الاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية
مجموعة دروس في التنظيم القضائي المغربي للتحضير للمباريات القانونية و إنجاز البحةث والمقالات
ونوع القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية لا تثير أي إشكال لأنها –المحاكم الابتدائية –صاحبة الولاية العامة يعني أنها تختص في جميع القضايا التي لم يسند الاختصاص بشأنها صراحة إلى جهة قضائية أخرى،وذلك استنادا على الفصل 18 من ق.
م.
م الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1974 و المعدل سنة 2011 بنص صريح “تختص المحاكم الابتدائية-مع مراعاة الاختصاصات المخولة إلى أقسام قضاء القرب-بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأحوال الشخصية و الميراث و التجارية و الإدارية والاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف “.
يتبين من قراءة هذا الفصل أن المحاكم الابتدائية هي صاحبة الولاية العامة للنظر في كافة القضايا ما لم يكن هناك نص يمنح الاختصاص لمحكمة أخرى ومن ثم تنظر في النزعات المدنية بمفهومها العام وكذلك في القضايا الزجرية وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد سنة 2002 و القانون الجنائي المؤرخ في 1962،بل إن المحاكم الابتدائية تنظر كذلك في بعض القضايا الأخرى على الرغم من وجود نصوص خاصة تنظم أحكامها،كما هو الحال بالنسبة لمادة الصحافة و مادة الجمعيات اللتين تحكمهما نصوص خاصة لها علاقة بممارسة الحريات العامة .
فاختصاص المحاكم الابتدائية للنظر في الدعاوي الموضوعية،يمكن أن نميز فيه بين ثلاث نقط أساسية بين إسناد المشرع المغربي للمحاكم الابتدائية الولاية العامة (1)،وتخصيص المشرع لأقسام قضاء الأسرة (2).
1-إسناد المشرع المغربي للمحاكم الابتدائية الولاية العامة سبق واشرنا من خلال الفصل 18 من ق.
م.
م “تختص المحاكم الابتدائية –مع مراعاة الاختصاصات المخولة إلى أقسام قضاء القرب –بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأسرة والتجارية والإدارية والاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف.
2-اختصاصات أقسام قضاء الأسرة تختص أقسام قضاء الأسرة ف : 1-الأحوال الشخصية و الميراث؛ 2-الحالة المدنية؛ 3-شؤون التوثيق؛ 4-شؤون القاصرين؛ 5-الكفالة؛ 6-كل ما له علاقة برعاية و حماية الأسرة؛ فبالنسبة للقضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية يمكن أن ندرج فيها كل ما يتعلق بالزواج و الطلاق،سواء من نفقة أو نسب أو حضانة كما يترتب عن الأحوال الشخصية كل ما يتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية،وعموما هذه القضايا منصوص عليها في مدونة الأسرة وبعض القوانين الخاصة،وكذلك يبقى من اختصاص أقسام قضاء الأسرة كل ما يتعلق بالميراث وبالنسبة للقضايا المتعلقة بالحالة المدنية فهي القضايا التي تهدف إلى تأسيس كل الوقائع التي تتعلق بالحالة المدنية للأشخاص،من ولادة أو وفاة أو تغير في الهوية،وتضمين كل ذلك بالنسخ الكاملة،أو سجلات الحالة المدنية.
ويدخل كذلك في نطاق قضايا الحالة المدنية كل ما يتعلق بالإصلاحات،التي تطال هوية الأفراد ،كما هو الأمر بالنسبة لإصلاح تاريخ الازدياد وكذلك إصلاح الأخطاء المادية المتعلقة بإصلاح أسماء بعض الأشخاص وكذلك بعض القضايا التي تهم الجنسية.
وبالنسبة للقضايا المتعلقة بشؤون التوثيق يوجد بأقسام قضاء الأسرة قاضي التوثيق يتولى المخاطبة على الرسوم التي ينجزها العدول،وهذا القاضي معين من طرف رئيس المحكمة بموجب قرار لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد،و هو قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية ,لكن مهنته تكمن في مراقبة مهام العدول والناسخ وكذلك المخاطبة إلى الرسوم.
بالإضافة إلى هذه الجهة القضائية التي تتكون منها أقسام قضاء الأسرة نجد كذلك قاضي الأسرة المكلف بالزواج و هو قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية يتولى مهمة إعطاء الإذن بالزواج سواء للراشدين أو القاصرين و هذا القاضي يعنى بنفس الكيفية التي يعنى بها قاضي التوثيق،كما يعين قاضي ثالث و هو قاضي مكلف بشؤون القاصرين و مهمته تكمن في التدبير الأساسي للأموال التي تعود إلى ملكية القاصرين.
و يدخل كذلك من ضمن اختصاصات قضاء الأسرة الأمور المتعلقة بالكفالة،أي كفالة الأطفال المتخلى عنهم.
2-اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بالقضايا المستعجلة يعود اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بالقضايا المستعجلة إما بصفته الولائية ،أو بصفته قاضيا للمستعجلات .
بالنسبة لصفته الولائية لعل من أهم المعايير للتمييز بين العمل القضائي و العمل الولائي ،ذلك المتمثل في معيار طبيعة الإجراءات المتبعة من أجل إصدار القرار ،فمتى كان التصرف قد اتخذ في مواجهة الخصوم كان العمل قضائيا ،في حين يعتبر ولائيا إذا تم العمل بناءا على مجرد طلب أحد الخصوم دون استدعاء الطرف الآخر لإبداء رأيه ،أي دون احترام حقوق الدفاع.
يختلف اختصاص رئيس المحكم الابتدائية بصفته الولائية بين الأوامر المبنية على طلب و الأمر بالأداء،فبالنسبية للأوامر المبنية على طلب،خصص لها المشرع الباب الأول من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية،الفصل 148 وأعطاها اسم الأوامر المبنية على الطلب و المعاينات،حدد المشرع على سبيل الحصر الحالات يجوز فيها إصدار هذه إصدار هذه الأوامر،و يهدف الإجراء المؤقت المطلوب الأم به إلى حماي حق يخشى ضياعه بمرور الوقت و الذي يهدده خطر محدق.
فالأوامر بناءا يمكن أن تهم إثبات حال أو توجيه إنذار أو أي تدبير آخر يتميز بطابعه الإستعجالي ،و تبعا لذلك يمكن القول بأن المشرع لم يحدد على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها إصدار أوامر بناء على طلب و هي: -الأمر بإجراء حجز تحفظي -الأمر بإجراء حجز لدى الغير -الأمر بإجراء تقييد احتياطي -تذييل مقرر تحكيمي بالصيغة التنفيذي .
بالنسبة لصفته قاضيا للمستعجلات نصت المادة 149 من ق.
م.
م في الباب الثاني منه من القسم الرابع بصريح العبارة .
”يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا … “،ويقصد بقضاء الأمور المستعجلة الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس اصل الحق و إنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أصيانة مصالح الطرفين المتنازعين.
إن القاضي المستعجل لا يفصل بصفة مؤقتة في المسالة المستعجلة إلا إذا كان القضاء المدني سواء محكمة جزئية أو ابتدائية مختصا بالفصل في النزاع المنصب على أصل الحق فحيثما يكون القضاء المدني مختصا بالفصل في منازعة معينة يكون القضاء المستعجل مختصا باتخاذ الإجراء المؤقت فإذا كان القضاء المدني غير مختص بالفصل في أصل الحق كان القضاء المستعجل غير مختص ولائيا هو الآخر في الإجراء المؤقت،والمقصود بالقضاء المدني المعنى الواسع منه بحيث يشمل جميع دوائر المحاكم المدنية والتجارية و العمال و الأحوال الشخصية ،ما عدا المحاكم الجنائية.
تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي حدد اختصاص قاضي المستعجلات من خلال الفصل 149 من ق.
م.
م في أربع مواد،إذ يرجع له البث في صعوبات تنفيذ الأوامر الصادرة بناءا على طلب،كما يختص بالبث في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية،كما يختص أيضا بالبث في الطلبات الرامية إلى الوضع تحت الحراسة القضائية و تلك التي تهم كافة التدابير التحفظية التي يتعين اتخاذها صيانة لحقوق المتقاضين،و يترتب عن اختصاص قاضي المستعجلات بخصوص المادة الأخيرة إمكانية نشوء تداخل ما بينه وبين اختصاصات رئيس المحكمة و هو يبت بناء هلى طلب في إطار الفصل 148 من ق.
م.
م .