كتبا رجل السلطة لادريس البصري
يعتبر رجل السلطة بمثابة الممثل للدولة والممثل للسلطة التنفيذية على مستوى مختلف التقسيمات الترابية الادارية للبلاد ، ويخول بهذه الصفة اختصاصات وامتيازات القوة العمومية فيتوفر على سلطة تدخل عامة تساعده على القيام بمهامه المتصلة بالإدارة العامة والمراقبة السياسية والمحافظة على النظام .
رابط تحميل الكتاب اسفل التقديم
___________________________
يعتبر رجل السلطة بمثابة الممثل للدولة والممثل للسلطة التنفيذية على مستوى مختلف التقسيمات الترابية الادارية للبلاد ، ويخول بهذه الصفة اختصاصات وامتيازات القوة العمومية فيتوفر على سلطة تدخل عامة تساعده على القيام بمهامه المتصلة بالإدارة العامة والمراقبة السياسية والمحافظة على النظام .
وإذا بقي مفهوم السلطة هو هو منذ أن تحقق تنظيم السلطة السياسية الأجل الحكم والتسيير فان الطرق المتبعة في استخدام هذه السلطة تكتسي حالياً عدة مظاهر واشكال منها ما يتمشى مع الاديولوجيا والغايات التي تسعى. السلطة القائمة الى تحقيقها، ومنها ما يسير مع درجة تطور البيئة التي تمارس فيها هذه السلطة، ومن المسلم به ان الادارة العامة وهيئة رجال السلطة بصفة خاصة تبرزان الصبغة المادية للسلطة السياسية وامتدادها كما تشخصان وسيلة تحقيق اختياراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
وبهذا فان الإدارة الترابية تتجلى باعتبارها الادارة النموذجية للسلطة الحاكمة فلا تعرف أي نوع من الاستقلال سواء من حيث التخطيط أو من حيث التنفيذ والتطبيق، ومن هنا تتضح الصبغة التي ستمارس بها هذه السلطة وامكانية انتقالها من السلطة التعسفية المباشرة التي يفرضها الطاغية أو الغازي الى السلطة الديموقراطية التي يقبلها الجميع ويرضاها مع العلم أن امتيازات القوة العمومية تتجلى في مظاهر مختلفة واشكال متباينة ..
و تجدر الاشارة من جهة أخرى الى أن الادارة لا تعرف أي سبيل للتطور في بيئة محايدة أو غير نشيطة حيث أن تسيير الأمور يعتبر أقل أهمية بكثير من تسيير الرجال واعداد الاطارات، وان هذا العمل ينبغي تركيزه على المجتمع ولاسيما على عقليات افراده وحالاتهم النفسية ، وتكون الادارة الترابية حينئذ ملزمة باتباع طرق أخرى غير الالتجاء الى امتيازات القوة العمومية أي طرق كفيلة بتيسير تحقيق الأهداف التي ترسسها السلطات السياسية لنفسها
وإذا نظر الى الادارة بمنظار آخر لوحظ انها ليست آلة بدون جسم ولا روح ولكنها مؤسسة يحرك دواليبها افراد لهم تقاليد مألوفة تتجاذبها تيارات مختلفة وتخضع لقواعد أساسية معروفة، وقد تبقى هذه المؤسسات والقواعد جامدة لا حياة فيها ان لم تكن هناك هيئة من الموظفين تتولى تنشيطها وبث الروح فيها، وهذه الهيئة التي تهم الادارة العامة للبلاد هي التي سيعني بدراستها من خلال عبارة ، رجل السلطة ، ذات المدلول العام الشامل
هذا ويراد بعبارة ، رجل السلطة، الموظفون المنتمون على مستوى التسلسل الاداري لوزير الداخلية ، ورجل السلطة هو الذي يتوفر على
الامتيازات العامة المخولة للقوة العمومية ويتولى تنسيق عمل الادارات التقنية الأخرى باعتباره الممثل الوحيد للسلطة التنفيذية ضمن الحدود الترابية )
للدوائر الادارية، ويدخل في رجال السلطة العامل والكاتب العام للعمالة أو
الاقليم ورئيس الدائرة ورئيس المقاطعة الحضرية ( الباشا ) ورئيس المقاطعة القروية ( القائد ( كما يدخل في اعدادهم بدرجة أدنى الخليفة الحضري والخليفة القروي .
وتكتسي دراسة هيئة رجال السلطة أهمية خاصة لأسباب متعددة منها :
1 - انها تساعد في الدرجة الأولى على تحديد اختصاصات هذه الهيئة في ميدان الادارة العامة للبلاد، وتمتاز هيئة رجال السلطة بهذه الصفة على مجموع الهيئات الأخرى التابعة للدولة حيث ان المهام المسندة اليها تجعلها
في مستوى أعلى بالنسبة لهيئات الادارات الأخرى .
2 - إن هيئة رجال السلطة تعتبر النموذج المثالي لهيئة وثيقة
الارتباط بالسلطة السياسية في بلد ما، وتتجلى هذه التبعية بالنظر للقانون المقارن في نظام التعيين أو العزل المطبق على رجال هذه الهيئة اذ ان طريقة تعیین هؤلاء المتصرفين العامين ( الحاكم والوالي والعامل وغيره ) تبرز في جميع البلدان اهتمام السلطة التنفيذية بالاستفادة من خدمة نخبة من الأفراد تتوفر فيهم أفضل صفات الاخلاص والولاء، وغير خاف ان هيئة رجال السلطة بالمغرب تسير على ضوء هذا الاتجاه العام .
3 - إن معرفة الأحوال الاجتماعية لهذه الهيئة نفسها تكتسي أهمية
لا جدال فيها بالنسبة للعلوم الادارية لأنها تساعد على التأكد من الطريقة التي تطورت بها احدى الهيئات الرئيسية للادارة المغربية ولا ينازع أحد في فائدة التعرف على الوسائل والطرق التي استخدمتها الحكومة المغربية ووزارة الداخلية لاعداد مثل هذا الجهاز الذي يجب أن يتوفر على المؤهلات اللازمة
المواجهة المهام العديدة الملقاة على عاتق ادارة البلاد
واستناداً إلى ما سبق يجوز التأكيد أن دراسة هيئة رجال السلطة تساعد على التعريف بالتطور التدريجي للأنظمة الادارية التي تبدو بصفة عامة
وكأنها مجموعة متوازنة لا تباين فيها .
والحقيقة ان هيئة رجال السلطة تتكيف تدريجياً مع المهام المنوطة بها والتي تعتبر بدورها محددة المعالم تتغير بتغير الحاجات والظروف السياسية
التي طبعت هذه الهيئة في نظامها وتأليفها بطابعها الخاص
ومما تجدر الاشارة اليه كذلك أن رجل السلطة يواجه أكثر من أي عون آخر من أعوان الدولة مهام ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسكان الذين يعتبر جلهم من الأميين غير البالغين الدرجة المطلوبة من التطور والرقي ، ولهذا فان ؟ البيئة التي يجب على رجل السلطة العمل فيها ستفرض عليه هي الأخرى اتجاهات لم يكن ليتبعها في ظروف غير هذه الظروف لأن مواجهة المشاكل العديدة التي يتخبط فيها المجتمع المتخلف ستستوجب التخلي عن بعض
الأساليب الادارية وعدم احترام بعض التقاليد المالوفة في ميدان الخدمة العمومية كما تحتم على الادارة التعجيل في انجاز الأعمال وعدم التمسك
بالشكليات والتنقل للبث في الأمور بعين المكان.
وإذا بقيت المشاكل على ما كانت عليه وتزايد التوتر وتفاقم الأمر بالرغم من الالتجاء الى هذه الوسائل والحلول الموقتة فان رجل السلطة هو الذي يتحمل عاقبة ذلك، وتتجلى هذه العاقبة بصفة عامة في عزل رجل السلطة من مهامه أو في نقله من مكان إلى آخر ، ويعتبر عدم استقرار هيئة رجال السلطة في هذا الصدد بمثابة معطى دائماً من معطيات الادارة في البلاد حيث انه ثبت ان مدة مهام القيادة لا يتجاوز معدلها سنتين اثنتين ، واذا كان من المفيد أن يستمر رجل السلطة في مزاولة عمله طيلة أربع سنوات على الأقل فقد يلاحظ أن كثيراً من الشكايات يصدر عن القيادات الترابية التي لم يقض فيها رجال السلطة الا مدة قصيرة ، ولعل هذا ما يبرز أهمية عامل الاتصال
الذي تقتضيه الضرورة بين السكان ورجل السلطة .
ولتلافي عدم استقرار هيئة رجال السلطة فان حكومة جلالة الملك لم تدخر أي جهد في هذا الصدد حيث ان وزارة الداخلية الشاعرة بأهمية الدور الذي يجب أن يلعبه رجل السلطة في بلد متخلف يقتضي فيه استعمال جميع الامكانيات الوطنية قصد التنسيق والحث والتنشيط قد حاولت جهد الامكان العمل على اعداد هيئة ذات أهلية وكفاية ، غير أنه يتعين قبل الدخول في تفاصيل دراسة رجل السلطة القاء نظرة خاطفة على القرائن والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يباشر في نطاقها عمل رجل السلطة .
إن البلاد جادة من الناحية الاقتصادية في البحث عن تطوير صناعتهاوازدهار فلاحتها بصفة خاصة وإذا كان تنسيق التنمية الاقتصادية الذي يدعو لا محالة إلى تدخل رجل السلطة يستوجب وضع المخطط على المستوى الجهوي فان مثل هذا التخطيط يقتضي بدوره التوفر على ادارة قريبة من المواطنين تساعد على انجاز جميع العمليات المطلوبة إلا أن هذا المجهود المبذول في ............
_________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Fa8xxEWUOJ_9xGh2EKl695CDUGBhAiYy/view?usp=drivesdk