أركان الزواج في الشريعة الإسلامية و أقوال الفقهاء فيها

بعد العناوين المقترحة في هذا الموضوع: صيغ الإيجاب والقبول, شروط صيغة عقد الزواج, الشروط الخاصة بالزوج, الشروط الخاصة بالزوجة, تعريف الولاية في اللغة والاصطلاح, الولاية كركن من الزواج, أدلة ركنية الولي وتوقف العقد عليه, اختلاف الفقهاء في انعقاد الزواج بعبارة النساء, مراتب الأولياء في عقد الزواج, شروط الولي في عقد الزواج, الصداق كركن للزواج, شروط الصداق, الإشهاد في عقد الزواج,

أركان الزواج في الشريعة الإسلامية و أقوال الفقهاء فيها

الركن الأول: الصيغة (الايجاب والقبول):

  • *صيغ الإيجاب والقبول: الصيغة كما تكون باللفظ وهو الأصل تكون كذلك بالكتابة أو الإشارة عند الضرورة وألفاظ الإيجاب والقبول منها ما هومتفق على انعقاد الزواج به , ومنهاما هو  مختلف فيه. فأما الألفاظ التي اتفق الفقهاء على انعقاد الزواج بها فهي لفظ (أنكحت وزوجت) وهي ألفاظ صريحة في التزويج والانكاح لورودها في نصوص القرآن والسنة، فإذا قال ولي الزوجة "أنكحتك أو زوجتك" ابنتي فلانة وقال الزوج قبلت أو رضيت انعقد الزواج والأصل في انعقاد الزواج بلفظ النكاح والتزويج.

  • أولاً: قوله تعالى: « إني أريد أن انكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثمانية حجج» [القصص:27]
    فهذا النص يدل على أن الزواج يقع بلفظ الإنكاح وهو استدلال بشرع من قبلنا.
  • ثانياً: قوله تعالى: «فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها»[الأحزاب:37]،
  • ثالثاً :قوله × في حديث الواهبة نفسها: "قد زوجتكما بما معك من القرآن"، ووجه الاستدلال بالحديث بهذه الرواية تقيد انعقاد النكاح بلفظ التزويج.
  •  وأما الألفاظ المتفق على عدم انعقاد الزواج بها فهي التي تدل على تمليك منفعة العين في الحال ولا على بقاء الملك مدة الحياة؛ مثل الإعارة أو العارية والاجارة والوديعة ونحوها .
  • وأما الألفاظ المختلف بانعقاد الزواج بها فهما: لفظ الهبة ولفظ الملك ونحوهما, مما يدل على تمليك منفعة العين في الحال وعلى بقاء الملك مدة الحياة.
  • "قال الحنفية والمالكية في الراجع عندهم ينعقد الزواج بها بشرط النية الصالحة والقرينة الدالة على الزواج كبيان المهر وتسميته، واحضار الناس وفيهم الشهود للمقصود لأن المطلوب هو التعرف على إرادة العاقدين ولا اعتبار للفظ. وقد ورد في الشرع ما يدل على الزواج بلفظ الهبة والتمليك.
    - الأول: قوله تعالى: «وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي. إن أراد أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين» [الأحزاب:52] قالوا: الخصوصية للنبي في صحة الزواج بدون مهر لا باستعمال لفظ الهبة.
    - الثاني: "قوله صلى الله عليه وسلم ومنكم الرجال لم يملك ما يقدمه مهراً ملكتكها بما معكم من قرآن" رواه البخاري ومسلم، والحديث دال على انعقاد النكاح بغير لفظ التزويج والنكاح وهو نص في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج السائل بلفظ التمليك، وقال الشافعي والحنابلة لا ينعقد النكاح بها ولا ينعقد إلا بلفظ النكاح أو التزويج لورودهما في القرآن، فيلزم الاقتصاد عليهما وآية «إن وهبت نفسها للنبي» من خصوصياته عليه وسلم. وحديث "ملكتكها" رواية معارضة لرواية الجمهور "زوجتكها" وصيغة الايجاب والقبول اذا كانت بلفظ الماضي أو الامر فإنها تدل على اللزوم، واذا كانت بصيغة المضارع نحو أزوجك أو أنكحك. فإن قامت القرينة على إرادة انشاء العقد في الحال لا للوعد في المستقبل, كأن يكون المجلس مهيأ لإجراء عقد الزواج، فوجود هذه الهيئة ينفي إرادة الوعد ,ويدل على إرادة التجيز , فإن لم يكن المجلس مهيئ لإنجاز العقد ولم توجد قرينة دالة على قصد إنشاء الزواج في الحال، فلا ينعقد العقد، وينعقد النكاح أحياناً بالكتابة والإشارة إذا كان أحد العاقدين معتقل اللسان.
    أ- فإذا كان قادراً على الكتابة في حال القدرة عليها لأن الكتابة أقوى في الدلالة على المراد وأبعد عن الاحتمال من الإشارة.
    ب- وإن كان الأخرس أو نحوه عاجزاً عن الكتابة انعقد الزواج بالإشارة المفهمة.
    ß لأنها حينئذ الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الإرادة.
    * شروط صيغة العقد:
    - الشرط الأول: اتحاد مجلس الايجاب والقبول، فإن اختلف المجلس فلا ينعقد العقد، فإذا قال ولي المرأة زوجتك ابنتي فلانة فقام الآخر عن المجلس وانصرف ثم قال بعد اذن قبلت، فأنه لا ينعقد العقد كذلك إذا انصرف العاقد الأول عن المجلس بعد الإيجاب فقبل الآخر وهو في المجلس في عتبية الأول أو بعد عودته لم ينعقد العقد والمعاقد عليه في الحد الفاصل بين اتحاد المجلس واختلافه هو العرف فما يعتبر في العرف إعراضاً عن العقد أو فاصلاً بين الإيجاب والقبول يكون عن العقد أو حداً فاصلاً بين الايجاب  والقبول لا يكون معيراً للمجلس.
    - الشرط الثاني: توافق القبول مع الايجاب ومطابقته له ويتحقق التوافق باتحاد القبول مع الايجاب في محل العقد وفي مقدار المهر، فإذا قال ولي المرأة زوجتك ابنتي فلانة وذكر الاسم فقال الرجل قبلت زواج الأخرى فلا ينعقد الزواج لأن القبول انصرف الى غير ما وجد الايجاب فيه، وكذلك إذا سمى المهر عند ابرام العقد. فإن المخالفة في مقداره لا ينعقد معها العقد لأنه (المهر) يصير حينئذ جزءاً من الايجاب بخلاف ما لم يذكر المهر في العقد فلا يكون جزءا من الإيجاب  كما في نكاح التفويض.
    - الشرط الثالث: بقاء الموجب على ايجابه إلى حين قبول العاقد الآخر، فإن رجع الموجب عن الايجاب قبل قبول الآخر بطل الايجاب، ولم يجب القبول ما يوافق ولا يلزم الموجب البقاء على ايجابه إلا إذا اتصل به القبول، لأن كل من الايجاب والقبول ركن, وكان أحدهما بعض الركن والمركب من شيئين لا وجود له بأحدهما.
    - الشرط الرابع: التنجيز في الحال يشترط في الزواج كونه في الحال فلا يجوز كونه مضافا الى المستقبل ولا معلقاً على شرط غير كائن؛ لأن الزواج من عقود التمليكات أو المعاوضات وهي لا تقبل التعليق، ولا الإضافة لأن الشارع وضع عقد الزواج ليفيد حكمه في الحال والتعليق أو الإضافة سيناقضان الحقيقة الشرعية.

    الركن الثاني: الزوجين

  • يقول الله تعالى:«وجعل بينكم مودة ورحمة» فترتيب القرآن للألفاظ ترتيب عجيب فبعد المودة تأتي الرحمة.
    وقال تعالى:«ولا تنسوا الفضل بينكم»
    * الزوجان: ( وهما محل العقد ) ويشترط في صحته نكاحهما شروط تكون فيهما معاً وشروط تخص كل منهما:

  • -  الشروط المشتركة:
    أولاً: الرضا والاختيار من الزوجين (عدم الاكراه) فلا يصح الزواج بغير رضا الزوجين.
    ثانيا: ألا يكون أحد الزوجين مريضاً مرضاً مخوفاً، والمرض المخوف هو  لما يتوقع منه الموت عادة فلا يصه نكح المريض والمريضة المخوف عليهما على المشهور قياسا على طلاق الزوج زوجته في مرض موته بعلة عدم جواز إخراج الوارث عن الميراث في المرض، وزواجه في المرض يتضمن اخراج بعض ورثته من بعض الميراث أو كله.
    ثالثاً: عدم المحرمية من نسب أو رضاع أو مصاهرة فلا يصح نكاح المحرم بالإجماع سواء كانت الحرمة مؤبدة أو مؤقتة ويفسخ النكاح أبداً يحدان إن علما.
    رابعاً: عدم الإشكال فلا يصح نكاح الخنثى المشكل التي لا يستبين  أمره على أنه زوج أو زوجة ويكون الزواج على خنثى باطلاً.
    خامساً: عدم الاحرام بحج أو عمرة من أحد الزوجين فلا يجوز نكاح المحرم ولا إنكاحه لقوله ×: "ينكح المحرم ولا ينكح" رواه مسلم. وهذا نهي صريح للمحرم بحج أو عمرة أن يتزوج أو يزوج غيره والنهي يدل على فساد المنهي عنه.
    - الشروط الخاصة بالزوج:
    1)- الإسلام: فلا يصح الزواج من كافر كتابي أو غيره وبهذا الشرط فإن عقد المسلمة على كافر كتابي أو غيره باطل، والدليل قوله تعالى:«ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة»[سورة البقرة: 221] فالأية عامة في النهي عن نكاح المشركين من أهل الكتاب ومن غيره لأن لفظ الشرك يعم الجميع وقد خص من ذلك بالدليل نكاح المسلم بالكتابية فأبيح ويقي نكاح المسلم بغير الكتابة ونكاح المسلمة للمشرك من أهل الكتاب وغيرهم على أصله من التحريم, فالأنثى لا يشرط في صحة نكاحها إسلامها، بل من كانت كتابية صح نكاحها بالمسلم.
    2)- أن يكون تحته من يحرم جمعها معها: كالجمع بين المرأة وأختها والمرأة وعمتها أو خالتها لقوله تعالى:« وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف» وقوله × :" لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها".
    3)- خلو الزوج من أربع زوجات: فلا يصح من ذي أربع نكاح ولو كانت إحى الأربع مطلقة طلاقاً رجعياً حتى يبينها أو تخرج من عدتها لقوله تعالى:«فأنكحوا ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع» [النساء].
    ويوضح مدلول الأية حديث عمر ابن عمر حيث قال: أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي × :" أن يختار منهن أربع" رواه أحمد ابن ماجه والترميذي.
    -الشروط الخاصة بالزوجة:
    أولاً: الخلو من الزوج، فلا يصح العقد على متزوجة.
    ثانياً: الخلو من عدة غيره، فلا يصح عقد الرجل على امرأة معتدة من غيره من موت أو طلاق صيانة للإنسان من الاختلاط (الأنساب).
    ثالثاً: أن لا تكون محبوسة، فلا يصح عقد على محبوسة والمراد بها غير الكتابية.
    رابعاً: أن لا تكون مبثوثة للزوج، والمبثوثة هي المطلقة ثلاثاً فلا يصح العقد عليها إلا بشرط وهو أن تنكح زوجاً غيره ثم تطلق طلاقاً آخر لقوله تعالى: «فإن طالقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليها أن يتراجعا»  [البقرة:231]


    الركن الثالث: الولي

  • *  أولا: تعريف الولاية في اللغة والاصطلاح:
    الولاية في اللغة: مصدر ولي، يقال ولي الشيء يليه ولايةً إذا ملك أمره هي إذا سلطة يملكه المرء على شيء من الأشياء، وفي اصطلاح الفقهاء هي عبارة سلطة تجعل لمن تبين له القدرة على إنشاء تصرفات والعقود وتنفيذها أو بعارة أخرى:" هي قيام شخص كبير راشد على شخص قاصر في تدبير شؤونه الشخصية والمالية.
    والولاية بهذا المعنى تتضمن سلطة ذات فرعين:
    - أحدهما: سلطة على شؤون القاصر المتعلقة بشخصه ونفسه كالتزويج والتعميم والتطبيب والتشغيل.
    - وثانيهما: سلطة على شؤون القاصر المالية من عقود وتصرفات وحفظ واتفاق، ومن ثم تقسم الولاية إلى نوعين:
    1- ولاية على النفس.
    2- ولاية على المال.
    والولاية بنوعيها إذا كانت متعلقة بشؤون المرء كتزويج نفسه أو التصرف في ماله فهي الولاية القاصرة وإذا تعلقت بشؤون غيره الشخصية والمالية فهي الولاية المتعدية والذي يهمنا في هذا المقام هو الولاية في الزواج وهي من الولاية على النفس ويقصد بها السلطة التي يستطيع به الشخص إنشاء عقد زواج نافذ لنفسه أو لغيره، وهي بدورها قاصرة ومتعدية.

      * ثانياً: أدلة ركنية الولي وتوقف العقد عليه:
    -الدليل الأول: قوله تعالى:« ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا»[البقرة:219].

    ووجه الاستدلال ان الخطاب موجه للأولياء ولو لم يكن لهم في العقد حق لما خاطبهم بذلك، وهذا يدل أن ليس للمرأة أن تنكح نفسها.
    - الدليل الثاني: قوله تعالى:« فإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن » [البقرة:230]. والعضل هو المنع، وسبب نزول الأية ما روى معقل ابن يسار قال: زوجت أخت لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له: زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لن تعود إليك أبدً، وكان رجل لا بأس به، وكان المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الأية فقلت: فقلت الأن افعل يا رسول الله، قال فزوجها إياه، رواه البخاري ووجه الاستدلال ان الخطاب موجه للأولياء وقد نهتهم الآية عن الامتناع من انكاح ولياتهم وهذا يدل على أن العقد يتوقف على ولي، وإلا لما احتاجت أخت نعقل إلى أخيها ولما توقف رجوعها إلى زوجها على موافقته وهي تريد زوجها وهو يريدها.
    فتبين أن العضل إنما يصح ممن إليه عقد النكاح ولو كان للمرأة أن تعقد لنفسها لم يكن إمتناع وليها عضلاً لها ولما نهى عنه.
    - الدليل الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما امرأة نكحت بغير وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل" فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرحها، فإذا اشنجوا فالسلطان ولي من لا ولي له، ووجه الاستدلال أن الحديث عام في كل امرأة بكراً كانت أوثيبا لأن لفظ أي في أيما تفيد العموم ودالة على تأكيده كلما أن بطلان العقد بدون ولي مؤكد بتكرار لفظ باطل.
    وبذلك يكون الحديث قد أثبت للولي حق العقد على وليته.
    الدليل الرابع: حديث أبي موسى الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم:" لا نكاح إلا بولي" وهو من أصرح الأحاديث الدالة على اشتراط الولي.
    الدليل الخامس: وهو وجه دخول الولي في عقد نكح وليته هو لنفي الضرر والمعرفة عن نفسه وعنها بوضع نفسها في غير كفء.
     ثالثاً: اختلاف الفقهاء في انعقاد الزواج بعبارة النساء
    للفقهاء بعبارة النساء رأيان:
    - رأي الحنفية وهو أن العقد بعبارتها بدون ولي، ورأي الجمهور أنه يبطل بدون ولي.
    أما الرأي الأول: - فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ينفذ نكاح الحرة البالغة العاقلة بلا رضى وليها، فالمرأة البالغة العاقلة أن تتولى زوجها وزواج غيرها، لكن إذا كان لها ولي عاص وتولت عقد زوجها بنفسها واشترط لصحة زوجها ولزوجة أن يكون الزوج كفؤ ولا يقل المهر عن مهر مثيلاتها من النساء. فإذا تزوجت بغير كفئ ولا بغير مهر احتمل فلوليها حق اعتراض عن الزواج ويفسخه القاضي.
    واستدل الحنفية بهذا الرأي بما يلي:

     أولاً: - حديث إبن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الايم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن وإذنها صماتها" صحيح مسلم، الأيم التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباُ فدل على أن للمرأة الحق في تولي العقد.
    ثانياً:- أن للمرأة أهلية كاملة في ممارسة جميع التصرفات المالية من بيع ايجار وغيرها، فتكون أهلاً بمباشرة زوجها كذلك، لأن التصرف حق خالص لها.
    وأما الرأي الثاني :أي رأي الجمهور: فهو أن النكاح لا يصح إلا بولي ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها فإن فعلت ولو كانت بالغة عاقلة رشيدة لم يصح النكاح، وهو راي كثير من الصحابة كانت عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم جميعاً، وإليه ذهب سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والثوري وابن مبارك رحمهم الله تعالى، وأدلتهم زيادة على ما ذكر في اشتراط الولي في الزواج.
    أولاً: حديث أبي هريرة أن النبي ×قال:" لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" والحديث نص في الباب كما ذكر صاحب الاشراف.
    ثانياً: أن الزواج عقد خطير دائم ذو مقاصد متعددة من تكوين أسرة وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، والرجل بما لديه من خبرة في شؤون الحياة أقدر على مراعاة هذه المقاصد, أما المرأة فخبرتها محدودة وتتأثر ظروف وقتية, فمن المصلحة لها تفويض العقد لويها دونها , واستحلوا كذلك بحديث ابن عباس السابق الذي استدل به الحنفية ووجه استدلالهم أن لفظ "أحق بنفسها" من أبنية المبالغة., والمراد بحقها، هو إرادتها في تعيين الأزواج لا في تولي العقد, وأما الحق للولي فهو تولي العقد, فإذا وقع العقد بدون ولي عند الجمهور فإنه يفسخ مطلقاً قبل الدخول وبعد ذلك وإن طال, ولاحد في ذلك على الزوجين: وأما قوله × المتقدم "فإن الزانية هي التي تزوج نفسها فإنه مبالغ على النسبية وشدة الزجر.
     رابعاً: مراتب الأولياء:
    تثبت الولاية للأقارب العصبة بأنفسهم قياساً على المواريث، فمن كان مقدماً على غيره في الإرث فهو مقدم عليه في الولاية.
    وذلك على الترتيب الآتي:
    1- الابن وإبنه وغن نزل
    2- الأب والجد الأب وإن علو
    3- الأخ الشقيق والأخ الأب وأبنائهما وإن نزلوا
    4- العم الشقيق والعم للأب وأبنائهما وإن نزلوا.
    وهذا التقديم مندوب إليه والأولى تقديم الشقيق من كل صنف على الذي للأب وتقديم الأفضل عند التساوي في الرتبة، إذا تنازع المتساون في الرتبة والفضل؛ فإن الحاكم ينظر فيمن يقدمه. وقيل يعقدون جميعاً ثم يقدم في العقد على المرأة عند فقد من تقدم ذكرهم من العصبة، الكافل لها أي من قام بتربيتها حتى بلغت عنده بشرط أن يكون كفلها زمناً تحصل فيه الشفقة والحنان وعليها عادة. ولابد من ظهور الشفقة منه بالفعل وإلا فالحاكم هو الذي يتولى عقد نكاحها, فإن لم يوجد للمرأة عاصب ولا كافل ولا حاكم شرعي تولى عقد نكاحها أي رجل من عامة المسلمين بإذنها ورضاها ويدخل في عامة المسلمين؛ الخال والجد من جهة الأم والأخ لأم فهؤلاء من أهل الولاية العامة.
     خامسا: شروط الولي:
    يشترط في الولي باتفاق الفقهاء شرطان وهما.
    1) أن يكون كامل الأهلية: بأن يكون حراً بالغاً عاقلاً ففاقد الأهلية كالصبي الغير المميز والمجنون لا ولاية له على نفسه لأن عبارته ملغاة في نظر الشرع.
    فأولى ألا تثبت له ولاية على غيره.
    وكذلك ناقص الأهلية، كالصبي المميز وذي الغفلة لا يملكتزويج نفسه وحده بكل بتوقف نفاذ عقده على إجازة وله فحينئذ لا تكون له وليه على غيره.
    2)اتحاد الدين:
    بأن يكون الولي متحداً في الدين مع المولى عليه فلابد من اتحاد الدين ولا ولاية لغير المسلم على مسلم والسبب في اشتراط اتحاد الدين وهو اتحاد وجهات النظر في تحقيق المصلحة، ولأن اثبات الولاية للكافر على المسلم تشعر باذلال المسلم من جهة الكافر وهناك شروط مختلف فيها:
    الذكورة: وهي شرط عند الجمهور غير الحنفية فلا تثبت ولاية الزواج للأنثى لأن المرأة لا تثبت لها الولاية على نفسها وفلى غيرها أولى. وقال الحنفية ليست الذكور شرط في قوت الولاية فللمرأة البالغة العاقلة ولاية التزويج عندهم بالنيابة عن الغير بطريقة الولاية أو الوكالة.
    العدالة: وهي استقامة في الدين بأداء الواجبات الدينية والامتناع عن الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر وهي شرط عند الشافعية والحنابلة فلا ولاية لغير العدل وهو الفاسق لأن الولاية تحتاج إلى النظر وتقديم المصلحة فلا يستبد بها الفاسق. واكتفوا باشتراط العدالة الطاهرة أو مستورالحال ؛

    وذهب الحنفية والمالكية إلى أن العدالة ليست شرط في ثبوت الولاية، فالولي عدلا كان أو فاسقاً فله تزويج وليته لأن فسقه لا يمنع من وجود الشفقة عليه ورعاية المصلحة لقريبه.

     وأضاف المالكية شرطين وهما.
    1)- خلوا الولي من الاحرام من حج أو عمرة: فالمحرم بأحدهما لا يصح من تولي عقد الزواج.
    2)- عدم الاكراه فلا يصح الزواج من مكره: لكن هذا الشرط لا يختصر بولي عقد النكاح بل هو عام في جميع العقود الشرعية.


    الركن الرابع: الصادق (المهر)
    - الصداق لغة:
    مهر المرأة وهو مشتق من الصدق لأنه عطية يسبقها الوعد بها ويصدقه المعطي.
    - الصدق اصطلاحاً:- عرفه المالكية بقولهم:" ما يجعل للزوجة في نظير الاستمتاع بها" .

    - وعرفه الحنابلة:" بأنه العوض في النكاح سواء سمي في العقد أو فرض بعده بتراضي الطرفين" وعند الحنفية" هو المال الي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بدخول بها"

     - وعرفه الشافعي:" بأنه ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهراً ( زواج الإكراه)".
    *  أدلة وجوب الصداق في الزوج.
    الصداق أو المهر واجب على الزوج دون المرآة ويجب بأحد الأمرين بمجرد العقد الصحيح وبالدخول الحقيقي والاتفاق على اسقاطه مفسد للعقد ودليل وجوبه.
    -أولاً: قوله تعالى:«وآتوا النساء صدقاتهم نحله» [النساء:4]
    ووجه الاستدلال:
    أن الله تعالى امر باتاء الناس مهراهن والأمر بالأزواج كما بذل عليه سياق الأية، تناسق ضمائره.
    - ثانياً: قوله تعالى: «وأحل لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم محصرين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة»
    ووجه الإستدلال:
    أن الله احل ما أعد من ذكر من النساء في الأية السابقة وشرط العقد عليهنا بالأموال، أي بإعطاء المهور واكد ذلك بالأمر بإيتائهنا أجورهن ووصف المهور بكونها فريضة: أي واجبة.
    - ثالثاً: قوله تعالى: «ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أبينهن أجورهن» [الممتحنة: الآية10]
    ووجه الاستدلال:
    وفي الآية اشترط الله تعالى لنكاح المؤمنات المهاجرات الممتحنات إيتائهن أجورهن
    -رابعاً: قوله تعالى:« وامرأة مؤمنة ان وهوبت نفسها للنبي إن أراد النبي ان يستنكحها خالصة لها من دون المومنين»
    وجه الإستدلال:
    أن الله تعالى أخبر أن النكاح النبي صلى الله عليه وسلم بدون مهر للتي وهبت نفسها له أمر خاص دون سائر المؤمنين فلا يحل ذلك لغيره فتعين  اشتراط الصداقة عليه.
    - خامساً: حديث سعد ابن سعد الساعدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم :" قال لمريبة الزواج التمس ولو خاتم من حديث"
    وجه الاستدلال:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل له سبيل عن الزوج دون المرأة لما منعه عليه السام من ذلك.
    - سادساً: حديث عمران ابن خصيم أن النبي × قال:"لا نكاح إلى بولي ومهر قل أو اكثر".
    * وقد أجمع المسلمون على مشروعية الصداقة في النكاح والحكمة من وجوب المهر هي إظهار خطر هذا العقد ومكانتها وإعزاز معه التوفير حسن النية على قصد معاشرتها بالمعروف والدوام الزواج، وفيه تمكين المرأة من التهيئ لزواج لما يلزم من نفقة أو لباس.
    يسن تحقيق المهر وعدم المغالات فيه لقوله × :" أعظم النساء بركة أيسرهن مؤمنة" روته عائشة وفي حدي عقبة ابن عامر أن الرسول صلى الله عليه وسلم خير الصداق أيسره وعن ابي عجفاء قال خاطبنا عمر فقال: الا لا تغلوا بصدوق النساء فإنها لو كانت مكرومة في الدنيا أو تقوى عن الله مكانة أولاكم بها النبي ×ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:" امرأة من نساءه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية" رواه الترميذي والحكمة من منع المغالات في المهور واضحة وهي تيسير الزواج للشباب حتى لا ينصرف عنه فتقع مفاسد اجتماعية  أخلاقية، وقد ورد عن عمر رضي الله عنه كذلك قوله: إن الرجل ليغني بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في فلبه وأما قدرة: فقد اتفق الفقهاء على انه ليس لأكثره حد ودليل عدم تحديده قوله تعالى:« وإذا أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إجارهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً. أن خذوه بهتاناً وإثماً مبيناً » [النساء:20]
    ووجه الاستدال:
    أن الله تعالى نهى الأزواج إلى إذا طلقوا نسائهم أن يسترجعوا منهم المهر التي دفعوها لهن عند النكاح ولو بلغ مهر المرأة قنطاراً. والقنطار هنا مبالغة في مقدار المال المعطى.
    أي مالاً كثيراً كثرة غير متعارفة، وهي المبالغة تدل على أن إيتاء القنطار مباح شرعاً لكن الله تعالى لا يمثل بما لا يرغب ويوصف شرعه.
    وقد اختلف الفقهاء في الحد الأدنى للمهر وقال الشافعية والحنابلة لاحد لأقل ولا تنقدر صحة الصداق بشيء، لاحد لأقله ولا تتقدر صحة الصداق بشيء" وظابطهم في ذلك: أي كل ما صح كونه متبعاً، أي له قيمة صح كونه صدقاً لما لم بنتهي إلى جده يتمول كالنواة والحصاة وحية القمح وغيرها فإن عقد بذلك قست التميمة ووجب المهر المثل.
    ودليلهم قوله تعالى:« وأحل لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم» [سورة النساء: 24]
    فلم يقده الشرع بشيء فيعمل به على إطلاقه (أي بأموالكم)، كما استدلوا بحديث إلتمس ولو خاتماً من حديد قالوا الحديث دليل على انه لا قدر لاقله لأنه لو كان له قدر لبينه صلى الله عليه وسلم.
    إذا لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة واستشهدا بذلك بما أخرجه الترمذي من حديث عامر بن ربيعة أن امرأة تزوجت على نعلين فقال لها رسول الله عليه السلام: أرضيت من نفسك ومالك بنعلين,قالت نعم فأجازه"رواه الترميذي.

    -وقال الحنفية: أقل المهر عشرة, واستدلوا بذلك حديث جابر بن عبد الله عن النبي × قال: "لا مهر لأقل من عشرة دراهم "وقياسا على نصاب السرقة وما تقطع به يد السارق,وهو عندهم عشرة دراهم,أما حديث "التمس ولو خاتما من حديث "فحملوه على المهر المعجل.لأن العادة عندهم تعجيل قبل الدخول.

    -وقال المالكية :أقل المهر ربع دينار,أو ثلاث دراهم فضة خالصة من الغش,فلا يجزء بلأقل من ذلك, ودليله أن المهر وجب في الزواج إضهارالكرامة المرأة ومكانتها.فلا يقل عن هذا المقدار وجب لها إن دخل بها وإن لم يدخل بها قيل له إما أن تتم المهر أو تفسخ العقد .

    والذي يترجح والله أعلم "الرأي القائل بأنه لاحد لأقل الصداق, وقال أصحاب هذا الرأي : يستند أن يكون المهر من أربعة مائة درهم وأن لا يزيد على ذلك إقتداء به × وتبركا بمتابعته. الصداق:

    الصداق لا شك أنه يشترط فيه ما يشترط في عقد البيع,ولهذا سمي بالأجرة,إلا أن المقارنة بين الصداق وعقد البيع ,فنجد أن الصداق مبني على المكارمة وأما البيع فمبني على المشاحات,ومثال ذلك نكاح التفويض

    ومن بين شروطه :

    أولا:أن يكون متمولا شرعا, أي أن يكون له قيمة من عرض أو حيوان أو عقار ودليل اشتراطه (التمول)أن الله تعالى لما أمر بأن يكون النكاح بالأموال لم يجز أن يبدل فيه ما ليس بمال وحقيقة المال ما تتعلق به الأطماع وبغية الإنتفاع.

         ولكن هل يجوز أن يهب المرأة الجهاز كصداق لزوجها؟يجوز لها فعل ذلك بعد البناء وليس    قبله,فإذا سمحت المرأة بذلك كان لهما الانتفاع به.

    ثانيا: أن يكون طاهرا لا نجسا,إذ لا يقع بالنجس تقويم شرعي,كالخمر والخنزير وغيرهما من النجاسات.

    ثالثا:أن يكون منتفعا به شرعا,إذ غير المنتفع به لا يقع به تقويم كآلة اللهو فلا يصح دفعها صدقا إلا إذا كان الجوهر الذي بها بغض النظر من كونها للهو(يساوي أقل الصداق)

    رابعا:أن يكون مقدورا على تسليمه للمرأة فلا يقع بما لا قدرة له على تسليمه.

    خامسا:أن يكون الصداق معلوما قدرا وصنفا وأجلا, فلا يصح أن يكون مجهولا كشيء أو ثوب لم يوصف أو دنانير لم يبين قدرها,أو بين قدرها ولم يبين الأجل.

    ويجوز المهر الذي فيه جهالة يسيرة أو غرر يسير لبناء الزواج على المكارمة والمسامحة كأن يتزوجها على مهر مثلها أو على جهاز البيت المعلوم بينهما وهو ما يسمى بالشوار,أي متاع البيت ويقع على الوسط أي وسط ما يتناكح به الناس .

  • تأكد المهر وتكميله:تملك المرأة عليها نصف الصداق لقوله تعالى: «وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم» وهو نص في أن المطلقة إذا لم يمسها الزوج تستحق نصف الصداق لأجل العقد عليها الذي وقع.ويكمل لها ملك النصف الثاني من المسمى أو صداق المثل في التفويض بما يلي :
  • 1) الدخول الحقيقي وهو الوطء أو الإتصال الجنسي: لقوله تعالى :«وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا » وفسر الإفضاء بالجماع.
  • 2) موت أحد الزوجين قبل الدخول: ويتكمل بالموت ولو قتلت الزوجة نفسها كرها في زوجها فلا يسقط على زوجها, أما لو قتلت زوجها فإنها تعامل بنفيض قصدها ,ولا يتكمل لها الصداق.لا يكون ذلك ذريعة إلى قتل النساء أزواجهن وهذا التكميل المسمى , أما نكاح التفويض فلا شيء عليه بالموت قبل البناء وقبل الفرض, ويكون كنكاح التسمية إذا فرض الصداق.  
  • 3) إقامة الزوجة سنة كاملة بتمامها أو أكثر في بيت الزوجية ولو لم يحدث الدخول عملا بالضن الغالب فتتنزل إقامتها لسنة كاملة عنده منزلة الوطء وإذا كان الزوج بالغا والزوجة  مطيقة للوطء وإلا فلا.
  • 4) الخلوة الصحيحة وهي أن يجتمع الزوجان بعد العقد الصحيح في مكان يتمكنان فيه من التمتع الكامل بحيث يأمنان من دخول أحد عليهما,وليس لأحدهما مانع طبيعي كوجود ىشخص ثالث عاقل, ولا مانع شرعي كأن يكون أحدهما صائما صوما واجبا, أو محرما بحج أو عمرة.
  • خلاصة نكاح التفويض: يجوز نكاح التفويض وهو عقد بدون تسمية المهر ولا دخول على إسقاطه, ودليله قوله تعالى «لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين» البقرة273, ووجه الإستدلال أن الله تعالى أباح الطلاق مع عدم الفرض والمسيس والطلاق والمباح لا يكون إلا في نكاح صحيح فدل على أن نكاح التفويض صحيح .
  • وثمة وجه أخر في النص, وأن نفي الجناح والمأخذة عمن طلق, ما لم يمس أو يفرض صداقا يقتضي رفع الإثم بالعقد على التفويض وإذا ارتفع الإثم دل على إباحته,

    ودليله كذلك الإجماع فلا خلاف بين المسلمين في جوازه وصحته؛ فإن دخل الزوجان على إسقاطه فليس بتفويص بل هو نكاح فاسد.


    الركن الخامس :الإشهاد:

    لم يحصل الخلاف بين الفقهاء في الإشهاد كأصل ؛

    المالكية:الشهود شرط في صحة النكاح لا في صحة العقد بل هو في صحة العقد مستحب وأدلتهم على ذلك قياسه على الصداق ووجه الأولوية أن الصداق يدخل في حقيقة العقد ,فإن كان الصداق يؤجل بنكاح التفويض من باب أولى ألا يدخل فيها الشهود ودليل ما في السنة عن صفية بنت حيي.

    يشترط في حجة الزواج إشهاد رجلين عدلين ولو لم يقع الإشهاد حال العقد ولا يصح بلا شهادة اثنين غير الولي لقوله× "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل واختلف الفقهاء في وقت لزومها "فذهب الجمهور إلى أن الشهادة تلزم حين إجراء العقد ليسمع الشهود الإيجاب والقبول عند صدورهما من المتعاقدين,فإن تم العقد بدون شهادة وقع فاسدا للحديث السابق, وظاهرة عند النكاح وبه تتحقق حكمة الشهادة ويرى المالكية أن الشهادة شرط لصحة الزواج, سواء أكانت عند إبرام العقد أم بعده، وقبل الدخول كان العقد فاسد والدخول بالمرأة معصية، ويتعين فسخه والشهادة عندهم شرط في جواز الدخول بالمرأة لا في صحة العقد.

    ودليل صحة العقد دون اقتران الشهادة به عند المالكية: حديث انس رضي الله عنه قال: أقام النبي × بين خيبر والمدينة ثلاثا، بنىعلى صفية بنت حيي، فدعوا المسلمون إلى وليمته فما كان فيه من خبز ولا لحم...." فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي من يمينه. فلما ارتحل وطء لها خلفه ومد الحجاب بينهما وتبين الناس".

    ووجه الاستدلال: أنه صلى الله عليه وسلم لو كان أشهد، لم يشكوا ولا علموا حالها بالإشهاد, وهو خبر مشهور مروي في قصة مشهورة، ويقيم على ما سواه.

  • القياس على الصداق بطريق أولى في عدم اشتراطه عند العقد، بدليل صحة نكاح التفويض، ووجه الأولوية أن الصداق داخل في حقيقة العقد، والبينة خارجة عن حقيقته.
  • أن المقصود من الإشهاد؛ التوقف لسد ذريعة الاختلاف والأفكار، فجعل من الشروط الشروط المتممة للعقد، واستدلوا كذلك بالحديث السابق: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، وموضع الشاهد فيه بأنه محمول على الدخول، لأن لفظ النكاح حقيقة في الدخول مجاز في العقد، وحمله على الحقيقة أولى من حمله على المجاز، كما أن النفي فيه، محمول على الكمال.
  • مقاصد الإشهاد أو أحكمه:

    في الإشهاد والشهادة حفاط على حقوق الزوج والزوجة، ثم كي لا يضيع نسب الولد وفيه دفع التهمة عن الزوجين وبيان خطورة الزوج، وأهية تمييز النكاح عن السفاح، ويتحقق بالشهادة. كذلك التوثق بأمر الزواج، والاحتياط لإثباته عند الحاجة إليه، لهذا ندب الشرع إلى إعلان النكاح، والدعوة إلى إعلانه بالوليمة.

    شروط الإشهاد:الشروط المتفق عليها:

  • الأهلية:وتحقق بالعقل والبلوغ فلا تصح شهادة المجنون على عقد الزواج, إذ لا تتحقق الغاية من الشهادة وهي الإعلان وإثبات الزواج في المستقبل عند الإنكار كما لا تصح الشهادة من الصبي ولو كان مميزا لأنه لا يتحقق بحضور الصبيان الإعلان والتكريم ولا يتناسب حضورهم مع خطورة الزواج.
  • التعدد:فلا ينعقد النكاح بشهادة رجل واحد باتفاق الفقهاء,وتفرد الحنفية بصورة وهي حضور الولي في حالة تفويض عقد الزواج لغيره فقالوا بالجواز
  •  في التعدد .وانعقاده بها وهي أن من أمر رجلا أن يزوج إبنته الصغيرة فزوجها والأب حاضر بشهادة رجل واحد سواهما فيجعل الأب حاضر بشهادة رجل واحد سواهما فيجعل الأب عندهم مباشرة للعقد لإتحاد المجلس.

    الإسلام: بأن يكون الشاهدين مسلمين واكتفى الحنفية بهذا الشرط إذا كانت الزوجة مسلمة.

    السماع:بأن يسمع الشهود كلام العاقدين ويفهموا المراد منه, فلا ينعقد النكاح بشهادة الأصمين لأن الغرض من الشهادة لا يتحقق بأمثالهما. 

    الشروط المختلفة فيها.

  •  الذكورة:وهي تسقط عند الجمهور غير الحنفية فإنهم اشترطوا عدم شهادة المرأة  فقط في الحدود والقصاص للشبهة والحدود تدرأ بالشبهات.
  • الحرية: شرط عند الجمهور غير الحنابلة, لان العبد لا ولاية له على نفسه, فلا تكون له ولاية على غيره, والشهادة من قبيل الولايات.
  • وقال الحنابلة لم يثبت نفي  شهادة العبد لا في كتاب ولا في سنة, وتقبل روايته في الحديث عن النبي.  إذا كان عدلا ثقات فكيف لا تقبل دون ذلك, فالمعولعليه في الشهادة ...الثقة بخبر الشاهد فإذا كان العبد ثقة عدلا تقبل شهادته

  • العدالة: شرط عند الجمهور لأن الشهادة من باب الكرامة لتكريم الزواج وإظهار شأنه والفاسق من أهل الإهانة فلا يكرم العقد به وقال الحنفية العدالة ليست بشرط في الشهود لأن الشهادة تحمل فتصح من الفاسق كسائر التحملات وهو من أهل الولاية فيكون من أهل الشهادة.
  • البصر: شرط عند الشافعية لان الأقوال لا تثبت إلا بالمعاينة كالسماع وهو لا يقدر على التميز بين المدعي والمدعى عليه وليس البصر بشرط عند الجمهور فتصح شهادة الأعمى  إذا سمع كلام العاقدين وميز صوتهما على وجه لا يشك فيهما وهذه شهادة على قول  فتصح كما تصح المعاملات المالية.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0