مسالة في دار حديث شرط واقفها في كتاب وقفها ما صورته بحروفه
مسالة في دار حديث شرط واقفها في كتاب وقفها ما صورته بحروفه

مسالة:
في دار حديث شرط واقفها في كتاب وقفها ما صورته بحروفه، قال: والنظر في امر اهل الدار على اختلاف اصنافهم اثباتا وصرفا، واعطاء ومنعا، وزيادة ونقصا، ونحو ذلك الى شيخ المكان.وكذلك النظر اليه في خزانة كتبها، وساير ما يشبه ذلك او يلحق به.
وله اذا كان عنده الوقف في امر من الامور ان يفوض ذلك الى من يتولاه.
ثم قال: والنظر في امر الاوقاف وامورها المالية الى الواقف - ضاعف الله ثوابه - يفوض ذلك الى من يشاء، ومتى فوض ذلك اليه تلقاه بحكم الشرط المقارن لانشاء الوقف وينتقل بعد ذلك الى حاكم المسلمين بدمشق، وله ان يصرف الى من سوى ذلك من عامل وغيره من مغل الوقف على حسب ما تقتضيه الحال.
فهل اذا لم يكن في شرط النظر في كتاب الوقف شيء اخر يكون النظر المشروط للحاكم مختصا بحاكم مذهب معين بمقتضى لفظ الشرط المذكور؟ ام لا يختص بحاكم معين، بل يكون النظر المذكور لمن كان حاكما بدمشق على اي مذهب كان من المذاهب الاربعة؟ واذا لم يكن مختصا وفوض بعض الحكام قضاة القضاة اعزهم الله بدمشق المحروسة لاهل كان النظر المذكور بمقتضى ما راه من عدم الاختصاص يجوز لحاكم اخر منعه من ذلك او بعض ما فعله بغير قادح؟
الجواب::
ليس في اللفظ المذكور في شرط الواقف ما يقتضي اختصاصه بمذهب معين على الاطلاق، فان ذلك يقتضي انه لو لم يكن في البلد الا حاكم على غير المذهب الذي كان عليه حاكم البلد ومن الواقف ان لا يكون له النظر، وهذا باطل باتفاق المسلمين، فما زال المسلمون يقفون الاوقاف، ويشرطون ان يكون النظر للحاكم، او لا يشترطون ذلك في كتاب الوقف، فان ذلك يقتضي بطلان الشرط في الوقوف العامة التي لم يعين ولي الامر لها ناظرا خاصا، وفي الوقوف الخاصة نزاع معروف.ثم قد يكون الحاكم وقت الوقف له مذهب، وبعد ذلك يكون للحاكم مذهب اخر، كما يكون في العراق وغيرها من بلاد الاسلام، فانهم كانوا يولون قضاة القضاة تارة لحنفي، وتارة لمالكي، وتارة لشافعي، وتارة لحنبلي.
وهذا القاضي يولي في الاطراف من يوافقه على مذهبه تارة، ومن يخالفه اخرى، ولو شرط الامام على الحاكم او شرط الحاكم على خليفته ان يحكم بمذهب معين بطل الشرط، وفي فساد العقد وجهان.
ولا ريب ان هذا اذا امكن القضاة ان يحكموا بالعلم والعدل من غير هذا الشرط[فعلوا] .
فاما اذا قدر ان في الخروج عن ذلك من الفساد جهلا وظلما اعظم مما في التقدير كان ذلك من باب دفع اعظم الفسادين بالتزام ادناهما؛ ولكن هذا لا يسوغ لواقف ان لا يجعل النظر في الوقف الا لذي مذهب معين دايما، مع امكان؛ الا ان يتولى في ذلك المذهب، فكيف اذا لم يشرط ذلك.
ولهذا كان في بعض بلاد الاسلام يشرط على الحاكم ان لا يحكم الا بمذهب معين، كما صار ايضا في بعضها بولاية قضاة مستقلين، ثم عموم النظر في عموم العمل، وان كان في كل من هذا نزاع معروف، وفيمن يعين اذا تنازع الخصمان: هل يعين الاقرب؟ او بالقرعة؟ فيه نزاع معروف.
وهذه الامور التي فيها اجتهاد اذا فعلها ولي الامر نفذت.
واذا كان كذلك فالحاكم على اي مذهب كان اذا كانت ولايته تتناول النظر في هذا الوقف كان تفويضه سايغا ولم يجز لحاكم اخر نقض مثل هذا، لا سيما اذا كان في التفويض اليه من المصلحة في المال ومستحقه ما ليس في غيره.
ولو قدر ان حاكمين ولى احدهما شخصا، وولى اخر شخصا؛ كان الواجب على ولي الامر ان يقدم احقهما بالولاية؛ فان من عرفت قوته وامانته يقدم على من ليس كذلك باتفاق المسلمين.
What's Your Reaction?






