عرض بعنوان جريمة القتل العمد في التشريع المغربي
عروض في قانون الجنائي

تعترب الجرائم بمختلف أنواعها استثناء في المجتمع، حيث يعترب الامن و السلام منها الاصل في النفس البشرية ، و الجرائم هي أمر وجد مع الانسان منذ غابر الازمان ، و بالرجوع للتاريخ جنده حافال بالجرائم، بل إن الانسان عرف الجرائم منذ وجوده على كوكب الارض حيث قتل قابيل أخاه هابيل ، و هلذا فإن جرمية القتل يطلق عليها البعض جرمية أصلية أي أهنا قدمية قدم اجملتمعات و احلضارات و هي نتيجة لصراعات و نزاعات يصبح احلل الاوحد فيها هو القتال . القتل العمد جرمية حمرمة و ممنوعة و مستنكرة في كل الاديان السماوية و في كل الشرائع ، لأهنا تعدي سافر على النفس البشرية ، قال اللهتعالى في كتابه العزيز " و لا تقتلوا النفس اليت حرم هللاالاباحلق " ، و قال أيضا " من قتل نفسا بغري نفس فكأمنا قتل الناس مجيعا " ، هلذا فإن القتل العمد يعترب في كل اجملتمعات شيئا حمرما و ممنوعا و يعاقب عليه بأقسى العقوبات . بالرجوع للقانون اجلنائي المغريب جند أن مشرعنا قد تناول جرمية القتل العمد في الفصول من 392 إىل 397 . في الفقرات اآلتية سنحاول الوقوف عند أركان جرمية القتل اعمد و تكييفها القانوين مث عقوبتها و كذلك الظروف المخففة والمشددة في هذا النوع من الجرائم .
- تعريف جرمية القتل العمد و بيان أركاهنا تعترب جرمية القتل العمد من أخطر الجرائم و اليت تتحقق بالاعتداء على حق الفرد في احلياة ، هذا احلق الذي أصبح مكرسا مبقتضى الدستور المغريب لسنة 2011 ، و بالنسبة ملفهوم القتل فالمشرع مل يتطرق لتعريفه و إمنا ترك هذا الامر للفقه ، و حسنا فعل لأن التعاريف و التفاسري من اختصاص الفقه و ليسالمشرع ، و قد عرفه جل الفقه المغريب بكونه إزهاق روح إنسان دون وجه حق ، مرتكب القتل اعمد يعاقب بأقسى العقوبات اليت قد تصل إىل الاعدام .
جتب الاشارة إىل أن القتل العمد قد يكون بسيطا إذا كان غري مرفق بظروف تشديد أو أعذار للتخفيف ، و قد يكون مركبا إذا ما وجدت . لقيام جرمية القتل العمد جيب توافر أركاهنا العامة و اخلاصة .
- أركان جرمية القتل العمد : جاء في الفصل 392 من القانون اجلنائي " كل من تسبب عمدا في قتل غريه يعد قاتال ، و يعاقب بالسجن المؤبد ... " ، من خلال هذا الفصل نستنتج أن جرمية القتل العمد تقوم على الاركان التالية :
- الركن المادي في جرمية القتل العمد : يتكون الركن المادي في جرمية القتل العمد من ثالثة عناصر و هي النشاط الاجرامي و النتيجة مث العالقة السببية . - النشاط الاجرامي : من المعلوم أن قواعد القانون اجلنائي هي قواعد سلوك أي أهنا تعتد بالسلوكات و الافعال الظاهرة و ليس جمرد النية اليت يضمرها الشخص ، فمبدئيا لا يعاقب الشخص عن الافعال و السلوكاتالاإذا حتققت في الواقع أما جمرد التفكري و النية فال يعاقب عليها ، و كذلك الامر في جرمية القتل العمد فالمشرع يعاقب على السلوك الظاهر و الملموس الذي أدى إىل موت الضحية ، أما جمرد التفكري بقتل شخص فال يعد جرمية قتل عمد .
بالرجوع للفصل 392 من القانون اجلنائي المغريب جند أنالمشرع المغريب مل يقم حبصر الافعال المؤدية للقتل و إمنا ترك الباب مفتوحا لتشمل كل الافعال و السلوكات العمدية اليت أدت إىل موت الضحية ، ففي اجلملة الاوىل من الفصل 392 جندالمشرع المغريب قد أورد العبارة التالية " كل من تسبب عمدا في قتل غريه ... " ، من هذه العبارة يستفاد أن كل الافعال الارادية العمدية اليت أدت إىل قتل شخص ما تكون الركن المادي في جرمية القتل العمد ، بل إن المشرع قد سوى حىت بني الافعال الاجيابية و السلبية اليت تؤدي للقتل ، و بالتايل فإن الممرضة اليت متتنع عن إعطاء الدواء للمريض عمدا و نتج عن ذلك وفاته تعد قاتلة و تعاقب وفقا لجريمة القتل العمد . و قد تكون الافعال غري مباشرة و تدخل في تكوين الركن المادي جلرمية القتل العمد ، كمن يكلف طفال بوضع مادة قاتلة في طعام شخص آخر قصد قتله أو من ميكن جمنونا من بندقية و يكلفه بقتل شخص آخر لكي يتنصل منالمسؤولية - النتيجة الاجرامية : النتيجة الاجرامية هي الاثر الذي حتدثه اجلرمية ، و في جرمية القتل العمد تعد النتيجة هي وفاة الضحية و إزهاق روحه ، هلذا فإن جرمية القتل تستهدف الاشخاص الاحياء ، فال ميكن قتل شخص كان ميتا سلفا ، مع إمكانية متابعة الفاعل في هذه احلالة باحملاولة إذا كان لا يعلم بوفاة الشخص سلفا .
و لكن الامر المبهم في هذه المرحلة هو مىت تبدأ حياة الفرد و مىت تنتهي ؟ بالرجوع للفقه المغريب جند أن حياة الفرد تبدأ مبجرد والدته ، و هلذا فمن يقتل طفال مبجرد والدته سيتابع جبرمية القتل العمد ، و هناك من الفقه من يقول أن حياة الافراد تبدأ منذ فرتة احلمل على اعتبار أنالمشرع المغريب يعاقب على جرمية الاجهاض و ذلك محاية للنفس البشرية و محاية للحق في الحياة المكرس في الدستور . أما وقت الوفاة فإن القانون رقم 98.16 المتعلق بالتربع بالاعضاء و الانسجة البشرية و أخذها و زرعها قد حدد وفاة الشخص في توقف عمل دماغه ، و بالتايل فإن توقف الاعضاء الاخرى ليس قتال و إمنا جيب أن يتوقف عمل الدماغ .
العلاقة السببية بني النشاط و النتيجة توفر العالقة السببية بني نشاط الفاعل و بني النتيجة يعترب أمرا ضروريا الكتمال أركان جرمية القتل العمد ، و توفر العالقة السببية بني النشاط و النتيجة يعترب هو الفيصل بني الادانة و الرباءة في جرمية القتل العمد .
و من الواضح أن عنصر العلافة السببية لا يشكل صعوبة في جرائم القتل العادية الافي احلالات اليت يكون موت الضحية عدة أسباب حتميةمثل مرض الضحية أو تعرضه حلادث قبل وقت قليل ، من الامثلة التينسوقها هنا هو قيام أحدهم بتوجيه طعنة لشخص آخر ، و عند نقل المصاب على مثن سيارة الاسعاف تعرضت حلادث سري فتويف الضحية ، هنا يتبادر السؤال حول سبب موت الضحية هل هو الطعنة أم احلادث الذي تعرضت له سيارة الاسعاف . جاءت عدة نظريات فقهية في هذا الباب و منها نظرية السبب المنتج و غريها ، لكن في كل الاحولا يبقى أمر استخالص العالقة السببية بني النشاط و النتيجة أمر موضوعي موكول للقاضي و للمحكمة .
- الركن المعنوي في جرمية القتل العمد : يتمثل الركن المعنوي في جرمية القتل العمد في القصد اجلنائي و النية الاجرامية للفاعل ، حبيث تتجه إرادة اجلاين إىل إتيان النشاط الاجرامي و أن يراد به قتل و إزهاق روح إنسان ، و هبذا فإن وجد القصد و النية الاجراميني لدى اجلاين و توفرت عناصر الركن المادي اليت سبق ذكرها عندها نكون أمام جرمية قتل عمد .
يعترب الركن المعنوي في جرمية القتل العمد أمرا حساسا لكونه يفرق بني عدة جرائم تتشابه في ركنها المادي مع جرمية القتل العمد ، مثال جرمية القتل اخلطأ مث جرمية الضرب و اجلرح المفضي إىل الموت ، فكلتا هاتني اجلرميتني تتشاهبان مع جرمية القتل العمدالاأن الركن المعنوي الذي يتمثل في النية و القصد اجلنائيني لدى الفاعل مها احملددان الرئيسيان لتكييف الجرائم . لتحقق الركن المعنوي البد من توفر العناصر التالية : -