تعريف المتهم والشروط الواجبة فيه
- تعريف المتهم :
* هو الشخص الذي يوجه إليه الاتهام بواسطة تحريك الدعوى الجنائية قبله فهو الطرف الأول في الدعوى الجنائية.
ولم يميز القانون بين المتهم في كافة مراحل الدعوى الجنائية فهو يحمل هذه الصفة أيا كانت المرحلة التي تمر بها الدعوى .(1)
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن القانون لم يعٌرف المتهم في أي نص من نصوصه ، فيعُتبر متُهما كل من وجهة إليه الاتهام بارتكابهِ جريمة معينة .(2)
وعرفهُ بعض الشُراح للقانون وذكروا نفس التعريف ومنهم المستشار عدلي خليل في كتابة اعتراف المتهم .(3)
وقد ذكر الدكتور محمد زكي أبو عامر في كتابة وعرف فيه المتهم وقال أن العقوبة شخصية ، فلا يجوز – في التنظيم الجنائي – توقيعها إلا على من وقعت منه الجريمة ، ولا يجوز مطالبة القضاء بأعمال أحكام القانون الجنائي وتوقيع العقوبة إلا على من وقعت منه الجريمة سواء باعتباره فاعلا ً أو شريك ، ولأن تحديد مرتكب الجريمة لا يكون مجرماً مداناً إلا بعد صدور الحكم النهائي علية ، فإن سلطة التحقيق إنما تقدم من رجُح لديها وفقا ً للأدلة التي أسفرت عنها الإجراءات بوقوع الجريمة منه . وعلى هذا الأساس فإن النيابة العامة حين ترفع الدعوى الجنائية أو حين تقُدمها أمام القضاء ، فهي لا تقدم إليه مرتكب الجريمة وإنما تقدم من تتهمهُ بارتكاب الجريمة وعليه فالقضاء هوة الفيصل في إدانة هذا الشخص أو تبرئته بما يوافق قناعتها من خلال ما قُدم لها وما دار بجلسات المحكمة من أحداث .
وقد كان المنطق يثبت قصر صفة المتهم على الشخص الذي رفعت سلطة التحقيق الدعوى الجنائية ضده أمام قضاء الحكم لأن الواقع أن سلطة التحقيق برفعها الدعوى تكون بالفعل قد أتهمة شخصا ًً لوقوع الجريمة منه ، إذ أنها هنا تتقدم للقضاء بجريمة مكتملة بحسب اجتهادها . هذا هو المفهوم الضيق " للمتهم " وهو ما ترجح لدى سلطة التحقيق وقوع الجريمة منه سواء بوصفه فاعلا ً لها أم شريكا ً فيها – برفع الدعوى الجنائية ضده أمام قضاء الحكم .
ولا يتبنى قانون الإجراءات المصري هذا المفهوم الضيق " للمتهم " بل أنه على العكس يتبنى مفهوما ً واسعا ً " للمتهم " تكاد تتساوى فيه فكرة الاتهام وفكرة التشبيه .(1)
وعلى هذا الأساس يمكن تعريف " المتهم " بالمعنى الواسع بأنه { كل شخص اتخذت سلطة التحقيق - النيابة العامة ، قاضي التحقيق - إجراء من إجراءات سلطة التحقيق أو من جهات القضاء أو من المدعي المدني أو أوجد نفسه في حالة أجازت قانونا ً التحفظ عليه أو القبض عليه أو تفتيشه.
أما الشخص الذي قدم عليه بلاغا ً فليس متهما بل مبُلغ ضده .
- شروط المتهم :
لكي تخضع صفة المتهم على شخص ينبغي أن تتوافر فيه شروط :
أولا ً : ينبغي أن يكون المتهم في الدعوى الجنائية شخصا ً على قيد الحياة فلا توجه إجراءات الدعوى ضد شخص ميت ، فإن حصلت الوفاة بعد رفع الدعوى يتعين إصدار قرار بحفظ الأوراق وإن كانت الوفاة أثناء سيرها أمام المحكمة فإنه يتعين الحكم بانقضائها ولا تصلح أن تحرك الدعوى على شخص معنوي لأن هذا الشخص لا يصلح أن يكون متهما وفي هذه الحالة تحرك الدعوى على ممثل الشخص المعنوي بصفته لا بشخصه .
ثانيا ً : أن يكون الشخص المعنوي معينا ًً ولذلك يجب أن نفرق بين مرحلتين :
(أ) جمع الاستدلالات وهذه المرحلة يكون فيها الشخص غير معروف أي يبُحث عنه .
(ب) مرحلة المحاكمة فلا يُتصور وصول الإجراءات لهذه المرحلة دون تعيين شخص متهم بعينة .(1)
ثالثا ً : يشُترط في المتهم أن يكون شخص يعُزى إليه أن لهُ يدا ً في ارتكاب الجريمة سواء بصفته فاعلا ً أم شريكا ً فالمسؤولية الجنا��ية لا تترتب على أفعال الغير ، وإن أمكن أن تترتب عليها مسؤولية مدنية كالجريمة التي يقترفها عديم الاهليه فيتكبد وليهُ الأداء عنه .
رابعا ً : جميع الأشخاص إلا من صدر بشأنه قانون خاص{ المتمتعون بالحصانات } فهنالك شروط يجب توافرها حتى يمثلون أمام القضاء الوطني.
خامساً : أن يكون المتهم كامل الأهلية .
*حقوق المتهم وواجباته :
يترتب على ثبوت صفة المتهم في شخص معين عدة حقوق وعددا ً من الواجبات فقد أشار قانون الإجراءات الجنائية المصري في مواده 1- أن للمتهم الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق إلا إذا دعت الضرورة إلى اتخاذها في غيبته بشرط إطلاعه على ما جرى فيها فور انتهاء تلك الضرورة
( مادة77).
2-لا يجـوز الفصل بينه وبين محامية الحاضر معه إثناء التحقيق(مادة125/2).
3- ويندب النائب العام من تلقاء نفسه محاميا ً إذا كان متهما بجناية وصدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قادر على توكيل محاميا ً للدفاع عنه (مادة 214) .
4-لا يمكن للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد(مادة 124).
5- وله الحق في الاستعانة بخبير استشاري (مادة88) .
6- ويجوز له طلب ندب قاضي للتحقيق معه (مادة 64/2).
7- ولا يجوز إبعاده عن الجلسة أثناء نظر الدعوى إلا إذا وقع منه تشويش يؤثر على سير الدعوى.
وقد أشار قانون الإجراءات الجزائية العماني بخصوص هذه الحقوق حيث ذكر في( المادة 49) انهُ : " يجب أن يكون أمر القبض مكتوباً ومؤرخاً وموقعاً ممن أصدره مع بيان صفته ، ويبين فيه اسم المطلوب القبض عليه ومحل أقامته وكل ما يلزم تعيينه ،وسبب الأمر بالقبض وإذا لم ينفذ الأمر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره فانهُ يسقط ولا يجوز تنفيذه بعد ذلك إلا بأمر كتابي جديد.
وذكرأيضا في (المادة74) أنهُ لكل من المتهم والمجني عليه والمدعي بالحق المدني والمسئول عنه ومن يدافع عن أي منهم الحق في حضور إجراءات التحقيق ،وللمتهم في جناية أن يصطحب معه محاميا يدافع عنه ،ولا يجوز لهذا المدافع أن يتكلم إلا بإذن عضو الادعاء العام ،وإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك في محضر التحقيق" . وأيضا نصت (المادة 115) من ذات القانون انهُ: "يجب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب والمواجهة ، وفي جميع الأحوال لا يمكن الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق".
تلك هي أهم الحقوق التي قررها قانون الإجراءات الجزائية للمتهمين وهو من الجهة الأخرى ملتزم بطبيعة الحال لمتطلبات التحقيق معه ومحاكمته وإنفاذ العقوبة علية فهو ملتزم للخضوع للأوامر الصادرة إليه في النطاق وفي الحدود المقررة بالقبض عليه أو ضبطه وإحضاره أو بالتحفظ عليه أو باقتياده أو بتفتيشه أو تفتيش مسكنه أو بحبسه احتياطيا كما يلتزم بالمثول أمام المحكمة بمجرد اتصال علمه قانوناً برفع الدعوى ومتابعة سير الدعوى ويلتزم للخضوع للآثار القانونية التي رتبها الحكم الصادر ضده .(1)
المطلب الثاني
*إثبات شخصية المتهم :
أوجبت( المادة123) من قانون الإجراءات المصري على المحقق عند حضور المتهم أمامه لأول مرة أن يتحقق من شخصيته ، بأن يثبت اسمه ولقبه وسنه وما إذا كان ذكر أو أنثى ، ومكان مولده ومركزه الاجتماعي ، فمن شأن هذا أن يحمل المحقق على أن هذا الشخص الماثل أمامه هو المتهم حتى لا يتخذ أي إجراء ضد شخص برئ ، فضلا ً على أن معرفة شخصية المتهم لها أهمية في تقدير العقوبة المناسبة له وكفيلة بإصلاحه وإعادته إلى البيئة الصالحة في المجتمع .
وقد نص قانون الإجراءات العماني في (المادة114) أنة: "على عضو الادعاء عند حضور المتهم للتحقيق لأول مرة أن يتثبت من شخصيته وأن يدون جميع البيانات الخاصة بإثبات شخصيته ويحيطه علما ً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر " .
وقد أوجبت( المادة 28 ) من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974م قبل صدور الحكم على المتهم الحدث التحقق من حالته الاجتماعية والبيئة التي نشأ فيها والأسباب التي دفعته لارتكاب الجريمة .(1)
وعلى المحقق إحاطة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وهو إجراء جوهري يترتب على مخالفته البطلان ولكنه بطلان نسبي م (331) إجراءات . (2)
*زوال صفة المتهم :
من المؤكد أن صفة المتهم تزول بعد صدور حكم بالبراءة في الدعوى الجنائية ، أما إذا كان الحكم بالإدانة فتُستبدل صفة المتهم بصفة " المحكوم عليه " والمقصود بالحكم هو الحكم النهائي بطبيعة الحال .
كما أن صفة المتهم تزول إذا أصدرت سلطة التحقيق أمرا بأن لا وجه لإقامة الدعوة الجنائية أو صرفت النظر عن اتهام شخص معين بإقامتها الدعوى الجنائية بالنسبة لغيره من المتهمين.
وقد نص المشرع العماني في قانون الإجراءات الجزائية انه " يسمع عضو الإدعاء العام شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم يرى عدم الفائدة من سماعهم ، وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدي إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها ".
ومع ذلك فإن صفة المتهم قابلة أحيانا لكي تعود للظهور من جديد رغم سبق زوالها، في حالات قبول إعادة النظر في الحكم وكذلك في حالة إلغاء قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى. ولكن هذه الصفة إن زالت فلا تعود من جديد بشأن نفس الواقعة إذا كان الحكم فيها بالبراءة.(1)
(1) انظر خليل- مستشار عدلي استجواب المتهم فقها وقضاء- دار الكتب القانونية سنة 2004 ص9
(2) انظر ذات الكتاب صـ10 . ص10
(3) انظر خليل- المستشار عدلي كتاب اعتراف المتهم فقها وقضاء- دار الكتب القانونية سنة 2004 ص7
(1) انظر أبو عامر- للدكتور محمد زكي -الطبعة السابعة -دار الجامعة الجديدة سنة 2005 ص237-248
(1) انظر خليل- المستشار عدلي كتاب اعتراف المتهم فقها وقضاء عدلي المستشار خليل صــ13 .
(1) انظر كتاب الإجراءات الجنائية أبو عامر - للدكتور محمد زكي الطبعة السابعة - دار الجامعة الجديدة 2005 صــ242 .
(1) انظر خليل - الدكتور عدلي كتاب اعتراف المتهم فقها وقضاء - دار الكتب القانونية 2004صــ15 .
(2) انظر نفس الكاتب كتاب استجواب المتهم فقها وقضاء - دار الكتب القانونية صـــ21 .
(1) انظر الكتاب الإجراءات الجنائية أبو عامر - للدكتور محمد زكي - دار الجامعة الجديدة الطبعة السابعة صــ243 .