المصالح المرسلة أو الاستصلاح كمصدر للشريعة
تعريف الشريعة, الشريعة والاسلام , الشريعة و الفقه, التشريع الوضعي والاسلامي , الشريعة الاسلامية ودعوى تأثرها بالقانون الروماني, مقاصد الشريعة, خصائص الشريعة الاسلامية, مصادر الشريعة الاسلامية, القرآن كمصدر للشريعة, السنة كمصدر للشريعة, الإجماع كمصدر للشريعة, القياس كمصدر للشريعة, الاستحسان كمصدر للشريعة, المصالح المرسلة أو الاستصلاح كمصدر للشريعة, الاستصحاب كمصدر للشريعة, العرف كمصدر للشريعة, قول الصحابي كمصدر للشريعة, شرع من قبلنا كمصدر للشريعة, سد الذرائع كمصدر للشريعة, أدوار التشريع الإسلامي, الحكم الشرعي, تعريف الحكم الشرعي, الحكم التكليفي, الحكم الوضعي, الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي, أنواع الحكم التكليفي, الواجب, المندوب, المحرم , الرخصة والعزيمة , أقسام الرخصة, أنواع الحكم الوضعي,

مثالها المصلحة التي شرع لأجلها عمر رضي اللَّه عنه اتخاذ السجون وتدوين الدواوين للجند، وهي مصلحة لم يرد فيها دليل شرعي بالتأييد والاعتبار أو بالإلغاء والإبطال.
[أنواع المصالح] ومن هنا يظهر لنا أن المصالح ثلاثة أنواع : ١ - المصالح المعتبرة: وهي المصالح التي جاءت الأحكام الشرعية لتحقيقها ومراعاتها من أجل المحافظة على مقصود الشرع في جلب المصالح أو دفع المفاسد والمضار ، مثل المصلحة في حفظ النفسوالمال والعرض التي شرع اللَّه لحفظها القصاص وحد السرقة وحد القذف.
٢ - المصالح الملغاة: وهي المصالح التي وردت الأحكام بإلغائها وعدم مراعاتها، لأنها مصالح من سط الظاهر وتخفي وراءها أضرارًا ومفاسد ومخاطر دينية واجتماعية، مثل الربا، فإن فيه مصلحة ظاهرية آنية للمقرض بالفائدة وللمستقرض بالاستفادة من المال، ومثل قتل المريض اليائس من الشفاء، وذبح الأضاحي على الأصنام لإطعام الفقراء، وشرب المسكرات للنشوة، أو المخدرات للتأمل الخيالي والهرب من الواقع، ففي كل منها مصلحة ولكنها تنطوي على الشر والفساد، وتخفي في طياتها الضرر والخراب، فنص الشارع على إلغاء المصلحة فيها وعدم اعتبارها.
وهذان القسمان متفق عليهما بين جميع المسلمين، لأن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ولرعاية أحوالهم ومنافعهم، فشرعت كل ما يحقق مصلحتهم، وحرمت كل ما يضرهم ويوقع الإيذاء بهم .
٣ - المصالح المرسلة: وهي المصالح التي لم ينص الشارع على اعتبارها ولا على إلغائها، وهذه المصالح هي مجال الاختلاف بين العلماء، علمًا أنهم متفقون على تحقيق المصالح والتعليل بها، وبناء الأحكام عليها في جميع المذاهب، ولكن الاختلاف في اعتبارها دليلًا شرعيًّا مستقلًا، وهل هي مصدر من مصادر التشريع أم لا؟[حجية المصالح المرسلة] اختلف الأئمة في حجية المصالح المرسلة واعتبارها دليلًا شرعيًّا ومصدرًا مستقلًا على قولين: القول الأول: المصالح المرسلة ليست دليلًا مستقلًا، وهو مذهب الشافعية والحنفية ، واحتجوا لقولهم بأن الشريعة راعت مصالح الناس بالنص والإجماع والقياس، فكل مصلحة لها شاهد من هذه الأدلة، وأن المصلحة التي لا يشهد لها دليل شرعي ليست في الحقيقة مصلحة، وإنما هي وهم، كما أن بناء الأحكام على مجرد المصلحة فيه فتح لباب التشريع أمام أصحاب الأهواء وحكام السوء والفساد بأن يشرعوا ما يحقق أغراضهم وأهواءهم بحجة المصلحة، ولذا فإن حفظ مقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكل مصلحة لا ترجع لواحد مما سبق فهي باطلة .
القول الثاني المصالح المرسلة دليل شرعي مستقل ومصدر من مصادر التشريع التي يرجع إليها المجتهد، وحجة تبنى عليها الأحكام دون أن تتوقف على دليل شرعي آخر، وهو مذهب المالكية والحنابلة .
واستدلوا على ذلك بأن مصالح العباد كثيرة جدًّا، وأنها تتجدد مع تجدد الحوادث وتطور الزمان، والشرع إنما جاء لتحقيق المصالح الحقيقية في الدنيا والآخرة، وذلك بجلب المصالح لهم ودفع المفاسد عنهم، فلا بد من إقراراها، وإلا تعطلت مصالح الناس، ووقفت الأحكام عن مواكبة التطور والتغيير، وهذا يخالف مقاصد الشريعة.
كما استدلوا على ذلك بأعمال الصحابة الذين شرعوا أحكامًا كثيرة لتحقيق مصالح العباد المتجددة مع عدم وجود دليل شرعي عليها، مثل جمع المصحف في عهد أبي بكر رضي اللَّه عنه وعهد عثمان، واستخلاف عمر، ووضع الخراج وتدوين الدواوين واتخاذ السجون ، وهي مصالح عامة، ولا دليل من الشارع على إقرارها، ولا إلغائها.
[شروط الاحتجاج بالمصالح المرسلة] واشترط أصحاب القول الثاني في المصلحة المرسلة التي يصح بناء الأحكام عليها ثلاثة شروط، وهي: ١ - أن تكون مصلحة حقيقية بحيث تحقق النفع للناس أو تدفع الضرر عنهم، ولا عبرة للمصالح الظاهرية أو الوهمية.
٢ - أن تكون مصلحة عامة لمجموع الأمة، أو للأكثرية الغالبة، ولا عبرة للمصالح الشخصية والفردية، أو التي تخدم طائفة معينة قليلة في المجتمع، لأنها في الغالب تكون ضارة بالمجموع، ولأن التشريع لا يكون من أجل الأفراد، وإنما يكون لتحقيق المصالح العامة.
٣ - أن لا تعارض الأحكام المبنية على المصلحة حكمًا شرعيًّا ثابتًا بالنص أو الإجماع، فإن معارضته تدل على أن هذه المصلحة ملغاة من قبل المشرع لما يترتب عليها من مفاسد، فيكون إبطالها من المشرعأبعد نظرًا وأسد قيلًا، مثاله أن بعض علماء الأندلس أفتى حاكمها أن يصوم شهرين متتابعين كفارة إفطاره في رمضان بالجماع، بحجة أنه لو أمره بإعتاق رقبة لكان سهلًا عليه ذلك، ويستحقر إعتاق الرقبة مقابل قضاء شهوته، فرأى أن المصلحة لانزجاره عنه بالصوم شهرين، وهذه المصلحة باطلة، لأنها تخالف النص الوارد في الحديث الذي أمر بإعتاق رقبة أولًا، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .
وإن دواعي الاستصلاح هي: ١ - جلب المصالح، ٢ - درء المفاسد، ٣ - سد الذرائع، ٤ - تغير الزمان.
والخلاصة أن الخلاف لفظي بين العلماء في حجية المصلحة، وأن الخلاف في المصلحة المرسلة التي تؤدي إلى حفظ مقاصد الشرع هل تعتبر قياسًا على المصالح الواردة في الكتاب والسنة والإجماع، أم هي مصدر شرعي مستقل تسمى مصلحة مرسلة؟ قال الغزالي: وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها، بل يجب القطع بكونها حجة .
وقال الشيرازي رحمه اللَّه تعالى: "لأن في الرهن بالأرش مصلحة للراهن في حفظ ماله .
.
.
، ويجوز للمصلحة ما لا يجوز لغيرها" .
What's Your Reaction?






