نظمت المواد من 496 إلى
500 من ق.م.ج. قواعد الحرية المحروسة، ويهدف هذا الإجراء إلى وضع الحدث تحت الإشراف والتتبع التربوي لمندوب تكون مهمته تجنيب الحدث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد لإعادة تربيته إلى حين بلوغه 18 سنة، وتناط بالمندوبين كذلك، مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث وحالته
الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استعماله لهواياته .
وترفع تقارير في هذا الصدد، من لدن المندوبين كل ثلاثة أشهر، إلى الهيئة القضائية التي عينتهم تتضمن ملاحظاتهم واقتراحاتهم والصعوبات التي تعترض عملهم، وتكريسا لحق الحدث وعائلته في الإخبار، نصت المادة 500 من ق.م.ج، على أنه يتعين على الهيئة التي تقرر نظام الحرية المحروسة إخطار الحدث وأبويه أو كافله
أومن يتولى أمره، بطبيعة هذا التدبير وموضوعه والالتزامات التي يستوجبها كإخطار المندوب بتغيب الحدث أو تغيير محل إقامته، أو وفاته أو مرضه، إضافة إلى تسهيل عمل المندوب ومد يد المساعدة الضرورية إليه، وفي حالة مخالفة الالتزامات السالفة الذكر، يحكم على هؤلاء الأشخاص بغرامة مدنية تتراوح ما بين 200
و1200 درهم .
غير أنه على المستوى العملي، فإن الإشكال الذي يثار على مستوى الدائرة الاستئنافية لمدينة طنجة هو أن أغلب المدن بهاته الدوائر لا تتوفر على المراكز والمؤسسات المنصوص عليها تشريعيا لاسيما المؤهلة لاستقبال الأحداث الجانحات وحتى المركزين الموجودين في كل من مدينة طنجة، ومدينة العرائش، لا يؤمنان الجو الملائم
الذي من شانه المساهمة في إعادة إدماج الحدث الجانح في وسطه الاجتماعي، مما يؤدي في غالب الأحيان إلى فراره منه، ولعل ما يساعد على ذلك إضافة إلى العوامل السابقة الذكر هي أن هاته المراكز تقل فيها الحراسة ، ولا تتوفر على الآليات الضرورية لمنع فرار الحدث من أسوار عالية ، وأبواب مثينة ، الأمر الذي يدفع في
الغالب القاضي، إلى إيداع الحدث بالمؤسسة السجنية القريبة من المحكمة حتى يكون رهن إشارته في أي وقت، وهو الأمر الذي من شانه أن يخلق وضعا شاذا وذلك باندماج الحدث مع المجرمين المحترفين مما قد يعيق إمكانية إعادة تأهيله وإدماجه في المجتمع.
ولتفادي ذلك، نرى أن الحل المناسب يكمن في إحداث مراكز متخصصة في إيواء مثل هؤلاء الأحداث، انسجاما مع غاية مشرع قانون المسطرة الجنائية، وأيضا مع المنظور الجديد للعناية بالطفل بصفة عامة بما في ذلك الأطفال الموجودين في حالة صعبة ، وكذا تحسين ظروف الإدماج بهاته المراكز والتركيز على الأمن بها ، منعا
لفرار الحدث منها، كما يكمن الحل أيضا في إعادة النظر في المناهج المتبعة حاليا في تسيير وتدبير المؤسسات المتوفرة والتابعة لوزارة الشباب، حتى تلعب الدور المنوط بها على أحسن وجه وتوفير العدد الكافي من الأطر التربوية والمساعدات الاجتماعية بها.