رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تحت عنوان تأثير توازي الدعويين - دعوى الاستحقاق ودعوى التعرض . على حقوق المتقاضين
رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تحت عنوان تأثير توازي الدعويين - دعوى الاستحقاق ودعوى التعرض . على حقوق المتقاضين
رابط تحميل الرسالة اسفل التقديم
مقدمة
لا أحد يمكن أن يذكر ما للملكية العقارية من أهمية في حياة الإنسان، إذ تعتبر رمزا الاستقراره داخل المجتمع لدرجة أن المشرع المغربي أنزلها منزلة التقديس، ومعنى مقدسة أنها محمية بموجب أسمى قانون في بلادنا، وهو الدستور المغربي لسنة 2011 الذي نص في الفصل 35 منه على أن القانون يضمن حق الملكية .....
ونفس هذا المقتضى الحماني كرسه في المادة 23 من م.ج. ع التي نصت بشكل صريح على أنه : " لا يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون.
لا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون
و مقابل تعويض مناسب.
وهنا يتضح لنا أن حق الملكية هو حق دستوري، لا يجوز المساس به إلا بالقانون، وفي حالة المساس به دون موجب قانوني فإن هناك إجراءات قانونية من أجل استرداده، تختلف حسب ما إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ أو في طور التحفيظ.
إذا كان العقار محفظا فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق رفع دعوى استعجالية طبقا لمقتضيات الفصل 149 من ق.م.م تقضي بطرد المدعى عليه من العقار بصفته محتلا له بدون سند قانوني مالم يتمسك بوجود علاقة كرائية، لاسيما إذا كان الكراء سكنيا، حيث إنه في هذا النوع من الأكرية رغم انتهاء مدته يبقى سند احتلال المكتري هو التجديد الضمني للعقد، لأنه لا ينتهي بانتهاء مدته وإنما يتحقق السبب، فالمشرع في إطار القانون 167-12 المتعلق بكراء المحلات المعدة للسكنى والاستعمال المهني راعي البعد الاجتماعي للمكتري حتى لا يشعر هذا الأخير أنه مهدد بالإفراغ في كل لحظة مادام يؤدي الوجيبة الكرانية، وبالتالي تحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي للمكتري في هذا النوع من الأكرية. عكس ما إذا تعلق الأمر بكراء وقفي أو فلاحي، حيث في هذين النوعين من الأكرية لا يحق القاضي المستعجلات أن يدفع بعدم الاختصاص لأنها تنتهي بانتهاء مدتها استنادا إلى المادة 92 من ما بالنسبة للكراء الوقفي، والفصل 714 من ق.ل.ع.م بالنسبة للكراء الفلاحي الذي لا تتجاوز مدته أربعين سنة، أي ينتهي بانتهاء مدته بقوة القانون.
أما إذا كان العقار غير محفظ فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق رفع دعوى في الموضوع تسمى بدعوى الاستحقاق، وهي دعوى يرفعها القائم ضد الحائز للاعتراف له بالملكية، لذلك تسمى أيضا بالدعوى التقريرية، أي تقرر الملكية لمن هي، ولا شيء آخر غير الملكية، بمعنى أن الدعوى التي تهدف إلى الاعتراف بحق عينى آخر غير حق الملكية كحق الانتفاع أو حق السطحية... ليست دعوى استحقاق بالمعنى الذي أشرنا إليه أعلاه وإنما هي دعوى استحقاق في معناها اللغوي، وإن صح التعبير هي دعوى الإقرار بحق عيني، لأن دعوى الاستحقاق ترفع من طرف المالك ولا يمكن تصورها إلا على العقار غير المحفظ، بينما دعوى الإقرار بحق عيني آخر غير حق الملكية ترفع ضد المالك أي ضد صاحب حق الرقبة للاعتراف بالحق العيني الذي رتبه على ملكه، ويمكن تصورها
حتى على العقار المحفظ ، فدعوى الاستحقاق هي من دعاوى الملكية كما عبر عن ذلك المشرع في الفصل 169 من ق.م.م الذي نص على قاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية ودعوى الحيازة ، حيث جاء فيه : من قدم دعوى الملكية لا تقبل منه بعد ذلك دعوى الحيازة إلا إذا وقع إخلال بحيازته بعد تقديم دعوى الملكية".
بمعنى من لجا إلى دعوى الإستحقاق أولا فإنه يعتبر تنازلا منه عن دعوى الحيازة، وإذا لجا إلى دعوى الحيازة في الأول فإنه يجب أن لا يدفع بالملكية ولو كان هو المالك الحقيقي أي يجب البقاء في منطق الحيازة، وهو منطق سليم يحقق العدالة، لأن قاضي الحيازة لا يقضي بالملكية وإنما يبت في ظاهر الحال ويحكم بالحيازة لا أقل ولا أكثر، لذلك إذا خسر المدعي دعوى الحيازة يمكن أن يرفع دعوى الملكية و يربح من قضي له بالحيازة بعد ذلك. وهذا ما يستشف من الفصل 168 من ق.م.م حيث جاء فيه: "إذا وقع إنكار الحيازة أو التعرض لها، فإن البحث الذي يؤمر به لا يمكن أن يتعلق بموضوع الحق الذي لا يمكن أن يكون إلا محل دعوى الملكية تستهدف الاعتراف بحق عيني عقاري".
فالفصل 168 أعلاه يؤكد بدوره على أن دعوى الاستحقاق هي من دعاوى الملكية وبالتالي فإن الفصلين 168 و 169 معاء يمكن اعتمادهما كسند قانوني للقول بأن دعوى الاستحقاق تستهدف الاعتراف بحق الملكية دون غيره من الحقوق العينية الأخرى، ويمكن أن نضيف إليهما أيضا المادة 22 من مرجع حيث جاء فيها : "! لمالك العقار أن يطلب استحقاق ملكه ممن يكون قد استولى عليه دون حق و وله أن يطالب من تـ تعرض له فيه بالكف عن تعرضه، كما له أن يطالب برفع ما قد يحصل له فيه من تشويش.
أما إذا كان العقار في طور التحفيظ فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق دعوى التعرض على مطلب التحفيظ التي حظيت بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع المغربي أي تسري عليها مقتضيات الفصول من 24 إلى 51 من ظرت . ع كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07-14، وهي الوسيلة الوحيدة لدحض قرينة الملكية لطالب التحفيظ حتى لا يسري على المتعرض الأثر التطهيري للرسم العقاري، من خصوصيتها أنها بمثابة دعوى استحقاق معكوسة ، وكلمة بمثابة تعني بأن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ لیست دعوى استحقاق بالمعنى الذي أشرنا إليه أعلاه، وإنما هي فقط بمثابة دعوى استحقاق وإن صح القول هو استحقاق في معناه اللغوي لا أقل ولا أكثر، لاسيما وأن بين الدعويين العديد من الفروقات المسطرية والموضوعية والتي سنأتي على ذكرها بعد قليل، أما كلمة معكوسة فتفيد الإثبات أي معكوسة على مستوى الإثبات، بحيث تقلب فيها المراكز القانونية للأطراف، لذلك أحيانا نصطدم بدعويين متوازيين دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام محكمة التحفيظ ، وهذا فقط شق من موضوع دراستنا.
ونتصور هذه الفرضية عندما تكون دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء العادي، ويلجا أحد طرفي النزاع إلى تقديم طلب لتحفيظ العقار موضوع دعوى الاستحقاق، وغالبا يقدم هذا الطلب من طرف القائم، أي مدعي الاستحقاق حتى يكتسب صفة المدعى عليه ويعفى من
الإثبات لكون المطلب أصبح قرينة على الملك، وإذا تعرض الطرف الآخر وأحيل الملف على محكمة التحفيظ استنادا إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من ظرت. ع كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07-14، يصبح المتعرض مدعيا ومكلفا بالإثبات بعدما كان طرفا مدعى عليه في دعوى الاستحقاق لا يكلف ببيان وجه مدخله إلا إذا أدلى القائم بحجة أقوى استنادا إلى المادة 242 من م.ح.ع، وبالتالي تصبح إزاء دعويين متوازيين، دعوى استحقاق رائحة أمام القضاء العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام قضاء التحفيظ ، الأمر الذي ينتج عنه ازدواجية القضاء وأحيانا صدور أحكام متناقضة، بل أكثر من ذلك قد تصبح إزاء حكم قضائي نهائي صادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ ليس له أي قيمة قانونية أمام قرار إداري بتأسيس رسم عفاري له حجية مطلقة وغير قابل للطعن كما ينص على ذلك الفصل 62 ظرت.ع،
ونتصور هذه الفرضية أيضا في حالة تقديم طلب التحفيظ من طرف خاسر دعوى الاستحقاق، وقبول إدراجه من طرف السيد المحافظ على الأملاك العقارية، وعدم قيام رابح الدعوى بالتعرض على المطلب، وحتى لو افترضنا تم التعرض بناء على هذا الحكم القضائي النهائي القاضي بالاستحقاق فإنه يطرح إشكال آخر أمام السيد المحافظ على الأملاك العقارية حول ما إذا كان هذا الحكم بالإمكان أن ينهض حجة لاتخاذ قرار التحفيظ في اسم المتعرض أم أنه يتعين عليه أن يحيله على محكمة التحفيظ، وحتى إذا أحاله يطرح الإشكال حول حجيته أمام محكمة التحفيظ، كما قد يطرح
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1M0sIicFtYdikRew0qXq5eHn0BNG1BxdB/view?usp=drivesdk