الحركات الاحتجاجية في المغرب من التمرد إلى التظاهر
يهدف هذا التقرير تعرف الأشكال الاجتماعية للاحتجاج في المغرب، وتتبعها فيه، سواء في الوسط القروي، وفي المدن الصغرى والمتوسطة والكبرى ذلك لأن تحليل الحركات الاجتماعية يتيح فحص سيرورة التغير الاجتماعي، وطبيعة العلاقة التي تربط الدولة بالمواطن ثم إن مقاربة الحركات الاجتماعية تجري ضمن سياق سياسي متغير. وحتى إن لم تكن الحركات الاجتماعية تطمع في الاستيلاء على السلطة السياسية، فإنها لا تخلو، مع ذلك، من بعد سياسي.
رابط تحميل المقال تحت الملخص
مدخل
يهدف هذا التقرير تعرف الأشكال الاجتماعية للاحتجاج في المغرب، وتتبعها فيه، سواء في الوسط القروي، وفي المدن الصغرى والمتوسطة والكبرى ذلك لأن تحليل الحركات الاجتماعية يتيح فحص سيرورة التغير الاجتماعي، وطبيعة العلاقة التي تربط الدولة بالمواطن ثم إن مقاربة الحركات الاجتماعية تجري ضمن سياق سياسي متغير. وحتى إن لم تكن الحركات الاجتماعية تطمع في الاستيلاء على السلطة السياسية، فإنها لا تخلو، مع ذلك، من بعد سياسي.
كانت الأفعال الجماعية للمنظمات النقابية والطلابية تعبر عن سخط سياسي أكثر مما كانت تعبر عن سخط اجتماعي غير أن أنماطا جديدة للتعبير الجماعي يغلب عليها الطابع السلمي والتنظيمي، سوف تظهر وتفرض نفسها تدريجيا، بدءا من النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وذلك في سياق سياسي اتسم بانفتاح النظام السياسي. إذ تميز هذا العهد الجديد بسيرورة "عصرنة" الاحتجاج الاجتماعي. حيث تمارس الحركات الاجتماعية ضروبا متعددة من الضغط على الدولة من أجل احتلال الفضاء العمومي بكيفية سلمية، ومن ثم، من أجل التعبير عن مطالبها، وأرائها، ومشاعرها.
موضوع الحركات الاحتجاجية شاسع بالغ تنوع. إذ يمتد من رد فعل منظم من قبل مجموعة أفراد من سكان أحياء الصفيح للحصول على سكن اجتماعي، إلى التنظيم الاجتماعي لمظاهرة ضد البطالة، أو ضد ظروف الشغل السيئة، والتهميش، ونقص التجهيز، وغلاء كلفة المعيشة، والاعتداءات الجنسية، والأخطاء الطبية، وانعدام الأمن العمومي.
ففي سنة 2005، بلغت التعبيرات الجماعية لمختلف الحركات الاحتجاجية 700 وقفة، أي بمعدل وقفتين في اليوم طبقا لما صرح به وزير الداخلية آنذاك، شكيب بن موسى أمام البرلمان، في شهر ديسمبر 2005 تضاعف هذا الرقم 25 مرة خلال سنة 2012 فقد سجلت الجهات الرسمية في هذه السنة 17.186 احتجاجا (مظاهرات، ووقفات في الفضاء العمومي، أي بمعدل 52 احتجاجا في اليوم. وقدر مجموع الأشخاص الذين شاركوا في هذه الاحتجاجات ب 321.000 شخصاً. تدمج مقاربتنا أبعادا متعددة، كفيلة بتسهيل بناء مفهوم الاحتجاج الاجتماعي ومن أجل ذلك فإننا نميز مستويين
مستوى أكبر (ماكرو)، يحيل على فرص سياسية محلية ووطنية، بل حتى دولية تكون في صالح تنظيم الاحتجاج الاجتماعي ( حرية التعبير، وصول متاح إلى وسائل الإعلام، درجة السخط الاجتماعي.....)
مستوى أصغر (ميكرو)، يبرز في المقام الأول، قدرة الفاعلين على النجاح في التعبئة الاجتماعية وتحديد المنافع الجماعية التي ينبغي المطالبة بها، وأهداف الاحتجاج، وكلفة المشاركة في الاحتجاج مواجهة بدنية مع رجال الأمن اعتقال إدانة تعذيب، والفوائد التي سوف يجنيها المحتج من احتجاجه.
تتألف دراستنا هذه من أربعة فصول سيتناول الفصل الأول مقاربتنا المنهجية والإطار النظري والمفهومي وسيخصص الفصل الثاني لتطور الأشكال الاجتماعية للاحتجاج، وموقف الدولة تجاه السخط الجماعي منذ سبعينيات القرن الماضي إلى وقتنا الحاضر وسنحلل في فصل ثالث كيف يحتج المغاربة؟ ولماذا يحتجون؟ وأين يحتجون؟ وهكذا سوف نقوم بتعيين الفاعلين في الاحتجاج، وفضاءات السخط الجماعي، وأشكاله، وموضوعاته، وكذا مدة الاحتجاج ستخصص الفصل الأخير لدراسة السياسة العمومية والاحتجاج الاجتماعي وستفحص في هذا الفصل المسألة التالية: كيف يحدث للسياسة العمومية التي يتحدد هدفها المعلن في الإدماج الاجتماعي والمجالي لسكان في وضعية هشة ومهمشين، أن تسبب في الوقت ذاته، حرمانا اجتماعيا للسكان المقصودين بها، خصوصا منهم أولئك الذين لم تشملهم رعاية السلطات العمومية؟ إن السياسة العمومية، وهي تسعى نحو تهدئة النزاعات الاجتماعية، تفرز نتائج معاكسة ومشوشة إنها تصير، عن غير قصد، عاملا لإثارة الاحتجاجات الاجتماعية.
سنتناول إشكالية الحركات الاجتماعية بكيفية شمولية. ولكي نجعل سيرورتها ودلالتها مفهومين على نحو أفضل سوف نقارب بعض الحركات الاجتماعية القادرة أكثر من غيرها على التعبئة، ومن ثم على أكبر قدر من الاستئثار باهتمام وسائل الإعلام". ودون الدخول في تفاصيل مغرقة، فإن هذه الدراسة تحيل على أمثلة متعددة لحركات احتجاجية، في المناطق القروية وفي المدن الصغرى والمتوسطة والكبرى تتميز بطابعها المستديم، وتعبئتها الجماهيرية، وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية سوف تسائل أيضا نزاعات اجتماعية صغرى سريعة الزوال، أخذت تتكاثر منذ عهد قريب، دون أن ننسى الفاعلين الاجتماعيين في الأحياء السكنية القادرين على القيام بدور في التعبئة الاجتماعية، ومن ثم بدور في الوساطة الاجتماعية بين السكان وبين السلطات العمومية.
يتسم الاحتجاج في الوسط القروي بسمات أخرى أكثر ارتباطا بالتضامن الترابي، والانتماء إلى الجماعة أو العشيرة وتدوم بعض النزاعات الاجتماعية في هذا الوسط زمنا طويلا، كتلك التي يعيشها، على سبيل المثال، سكان واكليم، أو سكان إميضر، الواقعين في عمالة تنغير ( الجنوب الشرقي). إذ نظم الأخيرون أطول فعل جماعي احتجاجي في تاريخ المغرب فقد خاض هؤلاء السكان منذ بداية أبريل 2011 إلى يومنا هذا (2013) أشكالا متعددة للاحتجاج الاجتماعي ) وقفة، مسيرة، إضراب عن الطعام، إلخ.).
إن إرساء تقليد للاحتجاج الاجتماعي في الوسط الحضري، عن طريق احتلال الفضاء العمومي، قد أدى، منذ النصف الثاني لتسعينيات القرن الماضي، إلى التحريض على الحركات الاحتجاجية الجماعية.
وتدور تعبئة الجماهير في الوسط القروي حول مواضيع من بينها المطالب الترابية حيث يقدم المحتجون أنفسهم بوصفهم أصحاب الحق في استغلال أرضهم، والاستفادة من مواردهم الطبيعية. إن إحساس سكان بعض جهات المغرب العميق بإقصائهم من التنمية الجهوية التي انطلقت فيه، وصل إلى حد المطالبة بالاستفادة من الموارد الطبيعية التي تقع مصادرها في أرضهم ( مثل معدن الزنك، والنحاس والفضة والحديد، والذهب، والغاسول، والثروات الساحلية والفلاحية ......
أضحت الكرامة، أو صيغتها السلبية الحكرة"، موضوعا للمطالبة والاحتجاج بصورة متكررة في الخطاب الاحتجاجي. ويجري التعبير عن المطالب الاجتماعية الجديدة، في المستوى الوطني باستخدام ألفاظ الحصار، والتهميش والإقصاء. وتدور هذه المطالب - مرتبة حسب الأهمية حول الشغل، والسكن والصحة، والتعليم، والطرق، والماء والكهرباء، وانعدام الأمن.
أما سنة 2011، التي تطابق ما أطلق عليه اسم الربيع العربي"، فقد كانت فصلا خاصا". إذ كان موقف الدولة من حركة 20 فبراير أدنى إلى المراقبة منه إلى القمع بالنسبة إلى احتلال هذه الحركة للفضاء العمومي بدون ترخيص إداري سابق ) بمظاهرات، ووقفات، ثم بالإقامة الدائمة المكثفة للباعة المتجولين في الأحياء، إلخ.).
بعد هذه الفترة من التساهل المرتبطة ب "الربيع العربي"، سعت الحكومة الجديدة، التي تمخضت عن انتخابات 2011، إلى إظهار قوتها القمعية، وقدرتها على الحفاظ على العودة السريعة إلى النظام وضمانه في وجه استراتيجية بلبلة النظام العمومي وتشويشه "التبرزيط")، التي نهجتها بعض الحركات الاجتماعية. فقد طالبت الحكومة الجديدة بتطبيق القانون، حتى ولو باتخاذ إجراءات تبدو في أعين المجتمع لاشعبية. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال، الموقف الصارم الذي اتخذته الحكومة تجاه حملة الشهادات العليا المعطلين الذين طالبوا بإدماجهم في الوظيفة العمومية دون اجتياز المباريات وفقا للقانون، والاقتطاع من أجور المضربين المنتمين للوظيفة العمومية، رغم الاحتجاجات العديدة للنقابات، وإدانة محتجين لا يتوفرون على ترخيص إداري مسبق، وقمعهم بعنف، إلخ.
المحتويات
مدخل 4
الفصل الأول: الإطار النظري والمقاربة المنهجية 9
ا. تحديد المفاهيم التمرد الحركة الاجتماعية، الحركات الاجتماعية الجديدة 10
ب نبذة نظرية مختصرة 13
الفصل الثاني: الدولة والمجتمع: تطور الاحتجاج الاجتماعي 16
أ. زمن الاستئناس الاجتماعي الممنوع 17
ب التمرد المدينة ضد النظام الاجتماعي العام 18
ج الحركات الاجتماعية الجديدة وتداعياتها السياسية 22
د. الحركات الاجتماعية تختبر حدود الانفتاح السياسي 24
الفصل الثالث: الاحتجاجات الأماكن الأشكال المطالب الفاعلون 37
ا. فضاءات الاحتجاج 38
ب موضوعات السخط 48
ج الأشكال الاجتماعية للاحتجاج 51
د. نحو تغيير علاقات السلطة 63
الفصل الرابع: السياسة العمومية والاحتجاج الجماعي أوجه الحرمان النسبي
والحق الترابي 70
ا الاحتجاجات والآثار المعاكسة للسياسة العمومية 71
ب الحق الترابي والسخط الجماعي 75
خلاصة 81
ملاحق 83
لائحة الجداول 84
لائحة المبيانات 85
لائحة حقول قاعدة المعطيات المتعلقة بالاحتجاج الاجتماعي 86
لائحة المظاهرات في النصف الأول من سنة 2013، 87
دليل العمل 89
الأشكال الاجتماعية للاحتجاج 90
معجم 92
ببليوغرافيا المؤلف 93
ببليوغرافيا عامة 95
رابط تحميل المرجع :
https://drive.google.com/file/d/12XalQmClVKWTN4eSZHfRUWSJj0_bXADS/view?usp=drivesdk