المسؤولية عن فعل المباني في القانون المغربي
مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية
وإذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء، إما بمقتضى عقد، أو بمقتضى حق انتفاع أو أي حق عيني آخر، تحمل هذا الشخص المسؤولية.
وإذا قام نزاع على الملكية، لزمت المسؤولية الحائز الحالي للعقار.
"يتبين أن قيام هذه المسؤولية يستلزم تحقق شرطين أولهما أن يتولى شخص حراسة بناء وهو ما اصطلح عليه فقهاء الشريعة الإسلامية بالشخص القادر على التصرف ورفع الضرر ويملك النقض، وثانيهما أن يحدث التهدم ضررا للغير.
وتتعدد الحراسة في هذا الصدد على النحو الذي سبق أن بسطناه عند التطرق لمسؤولية حارس الحيوان، ليكون حارس البناء هو من له السيطرة الفعلية عليه، فيكون مكلفا بحفظه وتعهده بالصيانة والاستيثاق بأنه ليس قديما ولا معيبا، بحيث يتهدد الناس بالخطر، ويكون هو المتصرف في أمره، سواء ثبتت هذه السيطرة الفعلية بحق أو بغير حق، أي سواء كانت السيطرة شرعية أو غير شرعية، مادامت سيطرة فعلية قائمة .
والأصل أن يكون الحارس هو مالك البناء، بمعنى أنه لا يطالب المضرور إثبات هذه الصفة فيه، بل هي مفترضة، إلا إذا استطاع المالك إثبات العكس، أي إثبات أن الحراسة وقت وقوع الضرر كانت لغيره، فالمشتري بعد تقييد العقد يعتبر مالكا للبناء، ولكن إذا كان البائع لم يسلمه له بعد فتظل الحراسة لهذا الغير، وعلى العكس تنتقل الحراسة إلى المشتري ولو لم يكن قد قيد عقده إذا كان قد تسلم البناء.
كذلك تنتقل الحراسة إلى من له السيطرة الفعلية على البناء من دون المالك، كالدائن المرتهن رهن حيازة وواضع اليد بحسن نية أو سوء نية، أما المستأجر فلا يعتبر في مركز الحارس، إلا إذا كانت السيطرة الفعلية قد انتقلت إليه .
ويقصد بالبناء كل ما شيده الإنسان وأصبح عقارا بالطبيعة ولا يهم نوع المواد المستعملة في البناء سواء كانت حديدا أو خشبا أو طينا أو كل هذه الأشياء مجتمعة.
ويستوي أن يكون البناء مشيدا فوق سطح الأرض كالبيوت والقناطر والسدود أو في باطنها كالأنفاق والمجاري وأنابيب المياه والغاز.
والأشياء المعتبرة جزءا من العقار يطبق عليها نفس حكم البناء في حالة سقوطها أو تهدمها الجزئي، كالأشجار والآلات المندمجة في البناء كالمصاعد والتوابع الأخرى التي يخصصها الإنسان لخدمة العقار .
ويجب لقيام مسؤولية حارس البناء أن يكون الضرر ناجما عن تهدمه كليا أو جزئيا، والتهدم هو تفكك البناء وانفصال أجزائه المكونة له، كانهدام حائط أو انهيار أو سقوط شرفة، أو انفصال التماثيل الملتصقة بالحوائط وسقوطها، أو تهدم سلم، فإن لم يكن الضرر ناتجا عن انهدام كلي أو جزئي في المبنى لم يكن الحارس مسؤولا عنه، فإذا انزلق شخص على سلم فسقط وأصيب بكسور، أو اصطدم سائر في الطريق بحائط أقامه شخص مخالفا لأنظمة البناء، لا يعد ما أصابهما من ضرر مما يسأل عنه حارس البناء، وكذلك لو احترق بناء وامتد الحريق منه إلى بناء آخر، لا يكون حارس البناء الأول مسؤولا ولو انهدم البناء نتيجة الحريق.
فانهدام البناء الذي يؤدي إلى مسؤولية حارسه يجب أن ينتج عن إهمال في صيانته أو قدم أو عيب فيه .
وقد حاول بعض فقهاء القانون تأسيس مسؤولية حارس البناء على فكرة تحمل التبعة، إذ أنه هو من يستفيد منه، وعليه تبعا لذلك تحمل الضرر الذي ينجم للغير عن تهدمه إذ الغرم بالغنم.
ولكن لوحظ على هذه النظرية أنها تتناقض والتزام المضرور في إقامة الدليل على أن التهدم وقع بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب البناء، كما أن المسؤولية قد تلزم غير المنتفع بالبناء كما لو عهد المالك إلى شخص برعاية البناء حيث تترتب المسؤولية على المكلف بالرعاية، لذلك فالرأي السائد هو أن مسؤولية مالك البناء تقوم على الخطأ المفترض في جانبه وهو الإهمال في رقابة البناء كيلا ينهار أو يتهدم .
وقرينة الخطأ قاطعة لا يمكن استبعادها عن طريق البينة المعاكسة بإقامة الدليل على أنه لم يرتكب أي خطأ كأن يلقي المسؤولية على المهندس المعماري أو المقاول أو أن يثبت أنه يستحيل عليه كشف العيب في البناء، ويمكن للحارس أن يدفع مسؤوليته إذا استطاع أن يثبت قيام السبب الأجنبي كأن يقيم الدليل على أن الضرر يرجع لخطأ المضرور نفسه أو القوة القاهرة أو الحادث الفجائي .