مسالة وقف انسان شييا على زيد ثم على اولاد زيد الثمانية

مسالة وقف انسان شييا على زيد ثم على اولاد زيد الثمانية

مسالة وقف انسان شييا على زيد ثم على اولاد زيد الثمانية
902 - 61

مسالة:

وقف انسان شييا على زيد، ثم على اولاد زيد الثمانية، فمات واحد من اولاد زيد الثمانية المعينين في حال حياة زيد، وترك ولدا، ثم مات زيد.

فهل ينتقل الى ولد ولد زيد ما استحقه ولد زيد لو كان حيا؟ ام يختص الجميع باولاد زيد؟ .

الجواب::

نعم يستحق ولد الولد ما كان يستحقه والده، ولا ينتقل ذلك الى اهل طبقة الميت ما بقي من ولده وولد ولده احد، وذلك؛ لان قول الواقف: على زيد، ثم على اولاده ثم اولاد اولاده.

فيه للفقهاء من اصحاب الامام احمد وغيرهم عند الاطلاق قولان: احدهما: انه لترتيب الجملة على الجملة، المشهور في قوله: على زيد وعمرو، ثم على المساكين.

والثاني: انه لترتيب الافراد على الافراد، كما في قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك ازواجكم}[النساء: 12] اي لكل واحد نصف ما تركته زوجته.

وكذلك قوله: {حرمت عليكم امهاتكم}[النساء: 23] اي حرمت على كل واحد امه: اذ مقابلة الجمع بالجمع تقتضي توزيع الافراد على الافراد، كما في قوله: لبس الناس ثيابهم، وركب الناس دوابهم.

وهذا المعنى هو المراد في صورة السوال قطعا؛ اذ قد صرح الواقف بان من مات من هولاء عن ولد انتقل نصيبه الى ولده، فصار المراد ترتيب الافراد على الافراد في هذه الصورة المقيدة بلا خلاف؛ اذ الخلاف انما هو مع الاطلاق.

واذا كان كذلك فاستحقاق المرتب في الشرع والشرط في الوصية والوقف وغير ذلك انما يشترط في انتقاله الى الثاني عدم استحقاق الاول، سواء كان قد وجد واستحق، او وجد ولم يستحق، او لم يوجد بحال، كما في قول الفقهاء في ترتيب العصبات، واولياء النكاح، والحضانة، وغيرهم فيستحق ذلك الابن، ثم ابنه وان سفل، ثم الاب ثم ابوه وان علا، فان الاقرب اذا عدم او كان ممنوعا لكفر او رق انتقل الحق الى من يليه.

ولا يشترط في انتقال الحق الى من يليه ان يكون الاول قد استحق.

وكذلك لو قال: النظر في هذا لفلان، ثم لفلان، او لابنه.

فمتى انتفى النظر عن الاول لعدمه او جنونه او كفره انتقل الى الثاني، سواء كان ولدا او غير ولد.

وكذلك ترتيب العصبة في الميراث، وفي الارث بالولاء، وفي الحضانة، وغير ذلك.

وكذلك في الوقف: لو وقف على اولاده طبقة بعد طبقة عصبتهم، وشرط ان يكونوا عدولا؛ او فقراء او غير ذلك، وانتفى شرط الاستحقاق في واحد من الطبقة الاولى، او كلهم.

انتقل الحق عند عدم استحقاق الاول الى الطبقة الثانية اذا كانوا متصفين بالاستحقاق.

وسر ذلك ان الطبقة الثانية تتلقى الوقف من الواقف؛ لا من الطبقة الاولى؛ لكن تلقيهم ذلك مشروط بعدم الاولى، كما ان العصبة البعيدة تتلقى الارث من الميت؛ لا من العاصب القريب؛ لكن شرط استحقاقه عدم العاصب القريب.

وكذلك الولاء - في القول المشهور عند الايمة - يرث به اقرب عصبة الميت يوم موت المعتق؛ لانه يورث كما يورث المال.

وانما يغلط ذهن بعض الناس في مثل هذا حيث يظن ان الولد ياخذ هذا الحق ارثا عن ابيه او كالارث؛ فيظن ان الانتقال الى الثانية مشروط باستحقاق الاولى، كما ظن ذلك بعض الفقهاء.

فيقول: اذا لم يكن الاب قد ترك شييا لم يرثه الابن.

وهذا غلط؛ فان الابن لا ياخذ ما ياخذ الاب بحال، ولا ياخذ عن الاب شييا؛ اذ لو كان الاب؛ موجودا لكان ياخذ الريع مدة حياته، ثم ينتقل الى ابنه الريع الحادث بعد موت الاب؛ لا الريع الذي يستحقه؛ واما رقبة الوقف فهي باقية على حالها: حق الثاني فيها في وقته نظير حق الاول في وقته، لم ينتقل اليهم ارثا.

ولهذا اتفق المسلمون في طبقات الوقف انه لو انتفت الشروط في الطبقة الاولى او بعضهم لم يلزم حرمان الطبقة الثانية اذا كانت الشروط موجودة فيهم؛ وانما نازع بعضهم فيما اذا عدموا قبل زمن الاستحقاق.

ولا فرق بين الصورتين.

ويبين هذا انه لو قيل بانتقال نصيب الميت الى اخوته لكونه من الطبقة كان ذلك مستلزما لترتيب جملة الطبقة على الطبقة؛ او ان بعض الطبقة الثانية او كلهم لا يستحق الا مع عدم جميع الطبقة الاولى.

ونص الواقف يبين انه اراد ترتيب الافراد على الافراد؛ مع انا نذكر في الاطلاق قولين: الاقوى ترتيب الافراد مطلقا؛ اذ هذا هو المقصود من هذه العبارة؛ وهم يختارون تقديم ولد الميت على اخيه فيما يرثه ابوه؛ فانه يقدم الولد على الاخ.

وان قيل بان الوقف في هذا منقطع فقد صرح هذا الواقف بالالفاظ الدالة على الاتصال، فتعين ان ينتقل نصيبه الى ولده.

وفي الجملة فهذا مقطوع به؛ لا يقبل نزاعا فقهيا؛ وانما يقبل نزاعا غلطا.

وقول الواقف: فمن مات من اولاد زيد، او اولاد اولاده وترك ولدا، او ولد ولد وان سفل: كان نصيبه الى ولد ولده، او ولد ولد ولده.

يقال فيه: اما ان يكون قوله: نصيبه.

يعم النصيب الذي يستحقه اذا كان متصفا بصفة الاستحقاق، سواء استحقه او لم يستحقه، ولا يتناول الا ما استحقه.

فان كان الاول فلا كلام وهو الارجح؛ لانه بعد موته ليس هو في هذه الحال مستحقا له؛ ولانه لو كان الاب ممنوعا لانتفاء صفة مشروطة فيه مثلا: مثل ان يشترط فيهم الاسلام او العدالة او الفقر كان ينتقل مع وجود المانع الى ولده، كما ينتقل مع عدمه؛ ولان الشيء يضاف الى الشيء بادنى ملابسة، فيصدق ان يقال: نصيبه بهذا الاعتبار؛ ولان حمل اللفظ على ذلك يقتضي ان يكون كلام الواقف متناولا لجميع الصور الواقعة، فهو اولى من حمله على الاخلال بذكر البعض، ولانه يكون مطابقا للترتيب الكلامي؛ وليس ذلك هو المفهوم من ذلك عند العامة الشارطين مثل هذا.

وهذا ايضا موجب الاعتبار والقياس النظري عند الناس في شروطهم الى استحقاق ولد الولد الذي يكون يتيما لم يرث هو وابوه من الجد شييا، فيرى الواقف ان يجبره بالاستحقاق حينيذ؛ فانه يكون لاحقا فيما ورث ابوه من التركة وانتقل اليه الارث وهذا الذي يقصده الناس موافق لمقصود الشارع ايضا؛ ولهذا يوصون كثيرا بمثل هذا الولد.

وان قيل: ان هذا اللفظ لا يتناول الا ما استحقه كان هذا مفهوم منطوق خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، واذا لم يكن له مفهوم كان مسكوتا عنه في هذا الموضع؛ ولكن قد يتناوله في قوله: على زيد، ثم على اولاده، ثم على اولاد اولادهم.

فانا ذكرنا ان موجب هذا اللفظ مع ما ذكر بعده من ان الميت ينتقل نصيبه الى ولده صريح في ان المراد ترتيب الافراد على الافراد.

والتقدير على زيد، ثم على اولاده، ثم على ولد كل واحد بعد والده، وهذا اللفظ يوجب ان يستحق كل واحد ما كان ابوه مستحقه لو كان متصفا بصفة الاستحقاق، كما يستحق ذلك اهل طبقاته.

وهذا متفق عليه بين علماء المسلمين في امثال ذلك شرعا وشرطا؛ واذا كان هذا موجب استحقاق الولد؛ وذلك التفصيل اما ان يوجب استحقاق الولد ايضا.

وهو الاظهر.

او لا يوجب حرمانه فيقر العمل بالدليل السالم عن المعارض المقاوم.

والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0