إلتزامات المسير الحر بعد إنقضاء العقد

مجموعة دروس في التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي

إلتزامات المسير الحر بعد إنقضاء العقد
-التزامات المسير الحر تجاه مكري الأصل التجاري عند الانقضاء- إن أهم الإلتزامات الأساسية الواقعة على المسير الحر تجاه المكري، عند إنتهاء عقد التسييرالحر تتمثل في إرجاع الأصل التجاري إلى مالكه، بالإضافة إلى ذلك قد يجد نفسه ملزما بعدم منافسة هذا المكري بمقتضى شرط خاص، وسندرس كل إلتزامي على حدة.

-أولا: إلتزام المسير الحر بإعادة الأصل التجاري إلى مكريه.

يعتبر عقد التسيير الحر كراء للأصل التجاري، وليس نقلا لملكيته أوإنشاء لحق عيني عليه كما أن إستغلال الأصل التجاري من طرف المسير الحر ولو لسنين عديدة ليس من شأنه أن يجعله مالكا له، أي أن ظهير الأكرية التجارية "24 ماي 1955" لايستفيد من مقتضياته إلا المالكون للأصل التجاري لا المستغلون للمحلات التجارية على وجه الإدارة الحرة على إعتبار أن المشرع في الفصول 152و158 من مدونة التجارة لم يعتبر طول أوقصر المدة كعنصر يمكن أن يغير من طبيعة العقد، بل العقد عقد كراء، ويتعين بمقتضاه على المكتري طبقا للقانون أن يرده إلى مكريه، لذلك يكون المسير الحر ملزما عند إنتهاء العقد بإعادة الأصل لمكريه وذلك بوضعه لجميع عناصره " المادية والمعنوية" تحت تصرف المكري، فعلا أو حكما بعد إنتهاء العقد و تشمل هذه الإعادة جميع العناصر التي تسلمها المسير الحر عند إبرام العقد وكذا العناصر التي كونها بمناسبة إستغلاله للأصل.

فبالنسبة للأولى التي كانت موجودة عند إبرام العقد، فإنه يلتزم بإعادة العناصر المعنوية على الحالة التي توجد عليها عند إنتهاء العقد، دون أن يحق له المطالبة بالتعويض عن الزيادة في قيمتها أوالتحسين والتطور اللذين طالهما أويسأل عن نقصان قيمتها لسبب لايعزى إليه.

أما العناصر المادية فإذا حرر بين المسير الحر والمكري كشف يثبت حالة العناصر المادية المكتراة أو وصفها، وجب على المسير الحر أن يردها على الحالة التي تسلمها عليها عند نهاية العقد ، وإذا لم يتم تحرير هذه القائمة لإثبات حالة الأصل التجاري وعناصره ووصفها إفترض في المسير الحر أنه تسلمها في حالة جيدة- كما أنه في الإلتزام بالرد يجب مراعاة مقتضيات الفصل 679 من ق.

ل.

ع الذي ينص على عدم مسؤولية المكتري عن الهلاك أوالتعيب الحاصل من جراء الإستعمال المألوف والعادي للعناصر أونتيجة حادث فجائي أوقوة قاهرة لايعزى أي منهما إلى خطئه أونتيجة حالة القدم أوعيب في البناء بالإضافة إلى الفصل 683 من نفس القانون لتفادي ضياع بعض الحقوق من جراء عدم الإثبات.

وتخضع إعادة العناصر المادية لمقتضيات الفصل 675 من هذا القانون حيث يلتزم المسير الحر بردها عند إنقضاء الأجل المتفق عليه أوعند فسخ العقد وإذا تأخرعن ذلك إلتزم بأداء أجرة الكراء عن المدة الزائدة التي إحتفظ بها خلالها، كما يسأل عن كل الأضرارالتي تلحق بها أثناء هذه المدة ولوحصلت نتيجة حادث فجائي وتكون مسؤوليته مفترضة في هذه الحالة إلا أنه يلتزم حينئذ فقط بالتعويض دون أجرة الكراء.

ويجب أن يحصل هذا الرد لعناصرالأصل التجاري في مكان العقد ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، إلا أن مصروفاته تقع على عاتق المسير الحر ما لم يشترط عند ذلك أويقضي العرف بخلافه طبقا للفصل 680 من ق.

ل.

ع.

وغني عن الذكر أن عنصر البضائع والسلع وكذلك بعض المواد الأولية لا يمكن أن يعيدها المسير الحر للمكري على عاتق حالتها بعد نهاية العقد، لذلك فإن تسليمها يخضع للإتفاق المبرم بين الطرفين ما لم يكن المسير الحر قد أدى ثمنها عند إبرام العقد، وإذا لم يوجد إتفاق فيلزم المسير الحر بترك مثل ما كان يوجد منها عند إبرام العقد من حيث النوع والكم أوبآداء قيمتها، لكن ما مصير العناصرالجديدة التي يكون المسير قد أضافها إلى الأصل التجاري بعد إبرام العقد؟ إن المسير الحر يلتزم بإعادة العناصر الجديدة التي يكون قد أضافها إلى الأصل التجاري أثناء الإستغلال على أساس وحدة الأصل التجاري بإعتباره مجموعة أموال ذات وحدة إجمالية تقتضي ذلك، ثم إن إسترجاع الأصل التجاري هو في واقع الأمر إرجاع للزبائن وبالتالي إسترجاع كل العناصر التي لها علاقة بجلب الزبناء وربط تعاملهم مع الأصل التجاري، إلا أنه يقتصر حقه بالنسبة لهذه العناصر الجديدة على الإحتفاظ من جهة بتلك التي يكون من غيرالممكن إرجاعها مع الأصل التجاري بالنظر لطبيعتها القانونية كالعناصر المتعلقة بالحقوق الفكرية والتي يمكن للمسير الحر التمسك بحقه الأدبي للإحتفاظ بها ، ومن جهة أخرى بتلك العناصرالتي يمكن فصلها عن الأصل التجاري دون أن يتضرر هذا الأخير منها.

أما العناصر التي كانت مجرد تطوير لعناصر موجودة من قبل أو التي لا تقبل الإنفصال عن الأصل التجاري كالشعار والإسم التجاريين حيث ترتبط به إرتباطا وثيقا لايقبل التجزئة ولها أثرمباشر على الزبناء، فعلى المسير الحر تسليمها للمكري بعد إنتهاء العقد لأن فصلها يعد بمثابة منافسة غير مشروعة أونقل غير مشروع للزبناء للإيقاع بهم في الغلط بين الأصل التجاري والأصل الجديد الذي يكون من المفترض أن المسير الحر قد إفتتحه أوإكتراه.

إلا أنه في مقابل إحداث أوتكوين هذه العناصر وكذا التحسينات الأخرى فإن المسير الحر يمكنه المطالبة بالتعويض عنها طبقا للقواعد العامة إذا تم بإذن مكري الأصل التجاري ويمكنه أيضا المطالبة بالتعويض عما قام به من تحسينات للرفع من قيمة الأصل التجاري، إذا كان مالك الأصل التجاري هونفسه مالك العقار المقام عليه ذلك الأصل وكان الكراء واردا عليهما معا وذلك حسب الفصل 39 من ظهير24 ماي 1955.

ومن جهة أخرى فإن المسير الحر لا يلتزم بالتعويض في حالة نقص قيمة الأصل التجاري لظروف إقتصادية أولقلة الإقبال على نوع التجارة الممارسة للأصل التجاري، كما أنه ليس هناك ما يمنع الطرفين من تضمين العقد شرطا يقضي بحصول المسير الحر عند إنتهاء العقد على تعويضات أومكافأة على التحسينات التي سيحدثها بالأصل التجاري أو عن إرتفاع قيمته بفعل تسييره الجيد أوالعكس من ذلك كأن يقضي بتعويض المسير الحر مالك الأصل التجاري في حالة تدني قيمته بفعل سوء التسيير وهو شرط له أهمية كبرى ويشكل حافزا لتشجيع المسير على بذل جهد أكثرفي إستغلال الأصل التجاري لتنمية عناصره والزيادة في زبناءه وتطوير قيمته الإقتصادية.

-ثانيا: إلتزام المسير الحر بعدم المنافسة.

تقتضي القواعد العامة أنه متى إسترد المالك أصله التجاري، أصبح للمسير الحر الحق في إقامة تجارة مماثلة، شريطة عدم إرتكابه أي عمل يشكل منافسة غير مشروعة تجاه المالك وذلك ما لم يوجد بند خاص في العقد، يتضمن إلتزام المسير الحر بعدم القيام بذلك، ونظرا لأن هذا الشرط يمس حرية التجارة وحرية العمل فإنه يجب التنصيص عليه صراحة مع تحديد مداه المكاني والزمني ونوع النشاط المقصود وإلا كان الشرط باطلا.

ويعتبر إلتزام المسير بعدم المنافسة في هذه الحالة إلتزاما شخصيا،لا تميد لباقي أفراد أسرته، ولوتدخل لتقديم العون والمساعدة شريطة ألا يهدد ذلك إخلاص زبائن الأصل التجاري السابق، وألا يكون ذلك بصورة مكثفة ومستمرة وتبقى للمحكمة السلطة التقديرية في تقرير ما إذا كان تدخله يستتبع تحويل الزبناء أوالمتعاملين من جهة ومتى يمكن اللجوء إلى تطبيق القواعد العامة في حالة التواطؤ أوحالة المنافسة غير المشروعة من جهة ثانية .

كما تجدرالإشارة إلى أن سكوت العقد عن النص على عدم منافسة المسير الحر للمالك لايعني حق المسير في خرق هذا المبدأ، علما بأن هناك ما يسمى بالإلتزامات الضمنية التبعية التي توجب هذا الشرط في بعض العقود كعقد بيع الأصل التجاري وعقد التسيير الحر للأصل التجاري ، دون حاجة إلى التنصيص عليها في العقد.

-إلتزامات المسير الحر تجاه الغير بعد إنتهاء العقد- نشير إلى أنه فضلا عن الإلتزامات التي يرتبها إنتهاء عقد التسيير الحر على المسير تجاه مكري الأصل التجاري هناك إلتزامات أخرى تقع عليه تجاه الغير سواء في مواجهة الجمهور أوالزبناء والمتمثلة في القيام بإجراءات الشهر أو تلك المتعلقة بالديون الناشئة عن إستغلاله للأصل التجاري وسنتناول فيما يلي هذه الإلتزامات كل على حدة.

-أولا: إلتزام المسير الحر بشهر إنتهاء العقد.

تنص المادة 153 من مدونة التجارة على أنه «.

.

.

ينشرعقد التسيير الحر في أجل الخمسة عشر يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية.

.

.

.

يخضع إنتهاء التسيير الحر لإجراءات الشهر ذاتها».

وأساس هذا الإلتزام هو القانون بمعنى لايمكن الإتفاق على مخالفته لتعلق حقوق الغير بهذا الإشهار سواء كانوا زبناء أو دائني المسير الحر، لأجل ذلك يجب على المسير الحر نشر إنتهاء عقد التسيير الحر في أجل 15 يوما من تاريخ الإنتهاء على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية، كما يتعين عليه القيام بإجراء آخر والمتمثل في طلب إما شطب إسمه من السجل التجاري، وإما أن يغيرتقييده الشخصي كمسير حر للأصل التجاري داخل أجل شهرمن تاريخ إنتهاء العقد بالتنصيص صراحة على إنتهاء وضع الأصل التجاري رهن التسيير الحر وتسليمه لمالكه.

أما إذا لم يتم نشرإنتهاء عقد التسيير الحر وتسجيله فلا يجوزللطرفين الإحتجاج بإنتهاء هذا العقد تطبيقا للمادة 158 من مدونة التجارة، ويبقى المسير الحر مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه أومالك الأصل التجاري طبقا للمادة 60 من القانون نفسه فضلا عن العقوبات التي يمكن أن يتعرض إليها في حالة مخالفته لهذا الإلتزام ، ما لم يترتب عن هذه المخالفة أفعال معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي حيث لا تحول مقتضيات المادتين 64 و66 دون تطبيق القانون الجنائي عند الإقتضاء طبقا للمادة 68 من مدونة التجارة.

-ثانيا: آثارإنتهاء العقد على الديون المتعلقة بإستغلال الأصل التجاري.

إن من أهم الآثار القانونية التي تترتب على إنتهاء التسيير الحر بقوة القانون ولاتحتاج إلى نطق حكم بشأنها هي سقوط آجال الديون المؤجلة التي إلتزم بها المسير الحر بسبب إستغلال الأصل التجاري، حيث تنص المادة 157 من مدونة التجارة على أنه « يجعل إنتهاء التسيير الحر الديون المتعلقة بإستغلال الأصل التجاري والمبرمة من طرف المسير الحر خلال مدة التسيير الحر حالة فورا»، وتطبيقا للنص يتبين أن الديون المؤجلة التي إلتزم بها المسير الحر لإستغلال الأصل جعلها حالة فورا ومستحقة الأداء من تاريخ نهاية العقد بقوة القانون دون اللجوء إلى المحكمة قصد القضاء لهم بحلول أجلها، كما هوالحال بالنسبة لدائني مالك الأصل التجاري الذين يتقيدون بتقديم الطلب للمحكمة داخل ثلاثة أشهرمن تاريخ النشر والحكمة في عدم ترتيب نفس الآثار القانونية على ديون المسير الحر تتجلى في مدى توفر الضمانات في كل حالة على حدة، حيث إن دائني المالك لايفقدون جميع الضمانات لإستيفاء ديونهم، وإنما قد تصبح ضئيلة، وغير كافية، لهذا ترك لهم المشرع الخيار في سلوك المسطرة التي نص عليها وفي نفس الوقت ترك تقدير ذلك للمحكمة، لكون العقد لاينقل ملكية الأصل التجاري،أما بالنسبة لدائني المسير الحر فإنهم يفقدون في غالب الأحيان جميع الضمانات لكونه يفقد جميع الحقوق المترتبة على العقد وخاصة أن هذه الديون تكون ناشئة عن هذا العقد.

ولتفادي كل ضرر قد ينتج عن التأخيرفي إستحقاق الديون نتيجة طول المسطرة وكثرة الإجراءات جعلها المشرع حالة فورا، وهكذا يكون للمسير الحر إما الوفاء بهذه الديون طوعا وإلا جبرا عن طريق القضاء دون المساس بإلتزاماته التعاقدية كإرتباطه بالغير بعقود مستمرة كالتزويد بالخدمات وعقود الشغل بمعنى أن هذه القاعدة مرتبطة فقط بالديون.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0