التجريم والعقاب في الجريمة الإلكترونية في قانون العقوبات القطري
دراسة فقهية للجرائم الإلكترونية و عقوباتها في قانون العقوبات القطري و القانون المقارن وفيه خمسة مطالب: المطلب الأول: التشهير المطلب الثاني: الاحتيال الالكتروني المطلب الثالث: التهديد والابتزاز المطلب الرابع الاختراق المطلب الخامس: السرقة الالكترونية ومن الجدير بالذكر أن هذه الجرائم قد تتداخل في مفهومها ، ولذلك قد تكون المواد القانونية التي تستخدم في تجريم الفعل أو عقوبته متكررة كذلك. وسوف يكون المنهج المتبع في عرض هذه الجرائم بذكر تعريف الجريمة أولاً ، ثم ذكر القوانين التي تجرمها صراحة أو ضمناً تحت عنوان التجريم ، ثم ذكر العقوبة التي وضعها القانون لهذه الجرائم تحت عنوان العقوبة.

وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: التشهير
المطلب الثاني: الاحتيال الالكتروني
المطلب الثالث: التهديد والابتزاز
المطلب الرابع الاختراق
المطلب الخامس: السرقة الالكترونية
ومن الجدير بالذكر أن هذه الجرائم قد تتداخل في مفهومها ، ولذلك قد تكون المواد القانونية التي تستخدم في تجريم الفعل أو عقوبته متكررة كذلك. وسوف يكون المنهج المتبع في عرض هذه الجرائم بذكر تعريف الجريمة أولاً ، ثم ذكر القوانين التي تجرمها صراحة أو ضمناً تحت عنوان التجريم ، ثم ذكر العقوبة التي وضعها القانون لهذه الجرائم تحت عنوان العقوبة.
المطلب الأول: التشهير:
أولاً: التعريفات:
التشهير لغة: من شهَّرَ بـ يشهِّر، تشهيرًا، فهو مُشهِّر، والمفعول مُشهَّر به. [1]
واصطلاحاً: إشاعة السوء عن إنسان بين الناس.[2]
وأما تعريفه من الناحية لإجرائية: استعمال الجاني بإرادته وعلمه لعبارات تمس شرف وكرامة وسمعة المجني عليه ، وذلك باستخدام وسائل مختلفة.[3]
ثانياً: التجريم:
بناء على القواعد العامة لجرائم السب والقذف ، وبالنظر إلى الدستور وقانون العقوبات ، نجد أن تجريم التشهير منطلق من كون المتهم يعتدي على مصالح غيره منتهكاً خصوصياتهم مشهراً بهم ، وهذه المصالح "جديرة بالحماية العقابية ، ومنع القانون إلحاق الضرر بها بإهدارها وتدميرها كليا أو جزئيا أو التهديد بانتهاكها "[4]، وهي مما بينه المشرع في المواد القانونية المتعلقة بالجريمة والعقاب ، ونجد ذلك بيناً إذا نظرنا إلى الدستور الدائم لدولة قطر ، والذي ينص على أن " لخصوصية الإنسان حرمتها ، فلا يجوز تعرض أي شخص ، لأي تدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أية تدخلات تمس شرفه أو سمعته ، إلا وفقاً لأحكام القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه "[5]. وحالة التشهير تندرج تحت التدخلات التي تمس الشرف أو السمعة كون المتهم يقوم بالإساءة إلى الشخص مسبباً له أضراراً مختلفة.
ولا يقتصر تجريم التشهير على هذه المادة الدستورية فحسب ، كون هذه المادة تعبر عن حقوق عامة للشخص ، فلا بد إذاً من أن نبحث في قانون العقوبات عن مواد تجرم هذا الفعل وتفرض على فاعله عقاباً ، ونجد مادة مهمة تنص على " أن من أسند إلى غيره واقعة توجب عقابه قانوناً أو تمس شرفه أو كرامته ، أو تعرضه لبغض الناس أو احتقارهم فإنه يعد مرتكباً للجرم ، وينطبق ذلك على كل من نشر بإحدى طرق الإعلان أخباراً أو صوراً أو تعليقات ، تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ، ولو كانت صحيحة " [6]، ونلاحظ في هذه المادة أن المشرع ذهب إلى تجريم كل من نشر خصوصيات غيره دون إذن منه ، وبما يؤدي إلى إلحاق الضرر به ، وأكد على أن الفاعل يعد مرتكباً للجرم حتى لو كان ما أشاعه عن المجني عليه صحيحاً ، لأنه قصد من فعله التشهير به وجعله موضع ذم الناس واحتقارهم واستهزاءهم ، وبالتالي اتضح لنا جانب التجريم في هذه الجريمة التي تعد جنحة بحكم القانون كون الحكم فيها لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال ، وهذا من واقع التقسيم القانوني للجريمة.[7]
ثالثاً: العقاب:
إن قانون العقوبات تضمن عدة مواد تتحدث عن عقوبة من يقدم على ارتكاب جرم التشهير ، وهذه المواد من أبواب مختلفة من قانون العقوبات وتدور كلها حول معاقبة الجاني نظير اعتداءه على خصوصية غيره والتشهير به ، وتذهب هذه المواد إلى معاقبة الجاني بعقوبة الحبس مدة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنتين ، وبالغرامة المالية ما بين ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف ريال أو يكون العقاب بإحدى هاتين العقوبتين في بعض الحالات ، وفيما يلي نصوص هذه المواد مفصلة [8]:
المادة (293) من قانون العقوبات ، ونصها: " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر، وبالغرامة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تسبب في مضايقة أو إزعاج الآخرين أو تلفظ بعبارات منافية للآداب أو الأخلاق عن طريق استعمال أجهزة الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الوسائط الإلكترونية أو أي وسيلة أخرى ". وحالة التشهير يتحقق فيها إزعاج الآخرين ومضايقتهم من خلال استعمال الأجهزة اللاسلكية ( الجوالات والأجهزة اللوحية الأخرى ) والوسائط الإلكترونية وشبكة الانترنت ، وقد يكون ذلك بالتقاط الصور ومقاطع الفيديو أو إضافة التعليقات الساخرة الفاحشة عليها ، ثم نشرها بإحدى وسائل الاتصال سالفة الذكر.
المادة (326) من قانون العقوبات ، وتنص على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قذف غيره علناً، بأن أسند إليه واقعة توجب عقابه قانوناً أو تمس شرفه أو كرامته، أو تعرضه لبغض الناس أو احتقارهم." ، إن ما قد يحدث من نشر صور الضحايا مرفقة بتعليق ، أمر فيه مساس بالشرف والكرامة ، فقد يتم تصوير الشخص في وضع لا يقبل أن يُرى فيه ، فكيف إذا كان هذا الظهور عبر صورة يتناقلها آلاف الأشخاص عبر وسائل التواصل المختلفة.
المادة رقم (331) وتنص على أن" يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة، وبالغرامة التي لا تزيد على خمسة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بإحدى طرق العلانية أخباراً، أو صوراً، أو تعليقات، تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة ". وذلك أن الجاني قد يقوم بنشر صورٍ أو معلومات عن عائلة أو فرد يترتب عليها تعرضهم للسخرية وربما الاستهزاء والاحتقار ، وحتى لو كانت هذه الصور أو المعلومات صحيحة , فإن هذا لا يعني عدم تجريمه ومعاقبته.
ومما تجب الإشارة إليه أن كلمة " تشهير " لم ترد بنصها في القانون القطري ، ولكن دلت عليها عبارات أخرى تفيد المعنى ذاته كتلك التي تتحدث عن نشر الأخبار والصور وغيرها من المواد التي تعرض الشخص لبغض الناس واحتقارهم ، وكذلك الشتم والقذف عبر الوسائط الإلكترونية بطريقة علنية.
المطلب الثاني: الاحتيال الإلكتروني:
أولاً: التعريفات:
الاحتيال لغة: مِنَ الحِيلة ، وَيُقَالُ: تَحَوَّل الرجلُ واحْتَالَ إِذا طَلَبَ الحِيلة.[9]
وتعريفه اصطلاحاً: الحذق في تدبير الامور.[10]
وأما تعريفه الاجرائي: هو فِي القانون جنحة يجترمها من يبتز مَال الْغَيْر بالخديعة.[11]
ثانياً: التجريم:
إن التجريم في هذه القضية ينطلق من كون المتهم يقوم بالسطو على أموال الآخرين بطريقة غير مشروعة ، مرتكباً في سبيل ذلك جريمة الاحتيال ، وهذه الجريمة إما أن تتم " عن طريق سرقة البيانات والمعلومات الشخصية للمجني عليه ، والإفادة منها بالدخول غير المشروع إلى حسابه البنكي وتحويل الأموال "[12] ، وتتم هذه السرقة بواسطة الاحتيال على بيانات جهاز الحاسب ، وإما أن تتم عن طريق إيهام الشخص بوجود مشروع مربح ليقوم بتحويل الأموال إلى الجاني أو إعطاءه معلومات تفيده في الدخول إلى حسابات المجني عليه البنكية ، وتجريم هذا الفعل مستند إلى عدد من المواد القانونية الواردة في قانون العقوبات القطري والمختصة بجرائم الحاسب الآلي ، حيث نصت هذه المواد على تجريم " التحايل للوصول إلى نظام المعالجة الآلية للبيانات المحفوظة في جهاز حاسب آلي ، بدون وجه حق ، أو استخدام حاسب آلي في طريق التلاعب سواء عن طريق إدخال معلومات أو بيانات زائفة أو غير حقيقية ، أو استولى عن طريق العبث بالبرامج بغير حق على أموال البنوك أو العملاء لديها ".[13]
ثالثاً: العقاب:
إن القانون قد تضمن مواد كافية لمعاقبة الجاني الذي يقدم على مثل هذه الجريمة ، والمواد القانونية التي تخص هذه القضية أشارت إلى عقوبات متفاوتة يستحقها هؤلاء المتهمين ، وتتراوح هذه العقوبات بين السجن والغرامة ، فيكون السجن في حال ارتكاب السرقة مدة لا تزيد على خمس سنوات ، أما في غيرها فيكون بثلاث سنوات أو أقل ، وتكون الغرامة بمبلغ لا يقل أو لا يزيد عن عشرة آلاف ريال بحسب المادة التي تطبق على المتهم ، وفيما يلي نصوص هذه المواد الواردة في الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العقوبات القطري بالتفصيل [14]:
نصت المادة رقم (371) على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من توصل بطريق التحايل إلى نظام المعالجة الآلية للبيانات المحفوظة في جهاز حاسب آلي، أو ضبط داخله، أو في أي جزء منه ، بدون وجه حق ". وهذا يتحقق في جريمة التحايل الإلكتروني ، فقد يلج المجرم بطريقة غير مشروعة ، وعن طريق التحايل إلى أنظمة البيانات الخاصة بالبنك والمحفوظة في أجهزته ليستفيد منها في تنفيذ جريمته بطرق مختلفة ، وهذه المعلومات سرية وخاصة بالبنك والعميل ، ويترتب على كشفها أضرار للطرفين ، ولذلك جرم القانون الوصول إليها بهذه الطريقة ونص على معاقبة من يفعل ذلك بالعقوبة المذكورة.
نصت المادة رقم (372) على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات ، وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من ارتكب فعلاً من الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة ، إذا نتج عن ذلك محو أو تعديل في المعلومات الموجودة داخل النظام، أو إتلافه، أو تعطيل تشغيله ". وهذا الفعل يقدم عليه كثير ممن يرتكبون جريمة الاحتيال ، إذ يقومون بتغيير بيانات خاصة بالمؤسسات أو الأشخاص لتحقيق الغرض الذي يسعون إليه ، وهم بكل تأكيد يقومون بذلك بشكل غير مشروع ، وبالتالي هم مستحقين للعقاب الوارد في هذه المادة.
نصت المادة رقم (379) على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، كل من استخدم حاسباً آلياً في طريق التلاعب سواء عن طريق إدخال معلومات، أو بيانات زائفة أو غير حقيقية، أو عن طريق العبث بالبرامج". إن المقصود هنا هو قيام مرتكب الجرم بإدخال معلومات غير حقيقية قاصداً بذلك إيهام الضحية بأنها صحيحة ليتمكن من الاحتيال عليه وسحب بعض المعلومات منه ، وقد يقوم بهذا الفعل " للاحتيال على النظام الإلكتروني للبنوك حتى تتاح له صلاحيات السحب والتحويل من الحسابات البنكية".[15]
نصت المادة رقم (381) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، كل شخص ارتكب تزويراً في المستندات المعالجة آلياً، أياً كان شكلها، ترتب عليه الإضرار بالغير، أو استعمل هذه المستندات المزورة مع علمه بذلك. ويعد تزويراً كل تغيير في برامج الحاسب الآلي، أو البرامج المسجلة على ذاكرته للحصول على نتائج غير صحيحة ". وهذا من الأفعال التي يقوم بها المحتالون ، حيث يقومون بإعداد نماذج طلب معلومات مشابهة لتلك التي تصدرها البنوك والمؤسسات الأخرى ، ويرسلونها للضحايا قاصدين بذلك الاحتيال عليهم لأخذ بياناتهم السرية تمهيداً لاستخدامها في سرقة أموالهم ، أو حتى سرقة بياناتهم الشخصية لابتزازهم.
المطلب الثالث: التهديد والابتزاز:
أولاً: التعريفات:
التهديد: تعريفه لغة: هدَّدَ يهدِّد، تهديدًا، فهو مُهدِّد، والمفعول مُهدَّد.[16]
وتعريفه اصطلاحاً: الاخافة والتوعد بالعقوبة.[17]
أما تعريفه الإجرائي فهو:" زرع الخوف في النفس بالضغط على إرادة الإنسان وتخويفه من أضرار ما ، قد تلحق به أو بأشخاص أو أشياء تمت له بصلة ".[18]
الابتزاز: تعريفه لغة: ابتزَّ يبتَزّ، ابتَزِزْ/ ابتَزَّ، ابتِزازًا، فهو مُبتَزّ، والمفعول مُبتَزّ.
وتعريفه اصطلاحاً: الحصول على المال أو المنافع من شخص تحت التَّهديد بفضح بعض أسراره أو غير ذلك.[19]
وأما تعريفه الإجرائي فهو: محاول للإكراه وسلب الإرادة والحرية وإيقاع الأذى الجسدي أو المعنوي على الضحايا عن طريق وسائل يتفنن الجاني في استخدامها لتحقيق جرائمه الأخلاقية أو المادية أو كليهما معاً.[20]
ثانياً: التجريم:
إن تجريم هذا الفعل يعود إلى ما قد يسببه من آثار ضارة على ضحايا الابتزاز خصوصاً ، وعلى محيطهم الأسري والاجتماعي بشكل عام ، وأهم هذه الآثار المترتبة على الابتزاز والتي تجعل من تجريمه أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الأمن الأسري والاجتماعي ما يلي[21]:
هدم حياة الأشخاص ضحايا الابتزاز.
تعرض الضحايا للأمراض والأزمات النفسية.
تعرض الأسر لمخاطر التفكك والانفصال.
انتشار الجريمة في المجتمع وفقدان الأمن والطمأنينة.
وبالتالي فإن تجريم هذا الفعل قانوناً وترتيب العقوبة عليه في غاية المناسبة والحكمة نظراً لما فيه من النفع العظيم للمجتمع ، ودفع الضرر عنه.
ونجد أن القانون قد جرم هذا الفعل ورتب عليه عقوبات ، والمواد التي تعلقت بهذه الحالة تشير إلى تجريم:
كل من هدد غيره بأن يلحق به أي نوع من أنواع الضرر بأي وسيلة توحي بالعزم على الاعتداء على النفس أو السمعة أو المال ، قاصداً بذلك حمل المجني عليه على القيام بعمل أو الامتناع عنه.
كل من تسبب في مضايقة أو إزعاج الآخرين أو تلفظ بعبارات منافية للآداب أو الأخلاق عن طريق استعمال أجهزة الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الوسائط الإلكترونية أو أي وسيلة أخرى.
ثالثاً: العقاب:
إن التهديد والابتزاز جريمة واضحة المعالم ، وبناء عليه فإن المتهم يستحق العقوبة ، وقد بين قانون العقوبات في عدد من مواده استحقاق المتهم للعقاب ، حيث تضمنت هذه المواد نصوصاً توضح العقوبة ، وذهبت هذه المواد إلى الحكم على المتهم بالسجن لمدة لا تتجاوز الثلاث سنوات ، وغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال ، وهذا ما يخص جزئية تهديده للآخرين ، أما الابتزاز فلم يرد ذكره في قانون العقوبات القطري الصادر عام 2004م ، بينما كان موجوداً في قانون العقوبات الصادر عام 1971م ، والذي ألغي عام 2004 ، وقد نص على أن عقوبة الابتزاز تتراوح ما بين ما لا يزيد على ثلاث سنوات إلى ما لا يزيد على عشر سنوات وفق ما سيأتي من تفصيل ، وهناك عقوبة أخرى قابلة لأن تطبق على المتهم بالابتزاز نظير مضايقته وإزعاجه للآخرين باستخدام الوسائط الإلكترونية ، وهي الحبس لمدة لا تزيد على ستة أشهر ، والغرامة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال.
وفيما يلي ذكر المواد القانونية بالتفصيل [22]:
تنص المادة رقم (293) من قانون العقوبات على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر، وبالغرامة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تسبب في مضايقة أو إزعاج الآخرين أو تلفظ بعبارات منافية للآداب أو الأخلاق عن طريق استعمال أجهزة الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الوسائط الإلكترونية أو أي وسيلة أخرى ". إن أغلب حالات الابتزاز هذه الأيام تتم بواسطة الأجهزة الإلكترونية السلكية واللاسلكية ، وتؤدي بطبيعة الحال إلى إزعاج الضحايا بأشكال وأساليب مختلفة من ضمنها العبارات المنافية للآداب ، وهذا ما يجعل هذه المادة منطبقة على من يقدم على هذه الجريمة.
تنص المادة رقم (325) من قانون العقوبات على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من هدد غيره بإلحاق الضرر بنفسه أو سمعته أو ماله، أو بنفس أو سمعة أو مال شخص يهمه أمره، سواء كان التهديد كتابياً أو شفوياً أو عن طريق أفعال توحي بالعزم على الاعتداء على النفس أو السمعة أو المال، قاصداً بذلك حمل المجني عليه على القيام بعمل أو الامتناع عنه ". ويبدو واضحاً أن المتهم بالابتزاز يقوم تهديد ضحاياه بأن ينشر صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أو أي أمور أخرى تخصهم ، هادفاً من وراء ذلك إلى إرغامهم على إتيان فعل بغير إرادتهم ، ويكون ذلك بجعلهم يدفعون له أموالاً مقابل قيامه بمسح ما لديه من أشياء تخصهم أو تمس سمعتهم ، وهو بهذا يكون عازم على أن يعتدي على سمعتهم وأموالهم بعد أن اعتدى على خصوصياتهم.
وأما المواد الواردة في قانون العقوبات القطري 1971م والذي ألغي عام 2004م فهي [23]:
كل من يرتكب جريمة الابتزاز، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال أو بالعقوبتين معا.
كل من يرتكب جريمة الابتزاز بأن يبعث في نفس أي شخص الخوف من موت أو أذى بليغ يصيبه أي شخص آخر يهمه أمره أومن اتهامه أو اتهام أي شخص آخر يهمه أمره بأنه ارتكب جناية، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات.
كل من يرتكب جريمة الابتزاز بأن يبعث في نفس أي شخص الخوف من اتهامه أو اتهام أي شخص آخر يهمه أمره، بأنه ارتكب أو شرع في ارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام أو الحبس المؤبد، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات.
وهذه جملة من العقوبات المتوقعة على من يقدم على جريمة الابتزاز ، ويتوقع – حسب المسؤولين - أن يشتمل قانون الجرائم الإلكترونية القطري الجديد[24] على عقوبات رادعة بحق من يقدم على جريمة الابتزاز.
المطلب الرابع: الاختراق:
أولاً: التعريفات:
الاختراق لغة: " (خرق) الثوب و (خرقه) (فانخرق) و (تخرق) و (اخرورق) ويقال في ثوبه (خرق) وهو في الأصل مصدر ".[25]
وتعريف الاختراق اجرائياً: إمكانية الوصول إلى جهاز مملوك للغير بطرق غير شرعية ، بهدف التطفل أو السرقة أو التزوير.[26]
أما التعريف الاصطلاحي: " هو إمكانية الوصول إلى أهداف معينة بطرق غير شرعية عن طريق ثغرات في النظام ". [27]
ثانياً: التجريم:
إن المتهم في هذه القضية قد يقوم بزراعة فيروس في حاسب آلي مملوك للغير يترتب عليه الاستيلاء على معلومات هذا الحاسب الآلي الخاص بمؤسسة أو فرد ما ، وبالتالي يتمكن المتهم من تحويل ما يشاء من المعلومات والمبالغ المالية وغيرها ، وأخطر عمليات الاختراق هي التي يقدم فاعلوها على سرقة الأموال ، وهذا الفعل هو بذاته ما يطلق عليه " عملية التحويل الإلكتروني غير المشروع للأموال من خلال الحصول على بيانات الدخول المدرجة في أنظمة الحاسب الآلي الخاص بالمجني عليه ودخول النظام للقيام بعملية التحويل".[28]
وقد كان للقانون موقف واضح من تجريم هذا الفعل ، وترتيب العقوبة على من أقدم عليه ، ونجد ذلك من خلال المواد القانونية الواردة في قانون العقوبات ، والتي نصت على تجريم " كل من توصل بطريق التحايل إلى نظام المعالجة الآلية للبيانات المحفوظة في جهاز حاسب آلي ، أو ضبط داخله ، أو في أي جزء منه بدون وجه حق ، أو أدخل عمداً بطريق مباشر أو غير مباشر ، بيانات في نظام المعالجة الآلية الخاص بشخص أو بجهة ما ، أو دمر أو عدل البيانات التي يحتويها أو طريقة معالجتها أو نقلها ، أو غير في الحقيقة أو عدل في المعلومات أو البيانات ، أو البرامج المخزنة في جهاز حاسب آلي مملوك للغير ، أو حذف بعضها عن طريق استخدام الفيروس ، أو أي طريق آخر غير مشروع ، أو استخدم الحاسب الآلي في التلاعب سواء عن طريق إدخال معلومات زائفة أو عن طريق العبث بالبرامج.[29]
ثالثاً: العقاب:
رتب القانون عقوبات مناسبة على هذه الجريمة ، حيث نصت المواد القانونية المتعلقة بها على معاقبة المتهمين بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ، وبالغرامة التي لا تتجاوز عشرة آلاف ريال في بعض الحالات ، وهذا فيما يخص اختراق الحاسب الآلي الخاص ، أما مسألة تحويل للأموال ، فإن العقوبة المطبقة عليهم تكون بالحبس مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات نظرا لاستيلائهم على اموال مملوكة للغير.
وفيما يلي نصوص المواد القانونية مفصلة [30]:
نصت المادة رقم (371) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من توصل بطريق التحايل إلى نظام المعالجة الآلية للبيانات المحفوظة في جهاز حاسب آلي، أو ضبط داخله، أو في أي جزء منه، بدون وجه حق ". وهذا ما يحدث فعلاً من قبل المتهم في قضية كهذه ، حيث يستخدم الحيلة للوصول غير الشرعي إلى النظام الخاص بالغير ، وبالتالي يكون المتهم هنا مستحقاً للعقوبة المذكورة.
نصت المادة رقم (373) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من أدخل عمداً، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بيانات في نظام المعالجة الآلية الخاص بشخص أو بجهة ما، أو دمر أو عدل البيانات التي يحتويها أو طريقة معالجتها أو نقلها. وهذا ما يفعله المتهم بمثل هذه القضية ، حيث يقوم بإدخال بيانات ما ، أو يدمر البيانات أو يعدل عليها بطريقة تمكنه من الولوج إلى النظام ، وبذلك تكون العقوبة المتراوحة ما بين سنة إلى ثلاث سنوات مناسبة له لردعه وردع غيره عن هذه الجريمة.
نصت المادة رقم (378) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، كل من غير في الحقيقة أو عدل في المعلومات، أو البيانات، أو البرامج المخزنة في جهاز حاسب آلي مملوك للغير، أو محا بعضها عن طريق استخدام الفيروس، أو أي طريق آخر غير مشروع. إن كل مخترق لا بد له – غالباً – من فيروس يزرعه في الحاسب الآلي الخاص بالضحية ليتمكن من اختراقه والعبث به ، وهو بذلك يستحق العقوبة نظير عبثه بممتلكات الآخرين.
نصت المادة رقم (379) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، كل من استخدم حاسباً آلياً في طريق التلاعب سواء عن طريق إدخال معلومات، أو بيانات زائفة أو غير حقيقية، أو عن طريق العبث بالبرامج ". وهذه المادة لا تختلف كثيراً عن المادة (373) ، حيث تتضمن كل عبث غير مشروع بالأجهزة والبرامج ، وهو ما يفعله المتهمون عادة في قضية كهذه.
نصت المادة رقم (354) على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه، أو لغيره، على مال منقول، أو سند مثبت أو مخالصة، أو إلى إلغاء هذا السند أو إتلافه أو تعديله، وذلك باستعمال طرق احتيالية، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه ". إن المتهمين في مثل هذه القضية قد يقومون بالاستيلاء على أموال لا تخصهم ، منتحلين في سبيل ذلك أسماء غير صحيحة بهويات مزورة ، وبالتالي تنطبق عليهم هذه المادة ، ويستحقون العقاب بموجبها.
المطلب الخامس: السرقة الإلكترونية:
أولاً: التعريفات:
السرقة لغة: من سرَقَ يَسرِق، سَرِقَةً وسَرَقًا، فهو سارِق، والمفعول مَسْروق.[31]
واصطلاحاً:" أخذ الشيء من الغير على وجه الخفية ".[32]
وأما التعريف الاجرائي: هي اختلاس شيء منقول مملوك للغير دون رضاه بقصد حيازته ، وذلك بواسطة جهاز إلكتروني سلكي أو لا سلكي.[33]
ثانياً: التجريم:
إن تجريم السرقة الإلكترونية منطلق من كون المتهم يقوم باختلاس معلومات وبيانات الضحايا من أجل الإفادة منها في سرقة أموالهم المودعة في البنوك[34] ، أو مواد أخرى مودعة في حواسيبهم الآلية - مثل الصور ومقاطع الفيديو – قاصداً استغلالها بشكل مخالف للقانون ، وهذا بكل تأكيد يعد اعتداءً سافراً على الآخرين ، ومساس بخصوصياتهم على نحو سيء ، وقد جرم القانون القطري هذا الفعل ، إلا أن قانون العقوبات القطري الصادر عام 1971م والذي ألغي عام 2004م ، وكذلك قانون العقوبات الصادر عام 2004م لم يشتملا على أي مادة تتعلق بالسرقة الإلكترونية ، ولكن هناك مواد تتعلق بالسرقة عموماً قد تكون منطبقة بصورة ما على السرقة الإلكترونية ، وقد حاولنا الاطلاع على مسودة قانون الجرائم الإلكترونية الجديد ولكن لم يكن ذلك ممكناً ، وقد نصت المواد الواردة بشأن السرقة في قانون 2004 على تجريم " كل من ارتكب جريمة سرقة باستعمال مفاتيح مصطنعة ، أو صحيحة بغير موافقة صاحبها ، أو بانتحال صفة عامة أو كاذبة أو بادعاء أنه قائم بوظيفة عامة "[35] ، ونصت كذلك على تجريم " كل من قلد مفاتيح أو غير فيها أو صنع آلة ما توقع استعمالها في ارتكاب جريمة أو كان محترفاً صنع هذه الأشياء "[36] ، والمفاتيح المذكورة هنا هي أشبه بالكلمات السرية في المواقع الإلكترونية ، وأما صناعة الآلة فهي أشبه بصناعة برامج الاختراق والفيروسات.
ثالثاً: العقاب:
بالنظر إلى التشبيه الذي ذكرناه بكون المفاتيح أشبه بالكلمات السرية ، والآلات أشبه بالبرامج الخاصة بالاختراق والفيروسات ، فإن العقوبات المستحقة والمتوقعة تتراوح ما بين السجن لمدة سنة إلى ثلاث سنوات ، فالسجن لمدة لا تجاوز الثلاث سنوات يكون بالنسبة لمن يرتكب جريمة استعمال المفاتيح المصطنعة أو الصحيحة بغير موافقة أصحابها ، أما السجن لمدة سنتين فيكون بالنسبة لمن كان محترفاً في صنع المفاتيح والآلات.[37]
[1] د. مختار أحمد ، معجم اللغة العربية المعاصرة ، ج 2 ، ص 1243.
[2] المرجع السابق ، ج 2 ، ص 1243.
[3] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 53.
[4] المرجع السابق ، ص 37
[5] الدستور الدائم لدولة قطر 2004 ، المادة ( 37 ).
[6] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (326 ، 331).
[7] المرجع السابق ، المواد ( 21 ، 22 ، 23 ، 24 ).
[8] المرجع السابق ، المواد (293 ، 326 ، 331).
[9] ابن منظور ، لسان العرب ، ج 11 ، ص 186.
[10] قلعجي محمد رواس – قنيبي حامد صادق ، معجم لغة الفقهاء ، ص 46.
[11] د. مختار أحمد ، معجم اللغة العربية المعاصرة ، ج 1 ، ص 587.
[12] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 47.
[13] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (371 ، 379 ، 381).
[14] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (371 ، 379 ، 381).
[15] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 48.
[16] د. مختار أحمد ، معجم اللغة العربية المعاصرة ، ج 2 ، ص 2332.
[17] قلعجي محمد رواس – قنيبي حامد صادق ، معجم لغة الفقهاء ، ص 49.
[18] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 50.
[19] د. مختار أحمد ، معجم اللغة العربية المعاصرة ، ج 1 ، ص 200.
[20] بن حميد صالح ، الابتزاز ( المفهوم والواقع ) – بحوث ندوة الابتزاز بجامعة الملك سعود ، ص 14.
[21] العبدلي محمد فنخور ، ورقة بحثية :ظاهرة الابتزاز ، ص 6.
[22] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (293 ، 325).
[23] قانون العقوبات القطري 1971 ( ملغي ) ، المواد (222 ، 223 ، 224).
[24] لم يتسنى لنا الاطلاع على مسودته.
[25] الرازي محمد بن أبي بكر ، مختار الصحاح ، ص 90.
[26] الدباسي روان محمد ، مقال : الاختراق والجرائم الإلكترونية.
[27] المرجع السابق
[28] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 50.
[29] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (371 ، 377 ، 378).
[30] قانون العقوبات القطري 2004 ، المواد (354 ، 371 ، 373 ، 378 ، 379).
[31] د. مختار أحمد ، معجم اللغة العربية المعاصرة ، ج 2 ، ص 1060.
[32] الجرجاني علي بن محمد ، التعريفات ، ص 118.
[33] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 47 بتصرف.
[34] يوسف صغير ، الجريمة المرتكبة عبر الانترنت ، ص 48 بتصرف.
[35] قانون العقوبات القطري 2004 ، المادة (343).
[36] قانون العقوبات القطري ، المادة (348).
[37] المرجع السابق.