كتاب الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية - الشرطة القضائية - النيابة العامة - التحقيق الإعدادي ملحق بأهم التعديلات المضمنة بمشروع قانون المسطرة الجنائية
الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية - الشرطة القضائية - النيابة العامة - التحقيق الإعدادي ملحق بأهم التعديلات المضمنة بمشروع قانون المسطرة الجنائية
رابط تحميل الكتاب اسفل التقديم
تمهيد
يجمع القانون الجنائي في شقه الموضوعي، مجموعة القواعد القانونية التي تحدد صور الجريمة في شكل سلوك إيجابي فعل يمنع القانون القيام به، أو في شكل سلوك سلبي، امتناع عن تنفيذ ما يأمر به القانون"، والجزاء المقرر على مخالفته.
وهذه القواعد في مجموعها تشكل إنذارا موجها للكافة بالامتثال لأوامرها ونواهيها، تحت طائلة تطبيق الجزاء المقرر فيها، وحين تقع مخالفة لقواعد القانون الجنائي - والمتمثلة في وقوع الجريمة - يتولد للدولة في تلك اللحظة، في مواجهة المخالف للقاعدة الجنائية، حقا يسمى بالحق في العقاب، وهذا معناه أن قواعد القانون الجنائي باعتباره قانون موضوع تظل في حالة سكون، وحين تخرق تلك القواعد، تنتقل إلى حالة التجسيد أي مرحلة التطبيق الفعلي، وهذا هو دور قانون المسطرة الجنائية باعتباره همزة الوصل بين ارتكاب الجريمة وتوقيع العقوبة على مرتكبها استفاء لحق الدولة في توقيع الجزاء عليه.
فالقاعدة القانونية لا فائدة من وجودها إذا لم تكن قابلة للتطبيق، والدولة وإن كان لها الحق في توقيع الجزاء، إلا أن وسيلتها في ذلك محددة بطريقة صارمة، وهي تحريك الدعوى الجنائية.
ومن هنا تتبين أهمية قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانون إجرائي ينظم سلطة الدولة وأجهزتها في الاعتقال والمتابعة والمحاكمة والعقاب ويجدد القواعد المتعين تطبيقها واحترامها في جميع الإجراءات القضائية التي تعقب ارتكاب الجريمة، وكيفية عمل الشرطة، والدرك، والقضاة، ومرورا بالبحث والتحقيق والبت فيها، وانتهاء بتنفيذ الجزاء الصادر بشأنها.
غير أنه من الطبيعي أن تمس بعض قواعد المسطرة الجنائية بحقوق وحريات الأفراد، لأنه بقدر ما يهدف إلى حماية حريات الأفراد وضمان محاكمة عادلة لهم، بقدر ما يروم مكافحة الجريمة وحماية الأمن العام وسلامة الأشخاص والممتلكات، وهي معادلة صعبة تقتضي حماية مصلحتين وعدم إهدار أحدهما للأخرى.
وما يجب التأكيد عليه في هذا المقام، هو ضرورة التقيد عند وضع قواعد إجرائية ماسة بحريات وحقوق الأشخاص، بالضوابط والمعايير المتفق عليها عالميا، والتي لا تخرج عن ثلاث مبادئ أساسية تتجسد في مبدأ "الضرورة"، أي لا مجال لوضع قاعدة إجرائية مقيدة
9
للحرية ما لم تقتضيها الضرورة ومبدأ "التناسب" من خلال مراعاة التوازن بين الحرية، أو الحق المراد المساس به والغاية المتوخاة من وضع القاعدة الإجرائية ومبدأ "الشرعية" الذي
يقتضي احترام الضوابط المفروضة عند صياغة قاعدة قانونية.
ولا تخفى أهمية قانون المسطرة الجنائية من جهة أخرى كونه يتناول بالتفصيل، المبادئ الأساسية التي يقرها الدستور، ولعل المبادئ المتعلقة بحرية الأفراد أو حرمة المسكن، لأبرز دليل على ذلك.
كما أن قانون المسطرة الجنائية يمتاز بخاصية في غاية الأهمية والدقة تكمن في الرسالة التي يحملها، وهي تحقيق وإعلان الحقيقة الواقعية في الدعوى الجنائية على عكس الحقيقة القانونية أو الشكلية المعبر عنها في النزاعات المدنية، وهذه الحقيقة تعكس بوضوح وتجسيد مبدأ وقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وتجسد المحاكمة العادلة والردع العام الذي لا يستقيم إلا بالتطبيق السليم للقانون، وفي هذا المعنى يقول مونتسكيوا " أن سبب كل انفلات إجرامي لا يرجع إلى اعتدال العقوبة وإنما إلى عدم العقاب على الجريمة ".
وفيما يتعلق بالتطور التاريخي تكشف دراسة تاريخ قانون المسطرة الجنائية عن وجود نظامين للإجراءات يتقاسمان تاريخ المجتمعات، وهما النظام الاتهامي والنظام التفتيشي
يعد النظام الاتهامي الأقدم ظهورا، حيث كانت الدعوى الجنائية خصومة لا تختلف كثيرا عن الخصومة المدنية، ذلك أن الدعوى الجنائية لم تكن لتتحرك عن الجريمة إلا إذا باشرها المجني عليه، وكانت الإجراءات تباشر علانية وفي حضور الخصوم كما كان مبدأ شفهية المرافعات سائدا .
أما النظام التحقيقي أو التفتيش فيستمد تسميته من البحث والتحري الذي تنطلق به الإجراءات، وارتبط ظهوره باحتكار الدولة المجموع السلط.
فالخصومة لم تعد خصومة عادية بين أطراف متساوية في الحقوق والواجبات وإنها، أمية الاقام من وظائف الدولة قارية بواسطة هيئة خاصية هي النيابة العامة وبالتالي
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1OLUAMxG5npG8oiSFYNJmJTwtTqss_FYe/view?usp=drivesdk