إن الدولة المغربية منذ نشأتها وكغيرها من الدول أخذت على عاتقها مسؤولية إقامة العدل بين مواطنيها والمقيمين بها والعابرين لحدودها وذلك عن طريق الاجهزة القضائية التي أولتها سلطة الفصل في المنازاعات التي تنشئ بين الافراد دون تميز بينهم ورصدت لهذه الغاية مجموعة من القوانين المدنية والجنائية وغيرها خدمة للنظام والامن العامين بشكل يحول دون المساس بحقوق الافراد وذكر القانون المدني بمعية القانون الجنائي ينبغي القول بصدده أن المجال الجنائي يتميز بخصوصية معينة تجعل الاهتمام التشريعي بقواعده وأسسه مكتسبا لأهمية بالغة أكثر مما هو عليه في مجالات أخرى ويرجع ذلك إلى أن مقتضيات القانون الجنائي تدخل في صلب النظام العام نظرا لما تسببه الجرائم المرتكبة من إضطراب إجتماعي قد يهدد كيان المجتمع
وعليه نالحظ مؤخرا أن السياسة الجنائية أضحت تمكن الضحايا من الوصول إلى حقوقهم عبر تسوية ودية بينهم الشيء الذي إنتهجه المشرع المغربي بغية الحفاظ على العالقات والاستقرار الاجتماعي والعائلي من خلال تكريس العدالة التصالحية التي يمتد جذورها إلى قدم الانسانية ولعلى مايعزز مكانة هذه اآللية هو إحتضانها مكانة في دستور المسلمين وهو القران قال تعالى( فاعف عنهم وصفح إن الله يحب المحسنين) وقال أيضا (وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلو فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما عن الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر اللهفإن فاءت فأصلحوا بينها بالعدل وأقسطوا إن اللهيحب المقسطين)
ويعتبر الصلح من الوسائل البديلة التي تؤدي إلى سد باب الشقاق بين أطراف الخصومة وجبر الضرر وبتر روح القصاص من نفسية الضحية لكن قصور هذه المؤسسة نظرا لما تعرفه من إكراهات خصوصا على مستوى التفعيل والنجاعة أوجب على المشرع أن يبحث على آلية أثبتت نجاعتها في التشريعات المقارنة كآلية بديلة عن الدعوى العمومية وهي الوساطة الجنائية وهذا البحث العلمي المتواضع كغيره من البحوث العلمية الاخرى لم يخلو من صعوبات تمثلت في بحثنا هذا في قلة المواضيع التي تناولت الصلح كتقنية من تقنيات حل النزاع في وسط صرامة المنظومة الجنائية الشئ الذي جعل منه الدافع لتبني هذا الموضوع إلغناء الحقل المعرفي فيه فامام هذا الموضوع المتشعب الذي يبلع من الاهمية الشيء الكثير لكونه يناقش الوسائل البديلة في وسط معروف بصرامته أي الوسط الجنائي الذي له عالقة وطيدة بالنظام العام إرتأينا أن نناقشه من خلال الاشكالية التالية:
أي دور للصلح كحل بديل في منظومة المسطرة الجنائية؟
والاحاطة بجوانب هذه الاشكالية سنعتمد على التصميم التالي معتمدين في تحليله على المنهج التحليلي نحلل من خلاله النصوص المؤطرة للموضوع مع تداخل المنهج المقارن أحيانا.
المبحث الاول: ماهية الصلح ومسطرته:
المبحث الثاني : أثار الصلح وأزمته العملية: