دعوى مخاصمة القاضي في القانون المغربي

مواضيع في قانون المسطرة المدنية Feb 1, 2025 0 394 Add to Reading List

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

مما لا شك فيه أن مهنة القضاء من أهم المهن وأجلها عبر التاريخ لما لها من دور في إرساء دعائم دولة العدل والمساواة، وإنصاف المظلوم وردع الظالم وقطع دابر العدالة الانتقامية، وفي هذا السياق وإيمانا من المشرع بضرورة توفير الجو الملائم للقاضي لمساعدته على البت في النزاع باستقامة وحياد، أقر مجموعة من الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك من قبيل تنظيم وضبط الحالات التي يمنع فيها على القاضي النظر في النزاع إما بتنحيه تلقائيا أو بناء على طلب ممن له مصلحة، وفي هذا الإطار تتوخى المخاصمة كالية قانونية تحقيق نوع من الحماية المتوازنة الأطراف العملية القضائية، حماية القاضي عبر حصر الحالات الموجبة لمخاصمته حفاظا على كرامته واستقلاله، وحماية أطراف الخصومة القضائية من تعسف القاضي عبر منحهم صلاحية مساءلة القاضي الذي يخل بواجب الحياد الواقع على عاتقه.

وبالرغم من أن المشرع المغربي عمد إلى تحديد الحالات التي يمكن فيها مخاصمة القضاة. إلا أن الموضوع مازال يثير مجموعة من الإشكالات والصعوبات على مستوى التطبيق السليم لهذه المقتضيات.

إن أهمية هذا الموضوع تقتضي منا وضع تعريف للمخاصمة وتحديد طبيعتها وحالاتها مع استعراض أهم إجراءاتها القانونية وآثار الحكم الصادر فيها.

المطلب الأول : ماهية المخاصمة.

تعتبر مسطرة مخاصمة القضاة من المساطر الدقيقة والخاصة التي أخذت عن المشرع الفرنسي، وهو ما أدى إلى الاختلاف في وضع تعريف موحد، نظرا لتضارب الفقه والقضاء بخصوص ذلك، بالإضافة إلى الاختلاف حول طبيعتها القانونية.

115

مجلة الوقائع القانونية - العدد 10 - مارس / أبريل 2021

الفقرة الأولى : تعريف المخاصمة

نظم المشرع المغربي مسطرة مخاصمة القضاة في الفصول من 391 إلى 401 من قانون المسطرة المدنية، والهدف من دعوى المخاصمة الوقوف واستدراك الأخطاء القضائية الناتجة عن قيام القاضي بعمل غير مشروع حين البت في الخصومة المعروضة عليه.

لم يعطي المشرع المغربي تعريفا للمخاصمة، وحسن فعل المشرع، وهو ما أدى إلى اختلاف الفقه في ذلك، حيث عرفها البعض بأنها ، إجراء غير عادي يهدف إلى إدانة القاضي نفسه الذي يلزم بإصلاح الضرر الذي كان سببا في ارتكابه تدليسيا أثناء ممارسة عمله، في حين عرفها البعض الآخر من الفقه بأنها مجموع الإجراءات التي يستطيع بها الخصم في الأحوال والشروط المنصوص عليها في القانون أن يطالب القاضي بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب الفعل المنسوب إليه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ...

نلاحظ مما هو مذكور أعلاه أن مخاصمة القضاة لا تهدف إلى إبطال حكم أصدره القاضي المخاصم، وإنما ترمي أساسا إلى تعويض الضرر الذي كان سببه الغش أو التدليس أو الغدر أو إنكار للعدالة الذي تسبب فيه القاضي، أو إلى تخلي القاضي عن النظر في الدعوى التي هي موضوع المخاصمة وأي دعوى أخرى يكون المدعي أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه طرفا فيها وإلا كان الحكم الذي يصدر في جميع هذه الحالات باطلا وكل ذلك طبقا لمقتضيات الفصل 399 من قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية : الطبيعة القانونية للمخاصمة

ظهرت في هذا الصدد عدة آراء نظرا لعدم وجود تعريف موحد للمخاصمة، حيث اعتباره البعض طريق طعن غير عادي الهدف منه إصلاح الحكم متأثرا بالمفهوم القديم لفكرة الطعن، وهي أنه طريق لمهاجمة القاضي الذي أصدر الحكم المطعون فيه.

وهو رأي مجانب للصواب لأن طرق الطعن غير العادية محددة حصرا والمخاصمة ليست منها هذا من جهة، ومن جهة ثانية طلب المخاصمة يقبل ولو كان الحكم الأصلي قابلا للطعن

1. نص الفصل 81 من قانون الالتزامات والعقود على أن القاضي الذي يخل بمقتضيات منصبه يسأل مدنيا عن هذا الإخلال اتجاه الشخص المتضرر في الحالات التي تجوز فيها مخاصمته».

2 مفتاح الرفاعي استقلالية القاضي ما بين الحصانة والمساءلة، دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والنظم القضائية الوضعية المعاصرة، منشأة المعارف الإسكندرية، 2006، ص 197.

3. وجيه محمد زهران، مقاضاة قاضي الدعوى تشريعا وعملاء الطبعة الأولى، دار الحقائب، القاهرة، 2008ء ، ص 18. 4. وقد سارت في نفس الاتجاه محكمة النقض في قراراها عدد 2018/189 الصادر بتاريخ 2018/05/08 في الملف عدد .128 2018/1121/182 منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 159 ص

5 عبد القادر بابنة، تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال للنشر، 1988، ص 108.

116