مقال بعنوان الجهوية المتقدمة كأحد دعائم النموذج التنموي الجديد
الجهوية المتقدمة كأحد دعائم النموذج التنموي الجديد
رابط تحميل المقال اسفل التقديم
تعد السياسة الجهوية إحدى الركائز الأساسية في تجسيد وممارسة الحكامة الجيدة في شتى مجالات تدبير الشأن العام. وفي هذا الصدد، تعد كل التوجهات الملكية بمثابة خارطة الطريق لتطوير مفهوم الجهة كمكسب دستوري، وأداة أساسية لتدعيم اللامركزية والديمقراطية المحلية في بلادنا وتقليص الفوارق والاختلالات بين المدن والقرى، وبين مناطق المملكة، والعمل بمفهوم جديد للسلطة والتدبير (1).
لقد خص دستور 2011 (2) ، الجهات بمكانة متميزة بين باقي المؤسسات الدستورية الأخرى، فبعد أن نصر في فصله الأول على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة خصص الباب التاسع منه للجهات والجماعات الترابية الأخرى (12) فصل بدل 3 فصول في دستور 1996). وبقراءة متأنية للفصول المذكورة، يتضح جليا أن المشرع الدستوري عمل على تحديد معالم الجهوية المرتقبة إن على مستوى تحديد النمط والنموذج الجهوي الملائم لبلادنا أو على مستوى إبراز المبادئ الأساسية المؤطرة للجهوية المتقدمة فيما يخص تنظيمها أو تسييرها واختصاصاتها وعلاقتها مع الدولة (3).
ويطرح هذا الإطار المؤسساتي الجديد إعادة النظر في النموذج التنموي، وفي إعداد التراب الوطني ككل، سواء من حيث المرتكزات أو من حيث المضمون أو أدوات التدخل، وكذا من حيث الوسائل الإجرائية أو التنفيذية.
(1) «الجهوية الحكامة والتنمية الترابية بالمغرب : بين إشكالية التصور وتحديات التنزيل، ندوة محلية القطب الجامعي آيت ملول، مركز الآداب والعلوم الإنسانية، يومي 4 و 5 أبريل 2018، ص. 1.
( 2) الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 9 يوليوز 2011، ج.ر عدد 5491 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011. (3) أحمد أجعون، الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة 2011 منشورات المجلة المغربية للإدارة والتنمية 83 المحلية، عدد 116، السنة 2014، ص
204
صفية لعزيز
إن النموذج التنموي الجديد يندرج في سياق مجهودات الدولة لتحقيق التنمية والتقدم والرفاه، ورفع الطاقة الإنتاجية وزيادة حجم الناتج الداخلي الخام، وهو لا يقتصر على المجال الاقتصادي الصرف الذي يعتبر أساس النماذج التنموية الكبرى، وإنما أصبح يطال المستويات الاجتماعية والبيئية التي تعتبر مستويات متقدمة للتنمية وأصبحت مرتبطة بالتنمية الاقتصادية في الوقت الراهن (4)
وهنا يتعين التمييز بين النموذج التنموي وهو المقصود هنا الذي يعتبر مفهوما شاملا للتطور والتقدم ونموذج النمو الذي يعتبر مستوى أدنى من الأول، وجزءا من منظومته، ويقتصر على اتخاذ إجراءات دعم النمو وخلق القيمة المضافة على مستوى القطاعات الاقتصادية الثلاث ( الفلاحة، الصناعة، ثم التجارة والخدمات). وتحفيز مركبات النمو الاقتصادي المتعارف عليها الاستهلاك، الاستثمار ... (5).
وعليه يتضح لنا أنه من المهم أن نلقي الضوء في هذا الموضوع على مسألة تفعيل الجهوية كأداة لتكريس التنمية المستدامة (المطلب الأول)، وهذا يدفعنا إلى الوقوف عند النموذج التنموي الجديد و دوره في تحقيق العدالة الاجتماعية (المطلب الثاني).
المطلب الأول
الجهوية المتقدمة ورهان التنمية المستدامة
تعتبر الجهوية المتقدمة في الوقت الراهن من أكثر القضايا التي تحظى باهتمام ومتابعة دقيقة على مستوى الساحة الوطنية، ويأتي هذا الاهتمام ليس فقط في خضم تجربة اكتسبها النظام اللامركزي بإيجابياتها وسلبياتها، بل الطريقة التي تنظر إليها السلطات والقوى السياسية والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والهيئات التمثيلية وطنيا، إذ تعتبرها معطى مهما يستطيع المغرب بفضله أن يؤسس المرحلة تنموية جديدة، بتفكير ومناهج جديدة في أفق تحقيق جهوية متقدمة، ومن هذا المنطلق فإن المغرب وحسب توجهات ومواقف العديد من الفعاليات والمهتمين بالشأن الجهوي المغربي، أصبح مطالبا بتحقيق إصلاح جهوي فعلي يستجيب لتطلعات المجتمع المدني والسياسي، بمختلف أطيافه
ومكوناته (6).
(4) عبد اللطيف بروحو، مختص في المالية العمومية مقال منشور على الموقع الإلكتروني https://en.hespress.com/opinions
تم الإطلاع عليه بتاريخ 2018/12/21.
(5) عبد اللطيف بروحو، مرجع سابق.
(6) إبراهيم الزيتوني، رهانات وآفاق الجهوية على ضوء القانون التنظيمي للجهات»، منشورات مجلة مسالك في الفكر
والسياسة والاقتصاد، العدد 33-34 السنة 2015، ص 105 و 106.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 143، تونير دجنبر 2018
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Psqjar1_AWqYUDhf5KhTu8HAzGTuXgNv/view?usp=drivesdk