مستقبل المحكمة الرقمية بالمغرب
إذا نحن استعملنا كلمة "الرقمنة" كمفهوم تقني، في سياق قانوني محض، فمن الممكن أن نسقطه على العديد من النظريات القانونية ابتداء بالعقود الذكية smart contrat ، إلى جانب العديد من العمليات المالية الواقعة في السوق المالية، وأيضا على مستوى الملكية الأدبية والفكرية، وانتهاء برهان رقمنة مرفق المحاكم، بما يفيد بشكل أشمل Justice digitale-numérique رقمنة العدالة
رابط التحميل اسفل التقديم
_______________________
تقدم:
إذا نحن استعملنا كلمة "الرقمنة" كمفهوم تقني، في سياق قانوني محض، فمن الممكن أن نسقطه على العديد من النظريات القانونية ابتداء بالعقود الذكية smart contrat ، إلى جانب العديد من العمليات المالية الواقعة في السوق المالية، وأيضا على مستوى الملكية الأدبية والفكرية، وانتهاء برهان رقمنة مرفق المحاكم، بما يفيد بشكل أشمل Justice digitale-numérique رقمنة العدالة
في هذا السياق، إن اعتماد مشروع الرقمنة يمكن الاعتماد عليه انطلاقا من الدور الهام والحاسم للتقنيات الحديثة في ضمان السرعة والمرونة، ومن تم مسايرة التجارب المقارنة ومحاولة اللحاق بها، وأيضا من عجز الوضعية الحالية في حماية الحقوق والحريات، وتحقيق العدالة كأفق
نهائي. وعليه؛ يظهر أن تحقيق العدالة لم تعد تحكمه المحددات القانونية لوحدها، بل أضحت تحديات الرقمنة توجه عملية إنتاج العدالة بشكل متين. وحيث إن النقاش الحقيقي لا يبدأ إلا من خطورة الرهان 307 خصوصا أمام ما نعيشه حاليا من اعتداء على عدالة المعتقلين بعد الاعتماد على تقنية المحاكمات عن بعد كليا، دون أسس أو رؤى سابقة لهذا الغمار، وحيث إن رهان العدالة الرقمية لا يمكننا من معرفة إمكانية نجاحه من عدمه إلا بإفساح المجال أمام دراسات نظرية، فلا بأس من التفاعل مع جدية هذا الموضوع في أفق أن يفتح التفاعل معه أشكالاً أخرى لحلول مستجدة.
صحيح أن هذه التقنيات الجديدة تحمل في ثناياها الكثير من الأمل لعلها سوف تسمح بمعالجة فعالة للقضايا الرائجة أمام القضاء، كما ستمكن المتقاضي من الولوج إلى المحاكم دون الحاجة إلى التنقل من مكانه، ومتابعة تطور قضيته في أي وقت شاء، بل حتى مساءلة 308 السلطة القضائية عن مصير قضيته. وعلى النقيض من ذلك أيضا، فإنها قد تشكل خطراً كبيراً، يتمثل في تجريد العدالة من الكفاءة الإنسانية، إذ أنها قد تعيق المبادئ الأساسية التي من المفروض أنها محصنة، وفي مقدمتها حق المتقاضي في التواصل المباشر مع اجهاز القضائي. فكل حكم قضائي، هو قبل كل شيء حدث 109 . بل أكثر من ذلك، فكون العدالة الرقمية تتطلب تجسيدا لا ماديا بالضرورة للقضاء، فهي تهاجم إذا بعداً
رمزياً لسيادة الدولة 310.
قد يعترض على هذا الطرح، بكون أن العدالة في وضعها الحالي، والكفاءة الإنسانية من جهة أخرى، ترتبطان في الاذهان بالشح والنذرة والبطء في صناعة العدالة، بمفهوم آخر أكثر وضوحاً بقلة الإنتاج ونذرة الإبداع. وأنه قلما يُفهم أن تمظهرات الرقمنة تسعى دوما نحو التجديد والابتكار، وأنها ما تفتأ تكتشف أو تبتدع طرقا جديدة لاستغلالها في شتى المجالات، بما فيها إنتاج العدالة. وكون المجتمعات التي تتبناها تغدوا بسرعة، أكثر إنتاجاً وثراء، على خلاف التجارب التي تظل وفية لتقنياتها التقليدية، فهي تفتقر تدريجيا، بل تغدو دائما عرضة لخطر التأثير على العدالة نفسها، وكونها ستنهزم في أول امتحان، وأن تأخرها في استغلال الرقمنة، سيجعلها لا تساير بنفس الكيفية تجارب الدول التي سبقتها في صناعة عدالة رقمية كمنتوج جديد.
إن هذه المستحدثات الرقمية كمنتوج أو بديل، تثير ما يكفي من الاستغراب والانذهال باعتبارها عرضة على الإدراك الحسي غير الملموس، فيبقى من الصعب الحكم عليها دون تجريبها. وحيث إن التجارب الرقمية في المغرب لا تزال في بداية التحدي أو التحول الرقمي، من تم يصبح كل حكم تجاهها - سابقا - ، أو يمكن تسميته بردود فعل استباقية، لكن هذا لا يمنع من التحليل النظري إلى حين - اختمار - التنزيل التطبيقي.
وعليه؛ وتأسيسا على ما سبق يمكن مقاربة موضوع هذه الورقة البحثية من خلال طرح إشكال محوري يتجلى في استشراف حدود تنزيل ورش الرقمنة بالمحاكم المغربية ومدى مساهمته في بلوغ حكامة قضائية تكون مدخلا من مداخل بلوغ التنمية المستدامة.
أولا : المحاكم الرقمية: تحدي المستقبل
_______________
رابط التحميل :
https://drive.google.com/file/d/1Bd1L2sID9TM6aXjxYlFnHI1PA5gNu8Bm/view?usp=drivesdk