الخطأ الطبي في القانون المغربي
مجموعة بحوث وعروض في القانون الجنائي والمسؤولية الجنائية للطبيب
و يرى بعض الفقه أن الخطأ الجنائي يتحقق كلما أتى الفاعل سلوك لم يلزم فيه بما يلزم به الكافة من ضرورة مراعاة قدر من اليقين والتبصر والحرص على الحقوق المحمية قانونا.
(1) أما الخطأ الطبي، فقد عرفه بعض الفقه بأنه (كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم، أو المتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه للعمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة واليقظة التي يفرضها القانون متى ما ترتب على فعله نتائج جسيمة، في حين كان في قدرته وواجبا عليه أن يتخذ في تصرفه اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالمريض(1) .
بينما يرى البعض الآخر، بأن الخطأ الطبي تقصير في مسلك الطبيب لا يقع من طبيب يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية للطبيب المسئول(2) .
فالخطأ الطبي يتجلى في كل مخالفة من سلوك الطبيب للقواعد والأصول العلمية المتعارف عليها مهنة الطب، أو إخلاله بواجبات الحيطة واليقظة التي يفرضها القانون، متى ترتب على فعله نتائج جسيمة وكان في قدرته وواجبا عليه أن يتخذ في تصرفه قدر من التبصر حتى لا يعرض صحة المريض إلى خطر.
وإذا كان المشرع المغربي من خلال قانون 10.
94 الصادر 1996 المتعلق بمزاولة مهنة الطب لم يعرف الخطأ الطبي، فإن قانون المسؤولية الطبية والتأمين الطبي ، نص في المادة 27ف1 على أن (الخطأ الطبي هو الخطأ الذي يرجع إلى الجهل بأمور فنية يفترض في كل من يمارس ذات المهنة الطبية الإلمام بها أو كان هذا الخطأ راجعا إلى الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة)(3) .
أما المشرع الإماراتي٬ فانه يحدد عناصر الخطأ الطبي من خلال المادة 27 من قانون المسؤولية الطبية والتأمين الطبي، حيث اعتبر أن الجهل في كل ما يتصل بمهنة الطب يعتبر خطئا طبيا يسوجب المسؤولية الجنائية للطبيب ، بالإضافة إلى ذلك أن الخطأ الطبي يشمل أيضا الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة بالمريض، وما يثيره هذا التعريف، أنه يساير التطورات العلمية التي يعرفها الطب وذلك من خلال اعتبار أن الجهل بالأمور الفنية بعد خطأ طبيا ، خاصة أن مهنة الطب في تطور مستمر تفرض على الطبيب أن يقوم بأبحاث علمية ونشرها، والإطلاع على ما تم ابتكاره من أساليب حديثة لمعالجة المرضى.
أما الخطأ الطبي في القانون المغربي، فانه يتحدد من خلال ما تنص عليه القواعد العامة في القانون الجنائي من صور للخطأ الجنائي، وفي هذا الصدد يمكن القول بأن الخطأ الطبي يمكن تصوره من خلال إخلال الطبيب بواجباته الحيطة والحذر المنصوص عليها في القانون، كما يمكن تصوره من خلال الجهل بالأمور الفنية لمهنة الطب والجراحة، هذا التوجه يعطي للمسؤولية الطبية مكانة على مستوى العملي، خاصة من قبل القضاء الجنائي، حيث أنه في كثير من الأحيان يتم اعتبار الخطأ الطبي ذا طبيعة فنية، لا يمكن إقامة المسؤولية الجنائية للطبيب عليه، رغم وجود خبرة الطبية تؤكد ذلك.
كما أن هذا الاتجاه يساير التطورات التي تعرفها مهنة الطب والجراحة، خاصة مع تقدم وسائل الاتصال وظهور أساليب حديثة في الكشف عن الأمراض، و يرجع ذلك إلى يشكله نظام العولمة من آثار على الصحة العامة(1) في الجانب الإيجابي الذي يوفر الإمكانيات المعرفية و التكنولوجية لتطور مهنة الطب، أو السلبي الذي يظهر في شكل أمراض وبائية، مثل مرض أنفلونزا الخنازير (H1 N1).