية العشرية.
تتمثل المسؤولية المدنية للمقاول والمهندس المعماري في ثلاث جوانب:
أحدهما تعاقدي، والآخر تقصيري، يختلفان بحسب نوعية ومصدر الضرر الذي لحق رب العمل أو الغير من جراء الأخطاء التي تسبب فيها كل من المقاول والمهندس المعماري أو هما معا، فالأضرار التي تصيب رب العمل إما أن تكون ذات مصدر تعاقدي ناتجة عن إخلال مشيدي البناءات بإلتزاماتهم العقدية التي تفرضها بنود عقد الهندسة المعمارية أو مقاولة البناء، وهناك نوع أخر من الأضرار التي يكون مصدرها العمل التقصيري الصادر عن المقاول أو المهندس المعماري بسبب خرق هؤلاء الإلتزامات قانونية، ويستوي في ذلك أن يكون الضحية هو رب العمل أو الغير (المطلب الأول) و العمل القضائي بخصوص الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية العشرية (المطلب الثاني) .
المطلب الأول: الطبيعة العقدية والتقصيرية للضمان العشري.
سنتناول خلال هذا المطلب الطبيعة العقدية للضمان العشري في (الفقرة الأولى)، ثم الطبيعة التقصيرية لهذا الضمان (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الطبيعة العقدية للضمان العشري.
إن مسؤولية المقاول والمهندس المعماري مسؤولية عقدية طالما أنها ناجمة عن عدم تنفيذهما للإلتزامات العقدية، فالضمان الخاص للمهندس المعماري و المقاول يقوم على أساس المسؤولية العقدية لأنه يستند على الإخلال بالإلتزام العقدي الذي أنشأه عقد المقاولة في ذمتهما بأن تكون المباني المشيدة خالية من العيوب، فإذا تهدم البناء كليا أو جزئيا أو ظهر فيه عيب تحققت مسؤوليتهما العقدية سواء تم التنصيص عليها في العقد أم لا[58] .
وهذا ما يؤيده الفقه الفرنسي، و الفقيه السنهوري الذي اعتبر أن هذه المسؤولية، مسؤولية عقدية لأنها تقوم على التزام عقد تنشأها عقد المقاولة[59].
غير أن هناك من الفقه المصري من لم يسلم بكون هذه المسؤولية عقدية لاعتبارات عدة منها:
- إن المسؤولية العقدية وفقا للقواعد العامة يجب أن تكون ناتجة عن عدم تنفيذ المدين التزامه التعاقدي بينما في المسؤولية العشرية لا يوجد اتفاق مسبق بين الطرفين على هذه المسؤولية إلى ما بعد الإنجاز والتسليم المقبول لكي يصح اعتبارها مسؤولية منشئها العقد.
- إن المدة التي تبقي فيها مسؤولية المهندس والمقاول بعد إنجاز العمل وتسليمه عند وقوع التهدم الكلي أو الجزئي أو ظهور العيب في المنشآت الثابتة ليست مدة التقادم أو السقوط وإنما هي مدة تجربة الإختيار متانة البناء
وصلابته، ولذلك فهي تسري حتى على ناقص الأهلية مما لا يستقيم والقول بأن مسؤولية المهندس مسؤولية عقدية ما دام أن مسائلة ناقصي الأهلية غير ممكنة في إطارها[60] وغيرها من الإعتبارات الأخرى، إلا أن محكمة النقض المصرية استقرت على أن الضمان الخاص بالمهندس المعماري و المقاول يقوم على مسؤولية عقدية لأنه يستند إلى الإخلال بالإلتزام العقدي الذي أنشأه عقد المقاولة في ذمة المقاول ( . . . ).
و بالرجوع إلى نص الفصل 760 من قانون الإلتزامات و العقود المغربي ينص على أنه " :مقاولة البناء و غيرها من العقود التي يقدم فيها العامل أو الصانع المادة تعتبر بمثابة إجارة على الصنع".
وباستقراء نص الفصل أعلاه يظهر أنه اقتصر على حالة تقديم الصانع أو العامل المواد البناء من أجل اعتبار ذلك إجارة على الصنع، لكن ذلك لا يعني استبعاد الحالة المعاكسة من نطاق الإجارة على الصنعة و هي التي يتعهد فيها الصانع بتقديم خدماته فحسب، دون المواد اللازمة لإنجاز المقاولة، وذلك كالمهندس المعماري الذي تعهد بوضع تصاميم البناء والإشراف عليها.
فعقد المهندس المعماري والمقاول إذن هو عقد المقاولة أو عقد إجارة الصنعة[61]. وبالتالي فإن المسؤولية العشرية تكون مسؤولية عقدية تجاه رب العمل الذي يجمعه بالمهندس أو المقاول عقد
مقاولة.
الفقرة الثانية: الطبيعة التقصيرية للضمان العشري.
يعتبر أمرا طبيعيا مساءلة المقاول والمهندس المعماري وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية وليس العقدية لعدم إمكانية تصور الخطأ العقدي في ظل هذه الحالة وسواء كان المضرور رب العمل أو غيرا ممن لا تربطه أية علاقة عقدية بالمقاول فإن لهما الحق في تحريك دعوى المسؤولية التقصيرية ضد المقاول إذا توافرت شروطه بطبيعة الحال بوصفه حارس للبناء أو الألات المستعملة فيه أو على أساس الخطأ طبقا للقواعد العامة، ما لم يثبت وقوع الضرر نتيجة سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ المضرور[62].
وهذا ما أكده الفصل 88 من قانون الإلتزامات و العقود الذي جاء فيه: "كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر في الضرر ، وذلك ما لم يثبت أنه :
1 - فعل ما كان ضروري لمنع الضرر.
2 -أن الضرر يرجع إما لحادث في الشيء أو لقوة قاهرة أو لخطا المضرور.
وكذا فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها المشهورة الصادرة عنها إلى إقرار مسؤولية المقاول على الأضرار التي أصابت المهندس باعتماد الأساس التقصيري إثر سقوط هذا الأخير من سلم على ارتفاع ثلاث أمتار من سطح الأرض وهو يقوم بإحدى الزيارات العادية للورش، وبعد أن رفضت محكمة "أكس بروفانس" طلبه على أساس أنه ليس غيرا بالنسبة للمقاول، فإن محكمة النقض لم توافق على هذا الإتجاه في التفسير و إنما اعتبرته داخل في إطار حلقة الغير بمعناه الواسع وبالتالي محقا في طلبه[63].
وعلى هذا النحو فإن حارس البناء هو الذي له السيطرة الفعلية على البناء، إذ عليه حفظ البناء وصيانته والتأكد من انه لم يصب الأفراد بالخطر.
المطلب الثاني: العمل القضائي بخصوص الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية العشرية.
المسؤولية المدنية العشرية تقوم وتستند في قيامها على طبيعة قانونية، وهو الشيء الذي أكده العمل القضائي معتبرا إياها أحيانا مسؤولية عقدية (الفقرة الأولى)، وأحيانا أخرى مسؤولية تقصيرية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: العمل القضائي المتعلق بالمسؤولية العقدية[64].
اعتبرت محكمة النقض المصرية على أن:"مسؤولية المقاول والمهندس عن خلل البناء بعد تسليمه طبقا للمادة 409 من القانون المدني . لا يمكن اعتبارها مسؤولية تقصيرية
أساسها الفعل الضار من جنحة أو شبه جنحة مدنية، و لا يمكن اعتبارها مسؤولية قانونية من نوع آخر مستقلة بذاتها ومنفصلة عن المسؤولية العقدية المقررة بين المقاول وصاحب البناء على مقتضی عقد المقاولة وإنما هي مسؤولية عقدية قررها القانون لكل عقد مقاولة سواء أن عليها العقد أو
لا.
وفي قرار آخر لمحكمة النقض المصرية قالت على أنه: " إذا كان الثابت أن الطاعن –المقاول- أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه بقيمة المباني موضوع النزاع على أساس أنه أقام هذه المباني لصالح المطعون عليه على أرض مملوكة للأخير دون أن توجد بينهما رابطة عقدية وهو ما يخول له إثبات هذه الواقعة المادية بكافة الطرق حتى لا يثري المطعون عليه على حسابه بلاسبب فإنه مفاد ذلك أن الطاعن لا يستند إلى عقد مقاولة كسبب لدعواه بل يستند في ذلك أصلا على أحكام الإثراء بلا سبب[65].
وفي نفس الإتجاه سارت نفس المحكمة أعلاه واعتبرت أن: " ضمان المهندس المعماري لتهدم البناء والعيوب التي تهدد سلامته أساسه المسؤولية العقدية المنصوص عليها في المادتين 651 ، 652 من القانون
المدني، فهو ينشأ عن عقد مقاولة يعهد فيه رب العمل إلى المهندس المعماري القيام بعمل لقاء أجر فإذا تخلف عقد المقاولة فلا يلتزم المهندس المعماري قبل رب العمل بهذا الضمان، وإنما تخضع مسؤوليته للقواعد العامة في المسؤولية المدنية، وإذا كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه لا تربطه بالمطعون
ضدها الأولى - وهي صاحبة العمل - أي رابطة عقدية وأن عمله اقتصر على حساب تكاليف الإنشاءات الخرسانية كمنشورة فنية مجانية قدمها للمرحوم المهندس . . . بناء على المعلومات الفتية الخاصة بالتربة التي
تلقاها منه و أن مهندسا آخر هو الذي قام بوضع التصميم النهائي للبناء فإن الحكم المطعون فيه، وقد انتهى في قضائه إلى أن الطاعن مسؤول عن ضمان العيوب التي ظهرت في البناء باعتباره المهندس المعماري الذي قام بوضع التصميم مع ما ذهب في أسبابه من أن المرحوم المهندس
. .
بالرجوع إلى المحكمة الإدارية المغربية بالدار البيضاء نجدها استقرت على أن المسؤولية المهندس المعماري او المهندس، والمقاول طبقا للفصل 769 من قانون الإلتزامات والعقود هي مسؤولية عقدية مستمدة من عقد الصفقة المبرم بينهم وبين صاحب المشروع وأن التزاماتهم في هذه الحالة هو التزام بتحقيق نتيجة أي بأن يشيدوا طبقا للأصول الفنية بناء خاليا من العيوب وبقاء هذا البناء سليما و متينا لمدة 10 سنوات بعد التسليم[67].
الفقرة الثانية: العمل القضائي المتعلق بالمسؤولية التقصيرية[68].
اعتبر القضاء المصري المسؤولية المدنية العشرية على أنها مسؤولية تقصيرية، حيث جاء في إحدى قرارات محكمة النقض المصرية " لا يجوز لصاحب البناء اعتری بناءه خلل بسبب تقصير المقاول في أعمال البناء المجاور أن يوجه دعواه بالتعويض إلى مالك هذا البناء لمجرد كونه مالكا، إذ ما دام التقصير قد وقع من المقاول وحده فإن المسؤولية عن ذلك لا تتعداه".
المبحث الثاني: نطاق تأمين البناء ومحدودية الضمان فيما يخص الأضرار المشمولة بالتغطية.
يظهر من نطاق التأمين على البناء. عدة أضرار مشمولة بالتغطية (المطلب الثاني) ، ولكن قبل الحديث عن هذه الأضرار لابد من تحديد التأمينات الإجبارية على مخاطر البناء (
المطلب الأول) ، على ان نتناول في (المطلب الثالت ) لمحدودية الضمان .
المطلب الأول: طبيعة التأمينات الإجبارية على مخاطر للبناء.
تشمل طبيعة التأمينات الإجبارية على مخاطر البناء كل من التأمين على مخاطر الورش ( الفقرة الأولى)، ثم التأمين على المسؤولية المدنية العشرية في ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: بالنسبة للتأمين على مخاطر الورش.
يشمل التأمين على مخاطر الورش، "ضمان الأضرار اللاحقة بالمنشأة"، وهو تأمين يجب أن يعقده كل من صاحب المشروع والجهات المتدخلة في إنجاز البناء كما حددناها سابقا.
بالنسبة للتأمين الذي يجريه صاحبة المشروع على هذا المستوى، ما دام ينصب على شيء (البناء) تعلق به مصالحه المالية، فهو يدخل في التأمين على الأشياء، فتعمل بالنسبة إليه القواعد التي رأيناها فيما
سبق بشأن هذا التأمين، من حيث أن هذا التأمين يغطي الأضرار اللاحقة بالمنشأة، من دون الإلتفات إلى أية مسؤولية عنها، فيلزم المؤمن بدفع التعويض إلى صاحب المنشأة، وبعد ذلك يمكنه أن يعود على المسؤول عن الضرر أو مؤمنه، بواسطة دعوى الحلول. فيضمن هذا التأمين منح
التعويض بسرعة لصاحب المشروع.
أما التأمين الذي تجريه الجهات التي تتدخل في إنجاز البناء لضمان الأضرار اللاحقة بالمنشأة، فهو تأمين من المسؤولية يغطي مسؤوليتها عن الأضرار اللاحقة بالمنشأة.
ويشمل تأمين مخاطر الورش، ثانيا، ضمان الأضرار اللاحقة بالأغيار نتيجة أو بمناسبة الأشغال المنجزة في الورش، وتسمى ضمان "المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش" وهو تأمين يجب أن يعقده، كذلك ، في نفس الوقت صاحب المشروع والجهات المتدخلة في إنجاز البناء، ويدخل في الثامين من المسؤولية.
الفقرة الثانية: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية العشرية.
تشمل تأمينات البناء كذلك التأمين على المسؤولية المدنية العشرية الذي هو تأمين من المسؤولية، يجب على كل شخص يمكن أن تثار مسؤوليته المدنية العشرية، بموجب الفصل 769 من قانون الإلتزامات و العقود، أن يعقده.
وهذا يعني أن هذا التأمين يعمل في النطاق الذي يحدده الفصل أعلاه، و الذي يتميز بتخلفه إذا ما قارناه بما وصلت هذه المسؤولية في القوانين المقارنة.
فهو قاصر على مستوى المسؤولين الذين يمكن مساءلتهم عن انهيار البناء كليا أو جزئيا أو عن الخطر الواضح بالإنهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض، والذين يحصرهم النص في المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان، مباشرة رب العمل.
مما طرح سؤال ملائمة النص على هذا المستوى بالنظر للتطور التي عرفه المتدخلون في إنجاز الأبنية في المغرب[69]، مما يضيق من المتدخلين الذين يمكن الرجوع عليهم بالمسؤولية العشرية وهم المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل بإنجاز البناء أو الإشراف على إنجازه. فماذا بشأن مهندس التربة ومهندس الخرسانة وغيرهم، في الحالات التي يثبت أن خطأهم المهني كان وراء تهدم البناء أو تهديده بالتهدم ؟.
كذلك الشأن بالنسبة للمنعش العقاري، فهو لا يدخل ضمن التعداد، لذلك عند حصول التهدم أو التهديد بالتهدم، لا يمكن الرجوع عليه بالمسؤولية العشرية، ويكون على المتضرر البحث عن المسؤول عن الخلل، مما يحق تفعيل هذه المسؤولية بالنسبة للمتضررين.
وهو قاصر كذلك على مستوى نظام المسؤولية الذي يرسيه، والتي يلزم المتضرر بإتباث أن سبب التهدم أو التهديد بالتهدم يرجع لخطأ أحد الأشخاص المحددين في النص، في حين بالنظر لاختلاف وضع طرفي العلاقة، كان يفترض بناء هذه المسؤولية على قرينة مسؤولية المهني (قلب قواعد الإتباث).
ومن حيث طبيعة المخاطر المؤمن منها، فهذا التأمين يغطي فقط التهدم أو التهديد بالتهدم بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض (الفصل 769 ق ل ع)، والمقصود بالتهدم هئا تهدم البناء ككل
سواء بصفة كلية أو جزئية. ولما كانت الهياكل الحاملة للبناء هي التي تشكل دعامت التي تقوم عليها، فهذا يعني أنه يجب أن يعود سبب التهدم إلى عيب في تلك الهياكل يرجع إلى نقص في المواد أو عيب في طريقة بنائها أو عيب في الأرض التي بنيت عليها. أما تهدم الجدران أو السقف أو مكونات البناية الأخرى بسبب عيب في البناء لا يرتبط بالهياكل فلا يدخل في المسؤولية العشرية، و لا يشمله التأمين على تلك المسؤولية.
و يدار التأمين من المسؤولية المدنية العشرية وفق نظام الرسملة. فهو يقوم على أداء قسط وحيد في بداية التأمين، أي عند فتح الورش، ومن مجموع الأقساط المحصلة من تأمينات
المسؤولية العشرية يتم تعويض الحوادث الواقعة.
المطلب الثاني: الأضرار المشمولة بالتغطية.
تتجلى تأمينات الأضرار المشمولة بالتغطية في كل تلك اللاحقة بالمنشأة (الفقرة الأولى)، ثم المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش (الفقرة الثانية)، وكذلك تغطية المسؤولية المدنية العشرية (الفقرة التالثة).
الفقرة الأولى: بالنسبة للتأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة.
تشمل إجبارية التأمين بالنسية لضمان الأضراراللاحقة بالمنشأة (المادة 2 - 157) تعويض الأضرار اللاحقة بالمنشاة، وكذا مواد البناء والمعدات المزمع إدماجها في المنشأة، باستثناء:
1 - الأضرار والخسائر الناجمة عن الزلازل أو الأعاصير أو ثوران البراكين أو ارتفاع مستوى المياه أو الفيضانات.
2 - الأضرار والخسائر الناجمة عن الحرب الخارجية أو الحرب الأهلية و الفتن والإضطرابات الشعبية أو العمل الإرهاب أو التخريب.
3 - الأضرار والخسائر الناجمة عن الأخطار الذرية أو النووية.
4 -الأضرار والخسائر الناجمة عن التصدأ أو الأكسدة أو التأكل.
5 - الأضرار والخسائر الناجمة عن عاصفة أو المحدثة بفعل المياه المترتبة عن عاصفة.
6 - الأضرار والخسائر الناجمة عن الإصلاحات المؤقتة التي لم يوافق عليها المؤمن مسبقا.
7 - الخصاص المعاين أثناء جرد مواد ومعدات البناء غير الناتج عن السرقة باستعمال الكسر. وإضافة إلى هذه الإستثناءات التي جاءت بها المدونة، والتي تحددت مع مرور
الوقت يفعل العمل القضائي بفرنسا وغيرها من الدول التي تعمل بإجبارية التأمين على نخاطر البناء، فتح المشرع الباب أمام إضافة استثناءات يمكن أن ينص عليها عقد التأمين تحدد بنص تنظيمي باقتراح من الهيأة مراقبة التأمينات و الاحتياط الإجتماعي (المادة 2-157 الفقرة
الإخيرة).
فكل ضرر يصيب المنشأة، يرجع لغير أحد الحالات أعلاه، يدخل في التغطية.
الفقرة الثانية: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش.
و هو تأمين يجب أن يجريه في نفس الوقت كل من صاحب الورش و المتدخلين في إنجاز البناء. حيث تشمل التغطية فيه التعويض عن الأضرار اللاحقة بكل شخص
باستثناء:
1-الأضرار المترتبة عن خصائص التربة، إذ لم يتم إنجاز دراسة التربة قبل البدأ بالأشغال، أو نتجت هذه الأضرار عن عدم احترام التوصيات الواردة في الدراسة المذكورة.
2 – الأضرار الناجمة عن الإهتزازات أو إزالة أو إضعاف ركائز دعم منشآت مجاورة للمنشأة المؤمن عليها المؤلفة من خمسة طوابق أو أكثر و يوجد بها طابق تحت أرضي يكون مستواه أكثر أنخفاضا من مستوى الطوابق التحت أرضية للمنشآت المجاورة، إذ لم يتم إنجاز دراسة الجوار، أو إذا كانت هذه الأضرار ناجمة عن عدم احترام توصيات هذه الدراسة.
3 - الأضرار التي تسببت فيها عربات ذات محرك خاضعة لإجبارية التأمين ما عدا الأضرار:
- التي نتجت عن تشغيل الجفان المتحركة والرافعات وغيرها من الألات المجهزة بها العربة، إذا كانت هذه العربة مثبتة للقيام باشغال داخل الورش.
- التي تسببت فيها كل عربة صنعت أو هيئت خصيصا لإنجاز الشغال داخل الورش وذلك أثناء استعمالها للقيام بتلك الأشغال.
فبالنسبة للأضرار المترتبة عن خصائص التربة، وتلك الناجمة عن اهتزازات أو إزالة أو إضعاف ركائز الدعم منشآت مجاورة، فهي تستثنى لأن قواعد البناء تقتضي أن تكون موضع دراسة تقنية، يفترض معها ألا يقع الضرر، فإذا وقع فإما أن الدراسة لم تنجز أو أنه لم يتم احترام توصياتها، فلا يمكن تحميل المؤمن عواقب تقصير المؤمن له من هذه الناحية.
وبالنسبة للأضرار التي تتسبب فيها عربة ذات محرك، فتستثنىلأن تغطيتها تدخل ضمن التأمين الخاص بتلك العربة، ما لم تكن ناتجة عن تحريك الجفان والرافعات وغيرها من الألات المجهزة بها العربة، أو تسببت فيها عربة صنعت أو هيئت خصيصا لإنجاز الأشغال داخل الورش وذلك أثناء استعمالها للقيام بتلك الأشغال، حيث باعتبار أن هذه الأضرار لا يغطيها التأمين الجاري على العربة، فإنها تدخل في تغطية التأمين على المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش.
الفقرة الثالثة: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية العشرية.
فالتغطية في هذا التأمين تشمل التعويض عن جميع الأضرار اللاحقة بالمنشأة نتيجة انهيار البناء كليا أو جزئيا أو قيام خطر انهياره بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض، إذا حدث خلال العشر سنوات التالية إلإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذها أو أشرف على تنفيذها المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل (الفصل 769 ق ل ع /فقرة 1 والمادة 11 - 157 من مدونة التأمينات)[70] .
فيدخل في التغطية التعويض عن الأضرار المادية الناتجة عن التهدم، أو تغطية مصاريف إصلاح البناء للحيلولة دون تهدمه.
و تحسب مدة العشر سنوات من يوم تسلم البناء، ويلزم رفع الدعوى خلال الثلاثين يوم التالية لظهور الواقعة الموجبة للضمان، و إلا كانت غير مقبولة.
ويطرح الاستلام مشكلا في القانون المغربي، من حيث هل يقصد به الاستلام المؤقت أو النهائي؟ فنحن نعلم أنه في الغالب، ما يتم تسليم المنشأة لصاحبها بصفة مؤقتة في انتظار التسليم النهائي، فيطرح مشكل على مستوى تحديد بداية سريان المسؤولية العشرية، علما أن قانون الصفقات العمومية يحدده، في التسليم النهائي.
وهنا كذلك لا تشمل التغطية:
1 - الأضرار والخسائر الناجمة عن عن الحرب الخارجية أو الحرب الأهلية أو الفتن والإضطرابات الشعبية أو أعمال الإرهاب أو التخريب.
2 - الأضرار والخسائر الناجمة عن عدم مراعاة التحفظات ذات الطابع التقني الصادرة عن مكتب المراقبة والتي تم تبليغها بصفة قانونية إلى صاحب المشروع في حالة ما إذا لم يتم رفع تلك التحفظات.
وإضافة إلى هذه الإستثناءات التي جاءت بها المدونة، هنا كذلك،
المشرع فتح الباب أمام إضافة استثناءات أخرى يمكن أن ينص عليها عقد التأمين تحدد بنص تنظيمي باقتراح من هيأة مراقبة التأمينات والإحتياطالإجتماعي(المادة 11 - 157/ الفقرة الأخيرة).
المطلب الثالث: محدودية نطاق الضمان بالنسبة للتأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة وعلى المسؤولية المدنية العشرية.
تولى المشرع تحديد النطاق الذي يعمل ضمنه تأمين مخاطر الورش بما في ذلك من
حيث حدود الضمان، ورتب على كل شرط في العقد يترتب عنه تقليص نطاق ذلك التأمين، بطلان الشرط (المادة 7 - 157 ).
إذ تعمل نفس القواعد على هذا المستوى بالنسبة للتأمينين معا، من حيث أن التغطية فيهما تشمل مبدئيا كافة الأضرار اللاحقة بالمنشأة، غير أن المشرع أجاز أن يتضمن العقد المتعلق بهما سقفا للتغطية، غير أن هذا السقف لا يجوز أن ينزل عن الحد أدني يحدد بند تنظيمي باقتراح من هيأة مراقبة التأمينات و الإحتياط الإجتماعي، وذلك انطلاقا من مبلغ أشغال البناء وطبيعة المنشأة أو الإستعمال المعدة له (المادة 3-157 الفقرة 1 بالنسبة للأضرار المنشأة و المادة 12-157 بالنسبة للأضرار العشرية).
كذلك أجاز المشرع تضمين عقد التأمين هنا "خلوص التأمين" (la franchise) أي يتحمله في كل الأحوال المؤمن له عند كل تعويض عن الحادث، غير أنه ضمانا لتوفير تغطية كافية، فقد ترك المشرع تحديد شروط تحديد خلوص التأمين للإدارة باقتراح من هيأة مراقبة التأمينات.
والغرض من التنصيص على خلوص التأمين حث المؤمن لهم على الحرص و الحيطة حتى لا يتحول التأمين إلى دافع للإهمال.
وضمانا لحصول صاحب الورش، بسرعة على التعويض کاملا، منع المشرع على
المؤمن الإحتجاج تجاهه بخلوص التأمين في إطار التأمين على أضرار الورش الذي يجرية المكلف بإنجاز البناء ( المادة 12-157 الفقرة 2)، مما يعني هذا الخلوص يسوى في العلاقة بين المؤمن و المؤمن له، و لا يحتج به على صاحب الورش. غير أنه متى تعلق الأمر بالتأمين الذي
يجريه هذا الأخير على نفس الضرر، فإن للمؤمن أن يتمسك تجاهة بخلوص التأمين[71]
.
كذلك أجاز المشرع تضمين عقد تأمين مخاطر الورش وعقد تأمين المسؤولية المدنية العشرية شرط سقوط الحق في التعويض، غير أنه منع الإحتجاج به تجاه الأغيار أو ذوي حقوقهم و لا اتجاه صاحب المشروع فيما يخص ضمان المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش (المادة 20 - 157/ فقرة 1)، مما يعني أن هذا الشرط يعمل هنا فقط في العلاقة بين المؤمن والمؤمن له، و لا يمتد للعالقة مع المتضررين.
أما التوقيف القانوني للضمان بسبب عدم أداء الأقساط أو الإشتراكات،
فللمؤمن الإحتجاج به اتجاه المتضررين (المادة 20 - 157/ فقرة 2).
المطلب الرابع: محدودية نطاق الضمان بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش.
حدد المشرع الحد الأدنى للضمان بالنسبة لتأمين المسؤوليةالمدنية المتعلقة بالورش في
مبلغ ما بين أربعة ملايين (4. 000. 000) وأربعون مليون (40. 000. 000) درهم حسب کل ورش و كل واقعة، وترك تحديد كيفية تحديد المبلغ
الأدني لهذا الضمان للنص التنظيمي باقتراح من هيأة مراقبة التأمينات والإحتياط الإجتماعي (المادة 6 - 1357 فقرة 1).
مما يعني أن ذلك التحديد متروك لاتفاق الأطراف بحسب حجم الورش إلا أنه لا يجوز أن يقل عن الحد الذي سيحدده النص التنظيمي، الذي هو مقيد بدوره بالمبلغ المعلن عنه أعلاه.
والغالب أن تتحكم في ذلك التحديد المساحة المغطاة من البناء، أي عدد الأمتار المربعة المبنية، مما يعني أن على النص التنظيمي، أن يضع معيار لذلك التحديد، في حدود الحدين المعلن عنها في المادة 6-157.
وهنا كذلك أجاز المشرع تضيمين عقد التأمين "خلوص التأمين" ،
وترك تحديد شروط تحديد خلوص التأمين للإدارة باقتراح من هيأة مراقبة التأمينات. غير أنه ضمانا لحصول المتضرر (سواء كان من الأغيار أو كان صاحب الورش بالنسبة للأضرار اللاحقة بالورش)، على التعويض کاملا، منع العشرع، على المؤمن الإحتجاج تجاههم بخلوص التأمين (
المادة6-157 فقرة 2)،مما يعني بأن هذا الخلوص يسوي في العلاقة بين المؤمن والمؤمن له، و لا يحتج به على المتضررين.
كذلك أجاز المشرع تضمين عقد تأمين المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش شرط سقوط الحق في التعويض،غير أنه منع الإحتجاج به تجاه الأغيار أو ذوي حقوقهم و لا اتجاه صاحب المشروع، غير أنه أجاز للمؤمن الإحتجاج اتجاههم بالتوقيف القانوني للضمان بسبب عدم أداء الأقساط أو الإشتراكات (المادة 20– 157).
خاتمة :
إذا كان المشرع المغربي من خلال مستجدات التي جاء بها قانون 59. 13 حاول إرساء إلزامية التأمين في مجال البناء من أجل التخفيف من عدة مخاطر في هذا المجال، و ذلك بتمكين رب العمل أو الغير من الحصول على التعويض في أقصر وقت ممكن، إلا أنه لا يعتبر حلا شاملا لجميع المشاكل الناجمة عن هذا
الإطار.
فالتأمين الإجباري لا يطال من الناحية الفعلية سوى تلك المباني والمشروعات التي هي على جانب من الأهمية والتي تتطلب لإنجازها تظافر مجموعة من الطاقات البشرية والمادية الكفيلة بتغطية هذا النوع من المقاولات، أما باقي المباني الأخرى ذات الطابع الفردي التي يتم تشيدها خارج النطاق الحضري من غير الإستعانة بالمقاول أو المهندس المعماري فإنه يتعذر تطبيق نظام التأمين الإجباري بشانها[72].
بالإضافة إلى عدم شمول التأمين الإجباري من المسؤولية العشرية للجميع المتدخلين في العملية البنائية واستبعاد بعض المنشأت من إجبارية التأمين بما في ذلك المشيدة لصالح الدولة.
لذلك يعتبر البعض أنه كان من الأحسن على المشرع التوسيع من
الأشخاص المشمولين بالضمان العشري عن طريق تعديل الفصل 769 من ق ل ع حيث أضحى من الواضح إخضاع المقاول من الباطن كذلك للضمان العشري، . . . وضمان تمثيلية المستهلكين المؤمن لهم في
هيئة مراقبة التامينات، إدراج ضمن مقتضيات القانون ما يحتم أن يتم الإدلاء ببوليصات التأمين أثناء التصريح بفتح الورش وعند انتهاء منه، و إعادة النظر في مستويات مراقبة استيفاء هذه الإجبارية، فرض نموذج من الشواهد يحدد بشكل واضح ودقيق الأنشطة المشمولة بالضمان بناء. . . .
لائحة المراجع :
0pt">الكتب :
فاطمة متمير: المسؤولية المعمارية للمقاول بين أزمة النص ومتطلباتالإصالح؛ طبعة 2010.
عزالدين الديناصوري وعبد الحميد الشواربي: المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء؛ الجزء الثاني، طبعة 2004
عبد الرزاق الصنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد؛ الجزء السابع طبعة 196
محمد زاليجي: الحق في الضمان المعماري ومدا انتقاله إلى الخلف الخاص؛ دراسة المقارنة طبعة 2011 مطبعة الجسور.
محمد عزمي البكري: عقد المقاولة على ضوء الفقه والقضاء، الطبعة الأولى
. 2016-2017
جيالليبوحيص: مقاولات في القانون العقاري وقانون البناء؛ الطبعة الأولى 2006 دار العلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط.
عبد الرزاق حسين يس: المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء؛ الطبعة الأولى، دار الفكر العربي القاهرة.
إلهام الهواس: محاضرات في قانون التأمين، طبعة سجلماسة 2017- 2018.
عبد القادر العرعاري: المسؤولية العقدية للمقاول و المهندس المعماري بالمغرب، طبعة 2010.
سمير كمال: التأمين الإجباري عن المسؤولية المدنية للمهندس والمقاول عن حوادث البناء، طبعة 1990-1991
MALINVAUD et Jestaz,
la responsabilité et l'assurance J. C. P.
المقالات :
لحسن أوبحيد: التأمين الإجباري في مجال البناء بين المقتضى القانوني و التأويل القضائي، مجلة القضاء التجاري، العدد 9 لسنة 2017.
الأطروحات و الرسائل :
دحدوح فوزية: تأمينات البناء والمسؤولية المدنية المرتبطة بها، رسالة لنيل شهادة الماستر الأكاديمي في العلوم الإقتصادية والتجارية والتسيير.
عبد الرحمان حموشي: المسؤولية العقدية للمهندس المعماري في القانون المغربي والمقارن، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية, 2011/2010 وجدة.
عادل عبد العزيز سمارة: مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمان مكانة البناء في القانون المدني الأردني، جامعة النجاح الوطنية، كلية الدراسات العليا- فلسطين, 13/09/2007
محمد فرحان عزيزة: التزامات المقاول وفق التشريع المغربي والتشريع الأردني، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والإقتصاديةوالإجتماعية/ 1999-1998 / الرباط.
محمد قطني: مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمان متانة البناء-دراسة مقارنة، جامعة المحمدية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعيةالمحمدية، 2016-2014
عبد الرحمان حموشي: أشخاص الضمان العشري في القانون المغربي، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية وجدة 11/12/2008
حمد خديجي: نطاق المسؤولية العشرية-دراسة مقارنة ، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة قاصدي ورقاة مرباح-الجزائر2006-11-05
فاطمة عمراوي: المسؤولية الجنائية لمشيدي البناء، المالك، المهندس المعماري والمقاول، جامعة الجزائر، كلية الحقوق – ابن عكنون سنة 2001- 2000
عبد الغني رحال: تامين المسؤولية العشرية للمقاول والمهندس، جامعة أم البواق، كلية العلوم الإقتصادية والتجارية والتسيير سنة 2014 – 2013
مكوط جيلالي: الضمان العشري الصفقات العمومية، جامعة الحسن الثاني كلية الدار البيضاء، سنة: 2-2-2010
عبد الغني ناصيري: المباني الآجلة للسقوط بين المعالجة والمسؤولية على ضوء قانون
12. 9
الفهرس :
مقدمة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
5.
الفصل الأول: إجبارية التأمين على مخاطر البناء و نطاقه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
7.
الفرع الأول: إجبارية التأمين على مخاطر البناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 8.
المبحث الأول: مبدأ إلزامية التأمين
و مراقبة استيفاء على مخاطر البناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
8.
المطلب الأول: إجبارية التأمين على مخاطر الورش. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
8.
المطلب الثاني: إجبارية التأمين على المسؤولية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 9.
المطلب الثالث: مراقبة استيفاء التأمين على مخاطر للبناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 10.
المبحث الثاني: جزاء الإخلال بإجبارية التأمين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 12.
المطلب الأول: عند تخلف التأمين على مخاطر الورش. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 12.
المطلب الثاني: عند تخلف التأمين على المسؤولية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
13.
الفرع الثاني: نطاق التأمين على مخاطر البناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
13.
المبحث الأول: نطاق تأمين البناء من الأبنية التي ينطبق عليها. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 13.
المطلب الأول: الأبنية والأوراش المعنية بإجبارية التأمين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 13.
الفقرة الأولى: في التشريع الفرنسي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
14.
الفقرة الثانية: في التشريع المغربي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 15.
المطلب الثاني: الأبنية والأوراش المستثناة من إجبارية التأمين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 17.
المبحث الثاني: تأمين المسؤولية المدنية العشرية والإستثناءات من إجبارية التأمين. . . . . . . . . . . . . 18.
المطلب الأول النطاق الشخصي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 18.
الفقرة الأولى: المسؤولون بالضمان العشري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
19.
أولا: المهندس المعماري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 19.
ثانيا: المقاول. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
20.
الفقرة الثانية: الأشخاص المستفيدون. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
22.
أولا: رب العمل. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 23.
ثانيا: المالكون المشاركون في ملكية الطبقات والمشتري المستأجر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
24.
المطلب الثاني : النطاق الموضوعي والإستثناءات الواردة عليه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 26.
الفقرة الأولى: النطاق الموضوعي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 27.
أولا: من حيث الأضرار. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 27.
ثانيا: من حيث البناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
30.
الفقرة الثانية: الإستثناءات الواردة عليه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 34.
أولا: إستثناءات من الضمان. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
34.
ثانيا: إستثناءات من التعويض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
39.
الفصل الثاني: نطاق التأمين الإجباري من حيث المسؤولية و الأضرار. . . . . . . . . . . . . . . . . ,. . . . . . . . 40.
الفرع الأول: تغطية المسؤولية الناشئة أثناء فترة التنفيذ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 40.
المبحث الأول: التأمين الموضوعي للأضرار اللاحقة بالمنشأة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 40.
المطلب الأول: إجبارية التأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 40.
المطلب الثاني: الإستثناءات المحددة بنص تنظيمي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
42.
المبحث الثاني: تأمين المسؤولية المدينة المتعلقة بالورش. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 44.
المطلب الأول: التأمين على الأضرار التي قد تصيب الغير. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
44.
المطلب الثاني: الأشخاص المستفدون من التعويض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
46.
الفرع الثاني: تغطية المسؤولية الناشئة أثناء فترة الضمان العشري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 47.
المبحث الأول: الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 47.
المطلب الأول: الطبيعة العقدية والتقصيرية للضمان العشري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 48.
الفقرة الأولى: الطبيعة العقدية للضمان العشري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 48.
الفقرة الثانية: الطبيعة التقصيرية للضمان العشري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
50.
المطلب الثاني: العمل القضائي بخصوص الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية
العشرية. . . . . . . . 51.
الفقرة الأولى: العمل القضائي المتعلق بالمسؤولية العقدية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 51.
الفقرة الثانية: العمل القضائي المتعلق بالمسؤولية التقصيرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 53.
المبحث الثاني: نطاق تأمين البناء ومحدودية الضمان فيما يخص الأضرار المشمولة
بالتغطية. 53.
المطلب الأول: طبيعة التأمينات الإجبارية على مخاطر البناء. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 53.
الفقرة الأولى: بالنسبة للتأمين على مخاطر الورش. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
53.
الفقرة الثانية: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 54.
المطلب الثاني: الأضرار المشمولة بالتغطية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
56.
الفقرة الأولى: بالنسبة للتأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 56.
الفقرة الثانية: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية المتعلقة بالورش. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 57.
الفقرة الثالثة: بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 58.
المطلب الثالث: محدودية نطاق الضمان بالنسبة للتأمين على الأضرار اللاحقة بالمنشأة وعلى
المسؤولية المدنية العشرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 59.
المطلب الرابع: محدودية نطاق الضمان بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية المتعلقة
بالورش.. 61.
الخاتمة: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 63.
[1] حدث الخطيرة نذكر :
إنهيار عمارة بمراكش بتاريخ 16/12/1987 والذي شكل مأساة حقيقية في ميدان التعمير بالمغرب حيث انه في لحظة
واحة تهاوت عمارة من خمس طوابق وهي مازالت في طور البناء مخلفة سبعة عشر ضحية وما يناهز 600 مليون
سنتيم من الخسائر .
كذلك انهيار عمارة كائنة بشارع جازوليت رقم 5 بحي المحيط الرباط قد إنهارت عن آخرها بتاريخ 3/11/1976.
انهيار عمارة بالقنيطرة يوم االربعاء 16/01/2008 وهي في طور البناء والتي كان مقررا ان تكون محال تجاريا مهما
وقد تسبب هذا االنهيار في وفاة عشرين عامال وازيد من خمسة وعشرين جريحا .
_ هذه النماذج من الحوادث : أوردها عبد القادر العرعاري :المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب الطبعة الثانية
2010 دار االمان الرباط الصفحة 317 وما بعدها .
[2]الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 19 ديسمبر 2016.
[3] ينص الفصل 769 ق ل ع : " المهندس المعماري او المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحمالان المسؤولية إذا حدث خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذاها أو أشرفا على تنفيذها إن انهار البناء كليا أو جزئيا، أو هدده خطر واضح بالإنهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض.
المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ عمليته،لا يضمن إلا عيوب تص
ميمه تبدأ من العشر سنوات من يوم تسلم المصنوع. ويلزم رفع الدعوى خلال الثالثين يوما التالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضعان، و إلا كانت غير
مقبولة.
[4]يتم ذلك في إطار
معاينة المخالفات للنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتعمير وفق القانون رقم 12. 66الصادر في 21 من ذي القعدة 1437 المتعلق بزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء ، الجريدة الرسمية عدد 6501 ، بتاريخ 29 ديسمبر
2016.
[5]G. DURRY,
LES ASSURANBCES OBLIGATOIRES EN MATIERE DE CONSTRUCTION, Rev. Droit immobilier, 1979, P 285, note
n° 34.
[6]Malinvaud et Jestaz, la
responsabilité et l'assurance J. C. P. 1978 - 1 - 1900, No. 35.
[7]Boubli, P 367, n° 614.
[8]تقرير لجنة المالية والتنمية الإقتصادية حول مشروع قانون 21. 00 يقضي بتغيير وتنعيم القانون رقم 00-29 المتعلق
بمدونة التأمينات، ص 5
[9]الجريدة الرسمية عدد 6470 بتاريخ 2 يونيو 2016 .
[10]عبد الغني رحال، مرجع سابق ، ص15.
[11]عادل عبد العزيز عبد الحميد سمارة ، مرجع سابق، الصفحة 49.
[12] خديجي أحمد، مرجع سابق، الصفحة 12-13.
[13]عبد الرزاق السنهوري ، مرجع سابق ، الصفحة41.
[14] فاطمة عمراوي: "المسؤولية الجنائية لمشيدي البناء :الملك، المهندس المعماري و المقاول"، رسالة لنيل الماجستير في القانون الجنائي، جامعة الجزائر، كلية الحقوق اين عكنون، السنة الجامعية :2000-2001 ، ص :161.
[15]پوبلی " :
عقد المقاولة "، موسوعة دالورز ، ط 1981 ء القانون المدني ، بند 7-3 ص :4. وارد لدي عبد الرزاق حسينيس:"المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء :شروطها، نطاق، تطبيقها، الضمانات المستحدثة فيها دراسة مقارنة في القانون المدني"، جامعة أسيوط/ كلية
الحقوق، الطبعة الأولى 1987 ، ص :573
[16]عبد الرزاق
احمد السنهوري " :الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الجزء السابع، العقود الواردة على عمل المقاولة والوكالة، المجلد الأول، دار النهضة العربية بالقاهرة ، طبعة 1964 ، ص111. :
[17]محمد شكري سرور، مرجع سابق، الصفحة 167.
[18]عبد الرحمان حموش، مرجع سابق، الصفحة 186-187.
[19]مأمون الكزبري : "نظرية الإلتزام في ضوء قانون الإلتزامات والعقود، الجزء الأول، مصادر الإلتزام "، مطبعة دار القلم بيروت، 1974 ، الصفحة 297.
[20]عبد الغاني الناصري، مرجع سابق، الصفحة 247.
[21]قانون
18. 00 المعدل والمتمم بموجب القانون 106. 12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 49-16-1 بتاريخ 19 رجب 1437 الموافق ل 27 أبريل 2016 الجريدة الرسمية عدد 6465 من شعبان 1437
الموافق ل 16 ماي 2016 ، ص :3781
[22]قرار محكمة النقض رقم 15/7 ، ملفمدني عدد 479/1/2011 المؤرخ في 15/1/2013 ، غير منشور
[23]عبد الغاني ناصيري، مرجع سابق، الصفحة 248.
[24]قانون
51. 00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1. 03. 202 بتاريخ 16 رمضان 1424 الموافق لـ 11 نونبر 2003 ، الجريدة الرسمية عدد 5172 بتاريخ 25 دجنبر 2003،
الصفحة 4375.
[25]عبد الغاني ناصيري، مرجع سابق، الصفحة 249.
[26]محمد الزلايجي، مرجع سابق، الصفحة 279.
[27]فاطمة متمير، مرجع سابق، الصفحة 149.
[28]محمد قطني، مرجع سابق، الصفحة 49.
[29] فاطمة متمير، مرجع سابق، الصفحة 56.
[30]محمد قطني، مرجع سابق، الصفحة 52.
[31]إلهام الهواس، مرجع سابق، الصفحة 131-132.
[32]زلايجي، مرجع سابق، الصفحة 281.
[33] إلهام الهواس، مرجع سابق، الصفحة 136-137.
[34]زلايجي، مرجع سابق، الصفحة 281.
[35] الحسن أو بحيد، مرجع سابق، الصفحة 32.
[36]عز الدين الديناصوري و عبد الحميد الشواربي، مرجع سابق، الصفحة 338.
[37] السنهوري، مرجع سابق، الجزء الأول، الصفحة 1213.
[38]عبد الرزاق حسين يسن، مرجع سابق، الصفحة 659.
[39]عادل عبد العزيز، مرجع سابق، الصفحة 61.
[40]الحسين أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 33-34.
[41]نفس المرجع أعلاه.
[42] خديجي أحمد، مرجع سابق، الصفحة 53.
[43] نفس المرجع، الصفحة 52.
[44]محمد أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 34-38.
[45]محمد أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 34.
[46]لحسن أوبحي مرجع سابق ، الصفحة 42.
[47] تنص
المادة 7. 157 من مدونة التأمينات "مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الكتاب الأول من هذا القانون و في هذا الباب، بعد باطلا و عديم الأثر كل شرط مضمن في عقد التأمين يقلص او يترتب عنه تقليص نطاق تأمين مخاطر الورش كما تم تحديده في هذا
الباب".
[48] راجع المادة 8-157 من القانون 13-59 المعدل و المتمم لمدونة التأمينات.
[49]لحسن أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 43.
[50]قرار
محكمة النقض الفرنسية المصادر بتاريخ 23 نونبر 2005 ، الموقع الإكترونيwww. legifrance. gouv. fr
[51]قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريح7 دجنبر 2005 أورده ، لحسن أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 44.
[52] دحدوح فوزية: "تأمينات البناء والمسؤولية المدنية المرتبطة بها"، رسالة لنيل شهادة الماستر الأكاديمي في العلوم الإقتصادية والتجارية التسيير، جامعة العربي بن مهيدي، أم الواقي- الجزائر صفحة 61.
[53] نفس المرجع السابق، الصفحة 59.
[54] لحسن أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 45.
[55]لحسن أوبحيد، مرجع سابق، الصفحة 48.
[56] تقرير لجنة الماية و التنمية الإقتصادية، الصفحة 43 وما يليها,
[57]القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغله الصادر بتنفيدهظهير شريف رقم 190-14-1 في 6 ربيع الأول 1436( 29 شتنبر 2014) المنشور بالجريدة الرسمية رقم 6328 بتاريخ 22 يناير 2015.
[58]عبد الرحمان حموش. "المسؤولية العقدية للمهندس المعماري في القانون المغربي والمقارن"، أطروحة لنيل الدكتوراه، سنة 2010-2011 ، الصفحة 165.
[59]عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، الجزء السابع، طبعة 1964، الصفحة 132
[60]عبد الرحمان حموش، مرجع سابق، الصفحة 166.
[61]فاطمة متمير، مرجع سابق، الصفحة 56.
[62]عبد القادر العرعاري،مرجع سابق، الصفحة 119-120.
[63] نفس المرجع أعلاه، الصفحة 120.
[64]قرار محكمة النقض، المصرية رقم 57 لسنة 5/1/ 1939 ، وارد لدى:محمد عزمي البكري، مرجع سابق ، الصفحة 194
[65]قرار محكمة النقض المصرية رقم 69 سنية 16/3/1976، وارد لدي:محمد عزمي البكري، مرجع سابق ، الصفحة164
[66]قرار محكمة النقض المصرية رقم 24 لسنة 21/5/1975، وارد لدي :محمد عزمي البكري، مرجع سابق، الصفحة 113
[67]حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عد 2703 بتاريخ 14/11/2013، وارد لدي:امحمد باهي:"شروط تطبيق المسؤولية العشرية في مجال منازعات الصفقات العمومية"، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، عدد 120، سنة 2015، الصفحة 41
[68]قرار محكمة النقض المصرية رقم 36 لسنة 3/11/1938، وارد لدى:محمد عزمي البكري، مرجع سابق، الصفحة 165
[69]أحصت وزارة النقل والأشغال العمومية ما يزيد عن 260 مشكل مباشر أو غيرمباشر.
[70]علما أن المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ عمليته، لا يضمن إلا عيوب تصميمه.
[71]نذكركم هنا
أن التأمين على الأضرار اللاحقة بالورش يجريه كل من صاحب للمشروع والمكلف بانجازالبناء، لذلك فإذا كان هذا الأخير هو المسؤول عن الأضرار، فتامينه يتدخل لتغطيتها، وهذا لا يجوز التمسك تجاه صاحب المشروع بخلوص التأمين. أما إذا لم يكن المكلف بالبناء هو المسؤول عن
الأضرار، فهنا يتدخل التامين التي أجراه صاحب المشروع لتغطيتها، وهنا ما دامت العلاقة تنحصر بين المؤمن له والمؤمن، فلهذا تجاه صاحب المشروع الأخير أن يواجه المؤمن له بخلوص التأمين.
[72] تقرير لجنة المالية والتنمية الإقتصادية