مقدمة
تعتبر المحاكمة العادلة أحد الاعمدة الاساسية التي تهدف إلى حماية الانسان من التعسف و الشطط في استعمال السلطة والتمييز، و تعد كذلك من أهم مواضيع حقوق الانسان وهي أصيل مؤشر على مدى احترام الدولة لحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا و قياساً في بناء دولة القانون1. و المحاكمة العادلة تكمن في سالمة الاجراءات المسطرية التي تباشر عند محاكمة كل شخص و مطابقتها للقانون بالاضافة إلى تكيف القانون و جعله منسجما مع المبادئ المتفق عليها و التي تضمن و تصون حقوق الانسان. وقد عمل الدستور المغربي الجديد على وضع مجموعة من المبادئ لتأطير مفهوم المحاكمة العادلة وعمل على تقويتها بمجموعة من الضمانات.
ومنه فالمحاكمة العادلة في القانون المغربي اليوم أصبحت تستمد مرجعيتها من الدستور الجديد الذي عمل على تكريسها في الفصل 23 منه والدي ينص على " قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة مضمونان" و هذه الضمانة ثم ترسيخها في الفصل 120 من الدستور والذي أكد على أن "لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر في أجال معقول".
والدستور المغربي في هذا الاطار أقر مجموعة من الضمانات، منها ما هو قانوني ومنها ما هو قضائي و ذلك من أجل تفعيل ناجع لمضامين المحاكمة العادلة. لعل أهم الضمانات القانونية التي يتضمنها الدستور المغربي للمحاكمة العادلة نجدها في صلب تصديره حيث ثم إقرار ولأول مرة سمو المواثيق الدولية على القانون الوطني ما لم يكن هناك مخالفة إلحكام الدستور والقانون الوطني والهوية الوطنية وهدا يعني أن مصادقة المغرب على الاعالن العلمي للحقوق الانسان وما يتضمنه من ضمانات في مادته 10 ومصادقته للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وما تتضمنه من ضمانات للمحاكمة العادلة في إطار المادة 14 تسمو على القوانين الوطنية كما ركز دستور 2011 على اعتباره هدا التصدير جزءا لا يتجزأ من الدستور.
و الفصل السادس من الدستور أتى بمجموعة من الضمانات المهمة في المحاكمة الجنائية حيث يؤكد هدا الفصل على )أن القانون يعتبر أسمى تعبير عن الامة والجميع أشخاص ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له( أما فيما يتعلق بالضمانات القضائية فقد نص الدستور الجديد ولأول مرة اعترافا بالسلطة القضائية كسلطة مستقلة عن باقي السلط حيث ثم الارتقاء بالقضاء من الوظيفة إلى سلطة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية.
و انطالقا مما سبق فالاشكال الرئيسي الذي سنعالجه في هذا الموضوع كالتالي: ما هو دور مبدأ المساواة و مبدأ استقالل القضاء في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة ؟
و الاجابة على هذه الاشكالية سنعتمد على منهج تحليلي يقوم على جمع المعلومات و تأصيلها و تحليل النصوص القانونية، و الضرورة المنهجية المعتمدة الاجابة على هذه الاشكالية يقتضي تقسيم الموضوع حسب التصميم التالي:
المبحث الاول: استقالل القضاء كدعامة لمحاكمة عادلة
المبحث الثاني: مبدأ المساواة ضمانا للمحاكمة العادلة