عرض بعنوان شركة ذات المسؤولية المحدودة و ذات شريك وحيد
عروض في قانون التجاري و الأعمال

المقدمة:
شھد المغرب مند تسعینیات القرن الماضي طفرة تشریعیة ھمت مختلف المجالات السیاسیة والاجتماعیة والتجاریة، والتي كان الھدف من وراءھا خلق مناخ ملائم للاستثمار وتحقیق التنمیة الاقتصادیة من اجل اللحوق بركب الدول الصاعدة. وقد حضي مجال المال والأعمار والتجارة بالقسط الأوفر من ھده القوانین، حیث صدرت مدونة التجارة التي نسخت ظھیر 1913 وكدا القانون رقم 95.17 المتعلق بشركة المساھمة والقانون 5.96 المتعلق بشركة التضامن والتوصیة بنوعیھا البسیطة وبالأسھم وشركة المحاصة ثم شركة المسؤولیة المحدودة، ھده الأخیرة التي تعتبر شركة تجاریة بشكلھا وبغض النظر عن النشاط الذي تزاولھ سواء كان تجاریا أو مدنیا،وتأسس من طرف شریك واحد أو عدة شركاء شریطة لأا یتجاوز عددھم الخمسین شریكا، ولا یعتبر الشریك أو الشركاء في ھدا النوع من الشركات تجارا وبتالي فھو لا یسالون إلا في حدود حصتھم في الشركة. وعلى ھذا الأساس فان الشركة ذات المسؤولیة المحدودة تبقى ذات طابع مختلط ینھل من شركات الأمولا التي تقوم على الاعتبار المالي ومن شركات الأشخاص التي تأخذ بالاعتبار الشخصي، كما أن إمكانیة تأسیسھا من طرف شریك واحد جعلھا تمیل إلى النظام أكثر منھ إلى العقد، وھو ما شكل تعارضا بین المقتضیات المنظمة لھذه الشركة والفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود.
وعلى الرغم من الجدل الذي أثاره ھذا التعارض، فان الشركة المذكورة استطاعت أن تجدب إلیھا أنظار معظم الراغبین في الاستثمار في إطار الشركات التجاریة لما تنفرد بھ من خصائص وممیزات تجعل منھا النموذج المثالي للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تھیمن على المنظومة الاقتصادیة المغربیة ولما لھا من دور في تشجیع الرأس المال الجبان، أضف إلى ذلك أن الكثیر من الشباب یجدونھا القالب الأمثل للاستثمار والانخراط في سوق الشغل، زد على ذلك أن ھناك أشخاص یرغبون في الاستثمار في شكل شركة تجاریة لكن لا یریدون في اطلاع الآخرین على ما یملكونھ من أمولا مما یجدون ضالتھم في تأسیس شركة المسؤولیة المحدودة ذات الشریك الوحید.
ویرجع الفضل في ابتكار ھذا النموذج المتمیز من الشركات التجاریة إلى المدرسة الجرمانیة خلال المنتصف الأول من القرن التاسع عشر میلادي، إلا أن التطبیق الفعلي لھذه الشركة كان في انجلترا سنة 1862 وبعد النجاح الذي حققتھ ھناك عادت مجددا إلى حاضنتھا الأولى لأمانیا سنة 1892 ، لتنتقل بعد ذلك إلى فرنسا سنة 1925 ھده الأخیرة التي عمدت إلى إدخالھا للمغرب في فاتح شتنبر من سنة 1926، وھي نفسھا التي سیتبناھا قانون 5.96 الصادر سنة 1997 كما تم تعدیلھ وتغیره في عدید المحطات،حیث أورد المشرع ضمن الباب الرابع منھ مختلف القواعد القانونیة التي تھم ھذه الشركة مند تأسیسھا إلى غایة حلھا أو تحویلھا مستحضرا ممیزاتھا وخصائصھا للحفاظ على فلسفتھا في تشجیع الاستثمار.
وإذا كانت الشركة ذات المسؤولیة المحدودة تؤسس إما من طرف مجموعة من الشركاء أو شریك واحد، فان دراستنا ستنصب على الفرضیة الثانیة لكونھا ذات أھمیة بالغة على المستوى النظري الذي یتمثل في معرفة خصائصھا وشروط تأسیسھا وكیفیة تسیرھا وحلھا أو تحویلھا ، بل ویمتد إلى المستوى العملي الذي یجسده الإقبال الكبیر علیھا من طرف الراغبین في الاستثمار على شكل شركة بصفة فردیة.
ومن ھذا المنطلق فان إشكالیة موضوع دراستنا تتمحور حول مدى نجاح المشرع المغربي في تنظیم الشركة ذات الشریك الوحید تنظیما یحافظ على طابعھا المختلط من جھة ویشجع على الاستثمار من جھة أخرى؟ وعن ھذه الإشكالیة تتفرع عدید الأسئلة یمكن إجمالھا في الأتي: ما مفھوم الشركة ذات الشریك الوحید وما ھي ابرز خصائصھا؟ ما ھي شروط وإجراءات تأسیسھا وكیفیة تسییرھا؟ ما ھي حالات حلھا أو تحویلھا؟ وللإجابة على كل ھذه الأسئلة وأخرى فإننا سنعتمد المنھاج التالي:
المبحث الأول : الشركة ذات الشریك الواحد - الماھیة وإجراءات التأسیس-.
المبحث الثاني : تسییر الشركة ذات الشریك الواحد وإجراءات حلھا.