رسالة ماستر بعنوان مؤسسة السنديك في إطار نظام مساطر صعوبات المقاولة
نتيجة للتحولات الاقتصادية الكبرى وما واكبها من تغييرات، سواء على مستوى المفاهيم أو حجم المعاملات الاقتصادية والاجتماعية عمل المغرب على إدخال عدة إصلاحات همت على الخصوص المجالات التي لها ارتباط بميدان المال والأعمال، وذلك بهدف تحسين الأسس والقواعد التي تساعد على بناء اقتصاد قوي، وترسيخ مبادىء الحكامة في الميدان الاجتماعي، ومن ثم كان لزاما على المغرب أن يعمل على توفير الأرضية المناسبة عن طريق وضع آليات تهدف إلى إقرار مناخ قانوني واقتصادي، قادر على جلب الاستثمارات الأجنبية، وفي الوقت نفسه تشجيع الاستثمارات الداخلية أو الوطنية. لذلك أضحت قضايا تشجيع الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وحماية الاستثمارات الوطنية والأجنبية محورا مركزيا في السياسات العمومية الهادفة لتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي للشعوب الأمر الذي نتج عنه تقدم المغرب إلى الرتبة 53 عالميا في مؤشر "ممارسة الأعمال 2020 Doing Business الصادر عن البنك الدولي، من خلال تسجيله
رابط التحميل اسفل المقال
______________________
مقدمة:
نتيجة للتحولات الاقتصادية الكبرى وما واكبها من تغييرات، سواء على مستوى المفاهيم أو حجم المعاملات الاقتصادية والاجتماعية عمل المغرب على إدخال عدة إصلاحات همت على الخصوص المجالات التي لها ارتباط بميدان المال والأعمال، وذلك بهدف تحسين الأسس والقواعد التي تساعد على بناء اقتصاد قوي، وترسيخ مبادىء الحكامة في الميدان الاجتماعي، ومن ثم كان لزاما على المغرب أن يعمل على توفير الأرضية المناسبة عن طريق وضع آليات تهدف إلى إقرار مناخ قانوني واقتصادي، قادر على جلب الاستثمارات الأجنبية، وفي الوقت نفسه تشجيع الاستثمارات الداخلية أو الوطنية. لذلك أضحت قضايا تشجيع الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وحماية الاستثمارات الوطنية والأجنبية محورا مركزيا في السياسات العمومية الهادفة لتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي للشعوب الأمر الذي نتج عنه تقدم المغرب إلى الرتبة 53 عالميا في مؤشر "ممارسة الأعمال 2020 Doing Business الصادر عن البنك الدولي، من خلال تسجيله تقدم بحوالي 7 نقاط مقارنة مع السنة التي قبلها.
مما لا شك فيه أنه لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه يتوجب الاهتمام بالمقاولة، بالنظر لما تشكله من دور محوري في توفير البيئة الآمنة للاستثمار والرفع من جاذبية مناخ الأعمال، وذلك من خلال وضع قواعد قانونية قادرة على حماية المقاولة من كل الصعوبات التي يمكن أن تعرقل استمراريتها، وهو ما سعى المشرع المغربي إلى تحقيقه من خلال نظام صعوبات المقاولة، الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة الاقتصادية العامة، من خلال تكريسه المجموعة من المساطر والقواعد التي تتوخي ضمان استمرارية نشاط المقاولة والمحافظة على مناصب الشغل بها بالموازاة مع تصفية الخصوم وتشكل المقتضيات القانونية المتعلقة بمساطر صعوبات المقاولة المرأة التي تعكس فلسفة المشرع وغاياته من من هذا النظام، والتي أقل ما يمكن القول عنها أنها نظام ذو طابع اقتصادي بامتياز كونه
بعد صمام الأمان بالنسبة للدولة للحفاظ على قوتها والسلم الاجتماعي داخلها. كما يكتسى النظام المذكور أهميته من خلال البدء في العمل به قد واكبه بعد فترة تقل عن سنة، تنصيب المحاكم التجارية المحدثة لأول مرة في المغرب بمقتضى القانون رقم 53.95 هذه المحاكم التي تختص وحدها، في ظل التشريع المغربي بالنظر في دعاوي صعوبات المقاولة والتي تتم المراهنة عليها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وذلك باعتبارها تشكل قضاء متخصصا وسريعا وفعالا في ذات الوقت.
وقد أوكل المشرع المغربي مهمة السهر على تحقيق الأهداف المتمثلة في ضمان استمرارية المقاولة والمحافظة على مناصب الشغل بها، وتصفية الخصوم للقضاء التجاري، حيث لم يعد دور هذا الأخير يتقصر على فض النزاعات بين الأطراف من منظور الخصومة التقليدية، بل أصبح موكولا له في إطار نظام صعوبات المقاولة، اتخاذ قرارات في التسيير، وإعمال اختيارات في الاقتصاد كما لم يعد القاضي في هذه الصلاحيات الجديدة يحكم بالقانون فقط وإنما أصبح يبت في النازلة بمقتضى سلطة الملاءمة والتقدير في تبني الاختيار الأنسب الوضعية المقاولة ومصيرها.
ان السلطات الجديدة المسندة القضاء التجاري جعلته ينتقل من طابعه المحايد المعترف له بالمسافة الواحدة بين أطراف النزاع إلى اعتباره قضاء موجها وقضاء تدخليا، حيث تم إقحامه في أتون المقاولة، وتم تكليفه بمهام جديدة قد تبدو غريبة، بل تحيد به عن الوظائف التقليدية المنوطة به، وأصبح بالتالي جهازا مستقلا يتولى مساعدة المقاولة" عوض الإكتفاء بحماية المصلحة الخاصة للدائنين.
وتجدر الإشارة إلى أن مساطر صعوبات المقاولة لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بوجود أجهزة أكفاء فعالة وديناميكية تستطيع تحقيق الغرض منها، ولعل من أبرز هذه
الأجهزة هو جهاز السنديك الذي يعتبر من أهم محركات مساطر صعوبات المقاولة وأبرزها على الإطلاق، وإحداثه جاء تعبيرا عن التوجه الحديث الذي كرسته مدونة التجارة وفلسفتها الجديدة خصوصاً في مجال التركيز على الدور الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة وبعد جهاز السنديك بمثابة المحرك والمفتاح الأساسي للآلة الاقتصادية والاجتماعية للمقاولة التي تعاني من صعوبات توجب إخضاعها لمساطر الانقاذ والتسوية القضائية أو التصفية القضائية حيث تعينه المحكمة التجارية بموجب الحكم المفتتح للمسطرة القضائية، كما أنه يتقمص في الآن نفسه دور الدفاع عن مصالح الدائنين وحماية حقوقهم ومن تم يجب عليه الحرص على التوفيق بين مصالح المقاولة ومصالح الدائنين والتحلي بروح النزاهة والاستقلال دون تحيز لأي طرف بعبارة أخرى فإنه بمجرد أن تعين المحكمة جهاز السنديك يجد نفسه يدافع على حماية مصلحتين أساسيتين متعارضتين هما: مصلحة المقاولة من جهة والتي تتمثل من خلال ممارسته مجموعة من الصلاحيات منها على سبيل الذكر إعداد تقرير الموازنة والقيام بالإجراءات التحفظية وممارسة دعاوى البطلان، ومصلحة الدائنين من جهة ثانية من خلال رئاسة جمعيتهم وتلقي التصريح بالديون وتحقيقها واستشارة
الدائنين بخصوص التخفيضات والأجال إلى غير ذلك من الصلاحيات، كل ذلك بغية التوفيق بين هاتين المصلحتين وعدم التحيز المصلحة على حساب أخرى كما سبق وأن أشرنا.
........
إشكالية البحث:
لعل من أهم الإشكالات التي عرفها التطبيق العملي لمقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة ولا زالت تلك المتعلقة أولا بمدى توفر الشروط الضرورية في شخص السنديك لتتماشى مع مجال المال والأعمال، وثانيا مدى قدرته على العمل في ظل جو غريب عنه ومع أشخاص لهم مصالح متعارضة، ومدى قدرته على التوفيق بينهم 10، مع العلم أن عدم الكفاءة والإلمام بمختلف المعارف القانونية والمحاسبية، وكذلك ضعف التكوين في مجال التسيير والتدبير المقاولاتي تكون له نتائج عكسية وسلبية على ضمان استمرارية نشاط المقاولة، إضافة إلى الصلاحيات المتعددة الممنوحة له والتي تهدف بالأساس كما سنرى لاحقا إلى حماية المقاولة وحماية حقوق الدائنين، وانعكاس هذه الصلاحيات على مستوى إمكانية قيام مسؤوليته، فكل هذه النقط الأساسية تجعلنا نخرج بإشكالية جوهرية ورئيسية مفادها كالآتي:
إلى أي حد توفق المشرع المغربي في خلق إطار قانوني متين لمؤسسة السنديك بالشكل الذي يجعله يحقق التوازن بين حماية مختلف الأطراف المرتبطة بالمقاولة الخاضعة للصعوبات؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية، أسئلة فرعية وهي كالآتي:
1. إلى أي حد استطاع جهاز السنديك حماية المقاولة بالشكل الذي يضمن استمراريتها؟ 2 مدى فعالية جهاز السنديك في اختيار الحلول المناسبة لوضعية المقاولة؟ 3 هل جهاز السنديك قادر على حماية حقوق مختلف المصالح المرتبطة بالمقاولة
خاصة الدائنين والأجراء، بالنظر لحجم الصلاحيات المسندة إليه؟
.4 إلى أي حد يمكن مساءلة جهاز السنديك في نظام معالجة صعوبات المقاولة؟
مناهج البحث:
كما هو معلوم فإن دراسة المواضيع ذات الصبغة القانونية تقتضي الاعتماد على بعض المناهج العلمية التي يكون اعتمادها جد مهم ومفيد بالنسبة لأي باحث، وقد قمنا من خلال أخص بالذكر المدين رئيس المقاولة والدائنين.
دراستنا لموضوع مؤسسة السنديك في إطار نظام صعوبات المقاولة بالاعتماد على المنهج الاستنباطي، وذلك بالانتقال من العام إلى الخاص، وأيضا المزاوجة بين المنهج الوصفي والمنهج التحليلي، وذلك من أجل الوقوف على واقع التنظيم القانوني لمؤسسة السنديك من حيث مهام هذا الأخير ومسؤولية المترتبة عنه في حالة الإخلال بواجبه الملقى عليه وتفسير وتحليل مجموعة من النصوص القانونية، وبعض الأحكام والقرارات القضائية من أجل استخراج أهم مضامينها والثغرات التي عرفتها وانتقاد ما يمكن نقضه، إلى جانب ذلك اعتمادنا منهجا آخر لا يقل أهمية عن سابقه، يتمثل في المنهج المقارن، إذ قمنا بالمقارنة بين التشريع المغربي والفرنسي والمصري في مجال نظام مساطر صعوبات المقاولة من أجل تبيان أهم النقط المشتركة بينهم والفوارق الموجودة في كل تشريع دون أن ننسى الإشارة إلى بعض الآراء الفقهية المختلفة والمتضاربة والمتضادة .
خطة البحث:
من خلال ما سبق، نرى أن مؤسسة السنديك متواجدة في جل مراحل المسطرة ابتداء من تاريخ النطق بالحكم القاضي بافتتاحها إلى غاية تاريخ النطق بالحكم بقفلها، ما حتم علينا لكي نلم بجميع جوانب هذا الموضوع أن نعتمد على التقسيم الآتي:
الفصل الأول : أدوار السنديك خلال المرحلة الانتقالية.
الفصل الثاني : أدوار السنديك بعد المرحلة الانتقالية وتبعات اختصاصاته من ناحية المسؤولية.
____________________
رابط التحميل :
https://drive.google.com/file/d/1D-Qhyqvf4_EE16znCCAKpYvv5ZnG2pWx/view?usp=drivesdk