مسالة لمس النساء هل ينقض الوضوء

مسالة لمس النساء هل ينقض الوضوء

مسالة لمس النساء هل ينقض الوضوء
78 - 63 -

مسالة:

في لمس النساء هل ينقض الوضوء، ام لا؟ .

الجواب::

الحمد لله؛ اما نقض الوضوء بلمس النساء فللفقهاء فيه ثلاثة اقوال، طرفان ووسط: اضعفها: انه ينقض باللمس، وان لم يكن لشهوة اذا كان الملموس مظنة للشهوة، وهو قول الشافعي تمسكا بقوله تعالى: {او لامستم النساء}[النساء: 43] وفي القراءة الاخرى {او لامستم}[النساء: 43] .

القول الثاني: ان اللمس لا ينقض بحال، وان كان لشهوة كقول ابي حنيفة وغيره، وكلا القولين يذكر رواية عن احمد، لكن ظاهر مذهبه كمذهب مالك، والفقهاء السبعة: ان اللمس ان كان لشهوة نقض، والا فلا، وليس في المسالة قول متوجه الا هذا القول او الذي قبله.

فاما تعليق النقض بمجرد اللمس، فهذا خلاف الاصول، وخلاف اجماع الصحابة، وخلاف الاثار، وليس مع قايله نص ولا قياس، فان كان اللمس في قوله تعالى {او لامستم النساء}[النساء: 43] اذا اريد به اللمس باليد، والقبلة، ونحو ذلك، كما قاله ابن عمر وغيره، فقد علم انه حيث.

ذكر مثل ذلك في الكتاب والسنة، فانما يراد به ما كان لشهوة، مثل قوله في اية الاعتكاف: {ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد}[البقرة: 187] .

ومباشرة المعتكف لغير شهوة لا تحرم عليه، بخلاف المباشرة لشهوة، وكذلك المحرم الذي هو اشد، لو باشر المراة لغير شهوة لم يحرم عليه.

ولم يجب عليه به دم، وكذلك قوله: {ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن}[الاحزاب: 49] .

وقوله: {لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن}[البقرة: 236] .

فانه لو مسها مسيسا خاليا من غير شهوة لم يجب به عدة، ولا يستقر به مهر، ولا تنتشر به حرمة المصاهرة، باتفاق العلماء، بخلاف ما لو مس المراة لشهوة، ولم يخل بها، ولم يطاها، ففي استقرار المهر بذلك نزاع معروف بين العلماء في مذهب احمد وغيره.

فمن زعم ان قوله: {او لامستم النساء}[النساء: 43] يتناول اللمس وان لم يكن لشهوة، فقد خرج عن اللغة التي جاء بها القران، بل وعن لغة الناس في عرفهم، فانه اذا ذكر المس الذي يقرن فيه بين الرجل والمراة علم انه مس الشهوة، كما انه اذا ذكر الوطء المقرون بين الرجال والمراة، علم انه الوطء بالفرج لا بالقدم.

وايضا فانه لا يقول ان الحكم معلق بلمس النساء مطلقا، بل بصنف من النساء، وهو ما كان مظنة الشهوة، فاما مس من لا يكون مظنة، كذوات المحارم، والصغيرة فلا ينقض بها، فقد ترك ما ادعاه من الظاهر واشترط شرطا لا اصل له بنص ولا قياس، فان الاصول المنصوصة تفرق بين اللمس لشهوة، واللمس لغير شهوة، لا تفرق بين ان يكون الملموس مظنة الشهوة، او لا يكون.

وهذا هو المس الموثر في العبادات كلها، كالاحرام، والاعتكاف، والصيام، وغير ذلك.

واذا كان هذا القول لا يدل عليه ظاهر اللفظ، ولا القياس، لم يكن له اصل في الشرع.

واما من علق النقض بالشهوة فالظاهر المعروف في مثل ذلك دليل له، وقياس اصول الشريعة دليل.

ومن لم يجعل اللمس ناقضا بحال فانه يجعل اللمس انما اريد به الجماع، كما في قوله تعالى: {وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن}[البقرة: 237] .

ونظايره كثيرة.

وفي السنن: «ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسايه ثم صلى ولم يتوضا» .

لكن تكلم فيه.

وايضا فمن المعلوم ان مس الناس نساءهم مما تعم به البلوى، ولا يزال الرجل يمس امراته، فلو كان هذا مما ينقض الوضوء لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه لامته، ولكان مشهورا بين الصحابة، ولم ينقل احد ان احدا من الصحابة كان يتوضا بمجرد ملاقاة يده لامراته او غيرها، ولا نقل احد في ذلك حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلم ان ذلك قول باطل والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0