التعرضات الكيدية و التعسفية و دور القضاء في الحد منها
مواضيع وعروض في القانون العقاري و الحقوق العينية في مختلف المواضيع. المحررات الاكترونية في المعاملات العقارية، عروض في القانون العقاري، عروض في الحقوق العينية، الملكية في القانون المغربي، قراراتالمحافظ، التعرضات، النظام العقاري في المغرب، المساطر الخاصة للتحفيظ، المسطرة الادارية للتحفيظ، المسطرة القضائية للتحفيظ
التعرضات الكيدية و التعسفية و دور القضاء في الحد منها.
إن حق التعرض كسائر الحقوق ليس حقا مطلقا يمكن ممارسته دون قيد أو شرط، بل هوحق نسبي و مقيد يسري عليه مل يسري على الحقوق الأخر ين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح حق التعرض وسيلة للإضرار بالغير[1].
لهذا فقد أضحى العقار في طور التحفيظ في صلب اهتمام مجموعة من الأشخاص الذين يمتهنون مهنة إقامة التعرضات التعسفية، و قد انتبهت المحافظة العقارية لهذه الإشكاليات حيث صدرة مذكرة للمحافظ العام[2] جاء فيها: "ازدياد حالات التعرض الكيدي بظهور أشخاص يمارسون باعتياد عملية التعرض على مطالب التحفيظ و ذلك بهدف ابتزاز أصحابها عن طريق عرقلة إجراءات تحفيظ ممتلكاتهم ... و إذ اضطروا فإنهم يدلون بنفس الحجج للتعرض على مطالب متعددة يتبين منها أنها لا علاقة بأرض النزاع أو يدلون بسندات لا تفيد الملك كرسم إراثة..."[3]، و مع تبيان لهذه الدورية حيثيات و أسباب التعرض الكيدي، سيتم دراسة بعده مفهومها (الفقرة الأولى)، و دور القضاء في الكشف عنها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التعريف بالتعرض الكيدي أو التعسفي.
تطرق المشرع المغربي للكيد أو التعسف في استعمال التعرض في الفصل 48[4] من ظهير التحفيظ العقاري، و حيث أنه لم يعطي تعريف لها لكن جعل لها جزاء لمن ملكت نفسه أن يستعمله، ففي نفس الفصل ألزم المشرع على ممارسي التعرض بطريقة تعسفية غرامة لفائدة المحافظة العقارية لا يقل مبلغها عن عشر في المئة من قيمة العقار أو الحق المتعرض عليه، دون المساس بحق الأطراف في التعويض. أما من ناحية التعريف، فهو استعمال التعرض بصفته حق لكل من يدعي حقا على عقار للتعرض عليه قصد الإضرار بالمالك، و قد أدى عدم تحديد صفة المتعرض إلى تدخل أشخاص في إطار منظمات إجرامية أو مجرد عدو بسيط إلى ممارسة حق التعرض سواء لعائد مالي عن طريق استفزاز طالب التحفيظ، أو بسبب صراعات عائلية و قبلية تصبح فيه المصلحة عدم تمكين طالب التحفيظ من تحفيظ عقاره.
و ما فتئت عملية التحفيظ تشكل مشاكل لأصاحبها نظرا لقواعدها الصارمة، فإن التعسف في استعمال التعرض كان في وقت آفة يعاني منها العقار في المغرب أدت إلى فقدان الثقة في التشريع العقاري نظرا لعدم تمكنه من حماية الملكية العقاري، و ضر كثيرا بالأمن العقاري و القانوني بالمغرب. و هو ما أدى المشرع إلى تدخله بفرض الغرامة المذكورة، وكذلك أعطي للقضاء السلطة في الكشف عنه ومحاربته.
الفقرة الثانية: دور القضاء في الحد من التعرضات الكيدية.
يتميز القضاء في المسطرة القضائية للتعرضات بسلطة تقدير الحجج و الترجيح بينها و دراستها جيدا للوصول إلى معرفة صاحب الحق، و هذا ما يجعل القضاء صاحب الأولية في اكتشاف التعرضات الكيدية و الحد منها. و تعتبر سوء النية في تقديم التعرض هي القاعدة الأساسية المؤسسة للكيد في استعمال التعرض، ومن الحالات التي يسهل على المحكمة اكتشاف سوء نية المتعرض:
- المتعرض الي يمتنع عن تقديم مستنداته إلى المحكمة و يمتنع عن الحضور لدى القاضي المقرر، أو يدلي بحجج يطعن فيها بالزور و يحكم فعلا بتزويرها.
- التعرض المبني على شراء حقوق متنازع فيها، أو أن أصحابها لا يتوفرون على عنصر الحيازة و لا يتوفرون على سندات التمليك.
و من الإجتهادات القضائية في هذا الصدد نجد الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بالناضور سنة 2016، حيث قضت هذه الأخيرة باعتبار احتجاج المتعرض أن طالب التحفيظ أقام مطلبه على عقار محفظ سابقا باسم المتعرض، و أن هذا الأخير لم يقدم حجج ت ثبت ادعاءاته، تبين للمحكمة أن المتعرض كان في تعرضه سوء نية تجاه طالب التحفيظ ما دفع المحكمة للحكم بتعسفية التعرض مع بالحكم بتعويض قدره 10000 درهم لفائدة طالب التحفيظ[5].
و في حكم آخر لنفس المحكمة حيث جاء فيه "... وبذلك فإن التعرض غير مرتكز على أساس ، ويتعين الحكم بعدم صحته، ولما كانت سمة التعسف ظاهرة في التعرض من خلال الأسباب المذكورة أعلاه خصوصا أن المتعرضين لم ينازعوا في تحفيظهم لعقارهم...، فإن ذلك يوجب الحكم عليهم بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية تحددها المحكمة تطبيقا للفصل 48 من قانون التحفيظ العقاري في ستة عشر ألف درهم تعادل عشر قيمة العقار الثابتة من رسم الملكية عدد 516"[6].
وفي حكم آخر قضت: ”... وحيث إن المتعرض بإقدامه على التعرض على مطلب التحفيظ دون أي إثبات لما يدعيه من تجاوز وتعطيله بذلك لمسطرة التحفيظ الذي سجل بتاريخ 1991/07/26 وبعد أن باع قطعة أرضية لطالبي التحفيظ، فيكون بذلك تعرضه تعسفيا مما ارتأت معه المحكمة الحكم عليه بأدائه غرامة قدرها عشرة ألاف و ثمان مئة و ثلاثون(10.830) درهم لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، .أتى إعمالا لمقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري [7].