بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تخصص القانون المدني والأعمال تحت عنوان تأثير الذكاء الاصطناعي على النظرية العامة للمسؤولية المدنية
رابط تحميل الرسالة اسفل التقديم
_____________________________
المقدمة
أخشى اليوم الذي يصبح فيه الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء مني لكنني أخشى أكثر اليوم الذي يصبح فيه الذكاء الاصطناعي أكثر غياء ...
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الاقتباس الساخر مقتطف من كتاب أو مقال منشور في مجلة علمية لأحد الخبراء في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لكنه في الواقع ، لا يعود الإنسان طبيعي وإنما لأحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative Al. بشكل يظهر مدى قدرة هذه الأنظمة على محاكاة العقل البشري وتطورها المستمر لتطبيق كل مجالات الذكاء الإنساني بعمقها وتعقيدها على الآلات الجامدة ، بل وتحاول أن تتفوق عليه في الذكاء والدقة والسرعة والأداء.
ذلك أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ضربا من ضروب أفلام الخيال العلمي، وإنما غدا حقيقة واقعة تنبئ بثورة تكنولوجية غير مسبوقة تحمل عنوان الثورة الرقمية الذكية بمكوناتها الثلاث انترنيت الأشياء Internet of Things والبيانات الضخمة Big data إلى جانب الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence ، الذي كلما اقترب من محاكاة الإنسان فكريا ووظيفيا ضعفت قدرة البشر على السيطرة عليه، وزادت الإشكاليات الأخلاقية والقانونية التي قد تنتج عنه خاصة على مستوى قواعد المسؤولية المدنية كمصدر من مصادر الالتزام في القانون المدني.
تطورات جعلت فقهاء القانون ورجال العدالة، جنبا إلى جنب مع المشترع، موضع عصف ذهني للبحث عن تكييف قانوني وفقهي النظم مستحدثة لها من الذكاء والاستقلالية والقدرة على التعلم ، ما يجعلها خارج أي مركز قانوني تقليدي، محدثة تحولات على مفهوم الحق إن من حيث موضوعه أو من حيث أشخاصه ثورة قانونية ورقمية كانت هي الدافع وراء تبني هذه الفكرة البحثية لمحاولة تلمس مكامن تأثير الذكاء الاصطناعي على النظرية العامة للمسؤولية المدنية.
في قراءة تاريخية حول الموضوع بعد العالم المسلم جابر بن حيان أول من تنبأ يصنع الروبوت أو الإنسانة، بل وحدد درجات تفاوت قوة الذكاء الاصطناعي، وكان ذلك في القرن الثامن الميلادي، حيث تنبأ بإمكانية صنع البشر للإنسان والحيوان بمرحلة المعدن وحدد مستويات ذكائه بشكل دقيق. مروره
وانتظرت أولى مراحل تحقق نبوءته عشرة قرون تقريبا وذلك مع بلوغ الثورة الصناعية الأولى بعد اختراع جيمس واط للمحرك البخاري عام 1775م الذي كان أساس الثورة الصناعية الأولى، والتحول من مرحلة الاعتماد على الأيدي البشرية العاملة إلى مرحلة المكننة، مرورا بظهور محطات توليد الكهرباء والمحرك الكهربائي الذي حل محل المحرك البخاري في الثلث الأخير من القرن 19 - ليشكلا عنوان الثورة الصناعية الثانية.
وصولا إلى مرحلة اعتماد المجتمعات على المعلومات أكثر من الآلات مع ظهور الحواسيب الإلكترونية Computer المتصلة بالأنترنيت، وبالتحديد في العام 1969م حيث شكل الاختراع منعطفا هاما في حياة المجتمعات وتمركزت حولها جميع القطاعات في العالم حيث اعتمدت التقنيات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات الأتمتة الإنتاج Automation، وعرفت هذه المرحلة ب الثورة الصناعية الثالثة، إلى أن أصبح الحديث الآن عن ما يعرف بالذكاء الاصطناعي الذي يشكل ما سمي ب الثورة الصناعية الرابعة.
يقول العالم المسلم جابر بن حيان في كتابه التجميع ينظر إلى الإنسان الذي يراد تكوين مثله وأي شيء أريد من الحيوان فلتؤخذ قوة فهمه أولا، إذ لا عالم أعلى من عالم العقل ، ثم ينظر بعد ذلك إلى نفسه وكيف أبو الشر يابي الخير، وأبو العلم بأبي الجهل إذا كانت هذه الأخرى دون عالم المثل ، ثم بعد ذلك الذي ينبغي أن يقوم هو الجسم الذي عليه العناصر فالعمل في التكوين على المثال الأول صحيح، والمثال الثاني يخرج سائر الحيوان أنته لا يفهم شيئا لكنه بالمادة يقارب الاستواء، والأول أبعد زمانا ، فليكن الآن تكوين الحيوان على ثلاثة أجزاء جزء أول ، وجزء ثان أبله ، وجزء ثالث ذكي في جاد خيول ناموسي الطباع
جابر بن حيان كتاب التجميع، تكوين انسان بصناعة الكيمياء بدايات الطبع والنشر والتوزيع. دمشق الطبعة 1 السنة 2007
____________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1UGKD2GkGal29MHhtKxTQno2Yx6VfwlRg/view?usp=drivesdk