أطروحة دكتوراه بعنوان اكتساب الملكية بالالتصاق رسالة
رسائل و أطروحات في القانون الجزائري

مــقــدمــة.
تعتبر الملكية العقارية من أكثر المواضيع التي تحظى باهتمام كبير من طرف جميع المجتمعات، مما جعل كل التشريعات والدساتير العالمية توليها اهتماما خاصا سواء من الناحية الموضوعية أو الاجرائية ساعية إلى تنظيم مختلف المسائل المتعلقة بها بهدف تحقيق الوظيفة التي يمكن أن تؤديها هذه الملكية العقارية. وضمن تقنيناتها المدنية حددت تلك التشريعات طرق اكتساب الملكية، الناتجة إما عن التصرف القانوني أو الواقعة المادية، فأما التصرف القانوني فنقصد به اتجاه الارادة إلى إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الاثر إنشاء أو نقل أو تعديل أو إنهاء حق من الحقوق، وقد يصدر من جانب واحد كما هو الحال في الارادة المنفردة أومن جانبين مثل العقد، وأما الواقعة المادية فتتمثل في حدوث أمر واقعي معين ينشأ عنه تعديل فعلي في الاوضاع القائمة فيترتب عن ذلك أثر قانوني.
وبالنسبة للتقنين المدني الج ازئري، فقد خصص المشرع سبعون مادة لتنظيم موضوع طرق اكتساب الملكية وذلك في الفصل الثاني من الباب الاول المعنون بحق الملكية من الكتاب الثالث تحت عنوان الحقوق العينية الاصلية، وهي سبع طرق معروضة في الفصل الخاص بها ومن بينها الالتصاق بالعقار، هذا الاخير الذي حضي بأربعة عشر مادة ابتداء من المادة 778 إلى 791 مطابقا تماما لما ورد في التقنين المدني المصري، في المواد من 918 إلى 931 ،خالفا لما ورد في التقنين المدني الفرنسي، الذي كان أوسع مجالا من التقنينين الج ازئري والمصريلانهخصص واحد وثالثون مادة لموضوع الالتصاق، موزعة بين الالتصاق بالعقار والالتصاق بالمنقول وذلك في المواد من 547 إلى 577 بالاضافة إلى القاعدة العامة الواردة في المادة . 546 مقدمة. [2] ولأن الالتصاق من المواضيع البالغة الاهمية على الساحة العملية خاصة عندما تتعلق المسائل بالتعارض القائم بين المالك الاصلي ومالك الشيء التابع، ونظرا لنذرة الكتابات العلمية في هذا المجال ارتأينا أن نخصص دراستنا بعنوان: "اكتساب الملكية بالالتصاق" لتسليط الضوء على هذا الموضوع من خلال الرجوع إلى أحكام النظام القانوني الج ازئري من نصوص قانونية وآراء فقهية واجتهادات قضائية، ولا مانع من توسيع نطاق البحث بالرجوع إلى القوانين المقارنة السيما القانون المصري والقانون الفرنسي وكذا العراقي، وما تضمنته هذه القوانين من أبحاث ودراسات فقهية وقضائية، إلثراء البحث بما يزيد من دقته. ومن هنا تتضح أهمية الموضوع على مستويين، الاول قانوني و الثاني تطبيقي.
فعلى المستوى القانوني تتمثل أهمية الموضوع في اآلثار المترتبة عن الالتصاق كونه طريقة من طرق اكتساب الملكية متى استوفى أحكامه المنصوص عليها قانونا، وللتحكم في ظاهرة البناء على أرض الغير والاستغالل الالعقالني للأراضي سواء الصالحة للبناء أو الزراعية، تعرض المشرع الج ازئري لتنظيم موضوع الالتصاق بوضع مجموعة من الاحكام كسند للأشخاص وكذا القضاة تحقيقا للعدالة داخل المجتمع أما على المستوى التطبيقي فيتمثل أهمية الموضوع في ت ازيد الاشكاليات الخطيرة على الساحة العملية خاصة تلك المثارة بسبب مسالة حسن وسوء نية الباني، الامر الذي أدى إلى تكرار الاعتداءات على الملكيات دون الحيازة على وثائق رسمية تثبت ذلك، وما ضاعف المشاكل التي يشهدها الو اقع العملي هو تشابك وتنوع العالقات بين المالك الاصلي )الحقيقي( ومالك الشيء التابع، هذا الاخير الذي لا يسلّم بفكرة انتقال ملكيته إلى غيره، مما يثير الكثير من المنازعات لا ارمية إلى حلها على مستوى القضاء. وأمام هذه الاهمية المزدوجة لهذا الموضوع فإن هذه الدراسة تهدف إلى محاولة تأصيله قانونيا بتوضيح أهم الاحكام المتعلقة به، وكذلك أهم التطبيقات العملية التي يطرحها في الميدان إلزالة كل غموض أو إبهام من شأنه أن يخيم على "الالتصاق"،
كما تهدف للتوصل إلى معرفة أسباب قصور أو نجاح المشرع في تنظيمه للموضوع، و كل ذلك استنادا لعملية القراءة الجيدة لأحكامه الصادرة منذ سنة 1975 ( تاريخ صدور القانون المدني( قصد الحصول على صورة واضحة و موضوعية لتطبيقاته في الواقع. رغم كالسيكية موضوع الالتصاق كطريقة من طرق اكتساب الملكية، ورغم جودة الابحاث المتعلقة به في مكتبات الدول المقارنة،الاأن المكتبة القانونية الج ازئرية تكاد تخلو من الم ارجع التي تثري هذه الد ارسة، وأمام زيارتنا لمعظم الجامعات على مستوى الت ارب الوطني، وجدنا أن هذا الموضوع قد عولج في رسالة ماجستير من طرف حرش محمد بعنوان "إلتصاق المنشآت بالارض بفعل الانسان في القانون المدني الج ازئري" من جامعة الج ازئر، لكنه غير كاف لتوسيع دائرة المعرفة حول الموضوع. وقد حفزنا الختيار هذا الموضوع عدة دوافع، تتمثل أهمها في شغوله لحيز معتبر على أرض الواقع نظرا الستفحال ظاهرة البناء على أرض الغير أو بمواد الغير، ومع ذلك نالحظ نذر ة الكتابات العلمية والفقهية الشارحة والموضحة له على خالف باقي طرق اكتساب الملكية،
إضافة إلى عدم استق ارر الق ار ارت القضائية باعتبارها المرآة العاكسة لما يجري في الواقع وذلك بسبب عمومية النصوص القانونية المعالجة للموضوع على ضوء ما سبق، و سعيا منا لوضع دراستنا في إطار علمي متكالم تمهيدا للوصول إلى نتائج و توصيات هادفة تمت صياغة الاشكالية كما يلي:
ما مدى فعالية التنظيم القانوني الالتصاق في حل أهم الاشكالات المتعلقة باكتساب الملكية عن طريقه ؟ هذا التساؤل الرئيسي يثير جملة من التساؤالت الفرعية التي يمكن حصرها فيما يلي:
مقدمة. [4] - إذا كان المشرع الج ازئري قد اعتبر "الالتصاق" طريقة من طرق اكتساب الملكية بمقتضى الامر 75/58 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن القانون المدني الج ازئري المعدل والمتمم فما المقصود بالالتصاق؟ وما هو التكييف القانوني له؟ وما هي شروطه؟ وحالاته؟ - ماهو التجسيد العملي لأحكام الالتصاق؟ وهل استطاعت هذه الاخيرة أن تحل أهم الاشكالات المتعلقة به؟ إن هذه الاشكالية يمكن أن تنطلق من الافتراضين التاليين:
الافتراض الاول: التنظيم القانوني الذي سنه المشرع الج ازئري فيما يخص الالتصاق من حيث ضبط العالقة بين المالك الاصلي ومالك الشيء التابع كاف لتحقيق الاهداف وتوفير العدالة الاجتماعية.
الافتراض الثاني: الالتصاق هو الطريق الانجع لحماية الارض ممن أقام عليها محدثات بالتأكد من صحة الادعاءات حول اكتسابه للملكية عن طريقه. الاجابة على الاشكالية المطروحة أعاله، حاولنا التركيز على النصوص القانونية، فهي رغم قلتهاالاأنها تعتبر مرجع أساسي أمام نذرة الدراسات الاكاديمية حول الموضوع، بالموازاة مع القرارات القضائية المستندة عليها، الامر الذي جعلنا نعتمد في دراستنا على المنهج التحليلي الوصفي المساهم في تحليل محتوى المواد القانونية لتبيان مدى نجاعتها و كيفيات تطبيقها في الميدان.
ولأننا نهدف إلى إخ ارج الموضوع من طابعه النظري إلى كيفيات تطبيقه، حاولنا انتهاج خطة بحث تجمع بين النظري والتطبيقي كما يلي:
الباب الاول: الاحكام العامة الالتصاق في القانون المدني.
الفصل الاول: ماهية الالتصاق.
الفصل الثاني: صور الالتصاق.
الباب الثاني: التطبيقات العملية الالتصاق.
الفصل الاول: حكم الالتصاق في حالة البناء على أرض الغير.
الفصل الثاني: إثبات الملكية العقارية المكتسبة بالالتصاق.