العقد لا يضر الغير
مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية
/p>
· التعهد عن الغير الفقرة الأولى : الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه /p>
كرس المشرع المغربي أحكام هذا الالتزام في الفصول من 36 إلى 38 من قانون الالتزامات و العقود ، ويقصد بالالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ، أن يلتزم شخص باسم غيره ، شرط أن يقر هذا الغير هذا الالتزام .
وتتحقق هذه الصورة عندما يتصرف شخص عن آخر دون أن يكون وكيلا ، إما لأنه وكيل وتجاوز حدود وكالته ، وإما لأنه غير وكيل أصلا ولكن تربطه بمن يتصرف عنه صلة خاصة تجعله موقن بأنه سيقر تصرفه.
وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة ، فإن الغير الذي أبرم الالتزام باسمه له الحرية المطلقة في أن يرفض هذا الالتزام أو أن يقبل به، لذلك نميز بين أحكام رفض الغير للالتزام الذي ابرم باسمه ، وأحكام إقراره: أولا : حالة رفض الالتزام /p>
إذا رفض الغير العقد المبرم باسمه ، فلا يمكن إلزامه به ولا ترتيب أية مسؤولية على الملتزم إزاء الطرف الآخر ؛ لأن الالتزام وقع في الأصل معلقا على شرط واقف هو أن يحظى التعاقد بإقرار الغير المتعاقد باسمه ، فضلا عن أن الملتزم لم يتعهد إزاء متعاقديه بالحصول على هذا الإقرار.
وفي هذا يختلف هذا النوع عن ما يسمى بالتعهد عن الغير.
ثانيا : حالة إقرار الالتزام/p>
يجب أن يكون الإقرار داخل أجل معقول ، وللملتزم أن يطلب من هذا الغير التصريح بموقفه والإفصاح عن نيته في ما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإعلام بالعقد ، وإذا ما أجاز هذا الغير التصرف داخل هذا الأجل انقلب الملتزم عن الغير وكيلا ؛ إذ "الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ، وينتج هذا الإقرار أثره في مابين المتعاقد الآخر والمقر) الغير(من وقت إبرام التصرف الذي وقع إقراره ؛ بمعنى أن للإقرار أثر رجعي في مابين المقر والمتعاقد الآخر دون الغير الذي لا يكون للإقرار أي أثر في مواجهته إلا من تاريخ حصوله طبقا للفصل 37 من قانون الالتزامات و العقود /p>
وإذا كانت إذن لهذا الغير الحرية المطلقة في أن يقبل ما التزم به الملتزم باسمه أو يرفضه ، فإن ذلك يعضد ما أكدناه من أن هذا الالتزام ليس استثناءا من قاعدة " العقد لا يضر الغير " بقدر ما هو تطبيق لها ، مادام هذا الغير لا يلتزم إلا برضاه وعن حرية تامة.
الفقرة الثانية : التعهد عن الغير .
يقصد بالتعهد عن الغير ذلك العقد الذي يتم بين شخصين بمقتضاه يلتزم أحدهما وهو " المتعهد " بان يجعل شخصا ثالثا يلتزم في مواجهة المتعاقد معه.
وإذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ، فإنه وبخلاف جل التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الجديد في مادته 153 لم يقر صراحة "التعهد عن الغير " .
لكن ورغم ذلك فإن الفقه القانوني قد أجمع على إمكانية الأخذ به طالما ليس فيه ما يخالف النظام العام من جهة ، ثم إن المبادئ القانونية العامة في التشريع المغربي لا تتعارض مع الأخذ بأحكام التشريعات التي كرست هذا النظام.
وفي ضوء كل ذلك ، فإن التعهد عن الغير يستلزم حتى يكون صحيحا توافر ثلاثة شروط: أولا : أن يتعاقد المتعهد عن الغير باسمه لا باسم الغير الذي يتعهد عنه ومن هنا فالمتعهد إذ يعمل لنفسه وينصرف إليه أثر العقد ، فإن مركزه القانوني يختلف عن مركز كل من الوكيل والفضولي ، كما يختلف عن الملتزم عن الغير الذي يتعاقد باسم الغير لا باسمه كما بينا سلفا ، وبالتالي فإن العلاقة بين المتعهد والمتعاقد الآخر هي علاقة تعاقدية يترتب على عدم وفاء المتعهد بالتزامه تحقق مسؤوليته العقدية.
ثانيا : أن تتجه نية المتعهد إلى إلزام نفسه بهذا التعهد لا إلزام الغير حيث إنه إذا تعاقد باسمه مع إرادة إلزام غيره بتعاقده ، يجعل العقد باطلا لاستحالة المحل.
لذلك فإن قبول الغير للتعهد هو الذي يولد عقد آخر جديد بين هذا الغير والمتعاقد الآخر ، ويكون هذا العقد هو مصدر التزام الغير وليس تعاقد المتعهد ، وفي هذا يظهر الاختلاف بين التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير الذي تنصرف فيه نية المشترط إلى إكساب الغير حقا مباشرا من ذات العقد الذي أبرمه المشترط مع المتعهد وكذلك الأمر بالنسبة للالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ؛ إذ إن إقرار الغير لهذا الالتزام لا يولد عقدا جديدا ، بل يبقى العقد الذي أبرم باسمه هو الذي ينتج آثاره.
ثالثا : أن يكون محل التزام المتعهد القيام بعمل هو حمل الغير على قبول هذا التعهد /p>
إن التزام المتعهد هنا هو التزام بتحقيق نتيجة وليس فقط التزاما بوسيلة ؛ بحيث إذا رفض الغير إبرام هذا العقد تحمل المتعهد المسؤولية العقدية .
وإذا كان الأمر كذلك فإنه في حالة ما إذا قبل الغير إبرام هذا العقد لكن تراخى عن تنفيذه فلا مسؤولية على المتعهد مادام قد التزم فقط بضمان ابرام العقد لا بتنفيذه.
والغير حسب ما سبق له أن يقبل تعهد المتعهد فيتحمل الالتزام الناتج عنه وتنصرف إليه أثره بشكل فوري لا رجعي ، وله أن يرفضه ودون أن يتحمل بأية مسؤولية ويكون المتعهد في هذا الفرض هو المسؤول عن إخلاله بالتزامه العقدي وتعويض المتعاقد معه أو تنفيذ ما التزم به عن الغير بشكل شخصي.
ولما كانت لهذا الغير الحرية في قبول التعهد أو رفضه مثل ما عليه الحال في الالتزام عن الغير، فإن ذلك يجعل التعهد عن الغير مرة أخرى تطبيقا لمبدأ العقد لا يضر الغير وليس استثناءا منه.