عرض المسؤولية الجنائية للأحداث الجانحين في التشريع المغربي والمقارن معدل
عروض في قانون الجنائي

مقدمة
تعد ظاهرة جنوح الاحداث من أخطر المشاكل التي تواجهها المجتمعات سواء منها المتقدمة أو السائرة في طريق النمو. ذلك أن الظاهرة تعتبر ظاهرة عالمية، وليست خاصة بمجتمع دون آخر، رغم اختالف الانظمة الاقتصادية والسياسية والعقائدية لكل مجتمع. وقد ازدادت خطورة هذه المشكلة في عصرنا هذا نتيجة للتقدم الحضاري والصناعي الحديث وخاصة في الدول النامية، مما أثر بشكل سلبي على كيان الاسرة وتماسكها. فضال عن المشكالت التي نتجت عن هذه الاوضاع كمشكل العمل والبطالة والهجرة والتي هيئت فرصا جديدة النحراف الصغار وارتفاع نسبة إجرامهم. فالاحداث يشكلون جزاء فاقدا من القوى البشرية المنتجة في المجتمع. لذا فانحراف عدد كبير منهم يؤدي إلى الضياع والاخلال بعنصر فتي في المجتمع.
وهكذا فإن الجريمة والانحراف تهدد النظام الاجتماعي للمجتمع لكونها تعتدي على قيمته ومعاييره المستقرة، وبالتالي فإن انغماس عدد كبير من الاطفال في السلوك المضاد يجعل جناح الاحداث مشكلة اجتماعية، كما أن ازدياد عدد القضايا والمخالفات المحالة على المحاكم يجعل من الظاهرة مشكلة قانونية وقضائية. ويقصد بالمسؤولية الجنائية للحدث هو كل شخص لم يبلغ بعد سن الرشد الجنائي المنصوص عليه قانونا ويرتكب أحد الافعال المجرمة قانونا والمخالفة للنظام العام. فبالرجوع إلى مقتضيات التشريع الجنائي المغربي، نجد بأن المشرع وعلى غرار باقي التشريعات الاجنبية اعتبر صغر السن سببا من الاسباب التي تؤثر على المسؤولية الجنائية فتمنعها إما كليا أو جزئيا. وبالرجوع إلى المادة 138 من القانون الجنائي المغربي نجد بأن الحدث الذي لم يبلغ سن الثانية عشرة سنة يعتبر غير مسؤول جنائيا النعدام تمييزه.
وبالرجوع أيضا إلى المادة 139 من نفس القانون نجد بأن الحدث الذي أتم إثني عشر سنة ولم يبلغ الثامنة عشر يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه بينما يعتبر كالم المسؤولية الجنائية كل شخص بلغ سن الرشد بإتمام ثمان عشرة سنة ميالدية كالمة. وبناء على ما سبق يتضح بأن الحدث الذي لم يبلغ سن الثانية عشر سنة لا يعتبر مسؤولا جنائيا عن أعماله الضارة بينما يعتبر الحدث الذي أتم سن الثانية عشر ولم يبلغ سن الثامنة عشر سنة مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة.
ومن هنا تبرز الاهمية البالغة التي يكتسبها موضوع المسؤولية الجنائية للأحداث علما أنه يمس شريحة اجتماعية تعتبر أمل المجتمع وعماد مستقبله وتحظى بالتالي باهتمام متزايد سواء في سياق التقنيات والمبادرات الدولية أو في نطاق الديناميكية التي تعرفها بالدنا في مجال حماية الطفولة والارتقاء بحقوقها. إذن ما هي الترسانة القانونية التي نظم من خلالها المشرع المغربي المسؤولية الجنائية للحدث الجانح؟ وما هي أنواعها؟ وما هو موقف التشريعات المقارنة من هذه المسؤولية؟ الاجابة على هذه الاسئلة سنلتزم بالتصميم التالي:
المبحث الاول: المسؤولية الجنائية للحدث الجانح في التشريع المغربي.
المبحث الثاني: المسؤولية الجنائية للحدث الجانح في التشريع المقارن.