الخلاف بين فقهاء المسلمين أسبابه و أنواعه
لابد من استحضار أن الإختلاف بين العلماء إنما هو نعمة للمسلمين تظهر فوائدها في عدة قضايا، فمن الناحية العلمية فالإختلاف بين العلماء خلق الإجتهاد الذي أوصل هذا العلم إلى المجد. فلا يجب اتباع أقوال من يحاول زرع بذور القسمة بين المسلمين الذين يروجون بالأغلاط عن هذا الإختلاف. و الحمد لله للإسلام علماؤه لا يصل أحد إلى مستواهم و هم من علينا اتباعهم، و ترك الآخرين.
الخلاف بين العلماء قسمين: خلاف تنوع و خلاف تضاد.
النوع الأول: خلاف تنوع:
هو خلاف لا يضر و بأي قول فعل المكلف لا يضره.
كما أن في خلاف تنوع يمكن الجمع بين الأقوال بدون تعارض.
يقوم خلاف التنوع على تفسير لفظ بواحد من أجزائه، فبعض ألفاظ الوحيين (القرآن و السنة) يمكن تحمل أجزاء و دلالات، فكل واحد من الأئمة أخذ اللفظ بدلالة حسب ما وصل به اجتهاده، فيبقى كل قول صحيح و العمل به صحيح و الحمد لله.
النوع الثاني: خلاف تضاد:
و هو أنواع كالتالي:
1 - خلاف مذموم مردود :
- هو الذي يُبنى على خلاف دليل قطعي.
- إذا كان الخلاف فيما لا اجتهاد فيه.
إذا كان الخلاف مبني على جهل أو اتباع الهوى (و لو أصاب الحق).
2 - خلاف الترف أو الفارغ:
الترف هو الزائد عن المحسنات.
- خلاف الترف خلاف لا يُبنى عليه عمل.
- خلاف الترف لا يبنى عليه حكم الفقه و ما فيه فائدة.
* الحكم الشرعي لخلاف الترف: بالنسبة لطالب العلم أولا به ألا يفعله ففيه شيئ من الكراهة له، أما عامة الناس فيجب عليهم تركه.
3 - خلاف سائغ مقبول:
و هو الخلاف لمأذون فيه شرعا، و من شروطه:
- أن يكون المخالف من العلماء المجتهدين.
- أن تكون المسألة مما يقبل الإجتهاد و الخلاف.
- أن يكون القصد معرفة حكم الله.
أسباب الخلاف السائغ المقبول:
1 - خلاف بلوغ النص:
- لم يصل الحديث للمخالفين: كقول مالك بعدم جواز صوم الستة أيام من شوال فحكم بكراهته و السبب أنه لم يصل إليه الحديث القائل بها حسب ما قال ابن عبد البر. و قال مالك بكراهتها لكي لا يعتاد الناس عليها و يحسبونها فرضا و تكملة لرمضان (كما فعل صلى الله عليه و سلم في التراويح).
2 - خلاف ثبوت النص:
أي عدم ثبوت الحديث عند أحد المخالفين، فكل من الأئمة له بعض القواع في قبول الأحاديث، فيحدث أن إمام يعمل بحديث و يستنبط منه الحكم، في حين أن آخر لا يعمل به.
3 - خلاف فهم النص:
أي ان الحديث بلغهم لكن اختلفوا في فهمه.
4 - خلاف في الخروج من تعارض النصوص.