فصل بيع المقاثي جملة بعروقها
فصل بيع المقاثي جملة بعروقها
فَصْلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَقَاثِي جُمْلَةً بِعُرُوقِهَا سَوَاءٌ بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ لَا، وَهَذَا الْقَوْلُ لَهُ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُرُوقَ
كَأُصُولِ الشَّجَرِ، فَبَيْعُ الْخَضْرَاوَات قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَبَيْعِ الشَّجَرِ بِثَمَرِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ يَجُوزُ تَبَعًا.
وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ لَمْ تَدْخُلْ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى اللُّقَطَةِ الْمَوْجُودَةِ وَاللُّقَطَةِ الْمَعْدُومَةِ إلَى أَنْ تَيْبَسَ الْمَقْثَأَةُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَقَاثِي دُونَ أُصُولِهَا وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَإِذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ شَجَرَةٍ جَازَ بَيْعُهَا وَبَيْعُ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
وَبَقِيَّةُ الْأَجْنَاسِ الَّتِي سَاءَ حَمْلُهُ فَإِنَّ أَصْحَابَ ذَلِكَ أَوْ الزَّرْعِ الَّذِي بِجَائِحَةٍ وَلَوْ مِنْ جَرَادٍ أَوْ جَيْشٍ لَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ فَمِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ الْمُشْتَرِي، وَثَبَتَتْ الْجَائِحَةُ فِي الْمَزَارِعِ، كَمَا إذَا اكْتَرَى الْأَرْضَ بِأَلْفٍ مَثَلًا وَكَانَتْ تُسَاوِي بِالْجَائِحَةِ سَبْعَمِائَةٍ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمَعْنَى أَنَّ نَفْسَهُ إذَا تَلِفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ
الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ صَاحِبِ الزَّرْعِ لَا يَكُونُ كَالثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ، فَهَذَا مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي نَفْسِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَنَقْصِ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْ الرَّحَا وَنَبَتَتْ الْجَائِحَةُ فِي الْمَزَارِعِ.
وَلَوْ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ: إنَّهُ أَجَّرَهُ إيَّاهَا مُقِيلًا أَوْ مُضِيفًا أَوْ مَرَاحًا أَوْ مَزْرُوعًا، وَثَبَتَتْ الْجَائِحَةُ فِي حَانُوتٍ أَوْ حَمَّامٍ نَقَصَ نَفْعُهُ، وَحَكَمَ بِذَلِكَ أَبُو الْفَضْلِ سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَقْدِسِيُّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَكِنَّهُ بِخِلَافِ مَا رَأَيْته عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ إذَا عَطَّلَ نَفْعَ الْأَرْضِ بِآفَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَاسْتِهْدَامِ الدَّارِ.
وَلَوْ يَبِسَتْ الْكُرُومُ بِجَرَادٍ أَوْ غَيْرِهِ سَقَطَ مِنْ الْخَرَاجِ حَسَبَ مَا يَعْطَلُ مِنْ النَّفْعِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ النَّفْعُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ.