المفهوم القانوني للاصل التجاري

مجموعة دروس في التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي

المفهوم القانوني للاصل التجاري
لقد حددت مدونة التجارة مفهوم الاصل التجاري بمعناه القانوني في مادتها 79، باعتباره مالا منقول معنويا شاملا جميع الاموال المادية والمعنوية لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية، ومشتملا وجوبا على الزبناء والسمعة التجارية، فضلا عن أموال أخرى ضرورية لاستغلاله كالاسم والشعار والحق في الكراء، الاثاث، والبضائع، المعدات والادوات وكل حقوق الملكية الصناعية والادبية والفنية الملحقة بهذا الاصل وتقتضي دراسة مكونات الاصل التجاري، التعريف بعناصره المادية والمعنوية ( أولا ) ثم بيان العناصر المستثناة منه ( ثانيا ) وهذا ما سنعرض له تباعا على الشكل التالي : -أولا : العناصر المادية للاصل التجاري- هذه العناصر هي بمثابة حقوق ترد على أشياء مادية منقولة غير عقارية وتتمثل هذه الأشياء في الأثاث التجاري والمعدات والادوات من جهة والبضائع من جهة أخرى .

1.

الأثاث التجاري والمعدات والأدوات وهي تلك التجهيزات التي تستعمل في استغلال الأصل التجاري دون أن تكون معروضة للبيع، وتشمل المكاتب والمقاعد والرفوف والآلات الصناعية التي ترصد لاستغلاله، ويختلف وضعها القانوني فيما إذ كان صاحب الأصل التجاري يملك العقار أو إذا كان مستأجرا له، فإذا كان مالكا له فالأدوات التي له تعد عقارات بالتخصيص لا يحول دون اعتبارها عنصرا من عناصر الأصل التجاري، بحيث تخدم العقار وتتبعه في مآله، وقد يشملها الرهن الواقع على هذا العـقار، وبذلك تقـضي المادة 170 من مدونة التجـارة بأنه : « لا يجوز أن يشمل رهن الأصل التجاري سوى العناصر المحددة في المادة 80 باستثناء البضائع » وكذلك في حالة تأجيره لمستغل أو مدير يستغله لحسابه الخاص .

2.

البضائع وهي المنقولات المعدة للبيع تامة الصنع أو نصف مصنعة أو مواد أولية، وينظر إلى هذه البضائع كوحدة قائمة بذاتها وليس كأجزاء متنوعة، وهذه الوحدة هي التي تجعل من البضائع عنصرا ماديا من عناصر الأصل التجاري، وهي العنصر الأقل استقرارا ذلك وفقا لما تقتضيه التجارة، والبضائع تتميز عن الأدوات من حيث الغرض المعدة له حيث قد تعتبر أدوات وقد تعتبر بضائع، فالسيارة المعدة للنقل مثلا تعتبر من الأدوات، أما إذا كانت معروضة للبيع فإنها من قبيل البضائع، ويتميز نظام البضائع بالخصائص التالية :  في حالة بيع الأصل التجاري تكون البضائع مستقلة عن الأصل .

 في حالة رهن الأصل التجاري تستثنى البضائع من هذا الرهن .

 في حالة تأجير الأصل التجاري تستثنى البضائع وتبقى لمالك الأصل أو قد تؤجر مع الأصل على أن ترد مع الأصل أو ترد قيمتها .

-ثانيا : العناصر المعنوية للأصل التجاري- هذه العناصر حددتها المادة 80 من مدونة التجارة، وتتمثل في الزبائن والسمعة التجارية والاسم التجاري ثم الشعار والحق في الكراء وبراءات الاختراع والرخص وعلامات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية وبصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية الملحقة بالأصل التجاري .

وتلعب هذه العناصر دورا هاما في تحديد قيمة الأصل التجاري والتي بدونها لايتصور قيام هذا الأصل، وسنتناول تحليل هذه العناصر بإيجاز من خلال الفقرات التالية : 1-الزبائن والسمعة التجارية - يعتبر عنصر الزبائن والسمعة التجارية أهم عنصر في الأصل التجاري، إذا لا يمكن تصور وجود أصل تجاري بدون عنصر الزبائن والسمعة التجارية، ولأهمية هذا العنصر فإنه جرى العمل على أنه لا يمكن إثارة دعوى المنافسة غير المشروعة دون عنصر الزبائن والسمعة التجارية لأنه الأساس في قيامها .

ويعني عنصر الزبناء أو بعبارة أدق عنصر الاتصال بالزبناء مجموع الأشخاص المشكل منهم رواد الأصل التجاري، والذين اعتادوا التردد عليه والمرتبطين بشخص التاجر صاحب الأصل التجاري لما يمتاز به من حسن معاملة، وأمانة وصدق أو بمقتضى عقود تموين التي تربطه معهم .

ويقصد بالسمعة التجارية مجموع الأشخاص المرتبطين بالمكان الذي يستغل فيه التاجر أصله التجاري، بسبب عوامل موضوعية لا شخصية كقدرة الاصل التجاري على اجتذاب واستقطاب الزبناء بالنظر لما يمتاز به عن غيره من المتاجر كموقعه الجغرافي أو شهرته ونوع السلع والخدمات التي يقدمها، فهي عبارة عن اجتماع أوضاع واقعية تسهل الحصول على الزبائن وهي بمثابة زبناء مرتقبين حيث يمكن اعتبار السمعة التجارية مصدرا لعنصر الزبائن .

وإذا كان وجود الاصل التجاري يفترض ارتباط الزبائن به فإن ذلك يعني ضرورة استجابة هؤلاء لشرطين أساسيين يلزم أن يكون الزبائن فعليين وتابعيين لذات الأصل التجاري : أ‌-يجب أن يكون الزبائن فعليين- لا يمكن القول بقيام أصل تجاري إذا كان الزبائن افتراضيين أو احتماليين، فلا يكفي فتح أبواب المحل أمام الجمهور لكي يظهر الزبائن، بل من الضروري كذلك أن يتم البدء في الاستغلال الفعلي للاصل التجاري فبدون هذا الاستغلال نكون فقط أمام إمكانية قيام أصل تجاري وليس بصدد أصل موجود .

غير أنه إذا كان البدء في الاستغلال أمرا لازما، فإن بعض القضاء يعترف بوجود الزبائن بالنسبة لمحطات البنزين التي تقدم خدماتها للجمهور بمجرد فتح هذه المحطات لأبوابها .

وينتج عما تقدم أن التوقف عن استغلال المحل، يؤذي إلى تلاشي عنصر الزبائن وبالتالي زوال الاصل التجاري.

ب‌-يجب أن يكون الزبائن تابعين للأصل التجاري- مؤدى هذا الشرط افتراض تبعية الزبائن للأصل التجاري الذي يستحوذ على إرضاء حاجيات هؤلاء، وكذلك عدم ارتباطهم الوثيق بأصل تجاري آخر يلبي لهم نفس الحاجيات لكن يتعين ملاحظة أن هذا الشرط ليس جوهريا في كل الحالات، ذلك أنه قد يتخلف عندما يكون زبائن الأصل التجاري جزءا متفرعا عن مجمل زبائن مجموعة تجارية، وهذا هو شأن التجارة الصغيرة المستغلة في إطار مركب تجاري أو المحطات الخدمية التي تقدم خدماتها للجمهور حيث لايتصور استئثارها بزبائن معينين.

2– الاسم التجاري والعنوان- يتخذ التاجر لمتجره اسما تجاريا يميزه عن باقي المتاجر، ويعرف به في الوسط التجاري.

ويشترط في الاسم التجاري أن يتضمن وجوبا الاسم المدني لصاحب الأصل التجاري، ويعد التاجر مالكا لاسمه وعنوانه التجاريين في المواد من 69 إلى 74 من مدونة التجارة الجديدة.

وقد أشارت المادة 70 إلى أن الحق في استعمال اسم أو عنوان تجاري مقيد بالسجل التجاري ومشهر في إحدى الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية يختص به مالكه دون غيره.

ولا يجوز أن يستعمل من طرف أي شخص آخر ولو من طرف من له اسم عائلي مماثل، ويتعين على هذا الأخير حين إنشاء عنوان تجاري أن يضيف إلى اسمه العائلي بيانا آخر يميزه بوضوح عن العنوان التجاري الموجود سابقا .

وللاسم التجاري خاصية مالية وهو ما يفسر تخويل صاحبه الوسائل القانونية التي تمكنه من ممارسة دعوى المنافسة غير المشروعة ضد الانتحال والتقليد حسب ما أشار إليه الفـصل 84 من قانون الالتزامات والعقود .

ونشير أنه إذا سجل الاسم لمدة طويلة في السجل التجاري ولم يستعمل فإنه يمكن للأشخاص أن يطلبوا التشطيب عليه .

3– الشعار- هو تسمية يبتكرها صاحب الأصل التجاري لتمييز متجره عن غيره من المتاجر، وقد يتمثل في كتابة أو رمز أو إشارة أو صورة ملصقة على واجهة المحل توحي بالنشاط الممارس فيه، كما يقصد منها إثارة الانتباه ولفت نظر الزبائن إلى المتجر وبالتالي فإنه لا صلة له بالاسم المدني للتاجر، ولا يخضع لأي قيد في السجل التجاري وإنما يكون الحق فيه بالأسبقية في الاستعمال، وتقتصر حمايته على المنطقة التي يوجد فيها الأصل التجاري .

4– الحق في الكراء- هو الحق الذي يتمتع به التاجر على العقار الذي استأجره ليمارس فيه تجارته، بحيث يمكنه التنازل عن الإيجار أو نقله للغير ونلاحظ أن التاجر مستأجر العقار المعد للتجارة، قد ينشىء في هذا العقار أصلا تجاريا ذا أهمية كبيرة، يمكن أن يكون سببها المباشر موقع العقار لذا إذا رغب التاجر في بيع أصله التجاري فلا بد أن يشمل البيع حق الإيجار أي التنازل عن إيجار العقار لمشتري الأصل التجاري لأنه لو لم يفعل ذلك فلا شك أنه سيتضرر.

حيث لم يعترف للمكتري بالحق في الإيجار في الباطن إلا إذا ورد ذلك في عقد الكراء اتفاقا وبنص صريح أو إذا صرح المؤجر بقبوله.

ومن باب التحصيل الحاصل أن الحديث عن هذا الإيجار لا يسـتقيم إلا إذا كان صاحب الأصل الـتجاري مـستأجرا وإلا ما قامـت لحق الايجار قائمة .

5– حقوق الملكية الصناعية- تشتمل هذه الحقوق على مايلي:  براءات الاختراع : وهي رخصة أو إجازة يمنحها القانون لصاحب ابتكار لانتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة للحصول على إنتاج صناعي قائم أو بنتيجة صناعية موجودة أو تطبيق لوسائل معروفة للحصول على انتاج صناعي، فإذا حدت اختراع باحدى هذه الصور المذكورة يعتبر ملكا لصاحبه ملكية من نوع خاص يحميها القانون .

 العلامات الصناعية والتجارية: وهي علامات يضعها صاحب الإنتاج على مبتكراته لأجل تمييزها عن غيرها سواء من حيث تحديد نوعها أو ماهيتها أو محل إنتاجها، ومع مرور الزمن تصبح العلامة دليلا على جودة الإنتاج.

وتعتبر براءة الاختراع تلك الرخصة التي يمنحها القانون لابتكار أو اكتشاف معين، حيث يكون قابلا لاستصدار البراءة كل اختراع جديد يستلزم نشاطا ابداعيا، ويكون قابلا للتطبيق الصناعي أما علامات الصنع أو التجارة أو الخدمة فهي كل شارة قابلة للتجسيد الخطي تمكن من تمييز منتجات،أو خدمات شخص طبيعي أو معنوي عن المنتجات الأخرى ويمكن أن تعتبر شارة بوجه خاص التسميات كيفما كان شكلها مثل الكلمات ومجموعة الكلـمات، والأسماء العائـلية والجـغرافية والمسـتعارة والحروف والأرقام.

.

.

.

6– حقوق الملكية الأدبية والفنية- هي حقوق المؤلفين-أدبية وفنية- على إنتاجهم الذهني، وتوجد حماية قانونية للتأليف الأدبية والفنية والعلمية طيلة حياة المؤلف وبعدها أي بمجرد التأليف دون حاجة لاتخاذ إجراءات خاصة بذلك.

وحقوق الملكية الأدبية والفنية من أهم عناصر الأصل التجاري بالنسبة لبعض المحلات التجارية، وخاصة دور النشر، لأنها تعتمد أساسا على ما تشتريه من حقوق المؤلفين على إنتاجهم الذهني وتقوم بغية تحقيق الربح .

ويتمتع المؤلف كذلك بحق مالي عن حق الملكية متى كان هذا المنتوج منشورا أو معروضا للبيع مع انتقال هذا الحق للخلف الذي يستفيد منه لمدة 50 سنة بحيث يصبح بعدها ملكا عاما.

-ثالثا: العناصر المستثناة من الأصل التجاري- بما أن الأصل التجاري يشكل وحدة قانونية يتمتع بذمة مستقلة عن صاحبها، فإن ذلك يقتضي عدم احتوائه على بعض العناصر المعنوية التي تظل لصيقة بذمة التاجر.

ويمكن اختصار هذه العناصر فيمايلي :  الديون والقروض: إن الاصل التجاري وإن كان يشكل مجموعة من العناصر إلا أن المشرع المغربي لم يعط له ذمة مالية مستقلة عن ذمة صاحبه، لأجل ذلك تدخل أصول وخصوم الاصل التجاري في إطار الذمة المالية لمالكه أو مستغله، ومن ثم تشتغل الديون المتعلقة به ذمتهما فلا تنتقل إلا باتفاق خاص .

ويقصد بالديون ذلك المستقاة من عناصر الاصل التجاري أي الناتجة عن الجانب السلبي لحسابات القيم الموجودة أو المحققة في آجال قصيرة وهي بمثابة حقوق شخصية مرتبطة بذمة التاجر .

وأما القروض فهي ما يقترضه التاجر لتسيير شؤونه التجارية هي كذلك مرتبطة بالذمة الخاصة للتاجر فتؤثر عليها سلبا .

 الدفاتر التجارية وغيرها من المستندات المحاسبية: هذه المستندات المحاسبية تظل في ملك البائع بحيث يجب عليه لزوما الاحتفاظ بها عشر سنوات، ويحق للمفوت إليه الحصول على المعلومات الضرورية التي تتضمنها دفاتر مستندات السنوات الثلاث الأخيرة .

 العقود والصفقات: هي العقود المبرمة مع المزودين أو مع الزبناء، ولا تنتقل العقود والصفقات مع الأصل التجاري في حالة تفويته، ما لم يشترط خلاف ذلك .

غير أنه حيادا عن الأثر النسبي، يلتزم مشتري الأصل التجاري بعقود الشغل المبرمة من طرف البائع ، كما يسري نفس الحكم على عقود التأمين التي تتبع الشيء المؤمن عليه .

 العقارات: إن خاصية الأصل التجاري باعتباره مالا منقولا معنويا تستدعي استبعاد اشتماله العقار الذي يحتضنه سواء كان عقارا بالطبيعة أو بالتخصيص، فعند استغلال مالك العقار لأصله التجاري فإن الأدوات والمعدات المرتبطة بالاستغلال تصبح عقارات بالتخصيص ولا تدخل في عناصر الأصل التجاري ويشترط في ذلك مايلي : - استغلال المالك للأصل التجاري ( مالك العقار ) - كون المنقولات مخصصة لخدمة واستغلال العقار نشير إلى أنه بالإضافة إلى كل من الأهلية، الرضى والمحل نجد السبب الذي يقصد به في مفهومه القريب أحد عناصر العقد لا العقد ذاته، والمقصود بسبب الالتزام هو الغاية من الالتزام وفكرة السبب قد ترعرعت بين نظريتين النظرية التقليدية والنظرية الحديثة، ويقصد بالنظرية التقليدية السبب القصدي أي الغرض المباشر الذي يرميه الملتزم.

أما السبب في النظرية الحديثة فهو الباعث الدافع إلى عملية التعاقد، وعندما نقول الباعث يعني أن السبب يتحكم فيه معيار ذاتي يختلف باختلاف ظروف التعاقد ومن متعاقد لأخر .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0