كتاب الزواج وانحلاله في مدونة الاسرة للدكتور محمد الشافعي
الزواج وانحلاله في مدونة الاسرة
رابط تحميل الكتاب اسفل التقديم
لتكوين الأسرة وقيامها بدور المحافظة على سواد الأمة، شرع الله سبحانه وتعالى الزواج وجعله من سنة دينه ومنهاج شريعته، حيث جمع به بين الأرحام المنقطعة والأنساب المتفرقة مصداقاً لقوله : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا . فالفطرة التي فطر الله الناس عليها قضت بضرورة اجتماع الذكور بالإناث، دفعا إلى بقاء النوع البشري لتعمر الأرض وتستغل كنوزها وتسخر قواها الطبيعية طوال المدة التي أراد الله أن تبقى هذه الأرض إليها، ولولا هذه الجبلة التي برأ الله عليها الإنسان لفنيت الأرض في أقصر زمان. فالإسلام اهتم كل اهتمام بالأسرة، وأولاها من العناية والرعاية ما يكفل لها أن تنتج ثمارها المرجوة، ولا غرو فإن الأسرة نواة المجتمع تتكون منها الأمة حيث إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وأول إشارة على ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام وكون له أسرة عندما خلق له حواء وبزواجه منها تكونت أول أسرة على الأرض. وفي هذا الصدد، يقول عز
وجل : يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقِيبًا ..
ومنذ أن بعث العلي القدير رسلا إلى الناس يبلغونهم أوامره ويبينون لهم سبيل الهدى، شرع لهم أيضا على لسانهم الزواج ليكون الوسيلة المثلى لاتصال الرجل بالمرأة وكذلك النظام الذي يحدد علاقة كل واحد منهما بالآخر، فالشريعة الإسلامية تكفلت بتبيان حدود هذه العلاقة ووضعت رسومها على أقرب
الآية 54 من سورة الفرقان. الآية الأولى من سورة النساء.
Scanned by CamScanner
5
في مقابل معايير النموذج الأممي التي أصبحت تفرض ذاتها في الوقت الراهن بحكم عالميتها وبحكم تبنيها من طرف منظمات دولية وقارية يعد المغرب عضوا فيها، وهذا الموضوع له ارتباط بإشكالية الأصالة والمعاصرة، إشكالية الهوية والأممية وأن المغرب كباقي البلدان الإسلامية الأخرى وجد نفسه منقسما بين الرغبة في الحفاظ على أصالته وهويته، وبين الرغبة في الانفتاح على مستحدثات العصر الحاضر وعلى قواعد النموذج الأممي .
فحتمية مراجعة مدونة الأحوال الشخصية الصادرة سنتي 1957 و 1958 أصبحت تفرضها تفاعلات الواقع المتطور للمجتمع المغربي من جميع النواحي أثرت بشكل مباشر على المسار التشريعي في المغرب، ولكن هذا لا ينفي وجود عوامل خارجية أثرت بدورها على هذا المسار كالعولمة، الإتفاقيات الدولية المعاهدات والمؤتمرات التي تمخضت عنها. فالمملكة المغربية صادقت خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين على العديد من الإتفاقيات الثنائية مع بعض الدول الغربية والعربية في مجال الأحوال الشخصية، كما أنها صادقت على مجموعة من الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، خصوصا اتفاقية القضاء على جميع أشكال الميز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، مما فرض على المغرب ملاءمة تشريعاته الوطنية للأوفاق الدولية، خاصة وأن الدستور ينص على أن المغرب يعترف بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.
فمدونة الأحوال الشخصية صدرت بعد الاستقلال سنتي 1957 1958) وجاءت أغلب قواعدها مقتبسة من المذهب المالكي أساساً، لأن الاتجاه المحافظ هو الذي كان يسيطر أثناء وضع نصوص هذه المدونة نظرا للظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي كان يعيشها المغرب وقتذاك. فالهاجس الذي كان
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1fs33kRm6Vdmr7ODHeyWKhtmQY-b-dhNH/view?usp=drivesdk