أطروحة بعنوان العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان بالمغرب

في إطار التحولات العميقة (الكبيرة التي يعرفها العالم اليوم، تحتل قضية العدالة الانتقالية مركز الصدارة في اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، بل وباتت مطلبا كونيا في عالم اليوم. وإذا كانت هذه القضية قد طفت إلى السطح بشكل قوي خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، كتعبير عن مسار تاريخي من بين سماته الأساسية بداية تراجع بطش الأنظمة الشمولية والسلطوية في العالم، وذلك تحت ضغط دولي متنامي وبفضل تنوع مظاهر الاحتجاج وتصاعد المطالب السياسة والحقوقية في وجه هذه الأنظمة، فإنها ما فتئت أن انصبت كوصفة معيارية تختزل في جلها إشكالية الانتقال

أطروحة بعنوان العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان بالمغرب

رابط التحميل اسفل التقديم

_______________________

تقديم

في إطار التحولات العميقة (الكبيرة التي يعرفها العالم اليوم، تحتل قضية العدالة الانتقالية مركز الصدارة في اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، بل وباتت مطلبا كونيا في عالم اليوم. وإذا كانت هذه القضية قد طفت إلى السطح بشكل قوي خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي، كتعبير عن مسار تاريخي من بين سماته الأساسية بداية تراجع بطش الأنظمة الشمولية والسلطوية في العالم، وذلك تحت ضغط دولي متنامي وبفضل تنوع مظاهر الاحتجاج وتصاعد المطالب السياسة والحقوقية في وجه هذه الأنظمة، فإنها ما فتئت أن انصبت كوصفة معيارية تختزل في جلها إشكالية الانتقالالديمقراطي في الدول المتخلفة على وجه الخصوص.

فما المقصود بمفهوم العدالة الانتقالية؟

بالرجوع إلى بعض وثائق المركز الدولي للعدالة الانتقالية تعثر على توضيحات مرجعية للمعاني التي يحيل إليها هذا المفهوم الذي أصبح واسع الانتشار لدى المنظماتالحقوقية الدولية والوطنية في الوقت الراهن.

ففي وثيقة بعنوان تاريخ العدالة الانتقالية ونظريتها جاء فيها ما يلي: تقوم العدالة الانتقالية على معتقد مفاده أن المطالبة بالعدالة الجنائية ليست شيئا مطلقا، ولكن يجب أن تتم موازنتها بالحاجة إلى السلم والديمقراطية والتنمية العادلة وسيادة القانون إن العدالة

الانتقالية نتاج للخطاب الدولي حول حقوق الإنسان وتشكل جزء منه.غير أن هناك ثلاث خصائص في تمييز مفهوم العدالة الانتقالية عن مفهوم حقوق الإنسان واستقلاله بذاته

- التركيز على الشمولية في التعامل مع إرث الانتهاكات، فأهداف وأدوات العدالة الانتقالية تتجاوز المحاسبة المعروفة على انتهاكات حقوق الإنسان من خلال المحاكمات.

- الأولوية التي يحظى بها التوازن والإدماج، فالعدالة الانتقالية لا تسعى إلى عدالة بأثر رجعي بأي ثمن أو تركز على المحافظة على السلام على حساب حق الضحايا في العدالة، ولكن تركز عوض ذلك على إرساء توازن بين الأهداف على اختلافهاوتنافسها ....

- التركيز على منهج يرتكز على الضحايا للتعامل مع ماض عنيف سواء من حيثمساره أو نتائجه.

في الجانب النظري والعملي، تهدف العدالة الانتقالية إلى التعامل مع إرث الانتهاكات بطريقة واسعة وشاملة تتضمن العدالة الجنائية، وعدالة إصلاح الضرر العدالةالاجتماعية، والعدالة الاقتصادية.

تتضمن أهداف العدالة الانتقالية ما يلي: وضع حد لجرائم حقوق الإنسان التي تتم ممارستها، والتحقيق فيها وتحديد المسؤولين ومعاقبتهم، ومنح تعويض للضحايا، ومنع ارتكاب هذه الجرائم في المستقبل، وإعادة بناء علاقات بين الدولة والمواطن، وتعزيزالسلام والديمقراطية، وتشجيع المصالحة الفردية والوطنية.

وبهذه المعاني السالفة الذكر، يمكن القول أن فلسفة العدالة الانتقالية تستند على

تتضمن أهداف العدالة الانتقالية ما يلي: وضع حد لجرائم حقوق الإنسان التي تتم ممارستها، والتحقيق فيها وتحديد المسؤولين ومعاقبتهم، ومنح تعويض للضحايا، ومنع ارتكاب هذه الجرائم في المستقبل، وإعادة بناء علاقات بين الدولة والمواطن، وتعزيزالسلام والديمقراطية، وتشجيع المصالحة الفردية والوطنية.

وبهذه المعاني السالفة الذكر، يمكن القول أن فلسفة العدالة الانتقالية تستند على تصور سياسي قوي لمفهوم الحق Le droit ، وعلى تصور حقوقي كوني لمفهوم العدالة La justice، وعلى تصور فلسفي حداثي لمفهوم L'homme. وهذه التصورات مجتمعة ومتكاملة تنمي استراتيجيات مؤسساتية قوية من أجل مواجهة كل أنواع الماضي السياسي العنيف أو المسلح، انطلاقا من فرضية أساسية تعتقد أن السير نحو المستقبل، يقتضي تصفية شاملة ونهائية لكل نزاعات الماضي التي لم تتم بعد تسويتهابالطرق السلمية أو الديمقراطية.

في هذا السياق الدقيق، يحيل مفهوم العدالة الانتقالية إلى سياسات واستراتيجيات دولية ووطنية لمواجهة الماضي رغم أن لكل حالة وضعها الخاص وأن ليس ثمة نماذج عالمية حول كيفية مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية. ومع ذلك، توجد مبررات وعوامل قوية لمواجهة كل أشكال الماضي السياسي العنيف من هذا المنظور.

- تقوية الديمقراطية: إن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على أساس أكاذيب.... ويتم ذلك بشكل كبير من خلال إرساء المحاسبة، مثل مكافحة الإفلات من العقاب، ومن خلالبناء ثقافة ديمقراطية.

الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي.. إن نسيان الضحايا والناجين من الفظائع يعتبر شكلا من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة.

من المستحيل تجاهل الماضي ... فهو دائما يطفو على السطح لذلك من الأفضل إظهاره بطريقة بناءة وشافية.

لنمنع ذلك في المستقبل. طبقا لهذا المبرر، نرى أن مواجهة الماضي دون ارتكاب أعمال شنيعة في المستقبل ....

بقراءة وتأمل هذه الأرضية الفلسفية التي تسند مفهوم العدالة الانتقالية وتمنحه شرعية دولية متزايدة، نلاحظ ما يلي:

أولا: أن العدالة الانتقالية ليست مجرد ملفات للانتهاكات جاهزة لتصفيتها حقوقيا أو قضائيا بعجالة، بمعنى آخر لا يتعلق الأمر بتسويات سريعة ومغلقة لملفات أنية وطارئة.

إن العدالة الانتقالية ليست مطلبا قضائيا عاديا اكتسب صبغة دولية، وليست مجموعة مطالب حقوقية بل مجموعة من المقتضيات المعقدة التي يتكامل فيها المطلب القضائي بالتشريعي والسياسي والحقوقي والإنساني.

...

_____________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1P0bM3p1Kpum0aF23HhTRDGPMbOAxpyqH/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0