تقديم

تقديم الكتاب

تقديم
الحمد لله حق حمده، الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، الحمد لله رب العالمين الذي خلق الإنسان، علمه البيان، وقال: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) .

وقال: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) .

والصلاة والسلام على رسول اللهء، معلم الناس الخير، ومنقذ البشرية.

وهادي الإنسانية، المبعوث رحمة للعالمين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ومن الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، ومن الذين ورد فيهم قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) .

وبعد: فإن علم الفقه من أشرف العلوم، وفيه معرفة الحلال والحرام، ويتبلور فيه تطبيق الشريعة، وأحكام الله تعالى في الحياة، ولذلك قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من يُردِ الله به خيراً يفقهه في الدين " (1) .

ولذلك انكب عليه الصحابة والتابعون، ثم الأئمة المجتهدون، حتى نشأت المذاهب، وانتشرت، وشاعت، وكثر العلماء فيه، وانبرى المفتون للإفتاء في بيان حكم الله تعالى للناس في جغ شؤون الحياة، لتحقيق أهداف الشريعة ومقاصدها، وتأمين الخير والسعادة والراحة والعدل في الدنيا قبل الآخرة.

ومن ضمن التأليف في علم الفقه، والتحصيل فيه، والتخصص به، نشأ علم قواعد الفقه، وهو فن عظيم، تجمع فيه الأحكام الفرعية العديدة، والمسائل الجزئية المتناثرة في عبارات وجيزة، وجمل مصقولة، وتراكيب عامة وشاملة، تضبط علم الفقه، وتنسق أحكامه وعلله، وتقربه للأذهان، وتجعله سهل الحفظ والضبط، وتبعده عن النسيان، وتساعد في تكوين الملكة الفقهية، فكان الاعتناء بالقواعد الفقهية محل الإجلال والاحترام، بل والمنافسة في وجوه الخير، فصنفت فيه المؤلفات العدة في كل مذهب، وظهر مع مرور الأيام أهمية علم القواعد، والتأليف فيه، حتى تبوأ مرحلة التنظيم والتقنين، ثم تضافرت الجهود لإنشاء أعظم موسوعة للقواعد باسم " مَعْلَمة القواعد الفقهية "، وتقرر تدريس القواعد الفقهية في الكليات والدراسات العليا.

مشكلة البحث إن وضع القواعد أولاً، والتأليف فيها ثانياً، ودراستها وتدريسها ثالثاً، وشرحها ووضع الأمثلة والتطبيقات لها، والاستثناءات رابعاً، كانت تعتمد على المنهج المذهبى، وتقتصر على نطاق مذهب واحد، من المذاهب الفقهية العديدة، وكنا نجد الصعوبة والمتاعب عند التدريس والاعتماد على كتاب ومذهب، وتكثر الأسئلة والاستفسارات عن قواعد المذهب الآخر، وفروعه وأحكامه.

هدف البحث أردت أن أجمع بين أهم قواعد المذهب الحنفي، وأهم قواعد المذهب المالكي، وأهم قواعد المذهب الشافعي، وأهم قواعد المذهب الحنبلي، في كتاب واحد، فعزمت على تصنيف هذا الكتاب، لأضع القاعدة الفقهية، وبيان أحكامها وفروعها من المذاهب الأربعة، بقدر الإمكان، وهي المذاهب التي يكز انتشارها في البلاد العربية، ويكثر اجتماعها في معظم المدن والأقطار، وتكثر فيها المؤلفات في القواعد.

وإن جمع التطبيقات من المذاهب يحقق منفعة مهمة للقاعدة، فيدل على عمومها وشمولها وقبولها، مع بيان فروعها في كتب الفقه المتنوعة وأبوابه المختلفة في المذاهب الأربعة.

واعتمدت في ذلك على الكتب القديمة، وهي كتب القواعد والأشباه والنظائر في المذاهب الأربعة، كما اعتمدت أولاً على عدة كتب معاصرة، وهي: 1 - شرح القواعد الفقهية، للشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا.

2 - القواعد الفقهية، للأستاذ عزت عبيد الدعاس، وفيها ترتيب للقواعد.

وتقسيمها إلى قواعد أساسية، وقواعد متفرعة عنها.

وهذان مختصان بقواعد " مجلة الأحكام العدلية " المأخوذة من المذهب الحنفي.

وعددها 99 قاعدة حصراً، مع أمثلتها وأحكامها ووردت فيهما بعض القواعد الكلية عَرَضاً في الشرح، فتضاف إلى القواعد السابقة، وهي في مجملها مستمدة من الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي.

3 - إيضاح القواعد الفقهية، للشيخ عبد الله بن سعيد محمد عبادي اللحجي الحضرمي الشحاري.

وقد اقتبس اللحجي قواعده من كتاب "الأشباه والنظائر في الفقه الشافعي " للسيوطي، مع أمثلتها، وقام الفقيه عبد الله بن سليمان الجَرْهَزي اليمني الزبيدي (1201 هـ) وشرح منظومة في القواعد، فاعتمد اللحجي على كتاب السيوطي، وشرح الجَرْهَزي، وهو المقصود عنده باصطلاح الشارح، وذكر الأمثلة والأحكام والفروع والمسائل في المذهب الشافعي حصراً، وقمت بالجمع بين المذهبين، ونقلت العبارات مع التصرف، وزيادات قليلة، وتعديلات طفيفة إذا احتاج الأمر، ثم أضفت قواعد المذهب المالكية وقواعد المذهب الحنبلي.

4 - القواعد الفقهية من خلال كتاب الإشراف للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، للدكتور محمد الروقي، وفيه كثير من القواعد الفقهية في المذهب المالكي.

5 - تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية، للأستاذ الدكتور الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، الذي جمع معظم القواعد الفقهية، ثم بيّن تطبيقاتها الفقهية عند المالكية، ثم ألحق بها الضوابط وأمثلتها الفقهية.

6 - القواعد والضوابط الفقهية للمعاملات المالية عند ابن تيمية، للأستاذ عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين، وهي في المذهب الحنبلي غالباً.

7 - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، لأبي العباس أحمد بن يحى الونشريسي، (914 هـ) تحقيق أحمد بوطاهر الخطابي.

8 - القواعد، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري (758 هـ) تحقيق الدكتور أحمد بن عبد الله بن حميد.

9 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد - القواعد ل (ابن رجب، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (795 هـ) تحقيق أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان.

15 - الفروق، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (684 هـ) .

11 - القواعد الكلية، والضوابط الفقهية، ليوسف بن الحسن بن عبد الهادي الحنبلي.

12 - مختصر من قواعد العلائي وكلام الإسنوي، محمود بن أحمد الحموي، المعروف بابن خطيب الدهشة (834 هـ) .

وغير ذلك من الكتب مثل موسوعة القواعد الفقهية لبورنو، وجمهرة القواعد الفقهية للندوي، والقواعد الفقهية للدكتور يعقوب الباحسين، وغيرها مما سيرد في الحواشي وقائمة المصادر.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0