مسالة التداوي بالخمر

مسالة التداوي بالخمر

مسالة التداوي بالخمر
362 - 2

مسالة:

هل يجوز التداوي بالخمر؟

الجواب::

التداوي بالخمر حرام، بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى ذلك جماهير اهل العلم.

ثبت عنه في الصحيح: انه «سيل عن الخمر تصنع للدواء، فقال: انها داء، وليست بدواء» .

وفي السنن عنه: انه «نهى عن الدواء بالخبيث» .

وقال ابن مسعود: ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم، وروى ابن حبان في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها» .

وفي السنن انه «سيل عن ضفدع تجعل في دواء، فنهى عن قتلها وقال: ان نقيقها تسبيح» .

وليس هذا مثل اكل المضطر للميتة، فان ذلك يحصل به المقصود قطعا.

وليس له عنه عوض، والاكل منها واجب، فمن اضطر الى الميتة ولم ياكل حتى مات.

دخل النار.

وهنا لا يعلم حصول الشفاء، ولا يتعين هذا الدواء، بل الله تعالى يعافي العبد باسباب متعددة، والتداوي ليس بواجب عند جمهور العلماء، ولا يقاس هذا بهذا، والله اعلم.

363 - 3: سيل: عن المداواة بالخمر: وقول من يقول: انها جايزة.

فما معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «انها داء وليست بدواء» فالذي يقول: تجوز للضرورة فما حجته وقالوا: ان الحديث الذي قال فيه: «ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها» ضعيف والذي يقول بجواز المداواة به فهو خلاف الحديث والذي يقول ذلك ما حجته؟ اجاب: واما التداوي بالخمر فانه حرام عند جماهير الايمة: كمالك واحمد، وابي حنيفة، وهو احد الوجهين في مذهب الشافعي؛ لانه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه «سيل عن الخمر تصنع للدواء، فقال: انها داء، وليست بدواء» وفي سنن ابي داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انه نهى عن الدواء الخبيث» والخمر ام الخبايث، وذكر البخاري وغيره عن ابن مسعود انه قال: «ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها» ورواه ابو حاتم بن حبان في صحيحه مرفوعا الى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والذين جوزوا التداوي بالمحرم قاسوا ذلك على اباحة المحرمات: كالميتة والدم للمضطر، وهذا ضعيف لوجوه: احدها: ان المضطر يحصل مقصوده يقينا بتناول المحرمات، فانه اذا اكلها سدت رمقه، وازالت ضرورته، واما الخبايث بل وغيرها فلا يتيقن حصول الشفاء بها، فما اكثر من يتداوى ولا يشفى، ولهذا اباحوا دفع الغصة بالخمر لحصول المقصود بها، وتعينها له، بخلاف شربها للعطش.

فقد تنازعوا فيه: فانهم قالوا: انها لا تروي.

الثاني: ان المضطر لا طريق له الى ازالة ضرورته الا الاكل من هذه الاعيان، واما التداوي فلا يتعين تناول هذا الخبيث، طريقا لشفايه، فان الادوية انواع كثيرة، وقد يحصل الشفاء بغير الادوية كالدعاء، والرقية، وهو اعظم نوعي الدواء.

حتى قال بقراط: نسبة طبنا الى طب ارباب الهياكل، كنسبة طب العجايز الى طبنا.

وقد يحصل الشفاء بغير سبب اختياري بل بما يجعله الله في الجسم من القوى الطبيعية، ونحو ذلك.

الثالث: ان اكل الميتة للمضطر واجب عليه في ظاهر مذهب الايمة وغيرهم، كما قال مسروق: من اضطر الى الميتة فلم ياكل حتى مات دخل النار.

واما التداوي فليس بواجب عند جماهير الايمة.

وانما اوجبه طايفة قليلة، كما قاله بعض اصحاب الشافعي واحمد، بل قد تنازع العلماء: ايما افضل: التداوي؟ ام الصبر، للحديث الصحيح.

حديث ابن عباس «عن الجارية التي كانت تصرع، وسالت النبي - صلى الله عليه وسلم - ان يدعو لها، فقال: ان احببت ان تصبري ولك الجنة، وان احببت دعوت الله ان يشفيك فقالت: بل اصبر، ولكني انكشف فادع الله لي ان لا انكشف، فدعا لها ان لا تتكشف.

» ولان خلقا من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون، بل فيهم من اختار المرض.

كابي بن كعب، وابي ذر، ومع هذا فلم ينكر عليهم ترك التداوي.

واذا كان اكل الميتة واجبا، والتداوي ليس بواجب، لم يجز قياس احدهما على الاخر، فان ما كان واجبا قد يباح فيه ما لا يباح في غير الواجب؛ لكون مصلحة اداء الواجب تغمر مفسدة المحرم، والشارع يعتبر المفاسد والمصالح، فاذا اجتمعا قدم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة؛ ولهذا اباح في الجهاد الواجب ما لم يبحه في غيره، حتى اباح رمي العدو بالمنجنيق، وان افضى ذلك الى قتل النساء والصبيان، وتعمد ذلك يحرم، ونظاير ذلك كثيرة في الشريعة، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0