تــقــديــم
بات موضوع الجهوية يستقطب اهتماما متزايدا من لدن مكونات المجتمع المغربي، وذلك لأهميته، حيث أن موضوع الجهوية ليس وليد اللحظة بالمغرب بل هو نتاج لمسلسل الاصالح الذي تبناه المغرب منذ فجر الاستقالل كسياسة لترسيخ الديمقراطية والحكامة الجيدة والنهوض بالمجال وتنميته.
إن موضوع الجهوية بالمغرب يطرح تساؤالت عدة، تهم بالاساس إشكالية التحديد المفاهيمي لمثل هذه المصطلحات، التي أضحت تبرز بقوة خاصة في الاهتمامات المرتبطة بالمسار العام للدولة والتطور الالمركزي للمملكة وذلك في أبعاده التاريخية وفي الرهانات المستقبلية المنشودة. فالمغرب يرى في تبني النهج الجهوي، مقاربة تدبيرية للشأن المحلي، ومشروعا يرمي لأن يصبح مدخال للديمقراطية المحلية الحقيقية والتي تستند على الكفاءات والمؤهالت البشرية والاقتصادية والبيئية الجهوية من خلال تشريفها بتدبير شأنها العمومي الجهوي ومكرسة للتنمية المستدامة.
إن مشروع الجهوية المتقدمة جاء امتثالا الارادة الملكية السامية والالتزام الحر السيادي للدولة المغربية، وذلك بغية "الارتقاء من جهوية ناشئة الى جهوية متقدمة ذات جوهر ديمقراطي تنموي" ، فقد كانت دعوة صاحب الجاللة للجنة الاستشارية للجهوية، دعوة صريحة إليجاد نموذج مغربي-مغربي للجهوية يكون نابعا من خصوصيات المغرب.
كما حث صاحب الجاللة على كون الجهوية المنشودة "ليست مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطور وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المندمجة" . كما ان مشروع الجهوية يتوخى منه أن يكون مدخال إلصالح عميق لهياكل الدولة من خلال السير على درب الديمقراطية، والمقاربة التشاركية والتنمية الاجتماعية والتحديث السياسي والاداري وكذا الحكامة الترابية الجيدة، أي أن الغاية الاساسية من 1 الجهوية هي أن تكون "انبثاقا لدينامية جديدة الاصالح المؤسسي العميق" .
إن الغاية من مشروع الجهوية ليست سوى تمكين المواطنين في تدبير أمورهم بأنفسهم، انطالقا من الموارد والصالحيات المتوفرة لتحقيق التنمية المجالية، ولكن ليس في انفصال عن الدولة أو عن السلطة المركزيةـ فالجهوية بالمغرب لا تعني الانفصال أو التقسيم أو الخروج عن سيادة الدولة.
وسبب اختيارنا لموضوع " الجهوية المتقدمة أية افاق في تحقيق التنمية المجالية" ليس وليد اللحظة، بل هو موضوع أصبح ضمن صلب اهتماماتي، منذ السنة الاولى لي في الاجازة المهنية التدبير العمومي والتنمية المجالية، وانطالقا من عدة لقاءات و ندوات و دورات تكوينية شاركت فيها كانت تتمحور حول الجهوية المتقدمة بالمغرب، كل هذه العوالم كان لها التأثير في اختياري لموضوع الجهوية كبحث لنيل الاجازة المهنية، فكانت غايتي من هذا البحث أن أقدم صورة شالمة حول هذا الورش الكبير، من خلال التطرق له استنادا على مقاربة مفاهيمية للجهوية، ثم التطرق للسياق التاريخي لبروز الجهوية بالمغرب.
وبما أن المغرب أقدم على خطوة جد مهمة في موضوع الجهوية والتي تتمثل في إشارة المشرع المغربي للجهوية في دستور 2011، كما أشار في الفقرة الاخيرة من الفصل الاول على كون " التنظيم الترابي .لدى تطرقنا في الفصل الثاني للرهانات 1 للمملكة تنظيم المركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة" والاكراهات، وانطالقا من الادوار الدستورية للجهوية المتقدمة وذلك من خلال التصور الالمركزي الجديد، ومن خلال الادوار التي ستلعبها الجهوية من خلال الاصالح الاداري، وتفعيل الحكامة الجيدة.
وبما أن موضوع الجهوية يعتبر ورشا مفتوحا، فما يمكننا قوله، هو أن البحث في موضوع كموضوعنا هذا، يحتاج لوقت أطول والستعدادات قبلية، وسنعتبره بمثابة اللبنة الاولى إنشاء هللا، لمشروع بحث حول الجهوية المتقدمة بالمغرب.